كاوار محمد سعيد بلو
الحوار المتمدن-العدد: 1945 - 2007 / 6 / 13 - 12:08
المحور:
القضية الكردية
المسألة الكوردية وتشكيل الدولة العراقية :
بعد إنهاء الحرب العالمية الأولى و بموجب اتفاقية ( سايكس بيكو ) في مارس 1916م أعلن عن تشكيل دولة بلاد ما بين النهرين " mezopotamia " في تشرين الثاني 1920م وسميت بدولة العراق و التي كانت تضم ولايتي بغداد و البصرة , وكلف الحاكم العام البريطاني السير كوكس السيد عبد الرحمن النقيب بتشكيل أول وزارة عراقية في 23/آب 1921م وكان العراق آنذاك تحت الانتداب البريطاني .
كانت ولاية الموصل ، التي يشكل الأكراد الأكثرية الساحقة فيها ، قد اشتد حولها الخلاف بين البريطانيين من جهة والأتراك من جهة أخرى , إلاّ أن آراء أهالي الولاية تختلف عن رأي كلتا الدولتين نتيجة للسياسات التي مارستها الإمبراطورية التركية آنذاك بحق الشعوب المنتدبة كالمذابح و سياسة التتريك وغيرها .
انعُقد في باريس عام 1919م مؤتمراً اتفقت فيه دول الحلفاء على فصل كل من أرمينيا و كوردستان والعراق و سوريا و فلسطين و شبه الجزيرة العربية عن الإمبراطورية التركية .
وفي عام 1920م و خصوصاً في شهر آب عقدت معاهدة سيفر ( siver ) , ونصت في المواد 64,63,62 على حل المسألة الكوردية و كالآتي : أن يبقى قسم تحت السيطرة التركية ( كوردستان تركيا و كوردستان سوريا ) و القسم الثاني (ولاية الموصل) بقي معلقاً حيث لم يرغب أهالي الولاية بضمهم إلى تركيا و إلى الانتداب البريطاني ونتيجة لذلك قام الشعب الكوردي بالكثير من الثورات و الانتفاضات و قاوموا الانتداب البريطاني أيضاً , و أصبح موضوع " ولاية الموصل " عالقاً لحين 1922م , ففي هذا العام أصدرت كل من بريطانيا و المملكة العراقية بياناً مشتركاً بموجبها اعترفا بحقوق الكورد و بإقامة حكومة كوردية و سرعان ما أعلن عن تشكيل حكومة كوردية في السليمانية ونصب الشيخ محمود الحفيد رئيساً لها , وطالب الحفيد بضم كل الولاية تحت رايته إلا أن سياسته لم ترضي بريطانيا , وبالرغم من قصر حكمه إلا أنه حقق عدة مكاسب منها , جعل اللغة الكوردية لغة رسمية و رفع العلم الكوردي و إصدار أول طابع كوردي ، كما أُصدِرت مجموعة من الصحف الكوردية منها " بانكي كوردستان " و " روزي كوردستان " و " بانكي حق " و " ئوميدي إستقلال " .
و نتيجة للخلافات الموجودة بين طموحات الحفيد و طموحات بريطانيا , حاولت بريطانيا القضاء على حكومته ، و حدثت على إثر ذلك إشتباكات مسلحة بين قواته و بريطانيا فقامت القوات البريطانية بمهاجمة مدينة السليمانية ابتداءً من عام 1923 ومن أشهر المعارك التي خاضها الحفيد مع الإنكليز هي معركة " دربنديبازيان " حيث اُصيب فيها الشيخ الحفيد وحسمت المعركة لصالحه وفي عام 1924اضطر إلى ترك مدينة السليمانية .
وعندما إندلعت إنتفاضة 6أيار1930م في السليمانية عاد إليها، وتزعم الثورة ضد الإنكليز وقد استمرت ثورته حتى أيار1931م وبعد القضاء على الثورة تم مصادرة ممتلكاته ونفيه إلى جنوب العراق حيث أمضى حوالي عشر سنوات في المنفى متنقلا بين الناصرية و السماوة وعانة وبغداد، وفي 11أيار1941م هرب من بغداد إلى كوردستان و حمل راية الثورة من جديد مطالبا بالحكم الذاتي لكوردستان لحين وفاته في ( 9 تشرين الأول1956م ) .
