|
الأقباط بين الزواج المدنى والزواج الدينى
مجدى خليل
الحوار المتمدن-العدد: 3040 - 2010 / 6 / 21 - 08:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد حكم الإدارية العليا الأقباط بين رفض الحكم والعصيان المدنى مجدى خليل قضت محكمة القضاء الادارى يوم الثلاثاء الموافق 14مارس 2006 بإلزام الكنيسة القبطية بمنح المطلق ترخيصا للزواج مرة أخرى، ويوم 29 مايو 2010 أيدت المحكمة الإدارية العليا حكمها السابق ورفضت طعن الكنيسة على الحكم الاول. لقد فتح هذا الحكم قضايا عديدة ومتشابكة ، وانقسمت الاراء حوله بين مؤيد ومعارض، واختلطت الأوراق وتاهت الصورة الحقيقية ، وفى هذه المقالة نطرح عددا من هذه المحاور المتعلقة بهذا الحكم: . اولا:الزواج المدنى والزواج الدينى يجادل البعض على أن خضوع الكنيسة لحكم المحكمة هو فى النهاية يصب فى دعم الدولة المدنية واحترام القانون، وهذا الكلام غير صحيح بالمرة. دعم الدولة المدنية لا يأتى من خلال أجبار مؤسسة دينية على مخالفة عقيدتها وأنما بأصدار قانون مدنى ينطبق على جميع المواطنين بصرف النظر عن الدين أو اللون أو الجنس. والسؤال هل يوافق الأقباط على قانون مدنى للزواج؟. فى تقديرى الأجابة بنعم كبيرة وواضحة، إذا جاء قانون مدنى محترم ينبع من دولة مدنية وتبقى الشعائر الدينية للزواج اختيارا فرديا محضا ، ولا يترتب عليها أى أثار للزواج من الناحية القانونية كما يحدث فى كل الدول الغربية. ولكن ما هى متطلبات هذا الزواج المدنى. 1-أن تترتب جميع أثار الزواج على هذا الزواج دون غيره. 2-أن ينبع القانون من دولة مدنية تفصل تماما الدينى عن السياسى، ومن ثم وجوب الغاء المادة الثانية من الدستور وأى مواد أخرى تتعلق بالدين وكذا تنقية جميع القوانيين من الأشارات الدينية. 3-حق المسيحى فى أن يتزوج من مسلمة أو من أى دين آخر ونفس الحقوق للمسلم بالزواج من أى دين آخر سواء سماوى أو وضعى. 4-الغاء تعدد الزوجات ، فهذا يخل بوضع المساواة بين الرجل والمرأة. 5-التساوى فى المواريث وفى كافة المراكز القانونية بين الرجل والمرأة، وأيضا التساوى فى أثار الزواج بين الرجل والمرأة. 6- السماح بالتبنى كما هو معمول به فى اغلب دول العالم. 7-أن يكون حق التطليق للمحكمة فقط وليس بإرادة منفردة لطرف دون الآخر. 8-حق الأبناء فى اختيار الدين الذى يرونه بإرادتهم الحرة فى حالة الزواج المختلط وفى حال تغيير العقيدة. 9-الغاء خانة الديانة من بطاقات الهوية ومن كافة المحررات الرسمية وغير الرسمية وتجريم السؤال عن دين الفرد. 10- الحق الكامل للشخص فى التحول من دين إلى دين بدون أى اجراءات قانونية أو إدارية أو من خلال محررات رسمية، فهذا الحق يتعلق بالعلاقة بين الإنسان وربه ولا يحتاج إلى توثيق وخلافه. بأختصار الغاء كافة مظاهر الدولة الدينية من الدستور والقوانين والنظام العام والمجال العام. السؤال الأهم هل ستوافق الدولة على مثل هذا القانون للزواج المدنى؟ الأجابة قطعا بالنفى.