|
اهمية الاصلاح داخل الاحزاب و تاثيراته على الوضع العام في العراق
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2561 - 2009 / 2 / 18 - 04:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان الوضع الصحي الطبيعي لاي حزب يحتاج الى اصلاح بين فترة و اخرى بعد المتغيرات التي تطرا عليه نتيجة التطور و النمو في تركيبته، ان كان حيويا و يتماشى مع ما يتطلبه العصر ، و هو قابل للتقدم و التوسيع في امكانياته من كافة النواحي في سبيل تحقيق اهدافه العامة ، اما الاحزاب الخاملة الراكدة على حالة عالقة لوضع ثابت له دون تغيير يذكر ، تحتاج الى الاصلاح بشكل اعمق للبحث في تشخيص الخلل و المرض المؤثر على انعدام نموها الطبيعي . و في الحالتين ، الاصلاح ضروري و واجب التنفيذ ان كان الحزب يعمل وفق ما يهم مستقبل المجتمع و ليس من اجل حفنة مسيطرة على زمام الامور و لا تهمها الا ان تعتاش و تضمن حياتها الشخصية فقط . و الاصلاح كمبدا مهم للنمو و الفوز كما تخبرنا التجارب في التاريخ ، و يختلف الاهتمام به من منطقة لاخرى حسب ظروف وكيفية انبثاق الحزب و ولادته وسيرته و عمله التنظيمي و شعاراته و فلسفته . وكما نعلم ان مطقة الشرق الاوسط ضعيفة جدا من هذه الناحية، لانها تحوي احزابا ذات قيادات ابدية و ازلية مسيطرة ،و تجمع من حولها المستفيدين ولا يهمهم ما يحدث لاحزابهم ، وانما كل ما يهمهم هو بقاء ملذات العيش و السعادة على حساب الاخرين ، و هذا ما يؤثر بشكل مباشر على الوضع المعيشي العام للمجتمع ،و الاكثرية الساحقة منها تعتمد على السلطة و المال و المناصب لكسب المنتمين اليها دون الاستناد على المعتقدات و الفلسفات و المباديء الموجودة في مناهجهم الداخلية فقط ، والتي يتشدقون بها في ادبياتهم الحزبية ، و لذلك نرى ان اكثريتهم غارقة في الفساد و السلبيات مغطية على وجوههم ، و اهم نواقصهم هي عدم الاستناد على المباديء الديموقراطية . في الوقت الذي ينتقدون الدكتاتوريات و التخلف في الحكم و السلطة في احزاب اخرى و يركزون على الاصلاح و التغيير في ادعائاتهم، في حين انهم ليس لديهم تجربة تداول السلطة ،و لا مساواة في توفير الفرص للجميع المنتمين في تحقيق امانيهم و طموحاتهم و اهدافهم داخل احزابهم . و تعتمد اكثرية الاحزاب على الديموقراطية المركزية في الفعل و العمل على الرغم من ادعائاتهم الديموقراطية و الحرية و الانفتاح ، وهذا هو التضليل بعينه ، ان تطلب التغيير والاصلاح و انت بذاتك بعيد عن تنفيذه في حزبك و وسطك . من هذا الواقع الذي نعلمه ، فان الاصلاح يفرض نفسه انطلاقا من داخل الحزب و من ثم الانتقال الى السلطة و المجتمع بشكل طبيعي و سلس دون تشدد او فرض فوقي . ان اكثرية الاحزاب العراقية تعتمد على الايديولوجيا و العقيدة الدينية و القومية و المذهبية ، والاقلية منها علمانية ليبرالية قليلة الخبرة و التجربة ، ولذلك نعتقد بان الاصلاح صعب للغاية خلال هذه الفترة من الزمن و الوضع المعقد الذي يعيشه العراق سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا . و ان كان الهدف تعديل الوضع الداخلي للاحزاب و اصلاحه ، لابد من تكرار التجارب المفيدة من العمليات الديموقراطية و الانتخابات و عقد المؤتمرات و توفير الفرص امام الاجيال لتقلد الامور و الاهتمام بالاراء و المواقف الواقعية للاخرين ، و هذا ما يحتاج الى الية متعددة الاوجه فيما تخص كل حزب. و السؤال الذي يطرح نفسه هنا ، كيف لحزب لم يطبق هذه الافكار و الاليات ان يعتمدها بنفسه في تنفيذ واجباته ان لم تُفرض من خارجه . فان التجارب المتعددة للانتخابات العراقية العامة ،مع استفادتها لشعب بشكل عام ، الى جانب ذك لها تاثيراتها المباشرة على اوضاع الاحزاب الداخلية ايضا ،لان النتائج المختلفة تفرض على التركيبة الحزبية و القيادات من ان تقييم نفسها بذاتها لبيان نقاط ضعفها و تشخيص السلبيات المؤثرة على مواقع ثقلها ، و به، الاصلاح يفرض نفسه على اكثريتهم دون ان يعلموا و بشكل غير مباشر. و حتما يختلف كل حزب في طريقته على اعادة النظر في عمله الحزبي من حيث موقعه في السلطة و اطر تنظيماته و طبيعة النظام السياسي الذي يعمل و يصر من اجل تحقيقه، استنادا