|
أقسى وأطول حصار عرفه التاريخ ولم يغطه الإعلام العربي أو الغربي ولو مرة واحدة!
وجيهة الحويدر
الحوار المتمدن-العدد: 2551 - 2009 / 2 / 8 - 10:04
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
1 ثمة الملايين من السعوديات اللواتي يقبعن تحت حصار محكم من جميع الجهات والمنافذ ولعقود طويلة. العالم كله يسلط الضوء على حصار غزة الجريحة، وبعض المحطات العربية السعودية لا تتوقف عن ذكره، وتوفير بث مباشر لأربع وعشرين ساعة عن تلك المنطقة المحاصرة البائسة، بينما لا توجد محطة فضائية واحدة او محطة تلفزيونية من دول العالم الحر اهتمت ولو لمرة لكشف حصار غير معلن، شديد القبضة وبشع النزعة مسلط منذ سنين مديدة على النساء السعوديات.
هذه عينات من قصص حقيقية تصلنا كل يوم بالعشرات لنساء مضطهدات. معاناتهن ليست من نسج الخيال العلمي، وليست من حكايات الف ليلة وليلة، هؤلاء النسوة مازلن موجدات تحت حصار معتم وقاهر يمارس عليهن شتى انواع القهر والاستعباد اما بسيف الدين، او بسلاح العادات والتقاليد، او بمشنقة الخصوصية السعودية:
الحالة الأولى
- أرملة عمرها 22 سنة ام لأربعة أولاد يتيمة الأب ليس لديها أخوة ذكور، والقانون السعودي لا يعطيها الحق أن تكون مسئولة عن نفسها و أبنائها. أتى رجل من أقصى طرف في القبيلة، ليضمها إلى قطيع النساء اللواتي تحت عهدته. أرغمت على الزواج منه ليصبح ولي أمرها. وعد ان يدفع مهر كبير لها لكي توافق على الزواج منه. لم يدفع حتى ربع المهر، لانه كانت لديه خطة مبيتة. تزوجها صار يأتي ويغتصبها ويعاملها بمنتهى السوء ويتركها، ليعود "لحريمه" المكدسات في وكره. بعد مرور شهر على تعذيبها طرح عليها انه سيطلقها اذا وافقت ان تدفع له المهر الذي لم تحصل عليه، والذي يصل الى سبعين الف ريال. الاشكالية هي ليس في ظلم هذا الرجل المتوحش وانما في ظلم القانون لها. تلك الشابة النحيلة تعيش في قرية مقطوعة تماما، لا توجد فيها مواصلات ولا حتى سيارات اجرة، ولا تستطيع أن تطلب من أحد رجال القرية ان يوصلها الى حيث تريد بسيارته، وطبعا لا يسمح لها بقيادة سيارة. لا توجد اي وسيلة تنقل تستطيع فيها هذه الارملة المسكينة ان تذهب الى المحكمة لتحكي قصتها للقاضي لعلى وعسى يرفع الظلم عنها. هي امرأة محاصرة تماما من جميع المنافذ. لو كانت هذه المرأة واقعة تحت حصار غزة لأهتم العالم بقضيتها، لكنها امرأة سعودية لا قيمة لها في بلدها، فبتالي لا قيمة لها لدى الآخرين، حتى لو كانت ترزح تحت أقسى وأطول حصار صامت عرفه التاريخ ولم يغطيه الاعلام العربي او الغربي ولو لمرة واحدة!
الحالة الثانية
معلمة عمرها 28 عاما يتيمة الام والاب. بالرغم انه بإمكانها ان تعيل نفسها وتعيش في مسكن بمفردها، لكن القانون والخصوصية والعادات لا تسمح لها بذلك. اُجبرت هذه المرأة على العيش مع احدى اخوانها. صار يقوم على اذلالها كونها لم تتزوج وينعتها بالعانس المنبوذة، يضربها بالحذاء على رأسها كي يشعرها بالاهانة. صار يستولي على كل قرش تجنيه ويعاملها كالأمة. فقط لأن القانون فرضه وليا عليها، ولنفس الاسباب المذكورة في الحالة الاولى هذه المرأة المستضعفة تعيش في منطقة نائية وتحت حصار فرضته الدولة عليها. لا توجد اي وسيلة تستطيع فيها هذه المسكينة ان تقتنيها لتذهب الى المحكمة، لتحكي قصتها للقاضي لعلى وعسى يرفع الظلم عنها. لو كانت هذه المرأة واقعة تحت حصار غزة لأهتم العالم بقضيتها، لكنها امرأة سعودية لا قيمة لها في بلدها فبتالي لا قيمة لها لدى الآخرين، حتى لو كانت ترزح تحت أقسى وأطول حصار صامت عرفه التاريخ ولم يغطيه الإعلام العربي ولا الغربي ولو لمرة واحدة!
