أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فؤاد بوعلي - سؤال الآخر في المشترك العربي















المزيد.....



سؤال الآخر في المشترك العربي


فؤاد بوعلي

الحوار المتمدن-العدد: 1945 - 2007 / 6 / 13 - 12:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


1 ـ قـبـل الـبـدء :
لا يخفى أن لكل زمان سؤاله الذي يعبر عن شروطه الوجودية . ومن قدر الأمة العربية، أو من سوء حظها ، أن أسئلتها تتوالى في ظروف زمنية قصيرة دون أن تقدم لها أجوبة شافية . فمن سؤال النهضة ، إلى سؤال التحرير ، إلى سؤال التنمية.....ظلت الإجابات معلقة والأحداث متتابعة . فلا النهضة تحققت ، ولا الاستقلال اكتمل ، ولا التنمية نجحت ... فكل الإشكالات غدت مطروحة بشكل متداخل في التجربة العربية الراهنة .
ولا يختلف المتتبعون للشأن الثقافي والسياسي أن السؤال الجوهري لحوارات العقد الأخير هو سؤال الآخر. فمنذ زلزال سبتمبر ، غدا الحديث عن التواصل الحضاري بين الشرق والغرب هو محور النقاشات الأكاديمية والسياسية داخل الوطن العربي وخارجه . حيث بدأنا نشهد سباقا محموما بين الأنظمة والمؤسسات الجامعية ومراكز البحوث والهيئات الدينية من أجل تنظيم لقاءات فكرية وندوات علمية تتداول في أسس التواصل بين الحضارتين العربية والغربية . فمن الرباط إلى القاهرة إلى الدوحة ، مرورا ببرشلونة وواشنطن ، غدا البحث عن سبل اتقاء الصدام أمرا جوهريا في نقاشات الباحثين والسياسيين بغية بناء جسور الثقة بين العالمين . لكن الثابت في كل الكلام الذي يدور هو التمركز حول الذات . حيث عادة ما يشكل الغير عنصرا هامشيا في النقاش وتشكيل الوعي بالعلاقة . إذ إن قراءتنا للأخر مبنية على إحساسنا الظاهر بعدوانيته وجبروته وقوته وانعدام الكفاءة الحوارية لديه . فكل الكتابات والتحليلات التي وقفت عند قراءة الآخر لا تعدو قراءة لمواطن المواجهة والتعارض . ونحن هنا لسنا في مقام الدفاع عن الغرب بل نود تحويل منظار التحليل نحو زاوية تم تناسيها أو تجاهلها هي نظرتنا نحن ، مثقفين وسياسيين وأكاديميين وعاديين ، إلى الآخر . ومن ثم نطرح الإشكال التالي :
من هو الآخر في المشترك الجمعي لدى الإنسان العربي ؟
وهل صورته تتحدد بتناقضات وجودنا أم برؤيته الخاصة لتركيبة هويتنا وحياتنا ؟
بمعنى آخر : من يحدد صورة الآخر لدينا : سلوكه المتعدد أم تصورنا المسبق عنه بناء على ميراثنا الثقافي وعجزنا عن مواكبة حضارته ؟

2 ـ الجحيم هو الآخر أو سمات الآخر في العقل العربي
" الجحيم هم الآخرون" . عبارة طالما رددها سارتر للتعبير عن رؤيته الوجودية للغيرl autrui المؤسسة على التشييء . ونحن نستعيرها للتعبير عن الحالة العربية في تعاملها مع الآخر . فقد تحدد الآخر في الممارسة العربية بأنه الإنسان الغربي ذو الأصول الآرية والحضارة الأوربية واللغة اللاتينية . وهذا التحديد لم يأت عبثا ، بل هو تراكم لعناصر التلاقي التاريخي فرضته حتمية الفضاء الجغرافي . إذ عرف التاريخ القريب والبعيد محطات كثيرة أجبرت الإنسان العربي على إجمال الآخر في النموذج الأوربي ، كان أبرزها المحطة الإمبريالية التي صدمت العقل العربي بسؤال الحداثة والنهوض . وإذا كان التواصل قد طبع مراحل معينة من هذا التلاقي ، مثل المرحلة الأندلسية ، فإن السنين الأخيرة قد أبرزت أن الصدام هو السمة البارزة كما بشر به هنتغتون صاحب"صدام الحضارات" . بل إن الباحث في المجال يجد في المؤشرات التاريخية والدينية سندا رئيسيا لطرح التنابذ بدل التواصل . ويمكننا الاستدلال في هذا المجال بالكتاب المشهور للرئيس البوسني الأسبق عزت بيغوفيتش (الإسلام والغرب) الذي ركز فيه على العمق التاريخي للصراع. وكأن الحالة القدرية العادية هي الصدام أما التواصل والمسالمة فأمر طارئ . وكما يعبر عنه في منتدياتنا " الشرق شرق والغرب غرب".
