بسبب دفاعها عن حقوق شعبها.. أم فلسطينية تُفصَل عن طفلها االرضيع
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 22:11
المحور:
القضية الفلسطينية
فُصلت ام فلسطينية أردنية، حاصلة على إقامة ألمانية، عن طفلها البالغ من العمر عامًا واحدًا، بعد أن صنّفته السلطات الألمانية خطرًا أمنيًا. وتُعد هذه القضية من أوضح الأمثلة على الإجراءات المتخذة ضد المتضامنين مع الشعب الفلسطيني في ألمانيا.
ويقول المركز الأوروبي للدعم القانوني الذي يساعدها في قضيتها إن المرأة هي الضحية الأخيرة للدولة الألمانية التي تستخدم قضايا الإقامة كسلاح لقمع التضامن الفلسطيني. منذ عام 2019، وثّقت المجموعة الاستشارية القانونية، ومقرها أمستردام، ٢٢ حالة على الأقل، استُخدم فيها وضع الإقامة أو قيود حرية التنقل، في ألمانيا لهذا الغرض.
لا يوجد مبرر لفصل المولود الجديد عن والديه، لكن وصفه بأنه "خطر أمني" يمثل انحدارًا جديدًا وفظيعًا، حتى بمعايير القمع. والأم ممرضة انتقلت من الأردن إلى ألمانيا عام ٢٠١٧ للعمل، ولحق بها زوجها بعد أربع سنوات. رُزقا بطفلهما الأول عام 2023.
في آب 2024، سافرت العائلة الشابة إلى الأردن ليتمكن والدا الأم وزوجها رؤية حفيدهما لأول مرة. وفي رحلة العودة، أُبلغت الام أن رضيعها لا يملك التصريح اللازم للعودة إلى ألمانيا. ووفقا لمحامي العائلة، قالت السفارة الألمانية في الأردن آنذاك إنها مسألة بيروقراطية بسيطة يمكن حلها في غضون أسابيع قليلة.
عندما تقدمت الأم بطلب الإقامة الدائمة في تشرين الأول 2023، حصلت هي وزوجها على إقامة خضراء تُمكّنهما من مغادرة ألمانيا والعودة إليها أثناء فترة انتظار الحصول على الإقامة الدائمة. وحصل ابنها على إقامة خضراء مماثلة، لكنها لا تُمكّنه من المغادرة او العودة.
رضيع يشكل خطرا أمنيا!
بعد أربعة أشهر، أرسلت السفارة الألمانية رسالة تفيد بأنه لا يسمح للرضيع بالعودة إلى ألمانيا لأنه صُنِّف كخطر أمني.
وقالت محامية العائلة المختصة بشؤون الهجرة في فرنكفورت إبرو أكجان أسيلتورك، والتي كُلِّفت بالقضية آنذاك، بأنها عندما قرأت الرسالة، افترضت أن هناك خطأ ما. واضافت: "فكرتُ: من الواضح أن هذا سوء فهم يُمكننا حله مباشرةً". ولكن في كانون الأول 2024، أرسلت دائرة الهجرة الألمانية رسالة أخرى توضح أن المشكلة كانت مع الأم، وليس مع رضيعها. وأعلمت الأم للمرة الأولى أن المخابرات الألمانية تُجري تحقيقًا معها. وما يزال التحقيق مستمر، وقد بدأ استنادا إلى طلبها للحصول على الإقامة الدائمة قبل عامين تقريبًا، وفقًا لمحاميها. أبلغت الأم أنها تخضع للتحقيق في اتهامات بمشاركتها في فعاليات تضامن مع فلسطين لمنظمة "صامدون ألمانيا"، التي حظر نشاطها في تشرين الثاني 2023.
وقالت: "لم أقل شيئًا يُعتبر خطًا أحمر. لطالما شاركت في التظاهرات التي وافقت عليها السلطات في ألمانيا. وسجّلت دائمًا جميع التحركات التي أردت القيام بها". لكنها تعتقد أن القضية محاولة لقمع وجهة نظرها، ومؤشر على حملة قمع أوسع نطاقًا تستهدف نشطاء مثلها في ألمانيا. وأضافت: " انهم لا يتمتعون بحرية التعبير. إنها موجودة فقط إذا وافقت على ما يقولون".
ويعتقد كل من الأم والمحامية وأسيلتورك أن السلطات استخدمت قضية إقامة الطفل، التي لا تسمح بالمغادرة والعودة، كذريعة لوضع الأسرة في موقف صعب يُجبرهم على مغادرة المانيا. ولم تتلق العائلة ردا من وزارة الخارجية على طلبها. وقال متحدث باسم جهاز الاستخبارات الداخلية إن السياسة المتبعة هي عدم التعليق علناً على طلبات الأفراد.
وضع صعب
الأسرة تعيش وضع صعب. في شباط الفائت، قضت محكمة برلين الإدارية، بناءً على طلب عاجل قدمته أسيلتورك في تشرين الثاني 2024، بأن عودة الطفل إلى ألمانيا ليست عاجلة. وقالت أسيلتورك: "قالوا إن الابن موجود في الأردن. ولا يمكنه العودة إلى ألمانيا، لكن يمكن لوالديه العودة إلى ألمانيا وزيارته في الأردن، أو البقاء معه في الأردن وانتظار جلسة الاستماع الرئيسية". لكن إذا بقيت الأم في الأردن، فستفقد حق الإقامة في المانيا، وفقًا لأسيلتورك، التي استأنفت القرار أمام المحكمة الإدارية العليا في برلين. في غضون ذلك، انفصلت الأسرة لمدة تسعة أشهر، حيث تواجدت الأم وزوجها بالتناوب مع الطفل في محاولة للحفاظ على حياتهما في ألمانيا. في هذه الاثناء، رفعت إحدى لجان المحكمة الدستورية الاتحادية طعنا في طريقة تعامل المحكمة الإدارية مع القضية. قد تساعد هذه النتيجة في منع تكرار هذا الأمر مع عائلات أخرى في المستقبل، وقالت الأم إنها مصممة على المضي قدمًا في القضية. وأضافت: "أنا متأكدة من أن ما حدث لي قد حدث للعديد من العائلات. لا يهم إن كانوا فلسطينيين أم لا. لا أعتقد أنهم تمكنوا من خوض غمار المحاكمة لأنهم لم يحصلوا على الدعم الذي يحتاجونه".