|
أدباء بصريون ... لعنة ماركيز لضياء الجبيلي .. رواية عجائبية
سعيد حاشوش
الحوار المتمدن-العدد: 2622 - 2009 / 4 / 20 - 08:53
المحور:
الادب والفن
يبنى العالم اليوم على أسس مختلفة يجري التعبير عنها بسمات جديدة في العمل الخلاق لبعض كتاب البصرة المعاصرين ، الماضي كالماء العكر ، تترسب أشياء وتتحلل أخرى كل شيء يتجه للأستقرار بالرغم من تشابك الثقل التاريخي والظلم الدكتاتوري وإيجابيات الحياة المعاصرة هذا الواقع المعقد لايمكن سبر غوره بأسلوب ومضامين التسعينات التي أفتقدت العمق تحت ستار شعرنة السرد والشكل الفني الحديث والأشتغال على نص جامح وجامع ومفتوح للأجناس وفي النهاية حوصرت الرواية في خندق ضيق ، وبعد سقوط النظام الشمولي عاد الأدب القصصي في البصرة لينهض من الرماد بإبداع آت من واقع قبيح متناقض وتخاطري دون أن يحلق بجمل شعرية وشخصيات تتخذ أسلوب التداعي الهذياني مرتكزاً لها ، هذا الأدب المسعور بثقافة الموت المسممة والأبطال المنخورين من الداخل مضمون لها رغم أن الرواية التي نحن بصدد مناقشتها مليئة بالموت والجنون والعزلة .. كتبت الكثير من الدراسات عن لعنة ماركيز لضياء الجبيلي وأضاءت هذه الدراسات جوانب من هذه التجربة الإبداعية بإعتبارها الرواية الفائزة بالمركز الخامس في مسابقة مجلة دبي الثقافية لكن هذه الدراسات لم تناقش البناء الفني والفكري والذي أنجبها من واقع معقد التركيب وبالتالي يكون الإبداع معقداً أيضاً تتخذ الرواية من ماركيز عنواناً لشد القارئ وإدهاشه وبضعة أسطر في الصفحة الأولى كتبت بإسلوب ( غابريل ماركيز ) في مائة عام من العزلة وبعد هذه الأسطر تنقطع العلاقة بأدب ماركيز تماماً بالرغم من إبتلاع أسكندر أوراق رواية ( خريف البطريريك ) التي تحمل قصة خريف كل دكتاتور في العالم وتسمُم أسكندر من حبر وورق الرواية وموته الذي يرمز للنضال السري وعدم أفتضاح الخلية الأدبية لأن النضال بات ثقافياً أدبياً أكثر من كونه سياسياً محض وتتخذ الرواية طابعاً بوليسياً ولكن بدون محقق ، المحقق هو القارئ الذي يستميله الكاتب لفك شفرة الألغاز ، الكاتب في هذه الرواية يصمم على أشراك القارئ ليس تمعنا في الطلاسم الملغزة وإنما هو الراوي الثانوي لأن رواية لعنة ماركيز لها راويان ، الراوي الأول هو فائز الذي يكتبها على الكيبورد بطريقة ملغزة ، الحرف العربي يطبع بدلاً منه حرفاً باللغة الإنكليزية بدون أن يضغط على زري shift + ctrl... لهذا السبب تكتب بلغة مفهومة تنطلي على مختبرات النظام ويمكنه الأتصال بكل إنسان في العالم رغم المخابرات التي جعلت من البصرة محمية دواجن في التسعينات خاصة أما الراوي الثاني هو موظف البريد بعد أن يعثر على طريقة لفك شفرة الرموز ويعيد صياغة النص عامل البريد هذا من الممكن أنا أو أنت أيها القارئ لأن الكاتب يصمم على مشاركة القارئ في كتابة النص ويعلن عن نفسه إداري للرواة ، الكاتب مثقف حيادي موضوعي جعل الشخصيات تتحدث عن نفسها متخذاً أسلوب تعدد الأصوات وهي تلهث سادرة الوقائع دون أن تتوقف عند حدث ما قد يكون هذا التسارع عيباً في السرد لكنه يسهم في شد القارئ ويضفي الغرائبية العجائبية أو