أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بثينة رفيع - عائدةٌ من حيثُ لم أذهبْ














المزيد.....


عائدةٌ من حيثُ لم أذهبْ


بثينة رفيع

الحوار المتمدن-العدد: 2869 - 2009 / 12 / 26 - 17:28
المحور: الادب والفن
    


صوتُك يغرقُ في لغتي .. وصحرائي عالقةٌ بين جلدي وأمتعةٍ من رماد , منذُ أن أبصرتْ خارطتي أيائلي ضلّتْ طريقَها وسحابتي لم تزلْ بعيدةً ، في شراييني كلُّ مدينةٍ أثقلهَا الرحيلُ ، فرمَتْ مفاتيحَ صدرِها للغزاة .

الهوى أم أنت كلاكُما اعتذارُ المعرفةِ بفلسفةِ الغيابِ , أجملُ ما فيك ينزُ من خاصرتي كالصدفِ الملوّنِ .. يجتثّنِي من الأعماقِ .. يرمشُ في مَعبرٍ وحيدٍ يجثو في عتمةِ الليلِ بغرفةٍ مقفلةٍ , لا بحرَ يقتربُ من قاربي لأفترشَ ما تبقَّى من خريفِك , محطَّتي ثكلى وقطاري يسافرُ دونما عودة , صوتُك كلُّ القبائلِ حينَ تقتتلُ على قسمةٍ خاسرةٍ لتتَّفقَ على جزِّ ضفيرةٍ شامخةٍ .. مقبرةُ أرقامٍ إذا ما نهضَ الشُّهداءُ من رملِ شفتيك ليعلنوا أسماءَهم اختصارَ الحبِّ في عبوةٍ ناسفة.

صوتُك أقمارٌ تركََتْ يقينَها لتحدّقَ بالاحتمالِ .. اختزالُ الصُّورِ في تردّدِ سؤال .. هل يخطئُ الوطنُ ؟ أم ترجمْنا الحقيقةَ لنبقى ظلَّ هذا الشجر؟ فلا أصلَ للأشياءِِ دونَ سرابِها ولم يتّحدْ ذاكَ الوريدُ بأوسمةِ عتمةِ تلجِ الدُّجى تنيرُها مدنٌ بلا أجنحةٍ وبوحٌ تمرَّدَ على فطرتِهِ الأولى ، و نداءٌ خلفَ البلادِ المُوحلةِ .. لا تتركوا البابَ مُوصداً سأرجعُ في المساءِ ، أدخل في الحُلمِ خِلسةً ألقاها في ردى الأوجاعِ مثخنةً بالعدم ِ ، أرتديها قبلةً أخرى لأدركَها بموتي ، أحرسُ أجسادَكُم الصغيرةَ بفيضٍ من الروحِ .. أقتفي أثرَ الطفولةِ برائحةِ الأسرَة ، أرسمُ على الأكفِّ الصغيرةِ شكلاً آخرَ للوطنِ ، سأتجرَعُ ألفَ صباحٍٍ باردٍ لأعيدَ اللحظةَ الأخيرةَ بقهوةٍ لم أشربها .. وقصيدةٍ لم أنهِها وعناقٍ لأحبةٍ لم يكتملْ .

عائدةٌ من حيثُ لم أذهبْ أسواراً من الألمِِ المعتَّقِِ تفتحُ في مدى غُربتي ، بوصلةً من هواءٍ ، أضعُ في حقيبةِ المدرسةِ وردةً خلفَ كلِّ كتابٍ وأمنيةٍ .. سأنتظرُ انتحارَ الوقتِ في أغنيةٍ وأبكيْ حلمَ ايثاكا كلّما أطلَّ عوليس في موجةِ حلمٍ عابرةٍ وجهاً آخر للنزيف وألقي السَّلامَ على مطرٍ فلسطينيٍّ لم أشهدْهُ ثم أرثي الجنونَ إذا ما ارتداهُ رجاءٌ ذابل .

أحبـُّوني قليلاً ليقتربَ وطنٌ في تفاصيلِ سجنٍ لم أطأهُ لأحدّقَ في دهشةِ القيدِِ بُرهةً حين تحزُّ ذاكرتي صورةَ جلاد .

هل أخطأَ الوطنُ أم أخطأناهُ ؟ سأمتشقُ الترابَ وكبوةَ الحزنِ الوحيدِ عندما أصدّقُ أنَّ لي هويةً وبيتاً بنافذةٍ دافئةٍ تهشَّمتْ مثلَ عُمرٍ يمرُّ على عَجَلٍ وأرتوي من كُلِّ ما قيلَ عن دولةٍ لم تلامسْ أقدامَ حُفاةِ المخيَّمِ .. ثمَّ أكتفي بارتعاشِ الهُدبِ لدمعةٍ في عيني يارا .
عائدةٌ إلى وطنٍ أمْ مَنفى .. لا فرقَ بين موتينِ بذاكرةِ الخوفِ , سألقاكُمْ حينَ يستريحُ النَّبضُ ليتركَ خلفَ بحرينِ شهقةً أو نشيجَ انتظارٍ وأحنُّ لها كلَّما مرَّ الصباحُ من ها هنا ولم أرها حلوةً كالعروسِِ بغيرِ دماءٍ وأشلاءٍ , سأمضي في عطرِها لأمشيَ فوقَ أكوامِ انتماءٍ عَرّانا كالمرايا وغَرَّبنا كالسَّبايا أسألُ أسئلةً شاحبةً من يبتدئُ هذا الوطن بلغةٍ واحدةٍ ثورةً للعشقِ وحريّةَ نزقةٍ إذا ما انتصبَ غصنُ زيتونٍ بينَ رصاصةٍ وسوسنة ؟

عائدةٌ من حيثُ لم أذهبْ.. أحزمُ أوردةَ الغصَةِ .. أرمي ارتحالي فوقَ ناعورةٍ جاثمةٍ هناكَ على صُدورِ أطفالي .. أنتشلُ السفائنَ التائهةَ في جسدي .. ألبسُ عينَيها استلابَ علمٍ بين فاصلتينِ .. لألقيَ السَّلامَ على مطرٍ فلسطينيٍّ لم أشهدهُ ، أشتاقُهُ حتى الاحتراق .. وأبكي ثانيةً حلمَ ايثاكا كلَّما أطلَّ عوليس وجهاً آخرَ للنزيفِ ووطناً بلا وطنٍ في موجةِ حلمٍ غادرةٍ ، في موجةِ حلمٍ عابرة .







#بثينة_رفيع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يا أبي
- ظلالُ رحيلٍ
- لوحةٌ فلسطينيةٌ ليستْ للذكرى
- مرافئُ جرح
- المسافة بين معبر رفح والحوار الوطني
- في زمن الردة
- تراب يواسيك
- حديد عتيق لأطفال فلسطين
- عام من الحصار
- عندما تنام دمشق
- اليسار الفلسطيني بين التبعية والتهميش
- فلسطين .. مساحة من دماء
- حزيران ذاكرة جرح لا يموت
- الطبقة العاملة تذهب إلى الجنة


المزيد.....




- بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر ...
- دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
- -الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
- -الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
- فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
- أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
- إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
- الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو ...
- -ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان ...
- تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بثينة رفيع - عائدةٌ من حيثُ لم أذهبْ