أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل محسن - الدم والصديقة الامريكية















المزيد.....


الدم والصديقة الامريكية


جميل محسن

الحوار المتمدن-العدد: 3060 - 2010 / 7 / 11 - 09:51
المحور: الادب والفن
    


الدم والصديقة الامريكية
مقدمة
خرج جريحا ينزف من الحرب الاهلية , تلتف حول اطراف جسده ضمادات واشرطة بيضاء ولكنه لا يراها غير حمراء قانية تشرب وتتقيأ دما يتدفق من جراحات ترفض الاندمال والسكون , ويحزن , ويغادر , يبحث عن بداية ويتلفت ولا يرى غير خيط الدم المتحرك يتصاعد نحو الافق ليغلق بوابات الشمس ويرميها بعيدا نحو الغرب .
جلس وحيدا كعادته لحظات الغضب , تطلع فيما حوله وخرج التساؤل , لماذا يكبر المكان وينكمش كيانه ويصغر الى حد التحول الى حشرة مذهولة في قاعة عرض مسرحي تنتظر البدء واغلاق الاضائة , ولا يتوقف تساقط القطرات القانية الحمراء وتتلبسه الدهشة والعجب ! لماذا يحمل جسده كل هذا الدم ؟ لماذا لاينفذ ويبدأ هو بالضمور والجفاف والتلاشي ؟ بدل الجلوس في مؤخرة القاعة متوترا منطويا يسيل دمه يلون المدرجات زاحفا نحو مقدمة القاعة وهو صامت خجل لايحمل لذاته غير الاحتقار , ولأفكاره معنى السأم والملل , قرر النوم كعادته , احلام اليقضه ستغذي وجوده الهش وتديم كيانه المنهار , ولكنها ايقضته , (هي) بعد عشرات السنين , جلست جنبه ممسكة بقبضه المقعد , والتقت العينان وتهدمت الحواجز.
هو من اخترق ورأي وفهم وظل على صمته .
هي من تحدث وتسائل وحرك السكون .
الصديقة الامريكية - تبدو صامتا حزينا وسط هذا الاحتفال ؟
أزداد اختراقه , تحدثت عيناه , استيقض ونهض من تحت الرماد امل قديم مشوش , ثم نام ثانية وحلم بعودة فجره المنعش المغرد المليء بهديل الحمام وثمار التوت الناضجة وهو يلتقطها ويجتاز امتحان التخرج ويركض لاهثا مسرعا تسابق اقدامه الزمن وقيود الاخرين .
الصديقة الامريكية- ما الذي تنتظره؟
هو- رد فعل الحشرة .
الصديقة الامريكية- انت انسان
هو - مصاب بمرض نفسي .
هي- وسط هذه الضمادات !؟ انت تمزح تخلص منها اولا .
هو- انا مريض نفسيا , ضجر المراوحة بين النجاح والفشل .
هي - تخلص من جروحك والضمادات استطيع مساعدتك للشفاء لدينا طب متقدم
هو- والرعب؟
هي- سينتهي بالحب , الحب الالهي هو القادر على الشفاء , احببه يحبك اسلم امري اليه هو في داخلي .
هو- في داخلي حلم .
نظرت اليه متسائلة لأول مرة , هذا الشرقي القديم المتحذلق الذي يريد علاقات كاملة !!
هي- أنا متزوجة ومتمسكة بديني وعقيدتي
تعال هيا لايوجد مرض نفسي بل اجزاء من الجسد متعبة منهكة ابتسم وتمتع وشارك الاخرين حياتهم وبهجتهم .
هو- لا احد منهم ينزف .
كانت الصديقة اكبر من القاعة والمسرح! دخل في اتساع عينيها وصل غابة مزهرة انعشته نسمات ربيعية عليلة .
هو- لا احد يرفض الجنة .
الصديقة الامريكية - الا الشيطان , وغير المؤمن سيتجه الثاني حتما نحو الطمأنينة عندما تتلى عليه كلمات الرب وتهتدي روحه لسكينة يسوع .
هو- ماذا عن سيزيف ؟ ود لو حدثها عنه .
كانت قد اختفت لحظتها لم يعد يرها وسط الاضاءة المزعجة تطلع نحو سقف المسرح حيث اصفرار باهت يقطع عنه رؤية زرقة سماء اعتاد تمني الرحيل اليها وتسائل
هو- هل هي ما انتظره ؟ لماذا أتحول الى طفل بين يديها يتحدث بكلمات مراهق صغير ؟
الصديقة الامريكية- اختر كلماتك ولا تتردد , هاهو صدرك قد استعاد جلده ونشاطه , سأزيل الاربطة الفاسدة , المقص يقطع واليد تسحب وستحرق النيران ديدان الدم الفاسد , خذ هذا Tshirt ملون سيمتعك ارتداءه .
هو -تحسنين الحديث .
هي- وانت التعلم .
هو- يمكننا العمل معا
هي- موافقة .
وذهبت , لم يكمل جملته هو يتحدث عن حلم راسخ البنيان سيزيل من خلاله مابني على فساد وسوء او يموت , ولكنها المنقذ اليوم لايشك لحظة في كونها الجسر الذي سيوصله لعبور اللهيب وجمرات الجحيم , تلمس صدره افرد راحة يده يتحسس الضلوع كان قلبه يخفق ويتمنى ان يحدثه , حاول ان يجعله يصمت , هي متزوجة وتنتمي للعائلة والاولاد , ستكون هنالك مصيبة لو سمعت دقاتك ! هل اخلعك لانال السكون ؟انت في خدمتي واسمح لك بالنزف لكي تستمتع .
قلبه- هل يعجبك جسدها ؟
هو - ايها الغبي الارعن الفاقد الاحساس
قلبه - من هو فاقد الاحساس ! انا ام عقلك الحجري ؟
هو- اصمت .
قلبه- لاشيء في الكون اثمن من كلمة حب تقال لامرأة رائعة
هو- حبها للرب ليسوع للعائلة .
قلبه - وحبك؟
هو- لبلدي لغباره الذي يغطي جسدي بعد كل عاصفة تراب .
قلبه- جعجعة بلا طحين.
هو- انه الاختيار .
اختفت فجأة ولم يعد يراها تمنى ان يصحو وينسى هذا الحلم , ولكنها عاودت بعد فترة
الصديقة الامريكية- اوه لقد عدت انا هنا يجب ان اراك .
من قال ان جسده قد شفيت جراحاته ؟ اصبح الكون كله احمر ! تتساقط القطرات اللزجة وتعود الاربطة البيضاء لتشرب الدم وتخفي Tshirtالصديقة الامريكية , وتمتد يده الى جيبه لتخرج صورة زوجته التي هجرته قرفا من دمائه , لماذا تنزف هي الاخرى ؟انفها فمها اذنها وعنقها ووو لا لا , كل مكان كان تطلب منه ان يقبلها برقة فيه !! اخفى الصورة لن تراها ابدا الصديقة الامريكية , ولكن ماذا عن ابنته؟ ليته لم يتحدث عنها للصديقة الامريكية بعد ان اخفى امرها عن الجميع , لا لن يراها ابدا وحيدة تنزف لانه قرر بغباء ان يتركها ويتاجر بحياته منفردا وحيدا كعادته .
الصديقة الامريكية- هيه مرة اخرى انا هنا لقد عدت كنت في اجازة ممتعة يمكنني ان اراك ونتحدث .
هو- حسنا .
تذكر بأنه لن يعبر بدونها
عرف بأنها لن تستطيع فهمه كما هو
تمزق الى اشلاء متناثرة وهو يحاول ان يشرح لها
لن تستطيع هي ان لم تحاول .
لن يستطيع هو ولكنه يحاول .
هي تود منحه بعض حنان الرب .
هو يريد ان تسقي دمائه نبتة خضراء في طين حديقته
عاود ملاحظة عينا الصديقة الامريكية كانا يتناولان الغداء معا
يود الاستمتاع
ولا يريد الغرق في وسع هذه الالوان الزاهية .
انه ينتعش ويشم الربيع هما خضراوان اذن !!
الصديقة الامريكية - انظر من خلال عدسات شفافة لاصقة .
هو- لن اصدق ابدا بأني استمتع برؤية غابة ساحرة من وراء نافذة زجاج!!
الصديقة الامريكية- انا من سيدفع ثمن الغداء .
هو- ستكون النهاية .
الصديقة الامريكية- لماذا؟ انا اعطف عليك وعلى قضيتك واعرف ظروفك الصعبة
هو- انا الرجل وصاحب الدعوة انا من سيدفع .
غضبت ولم يفهم , ارتفع صوتها وكأنها تحدث نفسها وتلوم احدا !! هناك خطأ ما ؟
الصديقة الامريكية- ما الذي تحاول فعله ؟ انك تحطم مهنتي وتسلبني الحنان .
غادرت رأسه قطرة دم أخيرة رأها تتهاوى من جبينه مسرعة نحو الارض كرجل فقد ظله وسقط من اعلى ناطحة سحاب لاينتظره غير الموت , كان يود ان يقول لها
هو- نحن متساوين من دون حنانك .
انقطع الاتصال , فضل الصمت بأنتظار
الخروج من الغابة الخضراء
جميل محسن