فجل الدراسات المهتمة بالعلاقة بين الغرب والشرق أو التي تُنَظر لمشروع بناء الذات تنحو منحى التأصيل لمواطن الصراع. فرغم الاقتناع بضرورة الانفتاح على الآخر باعتبار أن "الحوار مع الغرب فريضة وضرورة لنا ، حتى يفهم ماذا نريد لأنفسنا وللناس "1 ، فإن الحس الدفين هو النظر إلى الغرب باعتباره نموذجا للعدو التاريخي . وكما يقول الدكتور القرضاوي : " ها نحن اليوم نرى آثار هذه الروح الصليبية الموروثة تظهر بين الحين والحين في مجالات شتى . نرى أثرها في موقف الغرب من إسرائيل المغتصبة ومن شعب فلسطين المعتدى عليه . نرى أثرها في موقف الغرب من ليتوانيا النصرانية ومن أذربيجان المسلمة في الاتحاد السوفييتي .نراها في تحرك رجالات فرنسا وإيطاليا وأسبانيا خشية من خطر المد الإسلامي في الجزائر. نراها في موقفه من قضايا جنوب السودان وأريتريا وكشمير والفليبين وغيرها من القضايا السياسية الإسلامية "2 . ويصل الشيخ في الأخير إلى القول : "وما لنا لا نحاوره وقد سن لنا القرآن سنة الحوار مع المخالفين وجعل ذلك إحدى وسـائل الدعـوة إلى الله "3.
في نفس السياق ، يذهب الدكتور طه عبد الرحمان إلى أن " الأمة الإسلامية منذ فجر الواقع الكوني مع فترة الاستعمار الاستيطان الأوربي إلى طوره الأخير المتمثل في العولمة والذي يشهد ظهور الاستعمار الإمبريالي الأميركي تتعرض لمفاسد ثقافية أو قيمية متفاحشة تحرمها من حقها في الاختلاف الثقافي ، كل مفسدة هي عبارة عن إحداث فصل بين القيم الثقافية وبين أصولها الإيمانية التي تجعل من الثقافة الإسلامية ثقافة متصلة "4. فما فعله الغرب هو أنه غَيَرَ جوهر الثقافة الإسلامية ووجهها نحو الاستتباع والتخريب . لذا كان الجواب الإسلامي الذي يعرضه الدكتور طه هو دفاع عن حق الاختلاف وإقرار بأن خصومه سيكونون بالنتيجة خصوما لمبدأ الاختلاف5.وهكذا يقدم الجواب ويحشر مخالفيه في ركن الاتهام .
من خلال هذين النموذجين لعلمين من أعلام الثقافة الإسلامية المعاصرة من وجهيها الفقهي والتنظيري المنطقي تبرز الصورة التي يحضر بها الآخر في العقل العربي . لا نحب أن نكرر في هذا الإطار ما حرق بحثا ، لكننا نريد أن نقف عند جانب هام من الرؤية العلائقية بين العالمين كما تبدو في رؤى الباحثين .
ففي علاقتنا بهذا الآخر نتهمه بنظرته الدونية والصراعية وأصوله الهمجية وثقافته الميكيافيلية البراغماتية ونظرته الشمولية ......وما إلى ذلك من النعوت والأوصاف . لكن لم نجد من يقف عند وصف الرؤية العربية لهذا الغرب أو الآخر . فقد ترسخ في الذهنية العربية أن التواصل يعني معرفة الآخر بنا وفهمه لطبيعتنا وعمقنا التاريخي ، لكننا دوما ننسى أن الغرب الذي نتحدث عنه ونلتمس منه التواصل مختزن في قدرتنا المعرفية كنموذج للآخر المتسلط العدواني الأناني الهمجي الإمبريالي الكافر ..... نحن هنا لسنا في مقام الدفاع عن الغرب وحضارته ، لكننا في مقام التحليل النقدي للمشترك الفكري . أو بالأصح لصورة الآخر الذي يسكننا. ففي كل المحافل والمنتديات يتكرر الكلام عن سلبيات الأخر في تعامله مع الذات لكننا لم نقف عند نقد رؤيتنا نحن له .
