الشيوعية جانيت جارا مرشحة تحالف اليسار التشيلي الحاكم لانتخابات الرئاسة المقبلة
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8396 - 2025 / 7 / 7 - 22:16
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
أعلنت قوى اليسار التشيلي، يوم 29 حزيران الفائت، اختيار القيادية الشيوعية جانيت جارا، مرشحة لقائمة اليسار التشيلي، لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة في 16 تشرين الثاني 2025، بعد فوزها الساحق في الانتخابات التمهيدية لتحالف اليسار، والتي تنافست فيها أربع قوى يسارية رئيسية. وحصدت على 60,5 في المائة من أصوات المشاركين في التصويت، متقدمة بفارق كبير على أقرب منافسيها، مرشحة الحزب الديمقراطي الاجتماعي التي حصلت على 27,7 في المائة، وجاءت النتيجة لتعكس تحولا في توجه قاعدة اليسار الشعبية نحو السياسات الاجتماعية الجذرية.
مفاجأة
اعتبر لبيير كابانيرا في صحيفة "لومانيتيه" النتيجة مفاجأة اليوم. ومثال آخر يعكس الكثير من إمكانيات الشيوعيين التشيليين الحالية. وبالتالي عليهم أن يوظفوا هذه الإمكانيات في علاقتهم بالشعب والطبقة العاملة بالاستناد إلى تقاليدهم النضالية، لتقديم رؤية سياسية بناءة، لا تقوم على رد الفعل.
نُظِّمت الانتخابات التمهيدية هذه المرة، من قِبل ثمانية أحزاب من اليسار ويسار الوسط. وشارك فيها 1,4 مليون مواطن. وكانت نسبة المشاركة أقل مقارنةً بعام 2021، حيث نُظمت الانتخابات التمهيدية حينها من قبل قوى اليسار حصرا، أي الحزب الشيوعي وجبهة أمبليو، وشارك فيها 1,7 مليون ناخب. وحصل مرشح الحزب الشيوعي حينها دانييل جادو، الذي دخل في منافسة مع رئيس الجمهورية الحالي غابرييل بوريك، على 39,6 في المائة.
وقبل اجراء عملية التصويت، كانت المرشحة الأوفر حظا كارولينا توها، مرشحة الحزب الديمقراطي الاجتماعي، التي حصلت على 28,1 في المائة، وجاء ثالثا غونزالو وينتر، من "جبهة أمبليو" (الجبهة الواسعة)، بزعامة الرئيس غابرييل بوريك، بحصوله على 9 في المائة فقط. لقد وفضّل ناخبو وينتر المحتملون التصويت للمرشحة الشيوعية.
التأكيد على العمل المشترك
وبعد إعلان النتائج، دعا الرئيس بوريك فورًا إلى دعم جانيت جارا، مؤكدا يجب على أحزاب تحالف اليسار جميعا دعم مرشحتهم المشتركة، ردا على ردود أفعال كارولينا توها وغونزالو وينتر، في الفترة التي سبقت التصويت، والتي بدت فيها حظوظ المرشحة الشيوعية تتصاعد. وكانت ميشيل باشيليت، رئيسة الجمهورية الأسبق لدورتين متتاليتين، والتي يتوقع ان تصبح السكرتيرة العامة للأمم المتحدة القادمة، قد تعهدت بدعم الفائز في انتخابات اليسار التمهيدية في مكالمة هاتفيه من خارج البلاد قبل يوم التصويت.
خلال الحملة الانتخابية، دعت بالفعل إلى إلغاء السرية المصرفية لمنع تدفق الأموال إلى عصابات المافيا. وأكدت أنها ستواصل العمل من أجل إلغاء تأمين المعاشات التقاعدية الخاص وإعادة النظر في عقود استغلال رواسب الليثيوم. شكرت جارا منافسيها، كارولينا توها وغونزالو وينتر على حملتهما الانتخابية العادلة، ودعتهما وحزبيهما إلى النضال معًا من أجل الرئاسة والأغلبية البرلمانية. كان هذا هو السبيل الوحيد لمنع فوز محتمل في الانتخابات للأحزاب اليمينية واليمينية المتطرفة التي تسعى إلى تقليص دور الدولة، والتي أعلنت بالفعل عن تراجعها عن الإصلاحات. لا يمكن حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية القائمة التي تعاني منها أسر الطبقة العاملة والفئات المتوسطة إلا بمزيد من تدخل الحكومة. خاطبت جارا وينتر وتوها الحاضرين قائلةً: "جميعنا هنا على المنصة سنعمل على برنامج انتخابي مشترك ابتداءً من الغد".
حتى قبل فوزها، وعدت جانيت جارا بصياغة برنامج انتخابي مشترك. لذا، لن يقتصر برنامج على الحزب الشيوعي فقط. وبعد فوزها قالت جارا" اليوم هو بداية طريق جديد سنسلكه معًا، ملتزمين ببناء تشيلي أكثر عدلًا وديمقراطية. في مواجهة التهديد الذي يشكله اليمين المتطرف، وسنوجهه بالوحدة والحوار والأمل. شكرًا لكل من وضع ثقته بنا! والآن نواصل العمل".
من الواضح، لن يتمكن اليسار من الانتصار إلا من خلال العمل المشترك. حتى الآن، تُظهر جميع استطلاعات الرأي للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني فوز مرشحي اليمين واليمين المتطرف، بغض النظر عن مرشح اليسار الذي يواجهونه.
من هي جانيت جارا؟
تنتمي جانيت جارا المولودة 1974 إلى حي شعبي يقع غرب العاصمة سانتياغو، وهي مناطق عرفت بكونها معقلًا تقليديًا للطبقة العاملة والنشاط النقابي. التحقت باتحاد الشبيبة الشيوعي في سن الخامسة عشرة عام 1989، وانتمت إلى الحزب الشيوعي التشيلي عام 1999، حيث عملت بكفاءة وهدوء، حتى أصبحت من أبرز قيادات الحزب النسوية. وهي حاصلة شهادة في القانون من جامعة تشيلي، وتتمتع بخبرة طويلة في العمل النقابي والاجتماعي، خصوصًا في مجالات الضمان الاجتماعي وحقوق النساء.
تولت جارا منصب وزيرة العمل والضمان الاجتماعي في حكومة تحالف اليسار بزعامة الرئيس الديمقراطي الاجتماعي الحالي غابرييل بوريتش من آذار2022 إلى ونيسان 2025، حيث استقالت من منصبها لتتمكن من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. وكوزيرة، نفذت جارا إصلاحات اجتماعية بارزة تركت أثرًا مباشرًا على حياة الملايين من العمال والمتقاعدين، من أبرزها: رفع الحد الأدنى للأجور تدريجيًا ليصل إلى ما يعادل 610 دولار شهريًا، أسبوع عمل من 40 ساعة بدلا من 45 ساعة، وعد ذلك نجاحا تاريخيا، زيادة الحد الأدنى للمعاشات التقاعدية وتعزيز برامج الدعم للعمال المستقلين، إطلاق برامج خاصة بتمكين المرأة في سوق العمل وتعزيز المساواة بين الجنسين، ودعم الحوار بين الحكومة والنقابات ورجال الاعمال. هذه الإنجازات عززت شعبيتها في النقابات وبين الفقراء والفئات الوسطى.