إذن الكرة فى ملعب الدولة المصرية وليس فى ملعب الأقباط. لقد حولت الدولة المصرية رجل الدين إلى موثق زواج وفقا للقانون رقم 462 لسنة 1955، وجعلت جميع أثار الزواج تترتب على الزواج الدينى دون غيره، وطبقت الشريعة الإسلامية على الجميع بما فى ذلك الأقباط التى تتيح لهم هذه الشريعة الإسلامية الاحتكام إلى دينهم فيما يتعلق بموضوع الزواج والطلاق. واقتصر الزواج المدنى على الأجانب ،وحتى هذا أيضا يخضع للشريعة،فإذا جاء مسلم اندونيسى للشهر العقارى المصرى لتوثيق زواجه من فلبينية مسيحية يتم له ذلك على الفور، ولكن إذا حضر مسيحى فلبينى لتوثيق زواجه من مسلمة اندونيسية يرفض الشهر العقارى تسجيل هذا الزواج رغم أن كليهما أجانب ولا سلطة للدولة المصرية عليهما. إذن كل المشاكل تأتى من دينية الدولة فى مصر وليس من المؤسسة الكنسية التى اضطرت أمام هذا الحكم أن تحتمى بالواقع المؤسف وهو الحكم بالشريعة، ودافع البابا عن حقوقه محتميا بالدولة الإسلامية وشريعتها الإسلامية، وظهر وكأنه يوافق على الدولة الدينية من آجل مكاسب آنية. المشكلة تكمن فى أنه لا توجد دولة دينية فى العالم كله حاليا إلا فى الدول الإسلامية، وعندما يتخلص المسلمون من كابوس الدولة الدينية ستحل كل المشاكل المتعلقة بالتقدم والحداثة والحريات وحقوق الإنسان والمواطنة ووضع الأقليات. لقد حسم الغرب العلاقة بين الدين والدولة بشكل واضح،فليس من حق الدولة التدخل فى عقائد وشئون المؤسسات الدينية،والكنيسة الكاثوليكية التى يقترب أعضائها من المليار ونصف مليار أكثر تشددا فى القيود على الزواج من الكنيسة القبطية ، وفى أكثر الدول علمانية مثل فرنسا لا تستطيع الدولة اجبار الكنيسة على تزوييج المطلقين وفقا للشعائر الكاثوليكية، ومن ناحية أخرى لا تستطيع أي محكمة أجبار كنيسة على إجراء زواج ديني للمثليين جنسيا أو لمطلق، فهذا حق مطلق للكنائس، أما حق الزواج فهو متاح مدنيا للشخص المطلق وفى بعض المدن مثل سان فرانسيسكو للمثليين، ومرشح الرئاسة جون كيري كان مطلقا وتزوج زوجته الحالية المليارديرة تريزا هاينز صاحبة مصانع هاينز زواجا مدنيا لأنه كاثوليكي ولا يحق له الطلاق الديني أصلا ومن ثم الزواج مرة أخرى.
ثانيا: العلاقة بين الكنيسة والدولة لأول مرة منذ غزو العرب لمصر عام 642 يحكم القضاء المصرى بإلزام الكنيسة القبطية بمنح المطلق ترخيصا للزواج مرة أخرى،فالكنيسة القبطية تتمتع بأستقلال ذاتى Outonomy طوال تاريخها فيما يتعلق بعقائدها الإيمانية وطقوسها واختيارها لرئاستها، وحتى خلال الحكم الأسلامى الطويل ظل لها السلطة المطلقة فى إدارة شئون الأحوال الشخصية للأقباط. وطوال هذا التاريخ الإسلامى كان هناك شبه أتفاق على استقلال الكنيسة القبطية دينيا وتبعيتها السياسية للدولة المصرية، وقد أدى هذا إلى عزلة الكنيسة عالميا وحصر نشاطها الوطنى فى خدمة الدولة المصرية، وكانت الكنيسة هى المفتاح لضبط توجهات الأقباط فى الاتجاه الذى تريده الدولة.. وظل هذا معمولا به حتى فترة الليبرالية المصرية حيث تحرر الأقباط كثيرا فى سلوكهم السياسى عن الكنيسة. وعاد تأثير الكنيسة على مواقف الأقباط مرة أخرى تحت تأثير ما سمى " بالصحوة الإسلامية" ، والدولة المصرية التى تبنت الأسلمة والمزايدة الدينية فى عهد السادات وخليفته مبارك هى المسئول الأول عن تقوقع الأقباط داخل الكنائس وليس البابا شنودة كما يزعم البعض. إذن حكم المحكمة هو الذى اخل بمبدأ عدم تدخل الدولة المصرية فى شئون عقيدة