فمن غريب الأمور أننا رغم سنين الاستعمار والصراع لم نستطع معرفة الغرب الساكن فينا إلا من خلال نموذجين : نموذج المغترب ونموذج المستلب . فالأول هو القادم على الحضارة الغربية بتصور رافض لها ومجبر على العيش في فضائها . أما الثاني فهو متبن لصورة الآخر ومعتقد بأسبقيته الحضارية وفي نفس الوقت يجد نفسه مجبرا على الانتقاص من وجوده ومراجعة قيمه . نمثل للأول بالعامل المهاجر الذي فرض عليه الحياة في واقع /ملجأ كوني. وللثاني بالمثقف المتغرب الذي يعرض حسنات الآخر على واقعه مدعيا امتلاكها لقيم الحضارة الحديثة والذي يصل في أحيان عديدة إلى الهجوم على ذاكرته وقيمه الحضارية كما فعل الطاهر بن جلون في "ليلة القدر" . وقدم النموذجان معا صورة سلبية عن الغرب مما دفعنا إلى النظر إليه من زاوية الرفض والدفاع . رفض القيم الغربية والدفاع عن هويتنا . لذلك اتسمت نظرتنا للآخر بسمات أساسية هي : الثبوتية والتنميط والتباين والنزعة النقدية.
أ ـ النظرة الثبوتية : تعني النظر إلى الآخر كحالة ثابتة غير متغيرة . فدوما نحيل الصدام مع الآخر سواء كان مصلحيا أو مؤقتا أو حدوديا على الماضي السحيق . فالأمريكيون الذين احتلوا العراق هم أبناء أوربا المنبوذون وخريجو سجونها . والدانماركيون الذين انتقصوا من معتقداتنا هم ورثة الهايكينج ...... وكأننا نتصور التاريخ كتلة ثابتة تتكرر كل حين وآخر. وهذه الرؤية تجعلنا "تاريخانيين" على حد تعبير الجابري. أي أننا نكرر صراعات الماضي ونعيد إنتاج نفس الأنماط التقليدية من الصراع والمفاهيم . ونظل نعيش في دائرة ماضوية نتصارع داخلها . فالعديد من المفكرين الإسلاميين ، أمثال السيد قطب ومحمد أسد6 وغيرهما ، اعتبروا الآخر بكل قيمه وحضارته ومعارفه مجرد "جاهلية " حديثة . وللجاهلية في هذا التصور معنى متعدد المفاهيم يمكن سحبه على كل مجتمع اتصف بها ." وبهذا تكون الجاهلية مفهوما عاما لا يصف حالة الجزيرة العربية قبل الإسلام ، بل حالة كل مجتمع توفرت فيه السمات الثلاث : حمية وعصبية تنافيان التحزب لله عز وجل ، ثم الجهل بالله عز وجل ولو كانت المعارف الكونية غزيرة ثم ما يترتب على تينك المقدمتين من عنف "7. وكأن التاريخ توقف عند مرحلة معينة من زمن العربية والإسلام. ومثل هذه الأوصاف وغيرها حجبت عنا معرفة حقيقة الآخر : الحقيقة التي تعني غرب القرن الواحد والعشرين ليس هو غرب الحروب الصليبية أو نموذج أعرابي الجزيرة ، وأن معايير التمايز مختلفة باختلاف العصور والعهود . حيث غابت عنا النظرة الواقعية التي تبغ قراءة موضوعية لمفاصل التفكير لدى الآخر التي تمكننا من تغيير فهمنا له وأسلوبنا في التواصل معه . كما أن هذه التسميات القدحية تجعل فكرة الحوار بشروطه النظرية والتطبيقية غير ممكن . لأن الحوار هنا لا يبغ الإقناع كما هي العادة في كل الحوارات الداخلية8 ،أو فرض الاعتقاد الخاص ، بل هو عرض لمواطن التلاقي والاختلاف بغية ضبطها والتركيز على محاور الاشتراك. ونعتقد أن توجيه الحوار بمثل هذه الخطابات التبشيرية لا يفيد في معرفة الآخر .
