أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بثينة رفيع - في زمن الردة














المزيد.....


في زمن الردة


بثينة رفيع

الحوار المتمدن-العدد: 1972 - 2007 / 7 / 10 - 08:23
المحور: الادب والفن
    


في زمن الردة تكبر الأقزام , وتصبح الكلاب أسوداَ , والعدو من أمامك ومن خلفك وفي الوسط ، في زمن الردة يُصادر الطير ويُرجم بالحجر ويُداس بالأقدام لأنه قال أو نطق ، في زمن الردة تنام تورا بورا في خانيونس لتصحو مقديشو في بيت لاهيا وشارع النصر ، تصبح الشهادة إرهاب , والمقاومة عبث , ويُسأل الشهداء لماذا ماتوا دفاعاً عن الوطن ، يكبر الوهم وتُصبح الخيانة شرف ، ويرحل الوطن في زنزانة كبيرة , ويصبح حق العودة قابلاً للعرض والطلب ، ويكثر الحديث عن الثمن , تُسلب ذاكرة الوطن في زمن الردة ، تنام مفتوح العينين , تقتل الجار والصديق ورفيق العمر , تُشهر سلاحك حتى على النمل والحجر ، ينتظرك الموت في كأس الماء , وتحت شرفة المنزل , وفي كلمة حق تقال إذا عز الصدق يُصبح العيد لعنة والجوع انتصار , والفقر والعوز والتسول عزةٌ وفخار ، في زمن الردة لا تحمي ظهرك إلا بالجدار , ولا ترى حولك إلا الذباب والغربان وتُداس في الطرقات لأنك أشرف إنسان ، في زمن الردة تقتلك العشيرة والقبيلة ويصبح القانون سلاحاً من خشب , تموت غرقاً في هذا الزمن بالوحل القذر لا في ماء بحر ، في زمن الردة يموت القعقاع وصلاح الدين والمعتصم ولا يسود بين الرجال إلا ابن العلقم وهولاكو وأبو لهب ، يصبح القادة آلهة أو وثن , في زمن الردة لا تكون المساجد لله بل للقتل والفتن ، تضع البندقية تحت سجادة الصلاة , يُقتل الإمام , وتكتب المصاحف أول وأخر حروفها بالدم ، تُباع الأوطان , تُمزق أطفالك القذيفة تلم أشلاءهم وتقول لا بأس إنه زمن السلم ، يُصبح أكبر همك أن تبقى إنسان ، تنام في المعبر شهوراً وأيام حتى تدخل من بوابة الوطن ، تموت وأنت تنتظر الدواء , تُنجب على الحواجز النساء , في زمن الردة لا تفهم لا تسمع لأنك قد تموت إن تفعل في زمن الردة تدخل كاللص لغزة من نفق , ولا تتكلم مع أحد ، في زمن الردة تركض كالمجنون في الشوارع خلف قتلة إخوتك وفي المساء تقدم لهم القهوة والتمر ، تخرج من بيتك رصاص , تمشي في الطريق رصاص , تعود لبيتك رصاص , وبين الرصاص والرصاص لا يعبر إلا الرصاص ، في زمن الردة تُسرق المقابر وتُسحق جماجم الأجداد والجدات , يُهدم البيت فوق رأسك وعلى أهلك فقط لأنك مع هذا أو ذاك تبحث عن نفسك حتى في علب فارغة يأكلها الصدأ والعفن ، في زمن الردة لا تفهم لغة إلا الصمت لأنها لغة أهل هذا الزمن ، لا تبتلع إلا الهواء , ولا يساويك أحد لأن آلامك أكبر من جبل ، في زمن الردة تبيع الأم خاتم العرس والقرط الجميل لتشتري لأطفالها الطحين والحليب والدفتر والقلم ، في زمن الردة يصمت السلاح المقاوم والرصاص الثائر ويُغير وجهته ووجهه ولا تشتري إلا عزلتك ، في زمن الردة تصبح في بطاقة التموين فقط حيفا والمجدل وصفد ، تنام على ذل العرب وتصحو على عار العرب ، تجلس مع عدوك وسارق بيارتك وأرضك , تصافحه وتواسي نفسك , ثم تقول هذا من نكد الدنيا على الحر ، يقرأ التلاميذ أول دروسهم في الصباح بين الحواجز ورصاص الإخوة ومتاريس الرمل ، يصبح أخر همك أن تأكل وتشرب ، تفتح جراحك للملح , تخاف أن تقترب العصافير من نافذتك ، تُخير كيف تُقتل ويُصبح الوطن في رغيف الخبز , ورصاصة طائشة والغربة وطن , وتصير بين الضحايا مجرد رقم ، في زمن الردة يصبح القاتل بطل ويرافق حماة الديار في الرحل ، والمقتول مرتد عن الله والوطن ، تُصبح صلاتك كُفر , وطُهرك عُهر , تضع الوطن في حقيبة السفر كي يبقى وطن وترحل ، في زمن الردة تعلم أنها الحياة الدون وتبتسم ، تكون في عيني أمك أجمل رجل , وتشتري لك الثياب رغم الفقر وتمسح لك الحذاء وتضع في جيبك النقود , تراك أحلى فرحة العمر وبعد حين تلم أشلاءك من قريش تكفنك بالصمت وتضع فوقك التراب ودمعتين والحجر ، في زمن الردة لا ترى شعبا أبياً مرابطاً قديساً مقاوماً إلا بين المقابر والحفر فهنا يرقد الأب وهنا الطفل , وهذا قبر الأخت والأخ , وتلك السيدة قُتل زوجها صبيحة العيد بين الثياب الجديدة والحلوى ودمع أطفاله واللعب ، وهذا قبر فتاة ربيعها مازال أخضر أخطأتها رصاصة فماتت بين الدفاتر والكتب , وتلك الجالسة هناك كبستان أحزان قُتل طفلها بشظايا قذيفة ولم يعد من يومها يعانق في صدرها رائحة الزعتر والزهر ، وهذا وتلك وهؤلاء ....... في زمن الردة لا تقف ذليلا , لا تختبئ ، لا تقطف إلا الورد , إرمي سلاحك إكسره إن عجزت أمام غضبك , واشتري بثمن الرصاصة الفرح في شريط بجديلة طفلتك , وتعلم أن تفرغ مخزن الحب والأمل في قلبها ، في زمن الردة لا تستفتي أحد لا تخف , لا تصدق إلا فلسطين لأنها الحقيقة المرة في هذا الزمن



#بثينة_رفيع (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تراب يواسيك
- حديد عتيق لأطفال فلسطين
- عام من الحصار
- عندما تنام دمشق
- اليسار الفلسطيني بين التبعية والتهميش
- فلسطين .. مساحة من دماء
- حزيران ذاكرة جرح لا يموت
- الطبقة العاملة تذهب إلى الجنة


المزيد.....




- فنان مصري يتصدر الترند ببرنامج مميز في رمضان
- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...
- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بثينة رفيع - في زمن الردة