الأقباط والمستمر منذ الغزو العربى لمصر، واعتراض البابا على الحكم الأخير هو حق أساسى له وليس تدخلا فى شئون الدولة أو كما يدعى البعض جهلا خلق دولة داخل الدولة. والبابا شنودة ليس موظفا عاما وأنما شخصية عامة، والقرار الجمهورى بتعيينه فى المنصب هو قرار كاشف وليس منشئا للوظيفة، حيث يمارس البابا دوره ووظيفته بناء على أختيار شعب الطائفة له وفقا لإجراءات دينية محددة ولا يحصل على مرتب من الدولة ولا تحصل المؤسسة الكنسية على أى دعم من الدولة. والقاضى فى حكمه الأخير ترك وظيفته القضائية وتحول إلى مصلح دينى يرشد الأقباط إلى ما هو الصواب والخطأ فى عقيدهم ويفسر لهم نصوصهم الدينية على هواه ومزاجه. بوضوح شديد إذا كانت هناك مشاكل داخل الكنيسة فيما يتعلق بأمور كثيرة وليس الأحوال الشخصية فقط ، فهى مشاكل داخل جماعة من المؤمنين عليهم التحاور بشأنها وحلها داخل طائفتهم لكى يستقروا على القواعد الحاكمة لعضوية الكنيسة ولمبادئها الإيمانية وليس للدولة شأن بهذا. باختصار أن الكنيسة القبطية طوال تاريخها حافظت على الإيمان ولم تحافظ على الشعب لأنها تبنت رؤية شاذة ترى أن النشاط السياسى ينتقص من روحانية الفرد، وهى رؤية شاذة عن تاريخ المسيحية كلها، ولهذا ضحت بالأم والجنين من آجل نجاح العملية، فتحول الأقباط من 100% من الشعب إلى حوالى 15% حاليا.. والعبرة من ذلك أن الإيمان لا يكفى للحفاظ على الشعوب وأنما العمل السياسى والنضال السياسى والدفاع عن النفس هو الذى يحمى الشعوب من الضياع والتآكل.... وحتى ضمانات عدم تدخل الدولة فى شئون عقيدتهم جاء الإخلال بها من طرف الدولة تحت ظروف الضعف الشديد الذى يعانى منه الأقباط حاليا.
ثالثا: الخيارات أمام الأقباط رفض الأقباط لحكم يرون بأنه يخالف عقيدتهم ويتدخل فى شئون دينهم ويخالف القواعد المستقرة بين الدولة والكنيسة منذ مئات السنين هو أمر واجب. ولكن امام الأقباط خيار آخر وهو العصيان المدنى من آجل بناء معادلة جديدة بين الأقباط والدولة طالما أن الدولة هى التى آخلت بالمعادلة القديمة، وطالما أن مؤسسات الدولة كلها تأخذ موقفا معاديا لحقوقهم ومساهما فى تهميشهم ومشاركا فى إضطهادهم. والعصيان المدنى هو آلية مشروعة دوليا من آجل إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية وليست دينية. الحل هو تفكيك كامل لكافة مؤسسات هذه الدولة الثيئوقراطية المستبدة الفاسدة الخربة وإعادة بنائها على أسس حداثية وطنية، وإذا ساهم الأقباط فى ذلك يكونون قد اسدوا أكبر خدمة لوطنهم بدلا من استجداء حقوقهم من تحت عباءة الدولة الدينية. أما الأصوات التى تتهجم على البابا شنودة لأنه رفض الحكم وتحدى القضاء على حد قولهم، فنذكرهم بأن هناك آلاف الأحكام النهائية ضد رئيس الجمهورية ووزير الداخلية وكافة وزارات الحكومة وهيئاتها ولم تنفذ، ونذكرهم بأن البابا لم ينهب أموال مصر ولم يعذب مواطنيها ولا يعمل سمسار لتجارة الأسلحة ولا يفرض على رجال الأعمال مشاركتهم فى مشروعاتهم وارباحهم ،بل رفض تنفيذ حكم ضد عقيدته الدينية ، وعلى هؤلاء أن يتوجهوا بهجومهم إلى المكان الصحيح حيث الفساد والرشوة والمحسوبية وسحل المواطنيين البسطاء فى أقسام الشرطة ومقار أجهزة مباحث أمن الدولة.
