|
صوت الأنستة - جوليا بطرس-
بابلو سعيدة
الحوار المتمدن-العدد: 2822 - 2009 / 11 / 7 - 01:35
المحور:
الادب والفن
جوليا لها أحاسيسها الخاصة ، وطريقتها المميزة في الرؤية والموقف والانفعال والغيرة والخبرة والتقنية . والفن في أدبياتها ليس ندماً واعتذاراً وآهات وطيراناً ، بل هو وسيلة تحريض وإثارة وتفاعل مع الوسط الجغرافي- البشري وصولاً إلى هدف نبيل . والفنان التائب هو الفنان الذي يشيخ فنّه وبيولوجيته مبكرين . والفن الرائع هو استكشاف دائم وتأليف لمجتمع جديد ، ولقيم ولحياة نبيلتين . تمثّل جوليـا في فنّها الدرامي والغنائي إشراقة الحاضر، وتفاؤلية الغد القريب . طارت شهرة جوليا في العالم العربي من أول قصيدة غنتها / غابت شمس الحق/ . ويشعرك صوتها الطفولي والإنساني بدفء الحياة وحبّ الأطياف الأخرى . وهي لا تميل إلى الموضوعات التاريخية والصحراوية . إنها تختار الموضوعات الاجتماعية في الغناء ، والدراما السينمائية والتليفزيونية . وتعمل على تأسيس إنسان حرّ في وطن حر. وعندما ننظر إلى لوحة الجوكاندا ، كأننا ننظر إلى جوليا التي ينطبع على وجهها ابتسامة غامضة ، تجمع بين الفرح والحزن في لحظة تاريخية واحدة . كانت فتاة مدللة من قبل أسرتها والأساتذة الذين علموها في المدارس والمعاهد والجامعات . وجوليا الملكة العربية المتوسطية ، لا تغّني للمناصب والعروش والنياشين ولا للمستر دولار . إنّها تغنّي للإنسان وللأرض وللجنوب /غابت شمس للحق/ . وغنت لكل فكرة نبيلة ، وكما الجيوكندا عشقت ذاتها فإن جوليا عشقت ذاتها أكثر. وعاشت جوليا المفردة ونقيضها . وجوليا تخشى الضوء والعتمة وتحبهما حيناً آخر " ضووا البيوت ونوروا الساحات " . وتبتسم جوليا بغوايه وتحملق ببرود . تعيش العزلة وتحبها ، تفتح قلبها للذين يفهمونها ويحبونها. وجوليا حنان دافئ وهدوء ونرفزة ، ورقّة ومشـــاكسة ، وانتظار واستهتار، واحتشام جسدي وسفور عقلي ، حازمة ومتسـامحة ، عصرية وفطـرية ، رحيمة ومتشددة ، تضحك ضحكة طبيعية وضحكة أخرى تمسخر فيها الحياة . إنهــا تحب الصعـود إلى أعـالي القمـم . وهي طموحـة إلى النجاح الدائم ، والصعود إلى قمّة عرش الغناء والدراما . ومخيلة جوليا تختزن حزن العالم وصقيعه . وصوتها يختزن فرح العالم ودفأه وحرارته . وهي حزينة في الداخل وفرحة في الخارج . وجوليا تحب التفرد والتميّز ، والخصوصية الذاتية الرائـدة . وتطمح إلى أن تغنّي أشياء جديدة لم يؤلفها ويلحنها ويغنيها إنسان قبلها . وهي لوحة تشكيلية رومانسية ، وواقعية ، وحالمة ، وطامحة إلى إقامة مسرح غنائي استعراضي تعبيري ، لا مثيل له في حوض البحر المتوسط ، معتمدة في تحقيق ذلك على الحتمية القدرية وطاقتها ، وطاقات زوجها وأخويها زياد وصوفيا ومحبّة الناس لها . وهي تختار الكلمات التي تغنيها بما ينسجم مع دفئها الداخلي ، وطموحها البشري . إنها تغني للطبيعة الجميلة ولكل فكرة رائعة . وهي بنت مدللة لأبوين من مرجعيون ، يقنطان بيروت الشرقية، ويحبان الجنوب والإنسان . وقد أثّرت الحرب