|
تحالف الاصولية الاسلامية مع الصهيونية اليهودية
محمد البدري
الحوار المتمدن-العدد: 3160 - 2010 / 10 / 20 - 17:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
علي مواطني اسرائيل ان يرددوا يمين القسم للدولة اليهودية. اي انه بغض النظر عن العقائد الشخصية والفردية والقناعات الدينية المتعددة فان الموقف السياسي للمواطن في اسرائيل عليه ان يكون مشروطا لصالح اليهودية كدين تقوم علي اساسه دولة اسرائيل. فالفرد كمواطن في دولة له حق اعتناق اي دين يشاء. لكن في اسرائيل فعليه العمل لصالح دينها حتي ولو تضارب دينه مع دينها. الفرد في اسرائيل سيكون ممزقا لا لسبب سوي ان الاديان اصلا متنافرة ومتحاربة ولم تتفق يوما علي قاعدة صريحة واحده تجمعهم متآلفين. قرار نتنياهو بيهودية الدولة ينقل الصراع من علي الارض، وحق الحياة في وطن آمن للجميع، الي داخل عقل الفرد. فبعد ان تاسست دولته علي اسس نعلم جميعا انها اسس علمانية وكان الملحدون واعضاء الكيبوتزات المشاعية والعلمانيين من محاربي ومقاتلي الحرب العالمية الثانية وعلماء الطبيعة والاجتماع من اوروبا الشرقية هم النواه البشرية لتاسيسها، تحولت الان لتعود بنا الي الوراء الي عصر الاديان.
وقوبل قرار نتنياهو بصمت من كل الدول التي اسقطت الدين من حسابات الدولة بل ان دولا من المتحدثة بالعربية لم تعترض وصمتت لغرض مريب في نفس يعقوب. ولنعقد مقارنة بسيطة لما جري في القرن الماضي حتي نعرف اسباب الصمت.
ففي توقيت متقارب جدا ظهرت فكرتي القومية العربية وسبقها بقليل فكرة الوطن القومي لليهود. تحققت الاخيرة بادوات عالمية ظهرت من نتائج الحرب العاليمة الاولي حيث تم تقسيم ارض المهزمين في الحرب ومن ضمنهم نظام الخلافة الاسلامية العثمانية، فيما عرف بسايكس بيكو واعطي الحكم فيها لعرب من اصول عربية كالتي حكمت قديما في التاريخ بعد غزو العرب بلاد الشام والعراق. ويقابلها وطن لليهود كاحد عناصر ومكونات المنطقة تاريخيا. فكان الشريف حسين وقصص الابناء علي سوريا والعراق والاردن. والتي انتهت، بمساعدة انجلترا والولايات المتحدة الامريكي، في النصف الثاني من القرن العشرين الي جمهوريات ترفع شعار القومية العربية. وتزامن معها ظهور دولة اسرائيل كوطن قومي لليهود علي اسس علمانية ديموقراطية حيث أخذ مهاجرون يهود اوروبيين معظمهم من دول اوروبا الشرقية علي عاتقهم تاسيس الدولة.
ظل الفارق بين طبيعة النظام الداخلي للمحيط من حول اسرائيل وبين نظام اسرائيل الداخلي واسعا ومختلفا اختلافا جزريا. لكن تشابهت النوايا والتوجهات للخارج في كلا منهما وتشابهت معها ايديولوجيا العسكرة للمجتمع للطرفين. ولن نخوض في نتائج المواجهة فنتائج العام 67 وما بعدها كفيلة بكشف مدي جدية كل طرف فيما اعلنه واستخدامه للمقدرات والثروات الطبيعية والبشرية وما قادته سياسته الي تلك النتائج.
بدا خروج اسرائيل منتصرة باكتساح من تلك المواجهه كاشفا لما عليها الدخول اليه في مرحلة جديدة. هكذا بدات الاعلام تلوح بان للدولة دين. نتنياهو بهذا الاعلان يتخلص من جهة ممن لا يصلحوا لدولته من العرب مسحيين او مسلمين. اي انه يعيد مجددا عملية الطرد هذه المرة علي اسس دينية بعد ان تمت منذ اكثر من نصف قرن علي اسس عرقية عنصرية ويضمن العداء الديني له من المحيط. فالكراهية الدينية بين الديان خير استثمار لاصحاب النوايا الشريرة. فكما نشات حول اسرائيل حلقات من الدول القومية الفاشلة ستنشا حولها هذه المرة حلقات من الدول الدينية الاكثر فشلا. فالنظم لازالت هي كما هي والافكار لازلت نابضة والتنظيم الاجتماعي والسياسي فيها لازال متخلفا.