#جميل_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب السعودية الايرانية القادمة.... ومستقبل العراق
- التعاون الألماني العراقي,,,. امكانات واعده للمستقبل
- العلاقات العراقية الالمانية.. حاجة ملحة للتواصل الرسمي والشع ...
- العراق والاردن ... علاقات طبيعية تفرض نفسها
- واجب التواصل العالمي مع المنظمات والاتحادات الشعبية العراقية
- اليسار العراقي يولد من رحم المعاناة
- ساحة الفردوس حمراء في صبيحة (1) أيار 2009
- فضائية الحوار المتمدن
- العراق والاردن .... ارادة ملكية ايجابية بانتظار التفاصيل
- يسار الداخل يتجول بين شارع المتنبي والفردوس
- الرايات الحمراء تملأ شوارع القاهرة وبغداد
- والدي المريض يتنفس احفاده
- مناطحة القرضاوي وفضل الله ... وبراءة الدين الاسلامي
- دائرة الدخان البغدادية
- الرموز الشيوعية لماذا تلاشت؟ وهل يحتاج اليسار الى رموز!؟
- الامارات تقدم حلوى عربية لاطفال العراق... اسقاط الديون
- الاسد والذبابة وديك الجيران
- هل سيرتاح لبنان بعد اتفاقية الدوحة؟
- عاهرة صغيرة
- عشر قصص قصيرة قبل الانفجار


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل محسن - الدم والصديقة الامريكية