الأهلية والاعتداءات المتكررة على سيكولوجية جوليا الطفلة . تربّت جوليا على حب الرحابنة بعامة وفيروز بخاصّه . ونشأت أيضاً على محبّة بيروت والإنسان والجنوب . والبطارسة مثالهم النموذجي هو الرحابنة، تقول جوليا : " نحن متأثرون بالرحابنة وبفيروز ، ولكننا لسنا امتداداً لهم ، أنا وزياد خط مستقل ، علاقتي بفيروز رسمية ، ولفيروز هالتها الخاصة ، والمشرقة ، وسحرها القوي ، أكن لها الإجلال العميق ، وستبقى في قلبي دوماً " . وجوليا النجمة الساطعة في حوض بحري متوسطي دافئ بمياهه ونسائه وعشقه ، تنسى نجاحها المؤقت ، لأنها تطمح إلى نجاحات مستمرة . والعائلة عند جوليا مقدسة . وهي سيدة متزوجة وملتزمة بحياتها الأسرية الخاصة . ولا تميل إلى السياسة والتسيّس . وجوليا التي كانت ممتلئة كالجيوكندا ، صنعت من ذاتها جوليا الرشيقة والمتفائلة . وجوليا الرصينة والعفوية تعيش موج الفرح والحزن ، والمد والجزر العشقي للشهرة وللذات . وأصبحت تضاريس وجه الطفلة - الشابة مماثلة لتضاريس وجه بيروت الحرب والرعب ، وبيروت السلم والأمان والحرية . وجوليا الغناء / تبتسم دون أن تضحك... وتبكي دون دمعة / . وجوليا الحياة / تضحك فرحاً ، وتبكي دموعاً / . وجوليا التاريخ تطمح إلى مسرحة التاريخ من جديد ، ونقله إلى دراما الشاشتين الكبيرة والصغيرة . وتعيش جوليا العظمة والبكائية ، العظمة أيام الحفلات والمهرجانات، والبكائية في عالـم العتمة الداخـلي . وتبكي أمــام أختهـا صوفيا بكاء طفلة ضيعت أمها ، ولعبتها ، وبطاقة نجاحها . وتكشف عن سرّها الخاص إلى أختها صوفيا الناقدة ، وصاحبة الإحساس المرهف ، والذوق الفني الرفيع . وفي نفس اللحظة التي تمسك بها جوليا ، خيوط الحلم ، سرعان ما يضيع ويطير، لأنّ جوليا من أعماقها ترغب أن يبقى العالم رومانسياً وحالماً لا عالماً حسيّاً ومكشوفاً وعارياً . والإنسان كما تراه جوليا ، ينمو ، ويكبر ، ويتطور ويتجدد باستمرار . وتحب أختها صوفيا كثيراً ، لأن ذاتها تراها في أختها صوفيا . ولا تختزن جوليا في جعبتها وذاكرتها ، نجوم الأدب والفن . وتحب فيروز الحلم أكثر من فيروز الواقع . وبصراحة جوليا تعشق جوليا الطامحة إلى زراعة القيم في الشرق العربي بعامّة ولبنان بخاصّة . وجوليا ترفض تسنم السلطة السياسية ، وتطمح إلى تسنم السلطة الفنية والغنائية في الجمهورية النسائية . ويحاول البطارسة تطوير كلمات الأغنية والصوت واللحن والأداء... ويؤكدون على الارتباط العضوي بين الكاتب والملحّن والمغنّي . وتسعى جوليا إلى تحقيق توازن متكافئ بين الفن والحياة ، حيث الدراما لا تقلّد الحياة ، بل الحياة هي التي تقلّد الدراما . تقول جوليا : " المشاعر الجنسية هي البداية الأولى للفن الدرامي والغنائي. ثم تحولت البدايات إلى موضوعات جنسية ، وإلى طقس ديني ، ومن ثم إلى موضوعات تقليدية " . ولم يعد الفن الدرامي يطمح إلى التسامي وارتقاء المضامين ، بل أصبح الصوت الغنائي يوظّف لكسب الناس ، وتحقيق المنفعة واللذة . واستطاعت جوليا أن تنطلق من عالم