الحالة الثالثة
امرأة يتيمة لديها اخوة غير اشقاء، طالبتهم بحقها بالإرث وحصلت عليه بقرار من المحكمة. بعدها قاموا اخوانها بمحاصرتها وشنوا عليها حملة عدائية لانها اخذت ارثها. الآن هذه المرأة لا تستطيع ان تتحرك ابدا من القرية التي تعيش فيها. قطعوا عنها كل سبل الحياة ، وهددوا رجال القرية بأن لا يقوموا بتوفير مواصلات لها، ومن يفعل يعرض نفسه للاعتداء. لا احد يزورها ولا حتى يلقي السلام عليها خشية من اخوانها. في تلك القرية لم توفر الدولة اي وسيلة للمواصلات، وهي لا تستطيع ان تقود سيارة بسبب الحظر المفروض بالقانون على النساء السعوديات. بالكاد تتمكن من توفير قوتها. لا توجد اي طريقة تستطيع فيها هذه المسكينة ان تستخدمها لكي تتخلص من السجن الذي فُرض عليها. لو كانت هذه المرأة واقعة تحت حصار غزة لأهتم العالم بقضيتها، لكنها امرأة سعودية لا قيمة لها في بلدها، فبتالي لا قيمة لها لدى الآخرين، حتى لو كانت ترزح تحت أقسى وأطول حصار صامت عرفه التاريخ ولم يغطيه الإعلام العربي ولا الغربي ولو لمرة واحدة!
الحالة الرابعة
امرأة معلمة بالغة تمتلك جميع المقومات التي تؤهلها لتعيش بمفردها بدون الحاجة لأحد. لكن ذلك امر لا يقره القانون ولا تسمح به العادات والتقاليد، لذلك الآن تعيش مضطرة مع والدها الجشع الذي يستولي على نصف راتبها بالاجبار، لكن ذلك لم يكفيه ، اراد ان تسلمه كل شيء مع انه غير محتاج ماديا. رفضت ان ترضخ لطلبه فقرر ان يحرمها من المواصلات وهدد السائق الذي اتفقت معه ورفيقاتها في العمل ان اتى لأبنته سيتهمه بخلوة غير شرعية، وبالتأكيد القضاء سيكون في صفه. لم تتمكن هذه المرأة المحاصرة من حل اشكالية المواصلات وطبعا القانون يمنعها ان تقود سيارتها.
اخذت اجازة بدون راتب، فحاصرها والدها وضيق الخناق عليها اكثر، وصار يسيء معاملتها، لانها قررت ان تحارب من اجل حقها. لا توجد اي طريقة تستطيع فيها هذه المسكينة ان تقتنيها لكي تهرب من معتقل والدها. لو كانت هذه المرأة واقعة تحت حصار غزة لأهتم العالم بقضيتها، لكنها امرأة سعودية لا قيمة لها في بلدها، فبتالي لا قيمة لها لدى الآخرين، حتى لو كانت ترزح تحت أقسى وأطول حصار صامت عرفه التاريخ ولم يغطيه الاعلام العربي ولا الغربي ولو لمرة واحدة!