على جوهر مناهجه و ثقافته العامة التي يمكن ان تشابه ثقافة المجتمع، و الالية التي يتبعها ، و من ثم يجب ان يبين لنفسه كيفية اجراء الاصلاح و التغيير في تركيبته و ادارته و سلطته الداخلية بطريقته . و كلما تقدم في خطوات الاصلاح التي يمكن ان يتبعها ، يؤثر ذلك بشكل مباشر على كيفية تعامله مع السلطة و المجتمع بشكل عام من خلال التجديد في التكوين و التركيب الفكري التنظيمي ، و به يتغير المجتمع بتغيير الاحزاب و حدوث الاصلاحات في عملهم و اهدافهم و تلائمهم مع الواقع الجديد و العصر و ما تفرضه متطلبات النمو و الانتعاش ، و امكانية الفوز في الانتخابات و لتسنم السلطة و تحقيق الاهداف بشكل ديموقراطي سلمي. من المعلوم ان الاحزاب كافة ، ليس هناك فيهم من لا يدعي الديموقراطية في خطاباتهم و توجهاتهم ، و لذلك يمكن الدخول من هذا الباب من اجل ضمان حدوث الاصلاح الواجب فيهم و بخطوات متانية و مؤثرة في نفس الوقت، و اصعب الاصلاحات الوجبة تقع على عاتق القيادة و من ثم القاعدة لبناء العلاقات الديموقراطية الصحية بينها و بين القاعدة ، و من اجل اشتراكها في القرارات التي تخص الحزب بشكل عام ، و توفير الارضية المناسبة لها لتقييم كافة المؤسسات الحزبية و انتقاد ما يتحمل بشكل بناء ، واتباع سياسة و نشر اخلاقية احترام اراء الاقلية و المخالفين ، و عدم الغائهم . والعمل على نشر ثقافة تداول السلطة و اشتراك الجميع في المناصب الحزبية و المواقع الحساسة عن طريق اداء العملية الديموقراطية و الحوار و حق الترشيح و الانتخاب للجميع . و بهذه الخطوات الايجابية المفروضة ، و التي يتطلبها الوضع الراهن في العراق على جميع الاحزاب ، سوف نتلمس نتائجها في فترة قصيرة في الاحزاب بذاتهم و من ثم تنتقل الى المجتمع من الناحية السياسية الثقافية الاقتصادية و الاجتماعية ، و نخطوا الخطوة الاولى في الاصلاحات المنشودة ، و هيمن اهم المطالب و اهداف الجميع .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سيشهد اقليم كوردستان فوضا خلاقة و تغييرا جذريا
-
النهضة بحاجة الى العقلية التقدمية المنفتحة
-
كيف نسد الطريق امام محاولات تفريغ الديموقراطية من مضمونها
-
بعد انتخابات مجالس المحافظات.. الوضع العراقي الى اين ؟
-
استمرارية الاصلاحات دليل تطور و تقدم اي بلد
-
اوجه التغييرات المحتملة بعد انتخابات برلمان كوردستان المرتقب
...
-
اوجه التغييرات المحتملة بعد انتخابات برلمان اقليم كوردستان ا
...
-
الدور التركي بعد حرب غزة و تلاسنات دافوس
-
دور النقد البناء في بناء الاحترام المتبادل بين السلطة و المو
...
-
مكامن عمليات اعداد القرارات السياسية و امرارها في العراق
-
تعتمد التحالفات السياسية على ظروف المرحلة و الوضع السياسي ال
...
-
من هم المعارضة و ما هي واجباتهم ؟
-
اوضاع العراق بعد تنفيذ اجندة الادارة الامريكية الجديدة
-
الاليات المناسبة لمشاركة الشباب في اداء الواجبات العامة
-
الفضائيات وسيلة عصرية لتمدن الشعوب
-
المحافظة على سلامة عقلية الاجيال القادمة من واجبات المخلصين
...
-
تقديس القائد من الخصائص السلبية التي يتصف بها الشرق الاوسط
-
الديموقراطية الحقيقية لا تحتاج الى رموز لترسيخها
-
صراع الاحزاب بحرية و سلام تنافس مقبول لقطف ثمار الديموقراطية
...
-
صورية تركيب ومهام برلمان اقليم كوردستان
المزيد.....
-
ما الطريقة الصحيحة لاستخدام الشوكة والسكين أثناء تناول الطعا
...
-
مصر.. القوات البحرية تنقذ 3 سائحين بريطانيين بعد فقدانهم خلا
...
-
لماذا تريد أوكرانيا ضرب العمق الروسي باستخدام صواريخ غربية ب
...
-
فون دير لايين تكشف عن أعضاء المفوضية الأوروبية الجديدة
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لقتلى قوات كييف في كورسك
-
المجر تكشف كيف تحمي مصر أوروبا
-
الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 3 عناصر في -حزب الله- (فيديو)
-
-حماس- تدين بأشد العبارات قصف إسرائيل لمربع سكني مكتظ شرق مخ
...
-
بفيديوهات جنسية.. ضجة في العراق وتحرك أمني إثر ابتزاز شبكات
...
-
روسيا.. إطلاق أقمار صناعية للأغراض العسكرية
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|