|
هذا حق مشروع لنسائنا ملكة جمال لفلسطين ما الذي يمنع؟
نادية عيلبوني
الحوار المتمدن-العدد: 2856 - 2009 / 12 / 12 - 23:18
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
ردود الفعل الغاضبة على تنظيم مسابقة لملكة جمال فلسطين، تكشف وإلى حد بعيد طبيعة الثقافة الفلسطينية البدائية والمتصحرة، والمعادية لكل ما إنساني واجتماعي وحضاري وجميل. لا يمكننا بأي حال من الأحوال الركون إلى التبريرات التي وضعها البعض في معرض رفضه لتنظيم هذه المسابقة ، كما لا يمكننا القبول بتلك الحجج والأعذار التي تحاول الاحتماء والتذرع تارة بالدين ، وتارة بالعادات والتقاليد،وأخرى بالقضية الوطنية، التي اعتاد الكثير من الفلسطينيين على رمي كل ما هو غث وسقيم فوق شماعتها. ولنا أن نتساءل حقا ما هذه القضية الوطنية، وما هي تلك العادات والتقاليد التي تستطيع أن تحتمل حروبا يقتل فيها الفلسطيني أخاه، والتي تتسع لوأد المرأة وقتلها على خلفية مزاعم الشرف ، كما تحتمل الجوع والتسول ،وكافة أشكال الفساد ،في الوقت الذي تضيق فيه لاحتمال رؤية بهاء وجمال المرأة الفلسطينية؟ المسألة باعتقادنا ليس لها علاقة بالقيم الدينية المزعومة ، ولا بالعادات والتقاليد بقدر انتمائها إلى منظومة متكاملة من المفاهيم التي تقوم على أساس الاحتقار كل ما هو إنساني وكل ما هو حي، وكل ما هو جميل في المجتمع الفلسطيني. المسألة تتعلق أولا وأخيرا بثقافة الموت التي تتسيد التفكير الفلسطيني القروسطي .ودعنا نقولها صراحة ودونما تردد أن الثقافة الفلسطينية السائدة ، لا تميل إلى رؤية أي مظهر من المظاهر التي تؤشر على وجود حياة طبيعية وصحية. ومنظري فلسفة الموت هؤلاء ، لا يطيقون أي مظهر من مظاهر الحياة تلك. فلسفة احتقار المرأة كما احتقار سنن الحياة بكل أشكالها وتعابيرها ومظاهرها ،والتي تتخفى بجبن وقحة، وراء الدين والعادات والتقاليد،لا تحتمل رؤية المرأة الفلسطينية حية ، فكيف إذا رأتها وهي في أوج جمالها وزينتها وبهجتها ؟ هؤلاء لا يتحملون أي تعبير عن الفرح ، وخصوصا إذا كان مصدر هذا الفرح هو المرأة .وهم إنما يطربون أيما طرب لصورة المرأة الميتة أو الخانعة ، أو تلك المجللة بالسواد من رأسها إلى أخمص قدميها. والمرأة الفلسطينية، بنظر هؤلاء، لا يحق لها أن تكون جميلة مثلها مثل كل نساء الأرض، ولا يجوز لها أن تتسابق على عرش الجمال، والمرأة المقبولة في مجتمعنا الفلسطيني هي فقط، تلك التي تقبل أن يتم انتزاعها من بين أطفالها ليذهب بها البعض في عملية انتحارية ياسم الوطن . المرأة الفلسطينية الشريفة والتي تستحق الاحترام في رؤى منظري فلسفة الموت، هي فقط المرأة الحزينة النائحة على فقدان الأب أو الأخ أو الزوج في حروب الأخوة ، أو الحروب العبثية التي لا طائل من ورائها،أ وهي تلك، التي تبتلع مشاعر الحزن الطبيعية التي وهبها إياها الله ، لتقف فوق جثة فلذة كبدها لتزغرد ، وذلك إرضاء منها لتجار الدم وتجار القضية الفلسطينية. لا يجوز للمرأة، بعرف هؤلاء، أن تغادر قبورهم التي حفروها لها ، ولا يجوز لها أن تظهر للعلن لتعبر عن نفسها وعن أنوثتها .