أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - المثقف المخملي .. وأولاد الشوارع















المزيد.....

المثقف المخملي .. وأولاد الشوارع


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2515 - 2009 / 1 / 3 - 07:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منتظر الزيدي ـ يا سادة ـ في أيدي جلاوزة التعذيب! بدأت حفلة تعذيبه أمام أعين العالم كله، وفي حضرة الطاغية الأكبر الذي جاء، لا ليقدم اعتذاره ويطلب العفو من العراقيين عما ارتكبه في حقهم من جرائم حرب، وإنما ليواصل أكاذيبه باعتباره متعهد توصيل الديمقراطية للشعوب بنظام "هوم دليفري"!. منذ اللحظة الأولى لموقعة الحذاء الذي وضع أفضل نهاية ـ والتعبير ليس من عندي وإنما هو مانشيت صحيفة واشنطن بوست ـ لحكم أسوأ رئيس حكم الولايات المتحدة، ذلك الذي قالت عنه والدته بنفسها إنه أغبى أبنائها!.
وتعذيب "الزيدي" بدأ على مرأى من العالم ـ وأمام راعي الحريات ـ وسمعنا صوت صرخاته قبل أن يصدر الأمر "أغلقوا الكاميرات"!. وانقطعت الصورة، لكننا نعرف ماذا كان يجري في تلك الأثناء لمواطن، عبر في لحظة شجاعة رائعة عن غضبه ـ وغضبنا ـ مما عاناه شعبه على مدى خمس سنوات من احتلال دمر بنيته الأساسية، ودمر قبلها كرامة أبناء الرافدين الذين تعرضوا للمهانة والتعذيب والاغتصاب ـ رجالا ونساء ـ في "أبو غريب"، ونهب ثروات بلاده لتوزيعها على عدد من الشركات الأمريكية، وخرب متحف بغداد لسلب أدلة تاريخية مطلوب طمسها لتزييف التاريخ تمهيدا لسرقة المستقبل.
وبينما كان يفترض من حملة الأقلام مساندة زميل يتعرض للقهر بسبب تعبيره عن رأيه، والمطالبة بالإفراج عنه احتراما لحرية التعبير، أو على الأقل التنديد بتعذيبه والمطالبة بضمان محاكمة عادلة ونزيهة . إذا بالبعض ينبري لتسفيه وتسخيف موقف "منتظر"، الذي اعتبرته صحف أمريكية وغربية موقفا مبررا، بل ووصفته بعض هذه الصحف بالبطل، ونشرت عشرات المقالات ورسوم الكاريكاتير المساندة له. جاء موقف بعض "الزملاء" المستغرب، كما لو كانوا يطالبون بالثأر لكرامة القاتل الذي لم يجد ابن القتلى ما يواجهه به سوى "الحذاء".. ولا أجد ما أصف به موقف الزملاء سوى أنه موقف مخيب للآمال "وما يصحش"!.
وكانت حجج المنددين بموقف منتظر غاية في الغرابة، فهم تارة يركزون على حسن وفادة "ضيف" جاء إلى بلاده في حضرة حكامها، متناسين أن بوش لم يكن ضيفا، وإنما القائد الأعلى للقوات التي تحتل أرض "منتظر" وتولج في دماء أهله وأعراضهم. وهو لم يأت بدعوة استضافة، وإنما وصل فجأة وبدون استئذان كأي محتل يدخل وقتما شاء البلد التي اغتصبها. وتارة أخرى يقولون أن "منتظر" لم يتصرف كصحفي يراعي آداب مهنته، وكان يمكنه أن يوجه ما يشاء من أسئلة يعبر بها عن رأيه أمام الرئيس الأمريكي! وهم يعلمون جيدا أن الفتى لم يكن يتصرف بدافع مهنته، وإنما بدافع كرامته الوطنية المهدرة ـ وهو نفسه كان ضحية عملية طف بسبب معرضته للاحتلال ـ كما يعلمون ما يحدث في المؤتمرات الصحفية من تجاهل لأسئلة لا تأتي على هوى الضيف أو المضيف.
وهنا اسأل كل من هؤلاء ماذا كنت لتفعل لو وجدت نفسك وجها لوجه، في فرصة نادرة، أمام الشخص الذي اغتصب أختك وانتهك عرض أمك وسحل أبيك وقتل إخوتك ونهب بيتك، وهو يقف وسط وحراسه؟ هل كنت لتناقشه بأدب فيما ارتكبه من جرائم؟ أنا شخصيا لو كنت في هذا الموقف، ربما لم أكن لأمتلك المرونة العضلية الكافية لإلقاء حذائي بسرعة، لكنني على الأقل كنت سأبصق على وجهه وليكن ما يكون، حتى لو كان هذا آخر عمل أقوم به في حياتي. رغم يقيني أن "البصق" في وجوه الناس ليس فعلا حضاريا، ورغم أنه ليس من طبعي في العادة أن أبصق في وجوه البشر.
هؤلاء "المتحضرون" تهربوا من إجابة سؤال رددناه كثيرا: لماذا لم تدينوا ضرب صورة وتمثال صدام بالأحذية، ورأيتموه تعبيرا عن رأي الشعب العراقي؟ ولماذا لم تروا ما فعله منتظر، واحتفال الملايين في العالم به، تعبيرا عن رأي العراقيين ـ وشعوب أخرى ـ في الاحتلال وفي رئيس كذاب، جر جيش بلاده للتورط في حرب "قتل فيها الآلاف من أبناء الأمريكيين كما قتل أكثر من مليون عراقي لمجرد أن تمتلئ جيوبه وجيوب شركائه بأموال البترول" على حد تعبير أحد النشطاء الأمريكيين المعارضين لاحتلال العراق؟
ولعل أسخف ما قيل في هذا الشأن، هو أن منتظر لم يكن ليجرؤ على مافعله في ظل صدام، أو أمام أي رئيس عربي؛ ولا شك أننا جميعا نعرف أن فعلا كهذا في أي دولة من دولنا المنكوبة بالاستبداد لا بد أن يقع في خانة العمليات الانتحارية ـ أو الاستشهادية حسب موقفك منها ـ لكن أيا من حكامنا لم يسبق له أن ادعى أنه حامل لواء الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، أو أن بلاده راعي الحريات في الكون. وإذا كان الأمر كذلك و"أحمد زي الحاج أحمد| كما يقول أولاد البلد عندنا في مصر، فلو كانت واقعة الحذاء حدثت أمام صدام لكان مصيره التعذيب قبل القتل لمعرفة من يقف وراءه، أما أمام بوش فقد بدأ التعذيب فورا ولم يحدث سوى أن أمر الأمن بإغلاق الكاميرات؟ فما الذي تغير في عصر الديمقراطية "هوم دليفري"؟ الفتى بدأ تعذيبه من أول لحظة بلا حقوق إنسان ولا يحزنون.
والمضحك، أن آلة الدعاية الأمريكية تحركت فور الحدث لتمرير نظرية تقول إن حادثة الحذاء لم تؤثر على الرئيس بوش لأن الرمي بالحذاء ليس له نفس المغزى ـ الذي نعرفه عندنا ـ في الثقافة الأمريكية! وانبرت أقلام تردد هذه النكتة السمجة، رغم أن تداعيات ما حدث في الصحف الأمريكية والغربية الكبرى، وما شاهدناه في برامج تليفزيونية أمريكية يؤكد أن رسالة "منتظر" وصلت بحذافيرها لمن يهمه الأمر، وطبعت علامة على حكم بوش لن ينساها الرئيس المنصرف نفسه، ولن ينساها المارينز أبواق بوش في الصحافة العربية، كما لن تنساها الجماهير التي ذاقت الفرحة في لحظة مسروقة من زمن الأحزان.
وعلى ذكر الجماهير، كيف لمثقف يزعم انشغاله بالهم العام أن يتعالى على "ناسه" بهذا القدر الذي يجعله لا يحسب لمشاعرهم حسابا؟ وكيف ينتظر منهم أن يتقبلوه طليعة لهم وهو يتعامل معهم بهذه العنجهية التي ترى في فرحهم التلقائي تعاطيا لمخدرات؟ إن مثقفا يتعامل مع شعبه بهذا القدر من العنجهية، كما لو أنه شعب من رعاع وأولاد شوارع، ومن يتجاوب مع أحاسيسهم ليس سوى مروجا للمخدرات، لا يحق له أن يتحدث باسم هذا الشعب؛ وعليه أن يظل قابعا في برجه العاجي يناجي خيالاته، حتى يقيض الله شعبا مخمليا ـ على شاكلته ـ يتسم بالتهذيب ويراعي آداب السلوك في مواجهة مغتصبيه.

