|
إلى الذين يريدون تقييد -الصحافة العراقية-.
سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر
(Sohel Bahjat)
الحوار المتمدن-العدد: 2288 - 2008 / 5 / 21 - 10:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في بلد يحبو نحو الديمقراطية ـ كالعراق ـ لا بد لمحبّي الحرية من الانتباه و الحذر تجاه السلطة و صناع القوانين و القرارات، و كذلك هو الأمر فيما يتعلق بالقانون الذي يدعي البعض أنه سيأتي لحماية "حقوق الصحفيين" بينما هو في الواقع قانون صاغته أيدٍ تعمل لصالح رجالات الحكومة، و كما نعلم فإن الحكومة مهما كانت تمثل الشعب و تمتلك شرعيتها التي اكتسبتها عبر "الانتخاب"، إلا أن الحكومة و في كل البلدان، حتى تلك الديمقراطية و اللبرالية فكيف ببلداننا العربية و الإسلامية!! فكل حكومة تسعى إلى الحد من حرية الصحافة و رأينا وزير خارجية "قطر" و عبر قناة الجزيرة التي تروج للقاعدة، رأيناه كيف يحثّ اللبنانيين على التقليل من حرية الصحافة بحجة أنها تسبب "الفتنة". مرة أخرى رأينا مجلسا عراقيا ـ حزبا ـ يصنع من نفسه وكيلا و ناطقا باسم مرجعية آية الله السيستاني ـ كان أحدهم قد أساء الأدب تجاه المرجعية عبر قناة الجزيرة ـ و مردّ الاعتراض على ذلك الحزب الذي أخرج المظاهرات المنددة هو أنه لم يفعل ذلك لوجه الله بل لأغراض دعائية و نضيف أيضا أن السيد السيستاني و بضخامة مركزه الديني ـ و هو مؤمن بحرية الكلمة ـ لم يلق بالا إلى ذلك الشخص الذي تكلم عبر الجزيرة، لكن أحزابنا و للأسف تريد خلق "ثقافة الرموز" و احترام "الرمز" في تقليد قبيح لا يقل قبحا عن منهج البعث المجرم و إعلامه الذي كان يريد من الشعب أن يكون نعجة جاهزة للذبح في سبيل الطاغية. من هنا كان لزاما علينا و نحن في بلد مليء بأحزاب ـ القادة المناضلين ـ و المدافعين عن أمجادهم الشخصية و العائلية و وراثة هذه الزعامة إلى أبنائهم و ذويهم في المستقبل، هذه الوراثة الأموية القبيحة كيف لنا أن نتصور و لو لحظة واحدة أنها مستعدة أن تحترم "حرية و كرامة الصحفيين"!! و يمثل وضع القيود على الصحفي و في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العراق الذي خرج لتوه من 4000 سنة من الطغيان و الحروب و الدكتاتورية خطوة بالاتجاه الخاطيء، و العجيب و الغريب أن السيد مؤيد اللامي أمين سر نقابة الصحفيين العراقيين يجادل و في أكثر من لقاء تلفزيوني، الحرة و قناة العراقية و قناة المسار و تلفزيون الديار، مدافعا عن وضع قيود ـ أؤكد على هذه الكلمة ـ على حرية الصحفي العراق و مستشهدا دائما بالمثال الأمريكي (كلمة حق أريد بها باطل) حينما منع الجيش الأمريكي في حرب تحرير العراق أي تغطية صحفية بدون إذن من وزارة الدفاع، و هذه حقا مقارنة فاشلة و غير واقعية، فهذه الدولة العظمى ذات الممارسات الديمقراطية و التي ترضع أبناءها لبن الحرية طوال مائتي عام، كيف نقارنها بالعراق الذي لم يكد يذق الحرية و فوائدها كاملة. إن هذا الإلحاح العجيب من نقابة الصحفيين على تقييد الحرية الصحفية لا يعكس إلا شيئا واحدا هو هاجس الخوف من أن تأتي الحرية الفكرية فتدك كل محظورات الآباء و الأجداد و سعيا إلى إيقاف حركة العقل العراقي الجبار الذي سيمحو الفكر البعثي و كل من سار على نسقه و نمطه ليأتي جيل جديد يقدس الحرية و الإنسان، و إذا ما أخذنا الموضوع بحسن نية و لم نقل أن السيد مؤيد اللامي لم يقصد عمدا أن يعمل ضد حرية الصحافة ـ و هي مهددة مع القانون أو بدونه ـ إلا أن دفاعه عن تقييد حرية الصحفي تتناقض و مهمته كمسؤول عن نقابة من المفترض أن تدافع عن الصحفيين، ففي كل نقابات العالم نجد النقابة تضع