واخيرا:هل الحكم عنوان الحقيقة؟
هناك مقولات فى مصر من كثرة ترديدها اصبحت اصناما مقدسة يخشى الجميع الاقتراب منها، من هذه المقولات " الحكم عنوان الحقيقة"،وهى مقولة فاشية لا نظير لها فى العالم كله ولا تتردد فى أعرق النظم القضائية فى العالم ،فهى تضع المحكمة ضمن فئة أدعياء "ملاك الحقيقة المطلقة"، وتؤسس للفاشية ، وترهب كل من يحاول الاقتراب من هذه الأحكام بالتحليل أوالنقد.فإذا كانت الأحكام عنوانا للحقيقة العامة أو الحقيقة القانونية فكيف لأمثالى أن يقتربوا منها بالنقد أو بالتعليق، ولهذا فأن مقولة الحكم عنوان الحقيقة تؤسس لمقولة فاشية أخرى وهى " لا تعليق على الأحكام القضائية".. هذه المقولات تنفى بالطبع وجود أحكام مسيسة يعرفها القاصى والدانى حتى أن وكيل نقابة المحامين ذاته أتهم القضاء بتسيس الحكم ضد أثنين من المحامين كما جاء فى المصرى اليوم بتاريخ 10 يونيه 2010 "واتهم وكيل النقابة العامة بأن هناك توجيهات بإصدار حكم وأن القضية «مسيسة»، وهو ما أثار حفيظة رئيس المحكمة وترافع عدد كبير من المحامين الذين استندوا إلى أن التحقيقات شهدها العديد من عدم الجدية والنزاهة". فهل الحكم الذى صدر بتفريق نصر حامد ابو زيد عن زوجته ابتهال يونس هو عنوان للحقيقة؟،وهل الأحكام التى حصل عليها الشيخ يوسف البدرى ضد المفكرين والفنانين امثال احمد عبد المعطى حجازى وجابر عصفور ويوسف شاهين ونصر حامد ابو زيد.. والقائمة تطول، هى عنوان للحقيقة؟، وهل الشيخ يوسف البدرى هذا رجل خارق يكسب كل قضاياه ضد كبار المفكرين فى حين يخسر اصحاب القضايا العادلة قضاياهم، أم أن هناك شيئا آخر فى هذه اللعبة القضائية؟، وهل حكم تبرئة قتلة 21 قبطيا فى الكشح هو عنوان للحقيقة؟، وهل تبرئة معظم المعتدين على الأقباط فى حوادث العنف الممتد لعقود مع بعض الأحكام الواهية التجميلية هو عنوان للحقيقة؟، وهل الأحكام التى تقف بالمرصاد لحرية العقيدة وللحريات الدينية ولحقوق المواطنة وتعاديها وتفرغ الحقوق الدستورية من مضمونها هى عنوان للحقيقة؟، وهل الأحكام المسيسة ضد المعارضين السياسيين وبعض الناشطين الحقوقيين هى عنوان للحقيقة؟ وهل القضاة الفاسدون والذين ضبطوا بتلقى رشاوى ونشرت عنهم الصحف وغيرهم ممن تورطوا فى قضايا فساد أخلاقية كانت أحكامهم عنوانا للحقيقة؟، وهل القضاء الأستثنائى هو عنوان للحقيقة؟،وهل حكم مجلس الدولة بعدم تعيين المرأة قاضية الصادر فى فبراير 2010 بحجة أن القضاء ولاية ولا يحق ولاية للمرأة على الرجل ،وبحجة حمل المرأة ورضاعها للطفل يؤثر على سير العدالة، فهل هذا الحكم وهذا الكلام المهترئ هو عنوان للحقيقة؟ وحسنا علق عليه سعد هجرس فى المصرى اليوم 23 فبراير 2010 فى مقالة معبرة بعنوان " حكم ظالم فى يوم مظلم" . أن أقصى ما يمكن أن يصل اليه حكم من العدالة هو أن يكون مطابقا للقانون، ولكن هذا يفترض عدالة القانون وصدوره بطريقة ديموقراطية تعبر عن الإرادة الحقيقة للشعب، ويفترض مثالية القضاة، ويفترض عدالة كافة الإجراءات المتعلقة بالقضية ومطابقتها لنص وروح القانون، ويفترض انتفاء عناصر الإجبار أو الضغط أو الوعود والترغيب على كل أطراف العملية برمتها. وهذا لا يحدث حتى فى أعرق النظم القضائية فى العالم، ولهذا تعزل هيئة المحلفين عن تأثير الرأى العام فى القضايا التى تتداول فى وسائل الرأى العام حتى لا يتأثروا بأراء مسبقة عن القضية،وهذا ما حدث فى قضية اوجى سمسون الشهيرة بكاليفورنيا.ولا ننسى الصراع بين الحزبين الجمهورى والديموقراطى على تعيين قضاة المحاكم الفيدرالية العليا،لأن رأى القاضى وافكاره سواء كان ليبراليا أو محافظا تؤثر على تفسير الدستور والقانون.نحن هنا نتكلم عن نظام قضائى عريق ومستقل بكل معانى الكلمة، فماذا عن نظام قضائى هو أفراز لنظام فاشى وصورة من مجتمع متخلف محكوم بالحديد والنار من خلال نظام أمنى بوليسى ثيؤقراطى يتدخل فى كل شئ بما فى ذلك المعتقدات الشخصية للأفراد وعلاقتهم بربهم. لقد أعلن آل جور بعد هزيمة أمام جورج دبليو بوش عام 2000 بقرار من المحكمة الفيدرالية العليا، وهى أعلى محكمة أمريكية بأن هذا القرار ظالم ولكننى سوف اقبله لأنه لا توجد آلية ديموقراطية أخرى للأحتكام اليها؟. أن الخوف والرعب من التعليق على الأحكام القضائية فى مصر يجعل المتحدثين يفتتحون كلامهم بعبارة نمطية " مع أحترامى لحكم القضاء"، وهى جملة لا محل لها من الاعراب وكأنك تقول مع احترامى للظلم ، فهل من المنطق والعقل والاخلاق والعدل أن نقول مع احترامى لحكم مثل الذى صدر ضد نصر حامد ابو زيد؟ وهل من الاخلاق والعقلانية أن نحترم حكم يصف النساء بأنهن ناقصات عقلا ودينا؟ أو نحترم حكم يقول أن المسلم هو الشخص الشريف وان من ليس مسلما فهو يفتقر إلى الشرف؟!. أن المستشار محمد احمد الحسينى الذى تمسح بالدستور وبالحقوق الدستورية وبالمواثيق العالمية فى حكمه الأخير ضد الكنيسة بقوله "ومن حيث موضوع المنازعة فإنه يتعين التقرير بأن التشريع المصرى وفى الصدارة منه الدستور قد حرصا على حماية الأسرة بغض النظر عن العقيدة التى تدين بها، وأقر المشرع لكل مواطن حقه الدستورى فى تكوين أسرته بما يتفق والعقيدة التى ينتمى إليها وفى إطار منظومة تشريعية تتخذ من أحكام الدستور والقانون السند لحماية الحقوق والحريات مع تحديد الواجبات اللازمة فى التنظيم الأسرى.ومن ثم فليس مقبولاً من أى جهة دينية أن تلتحف بخصوصية بعض الأحكام الدينية لديها، مما قد يختلف الرأى بشأنها لدى آخرين ممن يتبعون تلك العقيدة". كما هو واضح أن المستشار محمد الحسينى هنا تمسح بالدستور والتحف به على حد تعبيره، ولكن هو نفسه الذى ضرب بالقانون والدستور عرض الحائط فى قضية المتحول محمد حجازى رقم 35647 لسنة 61 قضائية والتحف كما ورد نصا فى حكمه بالنظام العام الإسلامى والمادة الثانية من الدستور، ففى كل مرة هو يلتحف بالشئ ونقيضه المهم هو تحقيق ما