الحالة الخامسة
ام ارملة تلاقي ابشع صور التعذيب النفسي والعنف اللفظي من ابنها الذي اعطاه القانون الحق ان يكون ولي امرها. اخذ كل ما تملك واخرجها من البيت الذي كانت تسكن فيه واستحوذ عليه واجبرها على العيش معه. هذه الام البسيطة الامية لن تتمكن من ان تجد طريقا للذهاب للمحكمة لانها تعيش في منطقة نائية، لا توجد أي وسيلة للمواصلات، ورجال القرية لن يساعدوها لأن ابنها سيكون بالمرصاد لهم، والقانون لا يحميها. ام تعاني من سوء معاملة ابنها العاق، ومحاصرة من جميع المنافذ. القانون سلط عليها الذكر كي يكون سجانا لها. لو كانت هذه المرأة واقعة تحت حصار غزة لأهتم العالم بقضيتها، لكنها امرأة سعودية لا قيمة لها في بلدها فبتالي لا قيمة لها لدى الآخرين، حتى لو انها كانت ترزح تحت أقسى وأطول حصار صامت عرفه التاريخ ولم يغطيه الاعلام العربي ولا الغربي ولو لمرة واحدة!
هذه عينات للكثير من النساء السعوديات معظمنا نعرفهن او التقينا بإحداهن، لكن لم نتمكن من مساعدتهن بسبب غياب القانون. من سنوا قانون المحرم وحرموا المرأة الراشدة من الوصاية على نفسها يتحملون مسؤولية ظلمهن، لأنهم أعطوا سلطة مطلقة للذكور لكي يتحكموا بهن ويلعبوا بمصائرهن.
هذا الظلم مقنن وتربى الناس على سماعه ورؤيته وغض الطرف عنه. المسئولين المعنيين بالشؤون الاجتماعية والقضائية بإمكانهم رفع هذا القهر عن المرأة السعودية بجرة قلم، لكن ضمائرهم في قوالب مثلجة، ربما لانه لم تُـظلم لهم أم او اخت أو ابنة أو حفيدة. حتى تحيى تلك الضمائر المجمدة، هذا الحصار الجائر على النساء السعوديات سيظل قائماً ومسكوتا عنه الى اجل غير مسمى.
#وجيهة_الحويدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلام... شالوم...
-
هل هو حملُ كاذب آخر أم ان السعوديين موعودون بعهد حقوقي جديد
...
-
هل هو حملُ كاذب آخر أم ان السعوديين موعودون بعهد حقوقي جديد
...
-
-ما أوسخنا ونُكابر-
-
في 6 نوفمبر ... هذه المرة تحية لهؤلاء الرجال السعوديين الرائ
...
-
هو وسفرائها!
-
اذا الغربيات قادرات على رفع اصواتهن لكن لبعضهن البعض!
-
لو كان التعدد شريعة إلهية لأعطي للنساء!
-
انهم يعدمون الاطفال!
-
النور محبة!
-
اين لي بوطن في هذا الشرق؟؟
-
فكأنما احيا الناس جميعاً!
-
الوصايا العربية العشر
-
وماذا عن الظلم الواقع على الرجل السعودي؟؟
-
استغفلونا ونحن صغارُ..(2)
-
المرأة السعودية و-مأساة ابليس-!
-
استغفلونا ونحن صغارٌ...(1)
-
رثاء لضحايا الصين وبورما
-
-رجولة- مأزومة في عالم يتجه لفضاء -انثوي- رحب!
-
حياة الحيوانات اكثر أهمية من حياة نساء الشرق الأوسط الكبير
المزيد.....
-
إيران: البرلمان يطلب تعديل مشروع قانون مثير للجدل يشدد العقو
...
-
-لسا بدنا حرية-.. يارا صبري بعد تصريح مثير للجدل حول وضع الم
...
-
إعدام رجل اعتدى بآلة حادة على نحو 60 امرأة في إيران
-
للنساء فقط.. تجهيز فني أثار الجدل ينتصر لتجارب النساء عبر ال
...
-
خوارزميّات توظيف لا ترى النّساء
-
للرجال فقط.. تحرش وتهديدات بالقتل تلاحق لاعبات كرة القدم بال
...
-
وصول امرأة لمشفى العودة اصيبت بنيران آليات الاحتلال قرب مدخل
...
-
وكالة التشغيل تحسم الجدل وتوضح الحقيقة: زيادة منحة المرأة ال
...
-
هيئة تحرير الشام.. قوة أمر واقع تهدد مكتسبات النساء السياسية
...
-
بيدرسون: يجب ان تكون المرأة السورية جزءا من العملية الانتقال
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|