ب ـ التنميط المعرفي : نظرتنا إلى الآخر نظرة شمولية كلية تجمع الكل داخل سلة واحدة . فالغرب غرب والشرق شرق . ولا ننظر إلى التعدد الموجود ولا إلى التناقضات الداخلية والاختلافات الذاتية للآخر. وهذا هو الذي أدى إلى إفشال جميع التجارب الحوارية معه . لأننا لا نحاور كتلة متجانسة بل نسيجا من الكتل المتعددة والمختلفة . فلكل واحد تصوراته الخاصة ومعتقداته وأسلوبه في الحياة . وتنميطنا لكل هذا المتعدد داخل قالب واحد يمنعنا من رؤية التناقضات والاستفادة منها . وحتى عندما نكتشفها يغلب علينا الشك في استغلالها مما يهدد اقترابنا منه. ولعل غلبة السمة الدينية على الحوار هي التي تؤدي إلى إفشاله . فإذا كان العامل الديني حاسما في التركيبة الثقافية والاجتماعية للمجتمع العربي ، فإن التطورات التي عاشها الفضاء الغربي أدت إلى عزل المرتكز الديني وتهميشه إلى حد كبير . بل إلغائه في العديد من الدول . لذا نجد أن تركيز المؤسسات الدينية على المحور الديني في التواصل يفقده واقعيته وراهنيته ، بل يجعله حوارا مع الذات لا مع الآخر. ويمكن الاستدلال على ذلك بالعديد من المؤتمرات التي تقيمها المجامع العلمية والمجالس الدينية اعتقادا منها أنها تبحث عن التواصل المفقود9 . ولو قرأنا تجربة الشيخ يوسف القرضاوي في هذه الحوارات الدينية لوجدناه قد وصل إلى تقييمها بأنها لا تعدو خطابات رسمية ونقاشات فضفاضة ومضيعة للوقت . لأن بكل بساطة رجل الدين لا يملك مفاتيح القرار في وطنه . فلم التحاور إذن ؟. فإذا كنا نتهم الغرب الأمريكي بأنه يحاول " فرض رؤيته الخاصة ومعاييره الثقافية على باقي الأمم معمما عليها نمطه الخاص في التفكير والسلوك "10 ، فإننا نؤسس ـ بالمقابل ـ تعاملنا معه على تنميط ثقافي وسلوكي لا يفرق بين النماذج المختلفة للآخر ولا يميزها عن بعضها البعض . ففي صورتنا عنه يتداخل الليبرالي مع الاشتراكي ، والسياسي بالثقافي ، ونجمع الكل في سلة واحدة : ففوكو مثل سارتر ، وماركس مثل ديريدا ...وهكذا دواليك . لا فرق في أذهاننا بين المختلفين مادام الجميع ينتمي إلى نفس الفضاء الثقافي والحضاري. وأعتقد أن هذا المقياس هو الذي حكم نظرة إدوارد سعيد للاستشراق فأدرج ماركس في سلسلة المستشرقين الغربيين .ولذلك اعتقد جمع من المفكرين أن طروحات فوكوياما المبشرة بنهاية العالم ليست رأيا خاصا أو منفردا في مجال البحث الاستراتيجي بل هي تعبير شمولي عن الفكر الغربي بكل مفاصله . يقول أحدهم "قيمة ما يعرضه فوكوياما لا تكمن في أطاريحه ، إنما لأنه يعكس خلفية السياسة الغربية في عالمنا المعاصر وخاصة بُعَيد انهيار الشيوعية "11 .
وهذا التنميط الفكري والمعرفي هو المسؤول عن عجزنا عن فهم الآخر بالرغم من سنوات التلاقح والتواصل والاستيلاب .لأننا نظرنا إليه من منظار التوحد والتوحيد الفكري الذي يطبع حياتنا الثقافية ويقولبها داخل نمط معرفي واحد غير قابل للاختلاف .
