وبدأ الأسبوع الثالث لحصار درعا
هيثم مناع
الحوار المتمدن
-
العدد: 3363 - 2011 / 5 / 12 - 08:42
المحور:
المجتمع المدني
عظّم الله أجركم وبعد.. لم يكن لدى محدثي الوقت لطويل العزاء، فمن حوله كل آثار التنكيل والعقوبات الجماعية بأهل المدينة، وليس ثمة متسع للمشاعر الشخصية:
سجّل أخوي، الإتصالات مازالت مقطوعة، الكهرباء متقطعة، حظر التجوال شبه تام.. الخروج والدخول من كل منطقة في حي البلدة يحتاج لموافقة. رواتب الموظفين والعاملين في قطاع الدولة مازالت مقطوعة.. المدارس مغلقة والمساجد أيضا، محظور رفع الأذان، ولأول مرة منذ دخول الإسلام بلاد الشام تمنع الصلاة في المساجد يوم الجمعة..
لا يمكن لمحافظة قدمت حتى اليوم ثلثي شهداء انتفاضة الكرامة وجاوز عدد معتقليها أكثر من نصف من اعتقل في سورية بعد 18/3/2011 والبالغ ثمانية آلاف شخص، أن تكون أمثولة الشباب السوري.. لا بد من تحطيم صورة القدوة وتعميم فكرة حلول النقمة على كل من يقف مع التغيير الديمقراطي. فالمطيع في منطق السلطة التسلطية مدلل والثائر مكبل، والهدف الأول للحل الأمني هو تحطيم الإرادات.
لجنة من الأهالي تقوم بتقييم الخسائر المادية في البيوت والممتلكات وقد سجلت اليوم خسائر بعض منازل حارة الأبازيد: المحامي مثقال الأبازيد، عبد الرحيم الأبازيد، هيال الأبازيد، عاطف الأبازيد، عبد العزيز الأبازيد، طه الأبازيد، أحمد اليوسف الأبازيد، نزار الأبازيد... سجّل: حرق، تدمير، تكسير ممتلكات منزلية، سرقة أدوات ومقتنيات، نهب عام. حتى ثانوية بنين درعا البلد تم نهب محتوياتها. في حين أصيب مسجد أبو بكر الصديق.. تم احتلال جامع بلال وبيت يوسف الأبازيد وموسى العبد وأبو أشرف السويدان وسليمان الأبازيد لتستخدم مقرات للأمن والقوات الخاصة، ولكي تتساوى أماكن العبادة في المظالم جرى استخدام كنيسة شمال الخط مقرا لهم أيضا. اليوم رأينا عدة عواميد كهرباء تصل لتوضع مكان ما تم تحطيمه وتكسيره في الإسبوعين الماضيين. كل المحال التجارية تعرضت للنهب والسرقة من أجهزة الأمن والقوات الخاصة. مازالت الدبابات ترابط في المدينة، دبابتان عند خزان المياه الرئيسي، دبابة عند كل مصرف، ست دبابات عند المسجد العمري...
حدث جديد يقطع صمت حظر التجوال. لقد تم تشييع الشهداء حسن شحادة الأبازيد، بشار الأبازيد، أسامة بن الشيخ أحمد الصياصنة، عيسى غزلان، ياسر الأبازيد، عبد المحسن شحادة الأبازيد. وشارك في التشييع أكثر من 400 شخص يهتفون يللي بيقتل شعبه خائن، الشعب يريد اسقاط النظام.. وهذه أول مظاهرة مختلطة نسائية رجالية لأن آخر المظاهرات تحت الحصار كانت نسائية، ولم تتمكن مسيرات القرى القادمة من نصف القطر الشرقي والغربي قبل عشرة أيام، من الوصول لمدينة درعا. حيث حال إطلاق النار الكثيف واستشهاد أكثر من مئة متضامن من وصول المسيرتين إلى الأحياء المحاصرة.
مازالت مراكز الاعتقال المؤقتة والدائمة تعج بالشباب، ولا يشكل الإفراج اليوم عن قرابة عشرة سجناء نسبة تذكر لما بقي من معتقلين. أخبار باقي المحافظة ما زالت تحمل رائحة القتل العشوائي والتنكيل والتوحش الأمني. نوى ما زالت محاصرة، طفس تستعيد بعض أنفاسها، جاسم ونمر وإنخل تضمد جراح الأمس، 14 شهيدا من الحارة اليوم فقط بينهم طفلين وأربع نساء وقد أحرق مشفى الرحمة في البلدة. قوات الأمن تدخل مدينة الحراك من الجهة الغربية بعد الغروب.