يراه يدعم الدولة الدينية الإسلامية، وهذا ليس بغريب على شخص خريج كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهرعام 1978، فالشريعة لديه مقدمة على الدستور والقانون والمواثيق الدولية، ولهذا جاءت معظم أحكامه لترسخ وضع الدولة الدينية فى مصر. وقد وصف محمد حجازى فى حكمه بالمرتد رغم عدم وجود قانون للردة وقال بالنص " ومن حيث جرم الارتداد عن الإسلام قديم قدم الدعوة للإسلام كدين سماوى... وإذا حفل الفقه الإسلامى بخلاف حول حد الردة فان جميعهم لا ينكر عظم جرم المرتد واعتدائه على الإسلام، وإذا خلت التشريعات المصرية من نص صريح يحدد هذه الجريمة فعلا وعقابا فأن القاضى الادارى حال مباشرته لدوره الدستورى والتشريعى بالفصل فى المنازعات الادارية المتعلقة بما يدعيه المرتد حقا له لا يقف فى انتظارا لفتوى تصدر من رجل دين أو مؤسسة دينية مهما كان قدرها الدينى، وانما عليه واجب الالتحاف بالنظام العام الذى يدميه النيل من دين الوطن الرسمى الذى استقر فى وجدان اغلبية الشعب المصرى على اثم الخروج على احكامه وجرم الارتداد عنه". أين الدستور والقانون والمواثيق الدولية من هذا الحكم،حتى وصل الأمر بالقاضى بالإفتخار بأنه قفز على الدستور والقانون ولا ينتظر هذا أو ذاك بل حكم مباشرة من وحى ضميره الدينى ومعتقداته الدينية، وهذا يعد اعتداء على القانون والدستور. هذا هو ميراث الدولة الدينية التى يدافع عنه رئيس مجلس الدولة فى معظم أحكامه، فهل يصلح مثل هذا الشخص للفصل فى المنازعات المتداخل فيها العقائد الدينية المختلفة؟. لقد صدق البابا شنودة بقوله أن التعليق على الحكم ليس خطيئة، وحسنا قال نحن نحترم القانون ولم يقل نحترم الحكم ، بل واضيف أن التعليق على مثل هذه الأحكام ونقدها ورفضها هو واجب وطنى من آجل تحقيق العدالة بمفهومها الحقيقى فى مصر. إذا كانت هذه الأحكام عنوانا لحقيقة ما فهى عنوان لحقيقة أن مصر دولة دينية، ونحن نرفض الدولة الدينية ومن ثم نرفض مقولات مثل الحكم عنوان الحقيقة، ولا تعليق على الأحكام... وبالطبع لا نحترم مثل هذه الأحكام الظالمة. [email protected]
#مجدى_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنقلاب على عهد بوش
-
رسائل عطرة من اشقائنا المسلمين
-
حوار مع قرائى
-
الناسخ والمنسوخ فى الدستور المصرى
-
حكاية الدكتور عصام عبد الله
-
التعليم والمواطنة(3-3)
-
التعليم والمواطنة(2-3)
-
الأزهر بين شيخين
-
أمن الخليج....مسئولية من؟
-
وضع الأقباط تحت حكم مبارك
-
تظل إشكالية المجتمعات الإسلامية قائمة
-
العلمانية والديموقراطية فى فكر مراد وهبة
-
التعليم والمواطنة
-
نسيم مجلى
-
عشر خصائص للعنف ضد الأقباط
-
حقوق الإنسان فى العالم العربى
-
مؤتمر كوبنهاجن ...وهندسة المناخ
-
البرادعى يعرى النظام المصرى
-
تأثير الأقباط على الحضارة
-
من الشائعات إلى الإدعاءات
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|