ج ـ التباين الحضاري : اعتمادا على التاريخ والعقيدة نجد أنفسنا دوما في مسافة بعيدة نسبيا عن هذا الآخر. وهذه المسافة تتسع كلما انضافت لها عناصر أخرى للمزايلة مثل العرق والجنس والمصالح ... وبطبيعة الحال فالمسافة المعرفية تجعل التواصل أمرا مستحيلا ، لأنك لا يمكنك أن تقارب موضوعا إذا لم تقترب منه. وهذا يؤدي إلى سوء الفهم كما حدث عند ترجمة نص خطاب ملكة الدانمارك بما يخدم المواجهة . فالمشترك العربي يرى في الآخر عنصرا مزايلا حد التنافر والتضارب . وللتباين مظاهر عديدة منها الخوف وفكرة المؤامرة والاختلاف في مستوى التقدم والاعتقاد بحتمية الصدام وتضارب المصالح والاحتقار الثقافي...إضافة إلى أن المنتدبين للحوار في الطرف العربي لا يمثلون القاعدة الشعبية بقدر ما يمثلون نخبة فكرية أو سياسية منفصلة عن الذهنية العامة . فيكفي أن نستقصي التراث الشفوي الشعبي المتداول في مجتمعاتنا الشرقية لنرى أن النظرة إلى الآخر "الرومي" أو "الصليبي" محفوفة بالتأطير الدوني التحقيري . ويعبر عنها عادة في الدول العربية بألفاظ وعبارات من نحو ("حاشاك" في دول شمال إفريقيا ) والتي تشير إلى أن الآخر ليس إنسانا عاديا ، أو بالأصح ليس في مستوى المواطنة الحقة. وهذا يجعل التواصل وهما من أوهام الحرب الحضارية الجديدة والمستمرة أو بالأصح فالحوار المزعوم هو صراع خفي . وللتاريخ مجال تدخله . فالفضاء الثقافي الذي يحكم المجتمع الغربي والإنسان الغربي ليس وليد العصر الحالي، بل لكل المفاهيم السائدة أصولا في التاريخ القديم . وهكذا نعتقد أن "نظرة الغرب المبنية على فلسفة إسبارطة وأثينا في إحالة الحلفاء إلى أتباع "12 ، ليست وليدة العلاقات السياسية والمصلحية . كما أن المفاهيم السياسية المتداولة في المؤسسات الغربية هي استمرار لنقاشات "الأكورا" وثقافة الساحة الرومانية وصراعات الأولمب . مما يجعل التباين هو الأصل والاتفاق فرع طارئ.
د ـ الرؤية النقدية : عندما تطالع الأبحاث المعالجة للتواصل مع الآخر تجدها تختلف في الرؤية والمنهجية المعتمدة لكنها تتفق في نقطة محورية واحدة : توجيه النقد للآخر . فالغرب ـ حسب طه عبد الرحمان مثلا ـ مارس في حق الأمة الإسلامية مفسدة أساسية هي التخريب الثقافي "يتجلى هذا التخريب في مختلف أعمال الإنسان الكوني ـ في طوريه الأوربي والأمريكي ـ الرامية إلى نسف قيم الثقافة الإسلامية بكل الوسائل المتاحة لديه ، نذكر من هذه الأعمال التخريبية التشكيك في الثوابت العقدية للدين الإسلامي والتطاول على مقدساته بدعوى تحري النزاهة والموضوعية .."13. حيث ننظر إلى أن القيم الإسلامية والمجتمع العربي والأمة بشكل أوسع هي خاضعة لتهديد الانمحاء من الوجود الحضاري بسبب التأثير الغربي . فالغرب مصدر الفساد والانحلال والشرور كلها .
كما أن الخطاب الذي نوجهه للآخر مبني على النقد اللازم لكل محاولاته الحوارية لأن الأصل عنده هو النظرة الاستعلائية أو ما يسمى "عقدة تفوق الإنسان الغربي والعقل الغربي والحضارة الغربية والنظر إلى الغرب أنه سيد العالم وأن أوربا هي أم الدنيا وأن التاريخ من الغرب بدأ وإليه يعود "14. وولوجنا عالم التواصل مع الآخر مؤسس على هذه القناعة مما يحكم على كل محاولاتنا مسبقا بالفشل .
3 ـ أوهام الذات ومشروع الاختلاف :
يعتقد في المشترك الجمعي أن إدراك الغير يتم عبر بنية من العلاقات الثابتة . وقد ظلت نظرتنا إليه محكومة بصورتنا لذاتنا . فتصورنا الذاتي مبني على جملة من الأوهام التي سيطرت على الممارسة الحياتية للإنسان العربي وجعلته يقيم الآخر بناء عليها . فمن هو الآخر إذن ؟ الآخر بالنسبة لنا هو كتلة شعورية وثقافية واجتماعية وحضارية مناقضة . والمشترك معه ، بالرغم من كل الشعارات والخطابات المدبجة ، هو الواقع الجغرافي . وتنميطنا له ينطلق من صورتنا الذاتية التي تؤمن بالعديد من المطلقات وترى فيه نموذجا لصورتنا . وهذا هو ما سميناه بأوهام الذات ومشروع الاختلاف . حيث لا نحاور مخالفا وإنما نحاور صورتنا في الآخر . وهذا يجعلنا ننظر إلى كل آرائه وتصرفاته انطلاقا من مرجعياتنا المتمركزة حول ذاتنا فتغدو مطالبنا منه عديدة وغير محدودة . بل الأكثر من ذلك أن حواراتنا معه تكون بقصد جلبه نحو الدائرة الذاتية تحت مسميات عديدة مثل : الدعوة أو الاستقطاب أو التحييد ... أو غير ذلك . وننسى دوما بأننا نحاور مخالفا ينبغي أن نعترف بوجوده قبل معرفته ومحاورته . لأننا نقف دوما عند حدود أحكامنا الذاتية.
