التعديل الرجعي لقانون الاحوال الشخصية؛ هدية الامبريالية الامريكية وحلفائها الاسلاميين للمرأة في العراق


مؤيد احمد
الحوار المتمدن - العدد: 8063 - 2024 / 8 / 8 - 22:16
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات     

التعديل الرجعي لقانون الاحوال الشخصية؛
هدية الامبريالية الامريكية وحلفائها الاسلاميين للمرأة في العراق

مؤيد احمد

ان تيارات واحزاب الاسلام السياسي الحاكمة في العراق تؤكد ضمن ما تؤكد على ان الاسباب الموجبة للقانون المقترح لتعديل قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 هي ما ورد في المادة 2 من الدستور العراقي الحالي. يمكن للقراء الاعزاء الاطلاع على هذه الاسباب الموجبة في نهاية الوثيقة المرفقة مع هذا البوست والتي نقلتها من سايت “شفق نيوز”.
ان المادة الثانية من الدستور العراقي تؤكد على انه “لا يجوز سن قانون يتعارض مع احكام الاسلام”. وهنا جوهر الموضوع، ولب القضية، اذاً تكمن المشكلة في الدستور فأما ان يكون لديك دستورا مدنيا علمانيا ام دستورا دينيا، فلا يمكن الجمع بين الاثنين.
بمعزل عن نقدنا الاشتراكي للدستور، وبمعزل عن كونه في الجوهر دستورا لتنظيم نظام الحكم للبرجوازية القومية والاسلامية المحاصصاتية في العراق، فانه وبمدى تعلق الامر بدستور برجوازي مدني علماني، او دستور ديني، فان الدستور العراقي هجين بين الاثنين، والطاغي فيه هو الاخير اي الايديولوجي الديني، وهذا يشكل احد الاسباب واحدى الذرائع بأيدي هؤلاء الاسلاميين السياسيين الذكوريين وممثليهم في البرلمان كي يشنوا بين كل فترة واخرى هجمات وحملات برلمانية بشعة معادية للمرأة وابسط حقوقها وحرياتها المدنية والفردية.
ان الثورات البرجوازية العالمية في بداية صعودها في القرن السابع عشر في بريطانيا، والثامن عشر في فرنسا، والتاسع عشر في المانيا والقارة الاوربية، وفي صراعها مع الاقطاعية ونظام حكمها السياسي الاستبدادي وأيدولوجيتها الدينية المسيحية، استطاعت بدرجات متفاوتة من الصفاء بناء النظام السياسي البرجوازي على اساس فصل الدين عن الدولة والنظام التعليمي، وان يضمن تطابق الحقوق السياسية والمدنية للمواطنين في الدساتير مع الملكية الخاصة البرجوازية ومتطلبات نمو راس المال والرأسمالية. ان انشاء الدولة الملحدة اي الدولة التي لا دين رسمي لها اصبحت من وقائع ذلك العصر بدرجة معينة.
مع صعود الرأسمالية الامبريالية المعاصرة وتفاقم أزماتها ووقوع الحروب العالمية وتأخر الثورة الاشتراكية العالمية وسيادة الرجعية السياسية البرجوازية في كل النواحي، باتت صعود الفاشية البرجوازية من كل شاكلة ونوع من خصائص العهد في جميع انحاء العالم. فان نمو الاسلام السياسي في منطقة الشرق الاوسط والدفعة الكبيرة التي تلقته بعد صعود الجمهورية الاسلامية في ايران الى سدة الحكم، جزء عضوي من هذه التطورات الرجعية العالمية.
ان الرأسمالية الامبريالية ومنذ نشوئها وكما يشير اليه لينين في كتابه الامبريالية اعلى مراحل الرأسمالية، هي سيادة الرجعية السياسية على طول الخط بالنسبة للدول الامبريالية.
وان الدستور الذي يحكم العراق حاليا هو نتاج الحرب الامبريالية الامريكية على العراق ويعكس وقبل كل شيء هذه الرجعية السياسية الملازمة للرأسمالية الامبريالية والتي تتحالف بطبيعة الحال مع الاسلام السياسي وتياراته واحزابه في خنق حقوق وحريات المرأة.
لم يتولد الدستور في العراق نتيجة ثورة جماهيرية تحقق التغيير الجذري في كل ميادين الحياة لصالح العمال والكادحين والنساء والجماهير التحررية، وتصوغ انتصاراتها وتثبتها في الدستور. ما حدث في العراق هو انتصار الرجعية السياسية الامبريالية المتحالفة مع حليفها الرجعي الا وهو الاسلام السياسي والقوميين- الاسلاميين والطائفيين.
ان سر وجود المادة الثانية من الدستور ليس الا هذا العقم في التاريخ وهذه العودة المأساوية الى القرون الوسطى التي تدفع ضريبتها بدرجة الاساس النساء.
لا تتوقف البرجوازية الاسلامية والقومية الحاكمة في العراق عن تشديد حملاتها على الجماهير وهي سر بقائها، ففي محور تلك الحملات هي هجماتها المتشددة المستمرة على حقوق وحريات النساء.
في هذه المحطة في مواجهة الحملة الرجعية لتعديل قانون الأحوال الشخصية لسنة 1959، من الضروري ان يرفع الاشتراكيون الثوريون والجماهير التحررية ليس التخلص من التعديلات المقترحة فحسب، بل ايضا التخلص من المادة الثانية من الدستور وكل ما في الدستور من المواد والفقرات التي تحد من الحريات والحقوق السياسية والمدنية للأفراد.
31 تموز 2024