عدم التصديق والأقرار بما يحدث ، العجائبية هنا ليست عجائبية وغرائبية وسحرية أدب أمريكا اللاتينية الحديث الذي ينهل من سحرية التاريخ الميثيولوجي والطقوس المعاصرة والواقع المتناقض والغريب التعقيد الشبيه بواقع جنوب العراق عجائبية أعتمدت أسلوب التغريب الملحمي البرختي حيث تجعل الواقع المألوف غير مألوف ومحاولة إقناع القارئ بإن كل شيء قابل للحدوث في العراق والبصرة تحديداً ، الكل يموت في الرواية أو يصاب بالجنون ليس لعنة ماركيز أو لعنة الكتابة والثقافة السبب وأنما هو قدر البصريين في نضالهم ضد الدكتاتورية حتى مسعود لم يقتله نائل وأنما شارك بموته نحن القتلة الحقيقيون لأننا تركنا مثقفينا وآباءنا الروحيين يواجهون المصير بمفردهم نائل نفسه قتلت رجولته لأن النظام الشمولي ينظر للرجل على أنه ثور تناسلي وحطب حرب ولا ينظر للرجال بناة مستقبل أفضل للأبناء من أجل أن يكون مبدعاً بعد أن وجد ذاته وهويته ، الملاحظ أن ضياء الجبيلي طرق مضامين لم يطرقها الكتاب من قبل مثل التحول من رجل الى إمرأة كما إنه أول من أستخدم لغة الدردشة ( الجات ومصطلحاته مع علمي أن الكتابة السعودية رجاء الصانع في رواية بنات الرياض أستخدمت هذه اللغة ولكن ليس بهذا العمق أن جرأة ضياء الجبيلي في العديد من رواياته التي لم تنشر بعد تكمن في توظيفه مجريات أحداث تحدث كل يوم ولكن لم يجرؤ أي كاتب على توظيفها بسبب لا معقوليتها ، مجموعة من الشباب حاولوا كتابة رواية على طريقة بيت القصة الذي بناه ماركيز بهدف كتابة رواية جماعية مثلما أسس منتدى القصة في أتحاد أدباء البصرة وأشترك الجميع في كتابة نص بقعة زيت لكن فصول رواية الجبيلي تعرضت للضياع في البريد أثناء الغزو الأمريكي وكان الضياع يرمز لضياع الجهود في تغيير الواقع ولا غرابة أن يتصل نائل متخفياً بأسم سولاف ويعلن بأنه السارق والقاتل لأن كل مجرم وتحت تأنيب الضمير يكشف عن جريمته أو يترك أدلة للمحققين كما فعل راسكيلنكوف في الجريمة والعقاب لدوستويفسكي الغريب وحده واللامعقول في هذه الرواية أن يفضح الفصل الأخير كل الألغاز وقذف جهود القارئ وأستمالته على التفكير عرض الحائط وكذلك أن يقتل أنسان وهو يناضل من أجل أثبات أنوثته ورقته وهويته أنسان آخر مثل قتل نائل لمسعود ، ولكن يقولون أن لكل رواية منطقها الخاص بها وحدها ..
#سعيد_حاشوش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أدباء بصريون... قراءة في رواية - علي عباس خفيف - (عندما خرجت
...
-
أدباء بصريون .... محمد خضير بين التشيؤ والمثيولوجيا
-
مكنسة الجنة لمرتضى ﮔزار...رواية ذاتية التوالد
-
رصد مدفعي
-
مذكرات بائع جوال في إحدى صباحات الدولفين
-
اضغط على الزر واشعر بالقوة
-
صورتي الرائعة
-
الوجهاء
-
قوس قزح أبيض...قصة قصيرة
-
نحن الحطب بعد شتاء أكلتنا الأرضة
-
اليحامير
المزيد.....
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
-
تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال
...
-
جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تكرِّم المؤسسات الإع
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|