|
يعلم الله قلب من سيحترق!
راضي كريني
الحوار المتمدن-العدد: 3161 - 2010 / 10 / 21 - 17:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يستهبل نتنياهو عقول الناس، ويحاول أن يسوّق سياسته الفهلوية، وكأنه يعيش عشية الانتخابات البرلمانية وعليه أن يكسب الرأي العام، وأن يفوز على تسيبي لفني برئاسة الحكومة، الأمر الذي يتطلّب منه الزحف على بطنه أمام ليبرمان الفاشي، وأن يطرح إلى سوق المزايدات لعبة الولاء للدولة اليهودية الديمقراطية، ونحن لا نعلم أي دولة يقصد وأين هي حدود دولته المقصودة، هكذا.. لا ينقص "الدست" الإسرائيلي النتن إلا مثل هذه اللعبة القذرة، ليلهو ويتلذذ رئيس حكومتنا الفاشل على رنين الشعارات كالمراهقين السياسيين. حين احتدمت المنافسة بين نتنياهو وتسيبي لفني، إبان المعركة الانتخابية البرلمانية الأخيرة للكنيست ألـ 18 التي جرت في 10-2-2009، تفوّق نتنياهو على تسيبي بإثارة الذعر الشعبي من النووي الإيراني، وعلى باراك وحزب العمل ببعث الأمل الشعبي والطمأنينة بإنجاز السلام والهدوء على الجبهة الفلسطينية و... نتنياهو ماهر في صرف الأنظار، ويتقن لعبة الفهلوية السياسية كدفاع نفسي أمام أزمته، لذلك يغطّي على فشله في عدم تحقيقه أيّ مكسب يذكر، ولو كان صغيرا على الجبهتين الإيرانية والفلسطينية- العربية، بالطنطنة وبالدندنة لزيارة أحمدي نجّاد للبنان ولقانون المواطنة والولاء للدولة؛ ليطرب مستمعيه من اليمين الإسرائيلي. حين يلجأ رئيس حكومة إسرائيل إلى مثل هذه الأساليب الرخيصة، علينا أن نقدّر وندرك مدى الأزمة وحجمها التي يعيشها نتنياهو، وبالتالي لم تعد تنقذه ذريعة القيام بمهمة كلب الحراسة للمصالح الإمبريالية في الشرق الأوسط؛ فالإدارة الأمريكية أخذت تدرك بأنّ مشكلة الحكم في مصر، أكبر من مقاس الأمن الإسرائيلي، وبأنّ الاستقرار في لبنان لا تضمنه الدبابات الإسرائيلية، وأنّ إسرائيل عقبة على طريق الحلف ضد إيران! كذلك يصارع أوباما ويتخبّط بشعبيته المتدهورة، وهناك أزمة سياسية جديدة تنتظره في الشرق الأوسط، بعد 2-11- 2010، أي بعد أن يتفرّغ من الانتخابات النصفية لمجلسي الشيوخ والنواب، وسيكتشف أنّ الضعف العربي الرسمي وقممه الهزيلة لن يكون خشبة إنقاذ للسياسة الأمريكية المسايرة للتعنّت الإسرائيلي، وبالرغم من عدم ردّ الفعل العربي على صفقات الأسلحة الأمريكية الكبيرة إلى إسرائيل وعلى سوقية السياسة الإسرائيلية الرسمية، لا يستطيع الموقف العربي الرسمي أن يقف حياديا ومتفرجا أمام تحرّك وضغوطات القضية الفلسطينية المنتقلة حتما إلى أروقة الأمم المتحدة، لن يمتنع العرب عن التصويت في مجلس الأمن على اقتراح الاعتراف باستقلال الدولة الفلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967، وسيسأل العرب "ولو لحفظ ماء الوجه" أمام شعوبهم، عن تعهّد أوباما بقيام الدولة الفلسطينية حتى نهاية 2011 ، قبل بدء انشغاله بالحملة الانتخابية للرئاسة لدورة ثانية؛ فماذا سيكون موقف الإدارة الأمريكية؟ هناك احتمالان: 1- أن ترضخ الإدارة الأمريكية لضغوطات أعضاء الكونغرس، من الديمقراطيين والجمهوريين، وغيرهم من مجموعات الضغط الداعمين لإسرائيل في كل الظروف، وتصوّت "فيتو"، في مجلس الأمن، على مشروع استقلال فلسطين، الأمر الذي سيؤدي إلى اشتعال المنطقة، وبالتالي حتما ستطول النيران المشتعلة أمريكا ومصالحها في الشرق الأوسط. 2- أن توافق الإدارة الأمريكية مع اقتراح الدولة الفلسطينية؛ أي ستقرّ بأنّ إسرائيل دولة غازية ومحتلّة، وسيترتب على ذلك، اتخاذ إجراءات رادعة ضدّها، وستغض الولايات المتحدة الطرف عن تولّي دول أوروبية ودول أخرى مثل البرازيل والصين والهند أمر العقوبات الاقتصادية والسياسية على إسرائيل. ماذا بالنسبة للقيادة الفلسطينية؟ عدا عن المصالحة الداخلية، وترتيب البيت والمؤسسات الفلسطينية،على القيادة الفلسطينية أن تكفّ عن وصف أوروبا بالضعيفة وبالعجوز، وعن التذمّر من ضعف الهيئات الدولية، هذا الوصف يروجه المحتلون والمعتدون على حريات الشعوب، أعتقد أنّه إذا ما اتبعت دول أوربية بالإضافة إلى الصين والهند والبرازيل، أو بعضها سياسة المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، عندها سيشعر كل إسرائيلي بضائقة اقتصادية تثير أزمات سياسية. لا بدّ من قذف كرة العقوبات إلى الملعب الإسرائيلي؛ كعامل خارجي يؤدي إلى تفعيل الضغط الشعبي على الحكومة الإسرائيلية الحالية أو المستقبلية. على الإسرائيلي أن يدرك إما أن يكره احتلاله وينسحب من كافة المناطق المحتلة في العام 1967، وينزع بذلك فتيلة اشتعال النيران في المنطقة ، وإما أن يكرّس احتلاله ويمجّد سلبه للأراضي العربية، وفي هذه الحالة، سينشأ وضع مدفوع برغبات كل من إسرائيل وإيران إلى المجابهة العسكرية الشيطانية. فللطرفين حسابات وجملة من الأسباب والمصالح والذرائع لتأجيج التوتّر في المنطقة إلى درجة الانفجار؛ فإسرائيل ستتحرّر من الضغط الأمريكي والعالمي في اتجاه الدولة الفلسطينية، وإيران ستدخل ساحات الدول العربية من أوسع أبوابها، كمنقذة للخزي العربي، وكملاذ للوطنيين الذين يتطلعون إلى التحرّر من الاحتلال والاستعمار! والاستغلال والفساد....! كتب توماس فريدمان الصحفي الصهيوني، المقرّب من صانعي القرار في أمريكا، وكاتب المبادرة العربية!! كتب يوم الأربعاء الماضي في جريدة "نيويورك تايمز":" إنّ قضية المفاوضات المباشرة ليست بالأمر الذي يلزم الولايات المتحدة بأن تستجدي إسرائيل وترشيها لتقبل بها، الآن أوباما مشغول بعمله(الانتخابي)، هذا هو زمن الفلسطينيين وإسرائيل، عباس ضعيف ويتصرف كضعيف، ونتنياهو قوي ويتصرف كضعيف..." ما الذي ممكن نفهمه من نهج السياسة الأمريكية ومن رأي توماس فريدمان؟ نفهم بأن على عباس أن "يخشّب"، كما كان يطلب محامي الأرض، حنا نقّارة من أصحاب الحق الفلسطينيين في المحاكم الإسرائيلية، كي لا يتنازلوا عن حقهم. وعلى القيادة الفلسطينية أن تكون حيادية في لعبة المحاور المطروحة بكل ثقلها على الساحة الفلسطينية، والمغلفة بإغراءات وطنية فاتنة! الكرة الآن في ملعب نتنياهو القوي! وعلى إسرائيل أن تنسحب من كافة المناطق العربية المحتلة منذ العام 1967 بدون فذلكات وفهلوية، وعليها الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وأن تطبّق قرارات الشرعية الدولية. لن تستطيع أمريكا أن تدلّل طفلها إسرائيل "فرفور وذنبه مغفور"، وفي الوقت ذاته أن تعمل على بناء أوسع تحالف ضد إيران! ذكّرتني جملة المحفزات التي قدمتها الإدارة الأمريكية لحكومة نتنياهو المدلّلة بطرفة من دعا شيخا إلى وجبة عسل وقشطة؛ فأخذ الشيخ يلعق العسل بأصابعه وبدون خبز، فقال له الداعي: إنّ أكل العسل بدون خبز يحرق القلب؛ فأسرع الشيخ في لعق العسل قائلا: "يعلم الله قلب من سيحترق".
#راضي_كريني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- اللي طلّع الحمار على المئذنة فلينزله-
-
صباح الواقعيّة، في عهد المبالغة!
-
صباح الخير يا مسعد!
-
هل - أجاك يا بلّوط مين يعرفك-
-
صباح الاشتراكية
-
قعقور التفاوض وفنار لل OECD
-
أحمد سعد يا -خيّا-
-
نتنياهو: أرفض الدخول في مفاوضات نتائجها محددة ومعلومة سلفا
-
وظيفة المدرسة ديناميّة
-
التضليل السياسي لحكومة بنيامين نتنياهو خطر كونيّ
-
الجمل بيبي رخيص
-
لو كنتم بشرا،لاعتذرتم
-
هل البديل المهدد للمفاوضات هو دولة واحدة من النهر إلى البحر؟
...
-
أو..... با.........ما فانوس أمريكي
-
تداعيات أزمة الغذاء وغلاء الأسعار العالمية:حين تلجأ الرأسمال
...
-
لو خيًرت ما بين أن أكون سياسيا أومبدئيا
-
قم يا بني وانجح!
-
لجنة المتابعة.. مؤهّلة لخوض وقيادة معارك الاقلية القومية الع
...
المزيد.....
-
-كأنه منطقة حرب-.. فيديو شاهد يظهر عمليات الإنقاذ بحادث اصطد
...
-
فيديو يُظهر ما يبدو لحظة اصطدام طائرة الركاب وهليكوبتر وسقوط
...
-
عربات طعام بنكهات أصيلة واستوديو متنقل..كيف جذب هذا الحي في
...
-
السعودية.. فيديو مخالف للآداب العامة يثير تفاعلا والداخلية ت
...
-
ترامب يعلق على الحادث الجوي المروع في واشنطن (فيديو)
-
زيلينسكي يحيي ذكرى الجنود الذين تصدوا للهجوم البلشفي في يناي
...
-
إدانة عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق بوب مينينديز بـ16 تهمة
...
-
لحظة اصطدام مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب قرب مطار رونال
...
-
-واتساب- يواجه في روسيا غرامة قدرها 18 مليون روبل
-
-ولادة عذرية- نادرة لسمكة قرش تثير حيرة العلماء
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|