من أجل تعزيز دور اليسار.. مشروع حزب جديد في بريطانيا


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 8405 - 2025 / 7 / 16 - 22:47
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

في السادسة والسبعين من عمره، يُصرّ على خوض غمار التجربة من جديد: بعد مداولات وتخطيط طويل، قرّر جيريمي كوربين، الزعيم السابق لحزب العمال البريطاني، تأسيس حزب جديد. أعلن كوربين، الذي عاد إلى مجلس العموم البريطاني كنائب مستقل منذ العام الفائت، عن مشروعه الجديد مساء الأربعاء في البرنامج السياسي "بيستون" على القناة (آي تي في). وقال إنه "هنا لخدمة الشعب". لقد انتشرت شائعات في عدد من وسائل الإعلام عن تأسيس حزب جديد على يسار حزب العمال منذ عام ٢٠٢٣.

من جانب آخر، وبعد عام من فوز حزب العمال في الانتخابات، أعلنت النائبة زارا سلطانة استقالتها الفورية من الحزب. وقالت النائبة، البالغة من العمر 31 عامًا، في 3 تموز الجاري: "لقد فشل حزب العمال تمامًا في تحسين حياة الناس". وبعد 14 عامًا، ستستقيل من الحزب، وستساهم في بناء حزب جديد: "سأقود أنا وجيريمي كوربين تأسيس حزب جديد، بمشاركة نواب مستقلين ونشطاء آخرين في جميع أنحاء البلاد".

يذكر أن زارا سلطانة، استُبعدت من قيادة حزب العمال عام ٢٠٢٤ بعد دعمها تعديلاً لإلغاء الحد الأقصى لإعانة الأطفال. وتحظى زارا باحترام كبير لدى النقابات العمالية، حيث كانت من بين نواب حزب العمال القلائل الذين دعموا بجدية الإضرابات العمالية.

هنأ كوربين سلطانة على قرارها، وأعرب عن سعادته لأنها ستساعد في بناء "بديل حقيقي". ونقلت صحيفة الغارديان عن كوربين قوله، إن الأسس الديمقراطية لحزب سياسي جديد ستتبلور قريبًا، لكنه لم يُشر إلى من سيقوده. ولم يُعلن بعد عن جدول زمني لإطلاق الحزب.

أضف إلى ذلك أن صعود حزب "إصلاح المملكة المتحدة" اليميني المتطرف، دفع العديد من نشطاء اليسار في الأشهر الأخيرة، إلى تأكيد الحاجة الماسة إلى حزب جديد. وينبغي الإسراع في طرح البديل الانتخابي، وفق ما صرحت به باميلا فيتزباتريك، الحليفة المقربة لكوربين، في نيسان الفائت. ويعود تأخر بدء العمل إلى وجود عدد من المنظمات، بعضها يتبع استراتيجيات مختلفة.

ويبدو أن الوقت قد حان: فبعد أشهر، بل وحتى سنوات، من النقاش حول تأسيس حزب يساري جديد، تم أخيرا اتخاذ خطوات أكثر ملموسية على هذا الطريق: جيريمي كوربين، الزعيم الأسبق لحزب العمال ونجم جناحه اليساري، سيقود حملة انتخابية مع زميلة شابة، لتقديم بديل على يسار حزب العمال للناخبين في بريطانيا.

هجوم ستامر على يسار حزب العمال
تعود هذه التحولات إلى التقاطع بشأن سياسات الليبرالية الجديدة التي يعتمدها يمين حزب العمال، بالإضافة إلى الهجوم المنظم الذي شنه رئيس الوزراء البريطاني وزعيم الحزب الحالي كير ستارمر على الجناح اليساري في الحزب. ونتيجة لذلك بدأ تصدع تدريجي في حزب العمال. وتأسس حزب "سياسات التحول" في تشرين الثاني 2023، وخاض مرشحه أندرو فاينشتاين، النائب السابق عن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا، كمرشح مستقل، الانتخابات العامة لعام 2024، في دائرة ستارمر. واستطاع اشغال الموقع الثاني في الدائرة، بعد حصوله على 19 في المائة، مسببا انخفاضا كبيرا في عدد الأصوات التي حصل عليها رئيس الحكومة الحالي.

مجاميع قاعدية
أسست المجموعة المحيطة بكوربين وفيتزباتريك، على سبيل المثال، منظمة تُدعى "كوليكتيف"، ويبدو أنها الآن في طور التحول إلى حزب. ينتمي كوربين إلى كتلة مستقلة داخل البرلمان، والتي تضم خمسة نواب انتُخبوا قبل عام لموقفهم الداعم للقضية الفلسطينية. وما يزال من غير الواضح ما إذا كان هؤلاء النواب يعتزمون الانضمام إلى الحزب الجديد.

هناك أيضًا عدد من المجموعات القاعدية التي تسعى في البداية إلى تنظيم محلي، بما في ذلك حركة الأغلبية التي أسسها جيمي دريسكول، العمدة السابق لمدينة شمال تاين في شمال شرق إنكلترا. لا يُبدي دريسكول اهتمامًا يُذكر بحزب لعموم البلاد، لكنه يرغب في بناء منظمة جديدة من القاعدة إلى القمة. في لندن، يتبع أندرو فاينشتاين، الناشط السابق المناهض للفصل العنصري، نهجًا مشابهًا، بعد أن أسس تحالف كامدن المجتمعي. مع ذلك، يُعد فاينشتاين أيضًا حليفًا لكوربين، وقد ينضم إلى الحزب الجديد.

أفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن هناك نقاشات حول تقديم مرشحين في الانتخابات المحلية في ايار 2026. ووفقًا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة "مور إن كومون"، من المتوقع أن يفوز حزب على يسار حزب العمال، وخاصةً بقيادة كوربين، بنسبة 10 في المائة من أصوات الناخبين. وسيحظى الحزب الجديد بشعبية خاصة بين الناخبين الشباب، بنسبة تأييد تبلغ 32 في المائة. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى خسارة حزب العمال على الأقل 3 في المائة من قوته التصويتية، لكن حزب الخضر سيتضرر أكثر. لقد استفاد الخضر في الانتخابات الأخيرة من استياء أوساط من الناخبين من حزب العمال. ومع ظهور حزب منافس جديد، فمن المتوقع تراجع حظوظ الخضر الانتخابية من 9 إلى 4 في المائة.