مع تصاعد الغضب الشعبي.. هل يتجاوز رئيس وزراء اليونان الأزمة؟


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 8279 - 2025 / 3 / 12 - 21:23
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

تعيش اليونان اضطرابا سياسيا، اذ تؤيد أغلبية كبيرة من المشاركين في استطلاعات الرأي، إجراء انتخابات مبكرة، وذلك بعد مرور عام ونصف فقط على الانتخابات الأخيرة. وبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد أبحاث الرأي العام "إم آر بي"، فإن 57.5 في المائة من اليونانيين يؤيدون ذلك، بما في ذلك 22 من ناخبي حزب الديمقراطية الجديد" اليميني المحافظ الحاكم.

الحكومة اليونانية المحافظة بقيادة رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس ترى الأمور بشكل مختلف: يريد ميتسوتاكيس الاستمرار في الحكم حتى الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في صيف عام 2027. وكانت الحكومة قد تجاوزت، الجمعة الفائت، التصويت على سحب الثقة، لامتلاك الحزب الحاكم الأكثرية المطلوبة 156 نائبا من مجموع نواب البرلمان البالغ 300 نائبا.

لقد طرحت أربعة أحزاب معارضة مقترح التصويت على حجب الثقة عن الحكومة وهي حزب باسوك الديمقراطي الاجتماعي وحزب "سيريزا" اليساري وحزبي "اليسار الجديد" و"مسار الحرية" المنشقين عن الأخير.

وفي وقت مبكر من آذار 2024، فشل مقترح سحب الثقة بالحكومة، طرحته الأحزاب الأربعة أيضا، وترتبط الأزمة الحالية بحادث اصطدام المباشر بين قطار سريع، وآخر لنقل البضائع في 28 شباط 2023، تسبب في موت 57 مواطنا، معظمهم من الشباب.

الاحتجاجات الكبرى منذ سقوط الدكتاتورية
وعلى إثر وقوع الحادث المروع، اندلعت أوسع احتجاجات شهدتها البلاد، منذ سقوط الدكتاتورية العسكرية في عام 1974. وطالب قرابة مليوني محتج بالتحقيق في حادث اصطدام القطارين ومحاكمة جميع المسؤولين. واتهموا الحكومة بمحاولة التغطية، منذ البداية، على الأسباب، وإخفاء تفاصيل نتائجه. واتهموا الحكومة بالسيطرة على نظام العدالة الجنائية والتحكم به، مدعومة بوسائل الإعلام الموالية لها، باعتماد إعلام مضلل ودعائي.

وتنفي الحكومة هذه الاتهامات. لكن نائب وزير حماية المواطن، كريستوس تريانتابولوس، وهو من المقربين من رئيس الوزراء، اضطر إلى الاستقالة الأربعاء الفائت. وسيمثل أمام لجنة تحقيق برلمانية أولية. وسوف يركز التحقيق أيضًا على مزاعم إخفاء آثار الحادث بعد الاصطدام المباشر، حيث تمت إزالة عربات القطارين، وتم تنظيف المنطقة وإزالة الآثار المباشرة، وحفر الأرض، وتغطية مكان الحادث بالخرسانة.

حقائق جديدة
لم يسبق الإطاحة بحكومة يونانية، بواسطة حجب الثقة عنها، ولكن سلاح الاحتجاج والضغط المجتمعي حقق ذلك عدة مرات. ولهذا فإن الاحتجاجات الواسعة النطاق والغاضبة أصبحت أكثر خطورة على استمرار وجود حكومة اليمين الحالية. وقد أدت النتائج الجديدة التي تم التوصل إليها، من قبل لجنة خبراء بتكليف من ذوي الضحايا، إلى اكتساب القضية زخماً.

وكشفت التحقيقات، عن العثور في مكان الحادث على مواد كيميائية شديدة الانفجار، يبدو أنها نقلت بواسطة قطار الشحن، بطريقة غير قانونية. وهناك شكوك بوجود عمليات تهريب واسعة النطاق، وان الحكومة لا تكافحه. الأمر الذي أدى وفاة الركاب الذين لم يموتوا نتيجة للاصطدام المباشر، بل تحولوا لاحقاً إلى أشلاء نتيجة انفجارات في درجات حرارة تصل إلى 1400 درجة.

قلق بشأن دولة القانون
وعلى النقيض من الرواية الحكومية، التي تصر على حصر الحادث، بطبيعته المرورية. يقول 72 في المائة من المشاركين في استطلاع أجرته مؤسسة "إم آر بي"، إن الأمر يتعلق بجريمة. ويؤكد 75 في المائة منهم بوجود تستر على التفاصيل.

يشعر اليونانيون بالقلق بشأن حالة البلاد الدستورية، التي لم تصل من قبل، وفق رؤيتهم، إلى مستوى الخراب الراهن. ولهذا تشير استطلاعات إلى الانحدار السريع لشعبية رئيس الوزراء والحزب الحاكم، بحيث وصلت إلى النصف مقارنة بنتائج الانتخابات الأخيرة.

وعندما دافع رئيس الوزراء عن نفسه أمام البرلمان الأربعاء الفائت ونفى التستر، اندلعت احتجاجات حاشدة مرة أخرى أمام مبنى البرلمان. وكتب على إحدى اللافتات: "تستحقون 57 جائزة أوسكار، لردكم التهمة عن الحادث"، في إشارة إلى عدد ضحايا الاصطدام.