في الهند.. 250 مليون يُضربون ضد حكومة مودي العنصرية
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8402 - 2025 / 7 / 13 - 19:19
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
شهدت الهند، الأربعاء الفائت، إضرابًا عامًا جديدا، حيث أغلقت المتاجر أبوابها، وأغلقت الشركات، وقطعت خطوط السكك الحديدية والطرق السريعة. ووفقًا لتقارير عديدة، شارك أكثر من 250 مليون في جميع أنحاء البلاد في احتجاجا ت تكررت في السنوات الأخيرة ضد سياسات الحكومة التي يهيمن عليها القوميون الهندوس من حزب "بهاراتيا جاناتا" بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، والتي لا تُولي اهتمامًا يُذكر بالعمال والمزارعين، وتعطي الأولوية لمصالح الشركات. وكان المزارعون، في مقدمة المحتجين المشاركين في احتجاج "بهارات بانده"، وكذلك عمال الصناعة والمعلمون وموظفو البنوك والهيئات الحكومية. كما حظي الاحتجاج بدعم من قطاع تكنولوجيا المعلومات. وفي الهند، يُعد "بهارات بانده" شكلًا من أشكال الاحتجاج الموروثة من معارك الاستقلال الوطني، والتي تتضمن شل الحياة العامة بوسائل سلمية.
تنوع واتساع
أكدت العديد من المساهمات على أن الخروج المشترك لمختلف الفئات الاجتماعية إلى الشوارع، وتنظيم الاحتجاجات من قبل تحالف واسع متنوع، يعد مؤشرا على ملامح المستقبل. قاد الاحتجاجات تحالف "بهارات باند"، الذي يضم عشرة اتحادات نقابية وطنية قريبة من بين جهات أخرى، للحزبين الشيوعيين وحزب المؤتمر الهندي. بالمقابل رفض حزب "بهاراتيا مازدور سانغ" المشارك في حكومة مودي المشاركة في تنظيم ودعم الاضراب والاحتجاجات.
كانت أوسع مشاركة في ولايات جهارخاند، وتريبورا، وبيهار، وكيرالا، التي يحكمها تحالف الحزبين الشيوعيين: الشيوعي الهندي، والشيوعي الماركسي. ووفقًا لتقارير صحفية، كان هناك شلل اقتصادي شبه كامل. وشهدت ولاية البنغال الغربية الشاسعة، التي حكمها تحالف الشيوعيين لأكثر من ثلاثة عقود، لكن نفوذ التحالف تراجع تدريجيًا منذ مطلع الألفية الجديدة. والآن تشهد الولاية عودة قوية للنقابات العمالية، وكذلك لأحزاب اليسار، عكسته حركة الاضراب والاحتجاجات التي تسببت في عرقلة جديدة لحركة القطارات المحلية.
يعد التوسع في خصخصة شركات القطاع العام وزيادة الاستعانة بمصادر خارجية مجرد نقطتين من بين نقاط متنوعة أثارتها الحركة النقابية. وينصبّ التركيز بشكل خاص على حزمة من أربعة قوانين صدرت عام 2020 تحت ستار "تسهيل الحياة الاقتصادية". تُعيق هذه القوانين بشكل كبير تشكيل النقابات في الشركات، وتُقيّد حقوق الإضراب، وتُمدّد ساعات العمل، وتُلغي في الوقت نفسه تجريم انتهاكات الشركات. ومن الانتقادات الأخرى أن الشركات الكبيرة المملوكة للدولة، مثل السكك الحديدية، تُعيد توظيف المتقاعدين بدلاً من توظيف الشباب، على الرغم من أن 65 في المائة من السكان دون سن 35 عامًا، وأن البطالة في مستويات قياسية، لا سيما بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 – 25 عامًا، وهم في الغالب حاصلين على تعليم جيد.
أضف الى ذلك غضب حركة المزارعين بسبب تقديم الحكومة تنازلات شكلية فقط لحركة الاحتجاجات الواسعة والمستمرة منذ سنوات.
استمرارية تاريخية
من المعروف أن الهند تعيش منذ سبع سنوات أو أكثر احتجاجات متنوعة، منذ عام 2016، تجددت احتجاجات طلابية متكررة ضد الهجوم السياسي على الجامعات الحكومية الهندية. وتمثل جامعة جواهر لال نهرو اليسارية في العاصمة الهندية دلهي، والتي تضم 8 آلاف طالب فقط، أهم مراكز الصراع مع اليمين الهندوسي العنصري الحاكم. وتتمتع احتجاجات طلبة هذه الجامعة بأهمية اجتماعية وسياسية كبيرة، حيث يركز الطلبة المحتجون على الصراعات الاجتماعية المركزية في شبه القارة الهندية: محاولات اليمين الحاكم إحياء وترسيخ نظام الهرمية التراتبية الطبقية والاجتماعية، وفق تصنيفات دينية أو قومية موروثة، التمييز وعدم المساواة الاجتماعية واضطهاد المرأة. ولذلك فإن الجامعة غدت شوكة في عيون اليمين العنصري وسياسات الليبرالية الجديدة الاقتصادية. وفي عام 2019 اندلعت الاحتجاجات في الهند ضد تعديل قانون الجنسية، الذي سهل التغيير الديموغرافي على أسس عنصرية من خلال تجنس المهاجرين من غير المسلمين الذين دخلوا الهند قبل عام 2015، انتهاك صريح لدستور الهند العلماني.
وفي خريف عام 2020، شارك 250 مليون عامل في الهند في الإضراب العام الذي دعت له مجموعة من الاتحادات العمالية، احتجاجًا على سياسات حكومة اليمين المحافظ الداعمة للمستثمرين والشركات الأجنبية على حساب مصالح السكان. وكان تحالفٌ مُكوَّن من عدة نقابات عمالية مركزية قد دعا إلى إضرابٍ شامل على مستوى البلاد احتجاجًا على تمرير قوانين ضد حقوق العمال والمزارعين. ودعمت قوى اليسار السياسية والحركات الاجتماعية العمال المضربين.
والاضرابات العمالية بهذا الحجم واسعة المشاركة ليست جديدة على الهند، التي يبلغ عدد سكانها 1,4 مليار نسمة، حيث شارك قرابة 200 مليون عامل في إضراب تاريخي بداية عام 2019، وقرابة 150 مليون عامل في إضراب 2016، وقرابة 100 مليون في إضراب عام 2012 متجاوزين كافة الانقسامات العرقية والدينية..