يبدو أن عددا من الطلبة قد حاول التظاهر في المدينة الجامعية في حلب، في حين تستمر الإتصالات من أجل الإبقاء على تظاهرات يوم الجمعة في عموم محافظات سورية.
ثمة حوادث متفرقة يتحدث عنها التلفزيون الحكومي السوري، في حين أوردت حركة شباب 17 نيسان للتغيير الديمقراطي تقريرا مختصرا من مدينة بانياس جاء فيه: بعد انقطاع تام للكهرباء والمياه والإتصالات الخليوية وخطوط الهاتف دام أربعة أيام، وبعد عودة خطوط الهاتف الأرضية جزئيا الى المدينة، ينكشف حجم الدمار والترويع الذي لحق بالبلد وأهلها وقراها المحيطة من الجهة الغربية. مئات المعتقلين تم تجميعهم في الملعب البلدي وحي القوز حيث تم إنشاء مركز للاعتقال. المعاملة المشينة والتعذيب من الإهانات والتدعيس والضرب والجلد في مراكز الاعتقال المؤقتة. معظم الشباب والرجال بين معتقل وهارب ومتخف. عدد من المعتقلين اقتيد إلى القرى المجاورة لتتم أهانتهم واتهامهم بالعمالة والخيانة، تم الاعتداء على الطاقم الطبي في مشفى الجمعية في بانياس البلد واعتقالهم وتعذيبهم .. لم يتركوا شخصية ذات شأن إلا وقاموا بإهانتها من أطباء وصيادلة ومهندسين ومشايخ وشخصيات اعتبارية . تم الإعتداء على عدد كبير من البيوت حيث نرى آثار السرقة والتكسير. مئات البيوت تم نهبها وسرقتها خصوصا التي لم يكن أهلها متواجدون في المنزل وتم احتلالها من قبل الشبيحة والأمن يسرقون ما يمكن حمله ونقله من المنازل من شاشات التلفزيون حتى ملابس الأطفال!! ويكسرون ما لا يستطيعون نقله كالأبواب والنوافذ وأدوات المطبخ.. تم تخريب وتكسير جامع الرحمن الذي يخطب به الشيخ انس عيروط .. وسرقة مافيه من فرش وأثاث ونحوه . وتم الاعتداء بشكل كبير على المنازل المحيطة بالجامع (وبخاصة مكان إقامة الشيخ وعائلته) وثقب خزانات المياه المتواجدة على الأسطح في عمليات تخريب واضحة. تم سرقة وتكسير بعض المحلات التجارية وبخاصة المحلات الإلكترونية ونهبها وتم سرقة جمعية البر والخدمات الاجتماعية القريبة من مبنى البلدية وهي تحتوي على مواد تموينية ومستلزمات ضرورية للفقراء والمساكين".
لا تحرص السلطات الأمنية البتة على إخفاء تغولها ووحشيتها، بل أحيانا تحاول نشره على الملأ كوسيلة من وسائل الترهيب واستعادة سلاح الخوف. ويبدو أن مختصيها يعملون بكل الوسائل لتحويل مناطق وأحرار الإنتفاضة إلى قوة نابذة عوضا عن أن تكون قوة جاذبة. على الصعيد الإقليمي وجه رئيس وزراء مصر رسالة ثانية للأسد، وعلى الصعيد الدولي أغلق الباب أخيرا أمام عضوية سورية لمجلس حقوق الإنسان وفرضت عدة عقوبات شخصية. وسائل الإعلام خففت بشكل بارز حجم تغطيتها للأحداث السورية. ويبدو أن ترويج السلطة لفكرة تقول بأن الأيام الصعبة خلفها وليست أمامها، جعلت العديد من مكاتب البورصة السياسية تعيد النظر في أسلوب تعاملها مع الإنتفاضة. إلا أن الشباب الذي كان مركز القوة الفعلية، ونقطة ارتكاز المقاومة المدنية لم يقل كلمته الأخيرة.
مساء الأربعاء 11/05/2011