خطط تَسلُّح الاتحاد الأوروبي.. أرباح على حساب السلام


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 8273 - 2025 / 3 / 6 - 13:37
المحور: الارهاب, الحرب والسلام     

على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن في منتصف شباط الفائت، واستبقا لما سيناقش، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك لوكالة بلومبرغ للأنباء إن الاتحاد الأوروبي سوف يخصص قرابة 700 مليار يورو لتطوير خطط التسلح. لقد تجاوز المبلغ الوارد في خطة النقاط الخمس التي قدمتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورزا فون دير لاين يوم الثلاثاء الفائت لـ "إعادة تسليح أوروبا" ما أعلنته بيربوك.

اعادة التسليح
في القمة الاوربية بشأن أوكرانيا، التي ستعقد اليوم الخميس، والتي تأتي بعد وقت قصير من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيقاف الدعم العسكري تقريبا لأوكرانيا، يريد رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي مناقشة خططهم المذهلة لإعادة التسلح، والتي سيثقل تنفيذها أجيالا من دافعي الضرائب في جميع دول الاتحاد. وفي الوقت نفسه، تريد دول الاتحاد الأوروبي إبقاء عشرات الآلاف من الأوكرانيين الذين سئموا من استغلالهم في حرب بالوكالة في ميدان المواجهة. ولا يغير من هذا التوجه تصريحات الرئيس الأوكراني الأخيرة، والتي أكد فيها خضوعه لإملاءات ترامب واستعداده لتنفيذها. وفي برلين، تركز مفاوضات تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة على تخصيص مبالغ إضافية ضخمة لإعادة التسليح أيضاً. واقترح رؤساء معاهد البحوث الاقتصادية السائدة إنشاء صندوق خاص جديد للجيش الألماني بقيمة 400 مليار يورو.

خطة فون دير لاين
ولم تأت خطة فون دير لاين من فراغ، على الرغم من أن بيانها جاء بعد ساعات فقط من إعلان الحكومة الأميركية أنها ستوقف مؤقتا مساعداتها العسكرية لأوكرانيا. وكانت رئيسة المفوضية الأوربية تنتظر نتائج الانتخابات الألمانية المبكرة من أجل تجنب التأثيرات السياسية غير المرغوبة على التصويت في البرلمان الأوربي.

في أعقاب الفضيحة التي أحاطت بزيارة الرئيس الأوكراني زيلينسكي إلى البيت الأبيض، والإملاءات الوقحة التي مارسها ترامب معه، عادت الأصوات الحاكمة في البلدان المتنفذة في الاتحاد الأوربي إلى خططها السابقة في تحجيم اعتماد الاتحاد الأوربي على حليفه الكبير في واشنطن، عبر بناء جيش ومؤسسات أوربية قادرة على ضمان الأمن الأوربي.

والآن حان الوقت للعودة إلى العمل: إن أمن أوروبا يتعرض لتهديد حقيقي للغاية، هذا ما أكدته فون دير لاين في بروكسل. وقالت " هذه هي ساعة أوروبا ويجب علينا أن نرتقي إلى مستوى المهمة". و"نحن في عصر إعادة التسلح، وأوروبا مستعدة لزيادة إنفاقها الدفاعي بشكل كبير".

في رسالة إلى رؤساء دول وحكومات الاتحاد، اقترحت فون دير لاين "أداة مالية جديدة للاتحاد الأوروبي" للدفع نحو إعادة التسلح في الدول الأعضاء. وسوف تشمل، ضمن تخصيصات أخرى، قروضا بقيمة إجمالية تصل إلى 150 مليار يورو، مدعومة من ميزانية الاتحاد الأوروبي. وأضافت أن هذا من شأنه أن يمكّن الدول من شراء أنظمة الدفاع الجوي والمدفعية والصواريخ والذخيرة، وأضافت فون دير لاين خلال ظهور قصير لها في بروكسل: "بفضل هذه المعدات، يمكن للدول الأعضاء زيادة دعمها لأوكرانيا بشكل كبير".

واقترحت رئيسة المفوضية أيضًا تخفيف الضوابط على الديون في الاتحاد الأوروبي. وقالت فون دير لاين إن هذا من شأنه أن "يوفر إمكانية مالية بقيمة 650 مليار يورو على مدى أربع سنوات". ويمكن تنفيذ ذلك عبر رفع نسبة المخصص للعسكرة من الناتج الإجمالي المحلية بنسبة 1.5 في المائة.

ووفق رؤيتها، من الممكن توفير أموال إضافية للدفاع من خلال ميزانية الاتحاد الأوروبي. على سبيل المثال، يمكن للدول الأعضاء أن تستخدم ما يسمى بصناديق التماسك، المخصصة للدعم الإقليمي، لتوسيع قدراتها التسلحية. وبالإضافة إلى ذلك، يعتمد رئيس المفوضية على قروض إضافية من بنك الاستثمار الأوروبي في لوكسمبورغ، الذي مول حتى الآن سلعاً للاستخدام المدني والعسكري، فضلاً عن حوافز المستثمرين من القطاع الخاص. ورأس المال الخاص والأموال الإضافية لبنك الاستثمار الأوروبي، وبالتالي فإن اقتراح فون دير لاين يوفر قرابة 800 مليار يورو.

ترحيب مجمع الصناعات العسكرية
وتثير الإعلانات الصادرة عن بروكسل حالة من النشوة بين المستثمرين في قطاع الأسلحة، وتسجل أسعار أسهم الشركات المصنعة للسلع العسكرية أرقاما قياسية. ويتحدث المحلل كريستوف مينارد من البنك الألماني عن "تحول نموذجي متسارع" في أعقاب الفضيحة بين ترامب وزيلينسكي.

وفي البورصة ارتفع سعر سهم شركة هينسولدت البافارية أخيرا بنحو 43 بالمئة. ويوضح مينارد أن الشركة المتخصصة في الإلكترونيات الدفاعية، والتي تحقق 60 في المائة من مبيعاتها في ألمانيا، هي المستفيد الرئيسي من صندوق خاص آخر للقوات المسلحة الألمانية تم إطلاقه أخيرا. وارتفعت أسهم شركة "راينميتال" المصنعة لناقلات الدبابات بنسبة 25 بالمئة، وشركة رينك المصنعة بنسبة 20 بالمئة. وفي بورصة يورونيكست، برزت مجموعة التكنولوجيا "تاليس" مع زيادة بنسبة 30 بالمئة خلال يومين إلى مستوى قياسي.