أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العرباوي - - شاهدة على يدي - لعلي العلوي : عودة الألم والمنفى والاغتراب :















المزيد.....

- شاهدة على يدي - لعلي العلوي : عودة الألم والمنفى والاغتراب :


عزيز العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 2425 - 2008 / 10 / 5 - 09:30
المحور: الادب والفن
    



يواصل الشاعر المغربي علي العلوي تألقه الشعري بإصدار ديوانه الثاني الذي وسمه تحت عنوان " شاهدة على يدي " ، فبعد ديوانه الأول " أول المنفى " الذي استطاع من خلاله أن يخرج بعصارة فكره وثقافته وقراءاته المختلفة واهتماماته الأدبية المتنوعة ، وصال نسج خيوط الشعر المتميز الذي يغري بالقراءة والتذوق . ففيهما معاً نجد أن الشاعر يكتب ضمن رؤيا شعرية موحدة مفعمة بالألم والمنفى والاغتراب ، رغم انطوائها على مضامين مختلفة أخرى . هذه الرؤيا تعبر عن تجربة شعرية مكتملة ومتكاملة قادرة على جعل القاريء لها يخرج بفكرة مفادها أنه يقرأ لشاعر لا يحيد عن الفكرة التي يكتب عنها ومن أجلها فحق علينا أن نقول بأن الشاعر علي العلوي شاعر وفيٌ لقضيته وفكرته التي يكتب فيها .

هذه الوحدة الفكرية التي نجدها في شعر علي العلوي تجسد ذاته الإنسانية والعربية بالذات ، فأول قصيدة نقرأها في ديوانه الجديد نحس بهذه الوحدة حيث العروبة والانتماء القومي الواضح على كتاباته مستحضراً قضية العراق وحال الناس في هذا البلد ، ومسقطاً واقع العراق على ذاته وشخصيته ، فالعراق ملتبس وشاق ومنسي بشكل لا يطاق والزمن مازال يدور لينجب لنا واقعاً عربياً غارقاً في الدماء والإهانات والمشاكل كالطائر الذي يشدو بأوتار الفراق وكالعروس التي فقدت عرائسها على أرض العراق .

يستحضر الشاعر الكثير من الصور الواقعية والأحداث التي تميز واقعاً شاقاً يقضي على حلم الوحدة والتكتل وعلى إرادة التميز وفرض الذات . وتصل هذه الوحدة الفكرية عند الشاعر إلى ما يشبه اليقين ، لنجد أن إيمانه بالثورة على الواقع المعاش وعلى هذه الغربة التي يعيشها الإنسان العربي في وطنه وفي بيته وفي عالمه الشخصي ، وتعيد له دوره في الوجود والحضارة والتاريخ والتأثير والتأثر . فرمز الاغتراب الذي ينطوي على أفكار وحالات معيشية وثقافة دفينة لا يمكن له أن يذهب أدراج الرياح في واقع يكرسه أكثر ويطالب بغرسه كثقافة في عقلية الإنسان العربي عموما . وقد استحق علي العلوي لما جسدته قصائد ديوانيه الأول والثاني معاً من فكرة الاغتراب والمنفى لقب شاعر " الاغتراب الداخلي " ، أي أنه يحس بالغربة والمنفى داخل وطنه وبين أهله .

إن ما بدا في لحظة من زمان ولى ليس بالبعيد أنه نهضة وثورة كان وهماً وحلماً غير قابل للتحقق ، كان ضياعاً في البحث عن غايات مستحيلة التحقيق وعن أهداف لا يقدر على تحقيقها إلا الرجال العظام . هذه الأوهام نجدها واضحة في الكثير من قصائد ديوانه " شاهدة على يدي " ، إذ يصور لنا الشاعر سيطرة التناقضات على العديد من العقليات في عالمنا حيث الأسماء ليست هي نفس الأسماء وحيث الشمس لا يمكنها أن تكون في أوج لحظتها الحميمية بكل ذلك العنفوان الذي خلقت به وفيه . وعلى ذكر الشمس فهي عنده مجرد كائن تسيطر عليه قوة عظمى تسيره وفق إرادتها ، وهي عنده لا يمكنها أن تمنحه ما يريد أو تساعده على تحقيق مآاربه :
لا شيء يذكرني عند طلوعِ الشمسِ
لا شيءَ يذكرني بجروحِ الهمسِ ،
وحدي أدخلُ لحدي
وأجددُ أسرارَ الأمسِ . ( ص 35 ) .

لقد بنى الشاعر علي العلوي في ديوانه الجديد شاعريته على بساطة المعنى ومباشرته في الأعم الأغلب ، مع لمحات توحي بالقدرة على استحضار صور شعرية صعبة الإدراك . غير أنه يبقى للشاعر الحظوة في أن يركب الصعب للوصول إلى السهل ، فأن يكتب الشاعر بلغة بسيطة وبمعجم جميل ومفهوم ويصل إلى الإمتاع والإبداع فهو في حد ذاته تفوق أدبي .

فالمتكأ في قصيدة الشاعر هو استحضار الكثير من الألفاظ المفعمة بخلق معجم شعري قوي ك : الشمس ، الأرض ، السماء ، المساء ، الغربة ، الاغتراب ، الحنين ، الحب ، .... مع محاولة استحضار النقد والواقع المعاش والحياة ومتطلباتها ومتعلقاتها . ولذلك فهذه الألفاظ تأتي بما تأتي به في توظيفها شعريا لتصل إلى فكر شاعر قادر على توظيفها جمالياً وإبداعياً .