الأغنية الثورية والحالمة . وأن تشكل لوناً جديداً . وأصبحت نجمة متوسطية للغناء في وقت مبكر . وذاع صيتها في الجغرافية العربية من أول أغنية /غابت شمس الحق/ وفي أول مشاركة بطولية في مسلسل تليفزيوني " أوراق الزمن المر 1997" . وتعاطفت جوليا في حياتها ونصوصها الدرامية والغنائية مع المظلومين والمتعبين والمهجّرين والبائسين . وأحبت جوليا السلم الأهلي ، والتصالح الاجتماعي . ورفضت التضامن السلبي ، واعتمدت التضامن الإيجابي . ولا تغني جوليا للسلطة ، وللعمالقة ، بل تغنّي للشعوب . تضامنت مع شعب الجنوب والبقاع الغربي يوم 14/3/1997. تقول جوليا : " كلما أغني أغنية غابت شمس الحق ، وأسمعها ، أتأثر كثيراً. لأنهـا تعيدني إلى الذاكـرة ، ذاكـرة جرح عميـق جرح الناس وجرحني معهم ، وأحزنني " . وهي تمثل مرحلة تاريخية مؤلمة من حياة شعب ، قاس وتألم وحزن . وتغريد الطفلة ، طفلة قانا بنت فرح وحزن ، وأبكت تغريد الطفلة جوليا الشابة عندما غنّت تغريد " غابت شمس الحق " . ويبقى الطفل رمزاً للصدق ، وللعفوية ، وللطهارة ، وللبراءة . والأطفال يحبّون الأغنية الوطنية والثورية ، ويتفاعلون معها ومع صاحب الأغنية . وفرح تغريد هو فرح جوليا... ودموعها هي دموع جوليا... ودموع كل إنسان حقيقي . وتهدي جوليا إلى أطفال العالم أغنية / قصص/ ليتحرروا من ذاكرة العنف والتذكارات المأساوية ، وللاقتراب من عالم شروق شمس الحرية . وجوليا تقدّس الأفراد الذين ماتوا في خنادقهم دفاعاً عن الحرية ، وصولاً إلى الاستقلال الكامل ، واحترام الأموات الشهداء يتطلب في معيار جوليا احترام الأحياء ، الذين يطالبون بالحرية وتحقيق العدالة . وتجمع جوليا بين الأغنية الوطنية والأغنية الرومانسية . وهي إنسانة عاطفية ورومانسية ، وتحلم بوطن جميل في حريته وعدالته . ولا تغني جوليــا أغاني ســويتها متدنية . إنهـا تغني لحالات حب عاشتها ، وعاشها الناس . والأغنية عند جوليا تمثل هويتها أكانت رومانســية أو وطنية . وهي بنت موســـيقا الحرب ، لأنها ولدت في الحرب ، وتربّت في الحرب. وغنّت جوليا لكلّ موضوع أحّست به ، كي يتفاعل معه الناس . وكان أهلها يقفون دائماً إلى جانبها ، وجعلوها تشعر شعور وأحاسيس الآخرين في الهزيمة والنصر، والفرح والحزن ، والتفاؤل والإحباط . والشعر عند جوليا هو نوع من المعرفة والحرية . والحرية في معيــارها تعني تحمـل المســؤولية ، ومواجهة متاعب الحياة ، والاقتراب من عالم الحلم . وأغنية / وين مسافر/ هي أغنية تدعو للحضور لا للغياب والسفر والرحيل. وهي تمثّل مرحلة تاريخية صعبة ، عاشـتها جوليا في حياتها . وتسأل جوليا ذاتها ، كيف يترك الناس أرضهم ويهاجرون ؟ وحال الجنوب اللبناني المحتل والمحرر، هو حال جوليا في أغنية /غابت شمس الحق/ . وتشعر جوليا بفرح ونشوة عارمين عندما تغنّي على المسرح . وتشعر بالحزن بعد نهاية البرامج والحفلات . لأن جوليا ترغب أن تبقى الحفلة الغنائية مستمرة ، كي تستمر لحظات النشوة عندها إلى أعلى مراحلها. تقول جوليا : " نحن شعب قوي وشعب يحب ، وآخرون يحاربوننا بالكره ، ونحن نحاربهم بالحب ، حبنّا لبعضنا ، وعندما كنت أسمع بالاعتداءات المتكررة على الجنوب ، كنت أشعر بغضب شديد لا يوصف " . وشعرت جوليا بفرح عارم بعد تحرير الجنوب ، الذي اعتبرته انتصاراً لأغانيها ولكل مواطن لبناني . وخلقت الحرب عند جوليا الخوف والجرأة . وهي تشكر الحرب ، لأنها خلقت عند جوليا الجرأة والصراحة وقول الحقيقة . وتكره الحرب ، لأن الحرب ولدت عند جوليا الشعور بالخوف . وفي حين تتوج غالبية أطفال العالم الجنوبي بالفقر ويعانقهم الموت ، فإن الحروب تبتلع الأموال ، وتلتهم طعام الأطفال . ويبقى السلام تحت أي ظرف أفضل من مسيلات الدماء . الحروب تعطب الأحلام والذاكرة والشعوب " لأن المتغيرات الدولية في أدبيات جوليا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وأدلجته وسوقه وحلفه ومنظومته أحدثت خلخلة في أساسيات التوازن الدولي ، وإلى استفراد قطب واحد بالقرار الدولي ، مما أدى إلى ظلم وتجويع وأفقار وحصار شعوب بأكملها. ويبقى التاريخ المسيطر هو تاريخ الحروب ، وتاريخ الاستقواء . وتوجد أنظمة سلطوية ظالمة وأخرى مظلومة ، وبالتالي لا يوجد استقرار وسلام في العالم قاطبة " . وجوليا غّنت للوطن وللثورة ، وللمقاومين وللعشاق، وللمسافرين وللإنسان. وظهرت أغنية / غابت شمس الحق / في ظل حريق شامل عمّ لبنان بعامّه والجنـوب بخاصّة . ولكن شـمس الحق عادت وأشرقت عام /2000/ . وجوليا /2000/ ترفض استعمال بعض المفردات والمصطلحات في نصوصها وحياتها ، فاستبدلتها بمفردات جديدة ، لأنها لم تعد تستهويها . وأغنية / غابت شــمس الحق / لم تأت صدفة بل هي محصلة لتاريخ طويل ، وتعبير عن مخزون تربوي / ثقافي لجوليا ، التي تحترم كل إنسان يدافع عن شرفه وأرضه وأفكاره . وتؤمن بالثوابت في ظرفيتها . وتواكب المتحولات والمتغيرات . واستطاعت جوليا أن تتجاوز أغنية /غابت شمس الحق/ بأغنية وين الملايين ؟ وتستطيع جوليا أن تتجاوز أغنية وين الملايين " لأن جوليا التي غنت لحروب التحرير ، تبقى الأقدر من غيرها لأن تغني أغنية السلام في منطقة الشرق الأوسط . وتغني جوليا في الصالات الكبرى المغلقة وفي الهواء الطلق . وترفض أن تغني في المطاعم ، والأندية ، والفنادق والمقاهي . ولم تعد طامحة إلى تأسيس مسرح غنائي استعراضي قائلة : " أنها تفضل عالـم السـينما القـديمة التي كانت تعبـر عن التضامن الإيجابي وجماليات الواقع ، بينما تعبر السينما الحديثة عن التضامن السلبي وبشاعات الواقع . وأننا لا زلنا صغاراً في مجال التقنيات الحديثة ، ونملك قدرات بشرية محدودة وصغيرة " . وتحب جوليا المسرح الغربي المعاصر، والبسيط في أدواته وديكوره ومظهره وأشـيائه ، والعظيم في تأثيراته وتحريضاته ، والقريب في مضمونه ودلالاته من الحياة اليومية المعاشة . ولم تعد جوليا مبالية بموجة الغناء الجديد العائم على الســطح . فهي ترغب أن تأخذ دوراً أساسياً في الأدوار المسرحية التي توكل إليها . وهي ترفض دراما الحياة الخاوية فكرياً