|
الإسلام والمرأة - 1
جلال حبش
الحوار المتمدن-العدد: 3026 - 2010 / 6 / 6 - 14:28
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
في هذا المقال سوف أناقش وضع المرأة في الإسلام من الناحية النصوصية والناحية التطبيقية لنرى بعد ذلك ما إذا كان الإسلام كرّم المرأة فعلاً أم لا، وبالتأكيد فإن رأيي في هذا الموضوع واضح ولي عليه أدلة وبراهين، ولا أستغرب أبداً عندما يدعي المؤمنون كرامة المرأة في الإسلام، ولكنني أستغرب أن تتوهم المرأة ذلك أيضاً، بل وتدافع عن الإسلام (أو الدين عموماً) الذي كرّس نصوصه لإهانتها ولقمعها، وسوف نرى سوياً كيف فعل الإسلام ذلك بالأدلة والبراهين والنصوص.
أولاً: كيف ولماذا خلقت الأنثى؟ أنا شخصياً أفضل البدء بهذه البداية على عكس كثيرين يبدأون كلامهم عن موضوع المرأة بالحديث المشهور (النساء ناقصات عقل ودين)، وبالتأكيد سوف آت على هذا الأمر لاحقاً ولكن دعونا نعرف لماذا وكيف خلقت الأنثى أصلاً لأن البداية هامة جداً، فهي توضح لنا الفكرة الأساسية التي بنيت عليها كل المفاهيم الذكورية في الإسلام عن المرأة ولأن هذه البداية تهدم نظرية كرامة المرأة في الإسلام من أساسه. طبعاً أنا شخصياً لا أؤمن بفكرة الخلق المنصوص عليها في القرآن، ولكن بالتأكيد المسلمون يؤمنون بذلك ويؤكدون عليها، وهي واردة في كتابهم المقدس، وبالتالي فإنه دليل ضدهم. فلنقرأ الآيات التالية:
1) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً سورة النساء:1
2) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا سورة الأعراف:189
3) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا سورة الزمر:6
الملاحظ من قراءتنا لهذه الآيات أن الله خلق الإنسان من (نفس واحدة) وهذه النفس هي نفس آدم (الذكر) فهو الأصل في الخلق (ثم) بعد أن جاء بالأصل وخلقه على الهيئة المعلومة والواردة في النصوص القرآنية وكتب الأحاديث من طين أو من صلصال أو من غيره وبعد عملية نفخ الروح وإسكان آدم الجنة .. خلق الله حواء من (ضلع آدم) وهو ما نلاحظه في قوله (ثم جعل منها زوجها) وبتفكيك هذه الآية نجد أن عملية خلق حواء جاءت في الترتيب بعد خلق آدموأن حواء خلقت من آدم، وبالتالي فإنه فرع من أصل، فهي ليست أصلاً في الأساس ، فهي لم تخلق خلقاً منفصلاً كما في قصة خلق آدم، ومن الضروري أن يكون الفرع تابعاً للأصل وأقل منه درجة. هذا أمر بديهي طبعاً. وفي العقل الذكوري الجمعي للدينيين فإن هذه البداية التي توضح أصالة آدم على حواء ، وتبعية حواء لآدم بالضرورة هي من جعلت هذا الفارق الكبير في اعتبار التفضيل الذكوري على الأنوثي، فيُصبح من الطبيعي للمقتنعين بهذه الرواية (رواية خلق آدم وحواء) أن يقتنعوا أن الذكر أفضل من المرأة لأنه أصل لها، وهي مجرّد تابع له. هنالك مجموعة تحاول التحايل على هذا الفهم المبسّط والواضح للآية لتدعي أن (النفس) هنا ليس المقصود به (آدم) وتحاول القول بأن آدم نفسه خلق من النفس، ومن ذات النفس التي خلق منها آدم خلقت حواء، وهي بذلك تحاول القول بفرادة خلق كل من آدم وحواء، وبالتالي فإنها تحاول دحض فرضية تبعية حواء لآدم، ولكنهم ينسون أو يتناسون أن مصطلح (النفس) في العربية تطلق على (الآدمية) وليس على جوهر الخلق الأول، ولذلك نقرأ في القرآن ما يلي:
1) وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا سورة البقرة: 48 المعنى: لا يجزي إنسان عن إنسان
2) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سورة آل عمران:185 المعنى: كل إنسان ميّت لا محالة، والنفس المقصود بها الإنسان، لأنها مرتبطة بمسألة المحاسبة، ولا حساب إلا على المكلّف، كما هو معلوم.
3) مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ سورة المائدة:32 المعنى: أي من قتل آدمياً (إنساناً)
وعلى هذا فإن المراد بالنفس في قوله (خلقكم من نفس واحدة) أي خلقكم من نوع واحد وهو (آدم) وتأتي كلمة (ثم) لتفيد الترتيب الزماني. هذا فيما يتعلق بكيف خلقت حواء، فماذا عن (لماذا) خلقت؟ في الآيات السابقة رد على هذا السؤال فعندما نقرأ عبارة (ليسكن إليها) فإن اللام في كلمة (ليسكن) تسمى لام التعليل أو لام السببية، لأنها تبيّن لنا لماذا حدث ما حدث. وذلك كقولنا: لماذا تذهبُ إلى المدرسة، فيكون الجوال: لأتعلم. فعبارة ليسكن إليها هنا هي سبب خلق حواء .. فحواء لم تخلق إلا ليسكن إليها آدم وهذا الأمر ينسحب على كل الذكور وكل الإناث طبعاً. والسكن هنا المقصود به الجنس لا أكثر، ولهذا فإن كمالة الآية تقول: (فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا)فالسكن له علاقة وثيقة بالجنس، ولقد عرفنا من قبل عبر الروايات الواردة في التراث الإسلامي وكتب الأثر، أن آدم عندما كان في الجنة استوحش أي شعر بالملل، فغشاه النعاس، فلما نام خلق الله حواء من ضلعه، وبهذا تكون المهمة الوحيدة من خلق حواء هي تأنيس آدم وهذا أساساً دور التابع، ولو لم يكن آدم قد استوحش لما خلق الله حواء حسب ما يُفهم من هذا الأثر القصصي. السؤال الآن: هل اعتبار أن الأنثى تابع لأصل ذكري فيه إكرام للمرأة؟ وهل اعتبارها أداة للتفريغ الجنسي لا أكثر ولا أقل فيه إكرام للمرأة؟ وهل اعتبارها أداة للتسلية فيه إكرام للمرأة؟
ثانياً: الله يُفضل الرجل على المرأة لقد شرحتُ فيما سبق أن أصالة آدم وتبعية حواء مهدت لتكوين مفهوم ثقافي عام يُؤدي إلى اعتبار أن آدم (الذكر) هو الأساس، وأن حواء (الأنثى) ليست سوى مجرّد تابع الغرض من خلقها هو تسلية آدم، ولهذا فإن غالبية النصوص الدينية التي فيها تشريع تخاطب الذكور وسوف أتكلم عن هذا الأمر لاحقاً، ولكن فقط علينا أن نتطرق إلى مسألة تفضيل الله للذكور وما هو سبب هذا التفضيل، وهل من الممكن أن يكون يترتب على هذا التفضيل تبعات أخرى؟ دعونا أولاً نقرأ هذه الآيات من سورة النساء
1) وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا النساء:32
2) لرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ النساء:34
قبل أن نناقش هاتين الآيتين علينا أن نتساءل: هل بالفعل يُمكن لأيّ إله أن يُفضل ويُمايز بين خلقه؟ أم الواجب والمفروض أن يكونوا كلهم سواء عنده لأنهم خلقه ومن صنعه؟ إذا كانت الفكرة هي أن الإله يجب أن يعتبر مخلوقاته كلها بمنزلة واحدة، فإننا سوف نتساءل: لماذا قال (ولقد كرمنا بني آدم) لماذا يُميّز البشر عن بقية المخلوقات؟ وإذا كان البشر مكرّمون عنده فلماذا خلق بقية المخلوقات أصلاً؟ هل خلقها بغرض هذا التمييز؟ ألا يدل هذا التمييز على قصور في الخلق؟ أعني أن سبب التكريم هو كون البشر (مميّزين) بينما بقية المخلوقات ليسوا مميّزين؟ هل كان الإله عاجزاً عن خلق مخلوقات أو كائنات مميّزة جميعها؟ أعتقد أن مسألة التمييز هذه تدل على جانب من جوانب القصور في عملية الخلق، ولكن دعونا من هذا الأمر الآن، ولننظر إلى مسألة تمييز الذكور عن الإناث والذي أوضحنا سببه فيما تقدم
