المعضلة الشبابية


مصطفى مجدي الجمال
الحوار المتمدن - العدد: 8135 - 2024 / 10 / 19 - 00:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

هناك كيان هلامي ملفق اسمه تنسيقية شباب الأحزاب(المرضي عنها)، لا أحد يعرف منطق تشكيلها ولا ما يجمع خلطتها ولا علاقتها بالأجهزة.
أما المسوغات لانضمام الأفراد فأظنها تشمل، من بين ما تشمل: النسب والتوصيات ومهارة كتابة التقارير والرطانة والمظهر والروح الببغاوية والتطاول على المعارضة..الخ.
ولدي انطباع قوي بضعف الكيان وشكليته حتى ليبدو معظمهم "لابسين مزيكا".
وهو ما يجعلني أستعيد ملاحظات سابقة عن مواقف الحكام في تنظيم الشباب..
فبعد تجارب أحزاب ما قبل يوليو مع تشكيل ميلشيات شبابية بقمصان ملونة، عمل عبد الناصر على خلق نخبة شبابية جديدة تكون مؤمنة به وبتجربته في مواجهة بيروقراطية الدولة المنافقة والمتحينة لفرصة الانقلاب عليه.. فكانت تجربة منظمة الشباب الاشتراكي التي وضعت آلاف الشباب على عتبات متقدمة في الثقافة السياسية.. ولكن شاب التجربة التلقين والتأييد الأعمى.. حتى بات من أسس الترقي حفظ الميثاق الوطني وخطب الزعيم.. لذا لم يكن غريبا أن تتسرب إلى المنظمة أعداد كبيرة من المتسلقين والمنافقين.. وبعد وفاة الزعيم تفرقت بعض صفوف الاعضاء إلى أيديولوجيات أخرى غير اشتراكية (شيوعية واخوانية وليبرالية وساداتية..).
وبالنسبة للسادات فلم يكن يثق أبدا في معظم خريجي منظمة الشباب حتى من نافقوه. وذهب مذهبا مغامرا بالاعتماد على الجماعات الإسلامية لتصفية التراث الوطني والاجتماعي للناصرية.. حتى انقلب عليه هؤلاء و أمطروا جسده بالرصاص.
أما البليد مبارك فلم يكن مؤمنا سوى إيمان شكلي بالحزب الوطني وكوادره الديناصورية النهابة..
ولكن تغير الوضع في السنين العشر الأخيرة من ولايته حيث تدهورت صحته وكبر ابناه اللذان اقتسما السيطرة الفجة على عالمي المال والسياسة.. كما قلقت الأم من مصيرها ومصير ابنيها بعد وفاة مبارك.. ولم تجد حلا سوى التوريث الذي ستصبح بموجبه الملكة الأم.. فكان استدعاء جمال من لندن ليخترق أعلى صفوف الحزب الحاكم بدعوى الفكر الجديد... معتمدا بالأساس على نخبة من شباب الأعمال الفاسدين مع محاولة تكوين تنظيم لشباب "المستقبل" الذي اشتمل على جحافل من الباحثين عن الرحلات والمهرجانات والوظائف.. ولكن حينما وقعت قارعة ٢٥ يناير لم يجد مبارك وعائلته شابا واحدا مستعدا للذود عنهم.
ثم دخلنا فترة حكم الإخوان الذي جاء للسلطة بشبابه المنظم والمؤدلج على أسس الطاعة العمياء والاستعداد لخوض حرب أهلية من أجل السلطة والثروة. لكن تمت تصفيتهم ظاهريا خلال سنوات.
وكذلك واجه النظام الحالي معضلة تكوين جسد شبابي نخبوي ينافح عنه.. فمن يفعل ذلك؟
لم تكن لدى الكوادر غير المدنية المكلفة بذلك أية خبرة في هذا الشأن فكانت الاختيارات بالغة السوء والتي سمحت بلملة فسيفساء الحزب الوطني المقبور فضلا عن القرابات والشلل ومنعدمي الكفاءة.. وتم إغراق المختارين بالامتيازات والمناصب، فظنوا بدورهم أن الدنيا دانت لهم ففجروا، وايقنوا أن مقومات النجاح والوصول تتلخص في المظهر وزلاقة اللسان والتمجيد لأكاذيب كبيرة بما يعزز فرصهم في التربيطات.. ولم يقدم "النابهون" منهم للشعب سوى "الهمبكة" و"مسح الجوخ" والتسافل على المعارضة.
وفي ظني الغالب أن هؤلاء الهاموش سوف يولون الأدبار ولن ينفعوا النظام بشروى نقير عند أول أزمة كبرى.