يتكيء الشاعر أيضا على لفظ الخوف والرهبة من شيء غامض . فالخوف مأساة لمن اتصف به . هذه المأساة عبر عنها في قصيدة " شمس الغروب " تعبيراً جميلاً . جعل قارئه يتذوق شعراً راقياً من خلال الصور المستعملة في هذه القصيدة الجميلة :
مرةً أخرى
رآهُ خائفاً من صمتهِ
خائفاً من صوتهِ
خائفاً من نسمةِ الريحِ
ومن قيظِ السهوبْ .
مرةً أخرى
رأيتُ النارَ في أحشائهِ
والدمَ في مقلتهِ ،
ثمٌ رأيتُ البابَ تطويهِ الدروبْ .
مرةً أخرى
تجلتْ في مدى عينيهِ
ألوانُ الغروبْ . ( ص . 9 و 10 ) .

لو تمعنا كثيراً في هذا البناء الإيقاعي في القصيدة ، أمكن لنا القول بأن الشعر عند علي العلوي قد طبع بموسيقى راقية وجميلة تحبب قراءة الشعر وتقربه من القاريء أكثر . إن هذا التوجه الشعري عند الشاعر أشبه في قربه من الحياة والواقع بقري شعر شعراء العرب القدامى من قضايا قبائلهم وأهاليهم .

تعتمد القصيدة عند علي العلوي على القوافي لتنتظم وتسجل الموقف والرؤية والفكرة . فهي مثال لجاذبية التناسب الصوتي الغيقاعي ولذلك نجد عند قراءة شعر العلوي أن قصيدته مبنية بناءً محكماً لا يمكن الخروج عن الفكرة المراد إيصالها . :
في لحظةٍ أو لحظتينِ
سينتهي وقتُ العبورْ .
وحينها ستعودُ اسرابُ الطيورْ .
............؟
فتزيني يا طفلتي بثيابكِ السوداءْ .
وانتظري المساء
ورتبي الأسماءْ ،
إن طريقنا نارٌ ... فنورْ . ( ص . 23 ) .

وفي قصيدة " شاهدة على يدي " والتي أخذت عنوان الديوان نجد الشاعر لا يستطيع أن يبعد عن نفسه الإحساس بالاغتراب والألم . فغصت القصيدة بألفاظ الألم والضعف والانتظار والترقب والتذكر والرغبة من قبيل : صورته ، عزلتي ، صوته ، يذكرني ، حلم زائل ، فحيح جرح ، موت صموت ، ....وغيرها من الألفاظ التي تعهد معجماً يفيد الألم والاغتراب والضعف :
مازلتُ أسمعُ صوتهُ
ولهيبُ صورتهِ
يمزقُ عزلتي
ويحطٌ فوقَ ربابتي
وعلى شراييني يطوفْ . ( ص . 89 ) .

يتذكر الشاعر أخاه وما وقع له ويستحضر صورته وصوته الذي يمزق عزلته وقلبه ويدفعه إلى الإحساس بالمرارة ولوعة الفراق وعضة الغياب والوداع .

بيني وبين الموجِ أسئلةٌ مؤجلةٌ
وحلمٌ زائلٌ
وفحيحُ جرحٍ لاحَ من فوقِ السقوفْ .
بيني وبينكَ يا أخي
موتٌ صموتْ ....( ص . 90 ) .

هو الموت إذا ما حضر يأكل كل شيء جميل ومحبب إلى القلب ويترك المرء في الضياع والوحدة والألم .
لقد امتلك الشاعر رؤية شعرية زعزها الواقع في وجدانه وبقيت محفورة في عقله الذي يساعده على إخراجها شعراً راقياً استطاع من خلاله وضع قدمه بين كبار شعراء العرب الذين أبدعوا وكتبوا وتركوا لنا إرثاً أدبياً محترماً . وبذلك يحق للشاعر علي العلوي بعد ديوانه الثاني أن يفتخر بشاعريته المتميزة التي منحته التواجد الأدبي والشعري عموماً .

عزيز العرباوي
كاتب مغربي
[email protected]



#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتح وحماس : النهاية الحتمية :
- عندما ينتصر المسلمون ثقافيا :
- أشباه المثقفين وزمن الفن الرديء :
- العدالة والتنمية في أولى خطوات التغيير :
- استقالة المثقف أم غفلة منه فقط ؟
- الاتحاد من أجل المتوسط وقضايانا العربية
- المجلس الاستشاري لحقوق الانسان والصحافة المستقلة :
- الاتحاد الاشتراكي من النضال إلى المداهنة
- الزواج الالكتروني عند المغاربة وغيرهم :
- جديد إعلامنا - أفلام . تي . في . متقدرش تفتح عينيك - :
- التطور الثقافي ووسائله :
- الدغرني واحترام العمل السياسي :
- االشعر و - الشعرية - والشعير :
- - سامي الحاج - وأكاذيب أمريكا : عزيز العرباوي :
- الدولة والمجتمع وثقافة العنف :
- المنع يطال الجزيرة في الرباط :
- لماذا هذا الصمت تجاه العراق ؟
- نائب برلماني من حزب العدالة والتنمية يصف موقف وزير الاتصال ب ...
- المحرقة مسؤولية من ؟ :
- التعليم والديمقراطية المغربية :


المزيد.....




- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
- فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
- بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي ...
- فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
- الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب ...
- ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في ...
- توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
- من -سقط الزند- إلى -اللزوميات-.. أبو العلاء المعري فيلسوف ال ...
- “احــداث قوية” مسلسل صلاح الدين الجزء الثاني الحلقات كاملة م ...
- فيلم -ثلاثة عمالقة- يتصدر إيرادات شباك التذاكر الروسي


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العرباوي - - شاهدة على يدي - لعلي العلوي : عودة الألم والمنفى والاغتراب :