الآية (32) من سورة النساء فيها تمهيد لمسألة تفضيل الرجال على النساء، وقمع لأيّ تساؤل قد يطرح نفسه في أذهاننا، وحتى لا نتساءل: لماذا فضل الله الرجال على النساء نجده يأمرنا بألا نفكر بهذه بالطريقة وأنه يجب على المُفضل عليه أن يرضى بهذا الأمر وألا يتمنى أن يكون التفضيل واقع عليه، ولكن لماذا؟ تأتي الآية (34) من سورة النساء لتوضح لنا الخطة الإلهية لذلك، لأن هذا التفضيل سيكون سبباً في القوامة (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) الحقيقة أن غالبية المسلمين يعتقدون أن القوامة هنا هي قوامة الزوج على الزوجة، ولكن الحقيقة هي أن الآية لم تقل (الأزواج قوامون على زوجاتهم) بل استخدم صيغة أخرى، فقال (الرجال) و (النساء) وهذه في اللغة العربية تسمى (اسم جنس) فهو يشمل جنس الرجال وجنس النساء دون تحديد، فكل الرجال قوامون على كل النساء، لماذا .. لأن الرجال هم المفضلون عند الله .. ثم يأتي العامل الاقتصادي أخيراً، لأن الفهم الذكوري في القرآن يفهم أن العمل وجلب الرزق هو من اختصاص الرجل، فمسألة الإنفاق هي واحدة من الخصائص الذكورية، وهنا نتساءل: ألم يكن الله يعلم أن المجتمع سوف يتغيّر وأن وسائل وأدوات وأنماط الإنتاج سوف تتغيّر، وأنه سوف يأتي يوم تعمل فيه المرأة وتكون فيه منفقة على نفسها وعلى بيتها؟ كل هذا (كوم)ومعنى ومفهوم القوامة شيء آخر، وحتى لا يعتبرني القارئ العزيز متجنياً على القرآن فإنني سوف أترك تفسير معنى القوامة لأئمة التفسير:
1) (يقول تعالى " الرجال قوامون على النساء " أي الرجل قيم على المرأة أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت) [المصدر: تفسير ابن كثير] 2) ("الرجال قوامون" مسلطون "على النساء" يؤدبونهن ويأخذون على أيديهن) [المصدر: تفسير الجلالين] 3) (يعني بقوله جل ثناؤه : { الرجال قوامون على النساء } الرجال أهل قيام على نسائهم في تأديبهن والأخذ على أيديهن , فيما يجب عليهن لله ولأنفسهم) [المصدر: تفسير الطبري]
وقبل أن أنتقل إلى النقطة التالية أرجو أن ينتبه الأخوة القراء الكرام إلى معنى (التفضيل) في شرح الأئمة المفسرين على النحو التالية:
1) (بما فضل الله بعضهم على بعض " أي لأن الرجال أفضل من النساء والرجل خير من المرأة ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال وكذلك الملك الأعظم لقوله صلى الله عليه وسلم " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " رواه البخاري) [المصدر: تفسير ابن كثير] 2) ("بما فضل الله بعضهم على بعض" أي بتفضيله لهم عليهن بالعلم والعقل والولاية وغير ذلك) [المصدر: تفسير الجلالين]
فهل في هذا تكريم؟
#جلال_حبش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقولات في نقد النبوة 2
-
مقولات في نقد النبوة 1
-
الإلحاد هو الفطرة
-
عندما يدخل الله غرف نومنا
-
هل للدين فائدة تذكر؟
-
الإعجاز العلمي في الشعر الجاهلي
-
البعرة لا تدل على البعير
المزيد.....
-
السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب
...
-
تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
-
-دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة
...
-
مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز
...
-
السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها
...
-
الكويت.. مراسيم جديدة بسحب الجنسية من 1145 امرأة و13 رجلا
-
نجل ولي عهد النرويج متهم بارتكاب اغتصاب ثان بعد أيام من اتها
...
-
انحرفت واستقرت فوق منزل.. شاهد كيف أنقذت سيارة BMW امرأة من
...
-
وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه
...
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|