ساعدت عوامل التغذية لفكرة القومية العربية لزرع فكرة تديين الدولة، فصعود الاسلام السياسي مؤسس علي ثلاثية المشترك في منطقة الشرق الاوسط حسب ما جاءت في الادبيات الناصرية والبعثية من ان الدين واللغة والتاريخ مشتركات من المحيط الي الخليج. فاذا هزمت الهوية المؤسسة علي اللغة نهضت تلك التي علي اسس دينية. واذا سقطت هذه كما هو متوقع فستخرج فكرة التاريخ المشترك اي الخلافة الاسلامية لتسقط بتسارع اكبر علي حساب اراضي جديدة. فالدائرة المغلقة وانغلاق العقل المحيط باسرائيل سوف يجد نفسه مرة اخري عند نقطة البداية التي نشات بنهاية الحرب العالمية الاولي وسقوط الخلافة. اكثر من قرن مر عليه وهو لم يستوعب درسا واحدا من دروس التاريخ.
ولعبت ثورة ايران الشيعية دورا في صعود الاسلام السياسي السني مما فتت جزءا من زخم التجييش المتوهم ضد اسرائيل بعكس ما يبوا وكانه تحريض ديني من اجل التحرير, فأهل السنة اساسا منقسمون بين التهادن مع اسرائيل بل وبين تعاون حميم وآمن معها كما هو الحال في دول الخليج مجتمعة. وظلت الفضلات المتبقية من النظام القومي العربي جراء هزيمته تحاول البحث عن نسق فكري ليس لحرب اسرائيل انما للتاجيج الغرائزي التحرير بينما الهدف الرئيسي لها هو الاحتفاظ بكراسي الحكم. إضافة الي ان دول الخليج برمتها لا تعتبر اسرائيل خطرا عليها اطلاقا مثلما تعتبر العلمانية والديموقراطية والليبرالية وعلي راسهم الفكرة الشيعية الامامية اكبر وأخطر اعدائها. وظل الستار الحديد العربي الاقوي من ستار الاتحاد السوفيتي مؤديا لوظيفته حيث يتخبط المعزولين فيه بين فكرتي القومية العنصرية والاصولية الدينية، بينما دولة اسرائيل في قلب الشرق الاوسط تبدو كغانية تلبس كل الازياء وتغري كل المشتاقين والجوعي والمكبوتين وترقص علي كل الانغام في عرض استربتيز ايديولوجي وديني تجمع في كل رقصة ما افاءه عليها الذين يضبطون متلبسن بالحرب اي لمس جسد الراقصة وهو ممنوع قانونا في كل مواخير العالم. لكن ماخور الشرق الاوسط السياسي يسمح فيه بكل الممنوعات شرط ان يكون معك قيمة الغرامة لتدفعها مرات ومرات, وما اغني بلاد العرب لكل انواع الغرامة وما افقر عقولهم وتاجج غرائزهم. فهل ستجد الاصولية الدينية بافضل من نتنياهو واقتراحه المخرب لاقناع الجهلاء بمشروع الدولة الدينية ام انهم متحالفين للاطاحة بمستقبل شعوب المنطقة التي ظلمتها العروبة والاسلام والسياسي والصهيونية متضامنين معا.
#محمد_البدري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السلف وسذاجة الفكر
-
قمة فضح العرب
-
ما قد حدث للمصريين
-
أزمة النص عند العرب والاسلاميين التاريخية
-
انسدادات حوارية ومحاولة محموده للحل
-
سؤال قديم مكرور
-
في ذكري العام التعس 1952
-
نصر ابو زيد الحاضر دائما
-
بين هايزنبرج وعمارة
-
السلف وبلاهة الفكر
-
الكنيسة إحدي مؤسسات القمع التاريخية
-
المشترك بين لينين وستالين والاسلام
-
إما الليبرالية وإما مالاخوليا العروبة
-
صديقي العزيز
-
العرب بين الاساطير والعقلانية
-
حوار مع د. طارق حجي
-
أهل السنة أهل المشاكل
-
جاء بمجلة الايكونومست
-
ويسألونك عن الروح
-
البديهيات التي لم تكن كذلك
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|