ويمكن إيجاز الحديث عن أوهام الذات التي تحكم علاقتنا بالآخر في : وهم السمو الحضاري، ووهم الائتلاف الذاتي .
أ ـ وهم السمو الحضاري :
في المشترك الجمعي العربي أن الإنسان العربي يتميز بنوع من السمو الحضاري والثقافي . فكل المشاريع المتعاقبة على مسرح السياسة والفكر العربيين تنطلق من هذه المسلمة . فمن الطرح القومي العروبي إلى النزعة الاشتراكية في كل صيغها وصولا إلى المشروع الإسلامي بمختلف صوره ، نجد نزوعا نحو الإقرار بالعلو الحضاري للإنسان العربي . وتجد هذه التوصيفات سندها في التاريخ أو الدين أو العرق . وإذا كنا هنا لسنا في مجال مقاربة مدى صحة هذه الطروحات ، فإننا نقر بأنها قد ساهمت إلى حد كبير في انسداد التواصل مع الآخر . فكيف تحاور آخرا وأنت مقر بدونيته ؟ بل كيف يمكنك أن تتواصل معه وتؤسس لفضاء واحد وأنت تبني كل طروحاتك المعرفية على سموك التاريخي والواقعي ؟ .
والواقع الذي نحاول إثباته هي أنه عندما يصطدم الفكر المتخلف بواقع التدهور في كل الميادين يلجأ إلى التاريخ بحثا عن منابر نيرة يؤسس عليها طرحه الواقعي .ولذلك نجد أن ما كتب عن التاريخ وما ألف من مصنفات في أعلام الماضي هو أكبر بكثير مما ألفه القدماء أنفسهم . فالمكتبات العربية مليئة حد التخمة بدراسات وأبحاث ظلت تقارب الأفكار القديمة وتتناولها بالتحليل والدراسة. وهذا يحيل على حقيقة الاعتناء بالذات .
فإذا كان الآخر يؤسس توصيفه على مركزية غربية مؤداها نهاية الحضارات وكونية القيم الغربية 15 ، فإن الدراسات العربية تسير كلها إلى تقرير حقيقة التصادم بناء على أسس القوة الحضارية والمنعة الفكرية التقليدية . فالتاريخ المجيد للأمة والانتماء الديني والشعور بالقوة المفقودة كلها تنتج قناعة لدى عموم المفكرين بأن للأمة العربية سموا حضاريا لا يدانيه الفساد الغربي . وهذا بحد ذاته يخلق نوعا من الرفض المختزن في الذاكرة العربية .."ورفض الآخر إسلاميا لا ينبني غالبا على أسس منطقية أو علمية بقدر ما ينبني على رفض ارتكاسي أو مقرر مسبقا وهذا بحد ذاته خلق مشكلة عدم التكيف مع المستجدات العصرية" 16. صحيح أن كل المتحدثين عن الشأن الحواري يكررون شعارات مستهلكة من نحو الحوار الحضاري والتعدد والاختلاف ..لكننا نحن نحلل المشترك الذهني المبني أساسا على قناعات ثابتة وليست ظرفية طارئة . وأهم هذه القناعات هي الاعتراف بالقوة الذاتية . فكلما تعانيه الأمة هو ظرف طارئ قد يتغير يوما وأن الأصل في الأمة هو القوة والنصر والفلاح ...وما إلى ذلك . وهذا ما يخلق نوعا من الحالة الانتظارية والارتكاس وانتشار العقلية الخرافية بكل مستوياتها ويجعل علاقتنا بالآخر مؤسسة على الفارق الذاتي والذي يغلق أبواب التواصل .