وإذا ما أرادت أن تدخل مسابقة ما ، فإن مسابقة الموت هي المناسبة الوحيدة التي يحق لها أن تخوضها وتتألق بها. هذه هي عاداتنا وتقاليدنا وعرفنا ،وهذا هو فقط ما يوافق شرعنا؟؟!!!! هذه هي ثقافتنا البشعة التي علينا جميعا احترامها والانصياع إليها. وعلينا، كما على العالم أن يتقبلها صاغرا،دونما جدل أو نقاش. لا يا سادتي ، لن ننصاع جميعا لنداء الثقافة اللعين هذا ، فجمال نسائنا هو جزء لا يتجزأ من جمال فلسطين التي ندافع عنها وعن حريتها وعن كل جمالياتها .وإذا كان لا بد لنا من قول كلمة حق ، فإن الأولى أن نقول أن من حق النساء جميعا في فلسطين أن يعبرن عن أنفسهم بكل الطرق التي يرونها مناسبة،ودونما تدخل من أي أحد.وحقهن هذا، ليس نابعا فقط ، من طبيعة سنن الحياة وحدها، بل بصورة خاصة لأن نساء فلسطين هن الأجدر من بين جميع رجالها في كل شيء. ولا يستطيع كائن من كان أن يعطي هؤلاء النسوة دروسا في الشرف، فيكفي نساءنا شرفا ، أنهن لم يمارسن الفساد الذي استشرى في فلسطين على يد رجالها . يكفي نساءنا شرفا أنهن لم يعتدين على المال العام ، وبإمكان نساءنا أن يذهبن إلى أية مسابقة وهن مرتاحات الضمير، لأن أيديهن ليست مغمسة بدماء شعبهن. يكفي نساءنا شرفا أنهن بريئات من جريمة تقسيم الوطن إلى أشلاء .وهن بالمقدار ذاته بريئات من جريمة رمي الرجال المخالفين من الأبراج العالية ، وبريئات من تهمة التمثيل في الجثث في شوارع غزة وأزقتها . لا يجوز أبدا أن يسمح لمن غمست يديه بالدم الفلسطيني ، بإعطاء نسائنا دروسا في معنى الشرف، هو أحوج ما يكون إليها. أجل ، تستطيع امرأتنا أن تذهب إلى أية مسابقة تريدها، وهي مطمئنة على سمعتها وعلى حسن سلوكها . وأنها وحدها القادرة على إعطاء دروس عن معنى الشرف لمن يجهلونه .وهي الوحيدة المخولة لتكون الأشرف والأجمل والأبهى والأجدر بكل المعاني النبيلة والشريفة. وفي الختام، ندعو الجميع إلى التوقف عن هذه الاستعراضات المسرحية ، وهذا التباكي الكاذب على ما يسمى في مجتمعنا زورا وبهتانا شرفا ، فالشرف الفلسطيني لا ينبغي له أن يقبل التجزئة أو القسمة ، والشرف بما هو منظومة كاملة ومتكاملة من القيم القابلة للحياة ،لا يعني أن يرتكب بعضنا ،وبدم بارد كل المخازي والجرائم بحق مجتمعه وشعبه، وقضيته ثم يصحو فجأة ليتذكر ويغضب للشرف المزعوم في فعالية راقية وحضارية وإنسانية ،تقوم بها النساء، لا لشيء ، إلا لتذكير الفلسطينيين بقيم الحياة التي جرى التضحية بها لقاء لا شيء،أوإرضاء لتجار السياسة ومحبي رؤية الجثث والأكفان . إن هذا والله لأكثر من معيب ، وهو الحرام ، وهو العار بعينه. [email protected]
صحافية فلسطينية مقيمة في فيينا
#نادية_عيلبوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-كل الحق- على الرئيس عباس!!؟؟
-
اللعب بقضايا الاندماج في النمسا
-
المتوكل طه والدفاع عن ثقافة الاستبداد - نعم الثقافة العربية
...
-
وقع القاص زياد خداش بورتريه لجديد الأدب الفلسطيني
-
فيينا أم فينستان ؟
المزيد.....
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|