وحضارياً وإنسانياً . وعالم جوليا المفضل هو في المسرح لا في الاستديو . وتفضل مفردة ناس على مفردة جمهور وجمهرة ، ومفردة إنسانة على مفردة فنانة . تقول جوليا : " الحلم العربي ليس مجرد أغنية من كل قطر بل هو فعل يومي على أرضية الواقع ، وموقف وجودي فاعل في مواجهة قضايا الحياة المعقدة " . لذا فإن أدبيات جوليا ترفض مفردات الشعارات العريضة البرّاقة والتحزب الشرائحي والتأدلج . لأنها صادقة مع ذاتها وأفكارها وسلوكها . ولا تحب جوليا مفردات الإلزام والالتزام قائلة : " أنا إنسانة كأي امرأة أحب وأكره وأثور وأغضب وأنفعل . وأنا أنتمي إلى العالم الواسع ، إلى الشعر إلى وطني وأرضي وذاتي . وأنا أحب الفن الذي يضعني في مواجهة وجودية مع الذات والآخرين. ويبقى الفن أكثر رسوخاً وأصلب عوداً من السياسة " . وجوليـا متفائلة بالغـد القريب ، وقـدرات الآمــة على مجابهـة التحديات ، ومواجهة الاعتداءات الأرضية والفكرية ، ومواكبة نبض العالم المعاصر في التحديث والتجديد ، ومحاربة الجريمة والمجرمين ، وتحويل البحر المتوسط إلى بحر للسلام وللسياحة ولإقامة المدن الحرة . تقول جوليا : " أحلم بوطن قوي ومثقف ، وله هدف ، وغير سطحي ، ووطن له جذور، ومواجهة تحديات الآخرين على كافة الصعد . وهذا الأمل يشجعني على الغناء والتمثيل والثقة بالمستقبل" . وأغاني جوليا تمثل لوناً استنهاضياً وتنويرياً . وتشكل جسراً يمتد من عشق الذات إلى عشق الوطن والسلام والإنسان . وتطمح جوليا إلى أن تغني قصائد نزار قباني . وعلاقة جوليا بالناس وبالآخرين " ليست محفورة على الرمال ، بل هي منحوتة على الصخور. الناس تحبني وتحترمني وتتواصل معي " . وتنظر جوليا إلى المرآة فلا ترى نفسـها على مستوى جوليا في مرايا الناس . ولا تميل جوليا إلى تعميم الموضوعية والعقلانية . لأنّ الذات البشرية في رأيها تفرز مجموعة من الانفعالات والتوترات العصبية النفسية . وجوليا تمثل الأناقة والبســاطة والعفوية والطهارة الاجتماعية . وتبتعد عن البهرجة والفانتازيا في مظهرها ولباسها ومضامينها ونصوصها . وتميل إلى الصراحة ، وصفاء بشرة الوجه لا إلى التلميع والمكياجات . وجوليا لا تعارض عمليات تجميل الوجه في هذا الزمن الصعب والمرّ والقاهر قائلة : " أنا لا أحبّ صوري القديمة ، ولا شكلي القديم . وأحب ذاتي عام 2004 أكثر من حبيّ لذاتي فيما مضى " . وتعتمد جوليا العمل الجاد الهادف لا العمل الفكاهي للفكاهة . وأغنيتها هي هويتها. تبكي بســرعة ، ويحمّر وجهها خجلاً ، لكنّها بدأت تتحكم وتسيطر على خجلها ، رغم أن طفولتها كانت متميزة . وكانت في طفولتها تلعب مع الصبيان أكثر مما تلعب مع البنات . وكانت جريئة في القول والفعل معاً. وشحصيتها قوية ونرجسية ، وتحب القيادة ، وهي منسجمة في كلماتها وأفعالها. ولا تستطيع أن تكذب كذبة بيضاء على أسرتها وذاتها والآخرين . والثلاثي/ جوليا- زياد- صوفيا / يختلفون في الثانويات لا في الأساسيات. وجوليا تعيش التناقض في نصوصها وحياتها ، تعشق الفنّ ، وتشعر أحياناً أن