ب ـ وهم الائتلاف الذاتي أو وهم الجماعـة:
يرتبط المشترك العربي بقناعة التوحد الفكري والثقافي . فالأمة في هذا التصور العام هي واحدة منطلقة من أصل واحد وذات مبادئ واحدة. وبالرغم من الهزات التي عاشتها يبقى السائد هو سيطرة الواحدية سلوكا وممارسة . حيث ننمط الجميع داخل قالب واحد من التفكير المسيطر سياسيا وفكريا . فالعالم العربي شهد ويشهد في الوقت الحالي أبرز عقود الاستبداد السياسي والفكري الذي يجعل من مبادئه تجميع السلطات كلها في يد مؤسسة أو شخص واحد . وانعكس الأمر على الفكر ، فساد منطق الخطاب الواحد وتفسير المؤسسة الواحدة حيث اعتبرت كل الاجتهادات الخارجة عن النسق العام خارجة عن دائرة الجماعة . إذ يذهب جل المنظرين إلى أن الجماعة الإسلامية قد تأسست حول النص الديني ، ومن ثم أخذت قدسيتها كحقيقة ملازمة له قوة وتأثيرا . والثابت لدى المفكرين أن الإنسان العربي ، بالرغم من سيادة القطرية والبرامج المحدودة زمانا ومكانا ، يظل في قرارة نفسه شاعرا بالانتماء لوطن أكبر هو الأمة أو الجماعة الإسلامية . لكن مظاهر التخلف التي سادت طيلة قرون عديدة جعلت الإحساس بالانتماء الأممي ينتقل إلى قناعة بالتوافق الذاتي واتفاق الجميع على رؤية موحدة .فانتفى بذلك التعدد والاختلاف الداخلي ، وغدا كل مخالف للرأي مخالفا للجماعة ومن ثم خارجا عن الإسلام . غير أن وحدة الجماعة ليست في الواقع إلا مظهرا للتعدد والتناقض الداخلي . و أدى هذا التصور إلى نتيجيتين :
أولاهما : أن التمثيلية المتحاورة مع الآخر تتكلم باسم الجميع وهي لا تمثله . فجل المتحاورين المنتمين إلى مؤسسات دينية أو سياسية أو فكرية ينطلقون من أنهم يمثلون الأمة لا أنفسهم . لذا فخطابهم مبني على الإطلاق لا النسبية .
ثانيتهما : سحب الصورة الشمولية الواحدية على الآخر . فنحن نحاور آخر متعدد وليس متوحد التصورات والمبادئ . لكننا نريد أن نصبغ عليه واحديتنا ونعتبره تمثيلا كليا للآخر . وهذا يجعل التواصل غير ممكن والحوار مع الآخر مستحيل ولا يخلص إلى نتائج .
هذه الأوهام الذاتية هي التي تجبرنا على الانغلاق على الـذات . وكما قلت سلفا فنحن لسنا في إطار جلد الذات بل تعريتها أمام النقد الذي نفتقده في واقعنا . وكل من حاول الوقوف عند مواطن الخلل ينسب إلى العمالة أو الخيانة أو التكفير أو غيرها. لكن إنجاح معرفتنا بالآخر والجواب عن إشكال الآخر هو الكفيل بإنجاح مشاريع الحوار المختلفة عبر فقه التواصل الحضاري .

خاتمة :في الجواب الحضاري / بناء العقلية التواصلية .
إن بناء علاقة سليمة مع الآخر تمر في اعتقادنا عبر تأسيس عقلية التواصل الحضاري ومواجهة قيم الانغلاق . ومقصودنا بهذه العقلية هي إدراك الآخر في صورته المختلفة عن صورتنا الذاتية . فلا نفرض عليه نموذجنا الفكري ولا مركزيتنا العقلية .وإنما نستوعب عناصر التواصل الناجح . وفي رأينا أن الجواب التواصلي يكمن في جملة من العناصر :
ـ إدراك الغير أو الآخر ينبغي من خلال اعتباره كلية متحركة ومتعددة وليس قالبا نموذجيا للإنسان الغربي المرتبط بديانته وأصوله اليونانية والرومانية .
ـ التمركز حول الذات يغيب عن مجالنا كل إمكانية التواصل مع الآخر. فالآخر ليس إنسانا دونيا أو محتقرا بل هو إنسان كامل الإنسية يختلف معنا لكن له نقاط التلاقي كذلك معنا .
ـ إن خصوصيتنا الثقافية لا تنفي الكونية واشتراكنا مع الغير في العديد من المرتكزات التي ينبغي التفاهم حولها من أجل صياغة مشروع حوار حضاري .
ـ بداية الحوار تنطلق من حوارنا مع ذاتنا . فقد أثبت التاريخ الحديث أن وهم الواحدية قد انقشع بحكم تعدد مكونات الجماعة وتناقضاتها الداخلية . ومادام الحوار الداخلي غير قائم فإن الحوار مع الآخر هو مجرد ديكور يزين فسيفساء الصورة الإعلامية للأنظمة .