ولمنتظر، وأيضا لكل مثقف مخملي، أهدي كلمات "المتحضر" محمود درويش:
"الله أكـبــر.. هـذه آياتنا ، فأقرأ.
.باســم الفـــــدائي الذي خلق.. من جزمة أُفـُقا
....
ســــقط القناع عن القناع عن القناع"







#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الباشا-.. عريس
- سلمت يمينك يا فتى!
- سلمت يمينك يافتى!
- الفتى -الحي-.. وتجفيف المنابع!
- ألف رحمة ونور!
- بص.. شوف العصفورة!
- أعذر من أنذر!
- ارفع رأسك .. أنت سعودي!
- -كرسي في الكلوب-.. أو،عندما ينقلب السحر على الساحر
- الطفلة التي فضحتهم!
- -بهية- هذا الزمان!
- الدكتور محمد.. وأصحاب المولد!
- أزهي عصور الفساد
- متلازمة -الغباء المصاحب للكرسي-
- مولد.. وصاحبه غايب
- متى يعلنون الحداد العام؟
- كرامتنا.. يا أصحاب الكرامات
- دعوها تشربه!
- فقع المرارة.. في ثقافة ركوب العبارة
- إنهم يسرقون التاريخ


المزيد.....




- الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
- من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل ...
- التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي ...
- هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
- مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
- إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام ...
- الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية ...
- الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - المثقف المخملي .. وأولاد الشوارع