الفنّ أصبح عبئاً ثقيلاً على حياتها الخاصة . وتحب الشهرة ، وفي لحظات أخرى ، تحب أن تكون عادية ، وبعيدة عن الأضواء والنجومية . تقول جوليا : " الفن هو مرآة الحياة اليومية ، وتأليف لحياة جديدة ، أفضل وأحلى وأجمل " . وتعاني جوليا صعوبة في تسويق منتوجها الغنائي ، لأن إمكانياتها المالية محدودة . وتبقى شامخة الرأس والموقف . وفنّها لا ينتج ثروة في ظل كتل بشرية شابة لا تتضامن ولا تتفاعل مع العواطف الوجدانية والنبيلة . والشـهرة لدى الإنســان الوجــداني تقذف به إلى الوحدة في أدبيات جوليا لذا ، ليس للإنســانة جوليا سوى صديقة واحدة ، هي صديقة طفولتها. ولا توجد لديها صداقات مع الوسط الفني. توجد لها علاقات عامة ومجاملات . وهي معجبة بفاتن حمامة ، وتحب أصالة نصري ، وتقرأ أدبيات جبران خليل جبران . وتستمتع إلى أغاني أم كلثوم وفيروز وماجدة الرومي . وموزعة جوليا بين مؤسـستين ، مؤسسـة الزواج ومؤسـسة الفـن ، وبين الشهرة والوحدة ، وبين الفن والحياة . وترى ابنها الصغير 2000 أجمل طفل وقصيدة ووطن . وجوليا متمسكة باللهجة اللبنانية في الغناء والدراما قائلة : " اللهجة اللبنانية هي اللهجة الأكثر جرأة وحرارة ودفئاً . إنها تجعلك تعرف المخارج ، وكيف تغضب وتحب وتثور وتعبّر وتنفعل " . أما اللغة الفصحى فتشكل قيداً على شغلها وعملها الدرامي البصري . وهي تتعامل مع اللغة الفصحى معاملة ترجمة لغة إلى لغة أخرى ، مع احترامها الشديد لعروبتها وللغتها الفصحى . وتقدم جوليا عديداً من الخدمات المجانية ، حيث توظف ريع بعض حفلاتها للمتعبين وللمعوقين وللمهجرين . وجوليا تؤيد الحضارة التي تقدّس الإنسان ، وتكافئ المبدعين ، وتدفن الحروب ، وتخلّص البشرية من الألغام الفردية ، والمعطوبين وأسلحة التدمير الشامل . ولكنها تقيم تواصلاً وهمياً لا بشرياً ، تقول جوليا : " في مجتمع العولمة تنعدم الصلات الاجتماعية ، والعلاقات الحميمة . ويضرب التواصل البشري . وأنا ضد هذا المجتمع العجائبي والغرائبي ، ولا أحبه مطلقاً " . لأنّ جوليا تعشـق التواصل البشري المباشر ، وتحب الأرض والناس والسلام .
#بابلو_سعيدة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غادة بين الحب والمليونير
-
عابر سرير ( أحلام مستغانمي)
-
سندريلا القرنا العشرين
-
غادة السمان ( طائر العنقاء )
-
أحلام معطوبة ( أحلام مستغانمي)
-
رواية ذاكرة الجسد ( أحلام مستغانمي)
-
جورج ساند نجمة فرنسا القرن /19/
-
كوليت خوري ودمشق العاشقان
-
فيروزالواقع والحلم
-
الجمهوريّة النسائية
-
الإنسان يصنع تاريخه
-
ليلى العثمان - مأساة الواقع والحلم
-
سيمون دي بوفوار صوت الحرية
-
بثينة شعبان التي ولّفت بين الأدب والسياسة
-
سعاد الصباح / تباشير المطر
-
/نوال السعداوي /صوت الإحتجاج
-
المرأة بين التهميش و التفعيل
-
الحرب و السلم
-
الجذر اللغوي والقصيدة الأولى
المزيد.....
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
-
تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|