ـ إن تقديم الصورة الحقيقية عن الذات للآخر تمر من قناة الاعتراف بأخطائنا الحوارية وغياب نظرة متوازنة للآخر في أدبياتنا ومشتركنا الذهني .
وجملة القول فإن سؤال الآخر لا يمكن الإجابة عنه بدون الإجابة أولا عن سؤال الذات وتقييم رؤيتها لعناصر تركيبها .

الــهــوامـــش
1 ـ يوسف القرضاوي : أولويات الحركة الإسلامية في المرحلة القادمة . ص172. دار المعرفة الدار البيضاء المغرب
2 ـ نفسه ص :173 ـ174
3 ـ نفسه : ص 174
4 ـ طه عبد الرحمن : الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري. ص:81. الطبعة الأولى 2005 . المركز الثقافي العربي ـ الدار البيضاء ـ المغرب
5 ـ نفسه : ص 18
6 ـ يقول محمد أسد : " لا ريب في أنه لا يزال في الغرب أفراد عديدون يشعرون ويفكرون على أسلوب ديني ويبذلون جهود القائظ حتى يوفقوا بين معتقداتهم وبين روح حضارتهم . ولكن هؤلاء شواذ فقط .إن الأوربي العادي سواء عليه أكان ديمقراطيا أم فاشيا ، رأسماليا أم بلشفيا ، صانعا أم مفكرا ، يعرف دينا إيجابيا واحدا هو التعبد للرقي المادي " الإسلام على مفترق الطرق : ص47ـ48 .الطبعة السادسة دار العلم للملايين
7 ـ عبد السلام ياسين : الإسلام والقومية العلمانية ص68 .الطبعة الثانية 1995. دار البشير . طنطا
8 ـ طه عبد الرحمن :في أصول الحوار وتجديد علم الكلام .ص30.الطبعة الأولى 1987.المؤسسة الحديثة . المغرب
9 ـ مثلا ما الذي يمكن استفادته من الندوة التي عقدها مجمع الشيخ أحمد كفتارو بسوريا في 6/15/2006 التي شارك فيها عدد من علماء المسلمين وفعاليات دينية وثقافية من مملكة الدانمارك مثل الدكتورة ليسي راسموسن مسئولة العلاقات مع الجالية المسلمة ومديرة مركز الدراسات الإسلامية المسيحية في كوبنهاغن .و الدكتور جورجن سورنسن الأمين العام لمجلس العلاقات الدولية في الكنيسة الوطنية الدانماركية ....؟ فهو حوار دعائي فقط وليس مؤسسيا.
10 ـ طه عبد الرحمان : الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري. ص84
11 ـ جودت سعيد : الإسلام والغرب والديمقراطية . الطبعة الأولى 1996.دار الفكر دمشق
12 ـ نفسه : ص193 .
13 ـ طه عبد الرحمان : الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري ص83
14 ـ يوسف القرضاوي : أولويات الحركة الإسلامية في المرحلة القادمة ص 179)
15 ـ كما يحيل على ذلك البيان الأمريكي المعنون بـ" لماذا نخوض الحرب" الذي أصدره العديد من المثقفين الأمريكيين في فبراير 2002
16 ـ جودت سعيد : الإسلام والغرب والديمقراطية ص : 41



#فؤاد_بوعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر.. ارتفاع متوقع في أسعار السيارات مطلع 2025.. وتجار: الدو ...
- بوخوم يحقق فوزه الأول ودورتموند يعود إلى سكة الانتصارات
- قوات الدعم السريع تستعيد قاعدة رئيسية في دارفور من الجيش
- مصر.. حريق هائل يلتهم مصنعا بالشرقية والدفع بـ 20 سيارة إطفا ...
- نتنياهو: إسرائيل ستواصل التحرك ضد الحوثيين
- السودان.. قوات الدعم السريع تعلن استعادة السيطرة على قاعدة ع ...
- ليبيا.. اصطدام حافلة بطائرة إسعاف في مطار معيتيقة الدولي
- البيت الأبيض: نحتاج إلى الكثير من الوقت لاستعادة مجمع صناعتن ...
- معجزة كامتشاتكا.. لقطات مثيرة لإنقاذ طاقم طائرة مفقودة منذ 3 ...
- اتهامات لنتنياهو بتخريب المفاوضات وحديث إسرائيلي عن صفقة جزئ ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فؤاد بوعلي - سؤال الآخر في المشترك العربي