|
بحقك يا إله الشمس ، أغثني وأغث لوتّا .....
وئام ملا سلمان
الحوار المتمدن-العدد: 1973 - 2007 / 7 / 11 - 05:34
المحور:
الادب والفن
بعد أن ألقت بتحيتها علي قالت لي بضجر : يا له من طقس بائس وما كان مني إلا أن أرد عليها بعبارة ساذجة ترافقها ابتسامة مجاملة : وما الذي نفعله ؟ ردّت علي ساخرة : سأدعو اله الشمس فضحكنا معا ومضى كل منا في طريقه ، كانت هي جارتي مع كلبها الأسود الكبير وأنا كنت وحدي أتمشى دون هدى ، المرأة التي صادفتها ، تلاصقني السكن وتشاركني رائحة الدخان حين الشواء وإذ اشعر بتواجدها في الجزء المكشوف من سكنها أطعمها (نفراً) من الكباب أو أي شيء آخر أكون قد شويته من باب المجاملة ،وقبل أيام سمعت أصواتاً وأنا أناولها طبق الكباب عبر الحاجز الخشبي بيننا ، فسألتها هل من ضيوف لديك و ناولتها صحنا ورقيا إضافيا فعلــّقت وهي تشكرني مبتسمة : اليوم سوف لن نشتري طعاما ، هي لوتــّا التي لا يربطني بها سوى كلمة hej التي تقابل مرحبا بالعربية منذ اكثر من تسع سنوات ولا اكثر من هذا السلام المشترك بيننا إلا في أعياد الميلاد ، قد يغدو السلام متكونا من جملة أو جملتين ، وقبل سنين كتبت نصا وصورت علاقتي بها وعلاقتي بجارتي أم علياء في العراق .
جارتي الطيبة ، التي أتعبها المطر واختفت وراء سحابه الشمس ، لا تدري ما يدور هناك حيث السماء لا تعرف الغمام في اشهر الصيف ونحن في تموز الذي يقال فيه ( تموز ينشف الماي البلكوز- الماء الذي في الكوز ) وما أدراك ما تموز العراق ، ولو مرت سحابة عابرة في سمائه ، فقد يضيفها الناس إلى علامات ظهور الحجة والذي تجاوزت علامات ظهوره كل الحدود ، وبقيت امشي في طريقي تحت وابل المطر واحدّث نفسي عن لوتـّا وعن أمنيتها في أن تدعو إله الشمس لكي يمنحها الصحو حتى تتمكن من الاستمتاع بهذا الفصل الجميل ، فلمن أدعو أنا ولمن يدعو الإنسان العراقي لكي يتوقف الدمار فهل من إله لوقف الدمار وإله للخلاص من غضب الخواتم وهل من إله للأمن والأمان وهل من إله للكهرباء وآخر للماء ولدجلة يحميها من أيادي القتلة وهم يلقون بجثث الضحايا بها ، وإله للطفولة البريئة ، وبمناسبة الطفولة باغتني اليوم خبر ولادة لقريبة لي بالعراق قبل الموعد المحدد وصلني خلال دقائق بعد الولادة وكان التذمر من حرارة الجو مشاركا الحديث ، وكيف سيتم تهيئة التيار الكهربائي دون انقطاع فلقد تم تجهيز البيت بمولدتين للكهرباء ومشاكل الحصول على البانزين لا تنتهي ، رحت امشي واخصص إله لكل حاجة من حاجات العراقيين داخل خريطة الجحيم المشتعل هناك ، والذي لا شيء لهم سوى الشكر والحمد عليه ، حتى صرت اكره طرح أسئلة عليهم عبر الهاتف أو أحاديث الانترنيت لأنهم لا يردون سوى الحمد لله وشكرا لله وان شاء الله وقبل أيام هاتفت أختي لأطمئن عن أوضاعهم على تلفونها المحمول وهو اكثر كلفة من التلفون الأرضي بالنسبة لي ومن خلال الحديث أخبرتني أن التلفون الأرضي قد استأنف عمله بعد عام أو اكثر من الإجازة الإجبارية ، والغريب إنها أردفت قولها بـ (إن شاء الله تصلح التلفون صار 4 أيام ) ، لم أتمالك نفسي ورددت عليها بنبرة ساخرة وقاسية بعض الشيء من أن هذه العبارة لا تصلح في استخدامها لزمن مضى ، تصوروا أين وصل الحال ، حتى في توظيف الجملة صاروا يكررون عبارات خارج أطر احتياجها ، وان من كانت تحدثني ليست بجاهلة حديث ولا معرفة فهي كانت مربية أجيال ولها تحصيل جامعي يفوق عمره الـ 43 سنة ، ولكنها انضمت إلى رعيل ممن لو سألته من أي مدينة أو منطقة أنت فيجيبك : (الحمد لله آني من الـــ ) لم احدد اسم مدينة ولكم الخيار في أن تختاروا انتم ما تشتهون من مدن ومناطق إلا المنطقة الخضراء لأنها خارج مدارات الشكر والثناء ومن يسكنها لا يحتاج إلى إله للكهرباء ولا لسواه ويكفيهم فقط معوذات لطرد أعين ملايين الحاسدين لهم على ما تفضل الله عليهم من نـِعم .
يا إله الشمس أغثني..... أين اهرب مني لقد أرهقتني لوتـّا بما أسمعتني ، حتى وجدتني من تزاحم أفكاري داخل محل تسوق سويدي ، ما كنت أروم دخوله ولكنني تبضعت منه أمورا لا حاجة لي بها واشتريت على عمد ما يطلق عليه أهلنا (وحش الطاوة)، الباذنجان الذي كان سعره اكثر من الضعف مقارنة بالمحلات الشرقية ، وما مارسته من عبث التسوق هو رد فعل لحالة الكآبة التي أطبقت علي، فأردت الهروب منها ، وفي مسار عودتي إلى بيتي لم أفكر بثقل ما احمل ، وأنا أدعو إله الشمس أن ينتصر على الغيوم هنا لتفرح جارتي المتضجرة، ويخفف من سطوة لهيبه هناك في هذا الصيف القائظ ، فمن منكم يشاركني الدعاء؟
#وئام_ملا_سلمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في أي زمن آت سنتعلم من هؤلاء!
-
انتظاراتي لها ..
-
عند بوابة البرلمان
المزيد.....
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|