أعلى سقف من المطاليب بينما الحكومة تضع في المقابل أقل الحلول و أسوأها، لكن هنا حصل العكس، فالحكومة تقيد و النقابة تصفق و تهلل مقابل بعض الهبات الحكومية. و رغم أنه قد سبق لنا في مقال آخر أن وضعنا الاصبع على نقطة حساسة و هي اعتراف اتحاد الصحفيين العرب بهذه النقابة إلا أننا نكرر ما قلناه على سبيل التأكيد و التنبيه، فالدول العربية التي لا يرجى منها و لا من مؤسساتها خير تسارع إلى الاعتراف بهذه النقابة دونا عن كل النقابات العراقية الأخرى و من الواضح عقلا و منطقا أن لا شيء بدون مقابل خصوصا حينما يكون التعامل مع دول عربية ذات الأنظمة الاستبدادية، فمقابل الاعتراف "العروبي" بنقابة الصحفيين العراقيين و مدها و دعمها في السر و العلن، فإن هذه النقابة ستسعى ـ أرضاءا للأعراب ـ إلى تهميش الحرية و تركيز أنظار الصحفيين على الأموال و الرواتب و الحقوق "المادية" مقابل تخليهم عن الحرية و الديمقراطية، و الحكومة العراقية طبعا ترغب في أن لا تكون هناك صحافة تسبب لها "الصداع". أرجو من كل الصحفيين و الكتاب و ألأدباء و المثقفين العراقيين أن يتصدوا لهذه النقابة التي تريد جعل الصحفيين "موظفين" لدى الحكومة و الدولة و تريد أيضا أن تكون حصان "طروادة" للأعراب القومجيين الذين يريدون إفشال التجربة الديمقراطية العراقية و تحويلها إلى نسخة معدلة من التجارب الدكتاتورية العربية، إن هذه النقابة هي التهديد الأكبر في العراق لحرية الصحافة، إنها أخطر من أسلحة الإرهاب و ثقافته العنفية، لأن الصحفي يستطيع مواجهة الإرهابيين بعقله و ثقافته و حتى لو اقتضى الثمن دفع حياته من أجل الحرية، لكن حينما يتسلل البعض إلى المؤسسات القانونية و الحكومة و البرلمان لتقييد الصحفي فإن هذا يشكل تهديدا أكبر نرجو من العراقيين التنبه له. Website: http://www.sohel-writer.i8.com Email: [email protected]
#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)
Sohel_Bahjat#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المجتمع العراقي و خلق -قيم جديدة- للأخلاق!!
-
الثقل الاستراتيجي للعراق في الشرق الأوسط
-
الإعلام العراقي .. ثقافة احتقار الشعب
-
أهمية انتخابات مجالس المحافظات للمواطن العراقي
-
السيد الخازن .. و القرود الثلاثة..!!
-
لبنان و أزمة الشخصية القانونية
-
لا -عراق- مع فقر..
-
العراقيون و تداعيات الكوارث الفكرية
-
أيها الائتلافيون.. ألا تستحون؟
-
نحو -أُمم ديمقراطية متحدة-!!
-
الثقافة العراقية و الطريق إلى الحداثة
-
حربنا المصيرية ضد الإرهاب
-
فليأكل الجياع -الكعك-!!
-
الأحزاب -الشعاراتية- العابرة للحدود
-
العراق و النقلة الحضارية
-
العراق .. نحو -الهوية الإنسانية-!!
-
المواطن العراقي .. و حكم الأقلية الفاسدة
-
سؤال حيَّر العراقيين!!
-
حياة ثقافية.. للرجال فقط!!
-
لبننة العراق و عرقنة لبنان!!
المزيد.....
-
فيضانات غير مسبوقة تجتاح بريتاني الفرنسية والسلطات تدعو للحذ
...
-
رئيس أركان الجيش الجزائري يبحث مع وفد -الناتو- سبل تعزيز الح
...
-
روسيا تدين أعمال المتمردين في الكونغو الديمقراطية
-
رئيس وزراء سلوفاكيا يهدد زيلينسكي بمنع المساعدات المالية لأو
...
-
وفد حماس يبحث مع المخابرات المصرية تطورات ملف التهدئة بغزة
-
العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
-
بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4
...
-
احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر
...
-
العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة
...
-
رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|