..... ما بعد ثورة 14 تموز 1958م !!
بعد نجاح ثورة 14 تموز تحسنت أوضاع العراق وشعر فيها العراقيون كورداً و عرباً بالارتياح وعبر العراقيون عن تأييدهم للثورة و برامجها وأن الدستور المؤقت الذي أصدرته القيادة العراقية قد نصّ على (أن العرب و الأكراد شركاء في العراق) إلا أنه أصبح مجرد حبر على الورق حيث تراجعت السلطة الحاكمة آنذاك عن وعودها و قاموا بحملات الإبادة ضد الكورد و مارسوا سياسة التعريب ضدهم ...الخ ,
الأمر الذي أدى إلى قيام ثورة 11 أيلول 1961م بقيادة الملا مصطفى البارزاني ضد حكم عبد الكريم قاسم , واستغل البعثيون الأوضاع في العراق و قاموا بالانقلاب على حكومة القاسم في 8 شباط 1963م وطالبوا بوقف القتال , حيث بدأت المفاوضات بين الجانبين إلا أن تلك المفاوضات أصبحت مجرد تسلية يحاول البعثيون من خلالها لمّ شملهم بتكملة ما تبقى من الشوط .
و استمرت المفاوضات بين الكورد و الحكومات العراقية المتعاقبة لحين توقيع اتفاقية 11 آذار 1970م .
..... ما بعد اتفاقية 11 آذار !!
تعتبر اتفاقية 11 آذار من أهم المنجزات التي حققتها الحركة الكوردية في تاريخ الشعب الكوردي المعاصر فقد نصّت على الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي و نصّت أيضاً على إقامة الحكم الذاتي لمنطقة كوردستان العراق و جعلت اللغة الكوردية لغةً رسمية إلى جانب اللغة العربية في العراق , و بدأت المفاوضات بين الجانب الكوردي و السلطة الحاكمة ( حزب البعث العربي الاشتراكي ) إلا أن الحكومة المركزية بادرت بعرقلة سير المفاوضات , و بدأت السلطة الحاكمة تتراجع شيئاً فشيئاً عن مضمون الاتفاقية , الأمر الذي أدى إلى نشوب الحرب مرةً أخرى بين الحركة التحررية الكوردية و السلطة الحاكمة في بغداد و انتهت الحرب دون أي نصر عسكري يذكر بل تكبد الجيش العراقي بخسائر جسيمة , ولأجل القضاء على الثورة الكوردية انعقد في الجزائر اتفاقية بين صدام حسين و الشاه الإيراني بوساطة الرئيس الجزائري سنة 1975م ونصت بأن العراق سوف تتنازل عن جزء من الشط العرب و بعض المناطق الحدودية لصالح إيران مقابل إخماد الثورة في كوردستان العراق .
أصيبت الحركة التحررية الكوردية بنكسة عقب اتفاقية الجزائر إلا أنها لم تدم طويلاً , فعادت إلى نشاطاتها ثانية و شعر صدام بان الاتفاقية لم تحقق مصالحه , فخاض مع إيران حرباً عام 1980م و دامت قرابة 8 سنوات وتكبد الجانبان خسائر كبيرة . حينها أوقف الجانب الكوردي نشاطاته لحين إنتهاء الحرب .
بعد الحرب الإيرانية العراقية حاول صدام الاستمرار في مسيرته القمعية شمالاً و جنوباً و قام بهدم أكثر من (4000) قرية كوردية و هجر سكانها إلى المناطق الجنوبية و استعمل الأسلحة الكيماوية في مدينة حلبجة الكوردية وشنّ حملات الأنفال ضد الكورد مما أدى إلى استشهاد أكثر من (182) ألف كوردي بريء و يقال بأن "علي الكيماوي" قد أمر في تلك الحملات ( بقطع رأس كل كوردي يتجاوز عمره ما بين 15 إلى 70 سنةً ) .
واستمر الوضع المأساوي لحين إنتفاضة آذار 1991م إثر إحتلاله لدولة الكويت و نشوب حرب الخليج الثانية 16/1/1991م .
.... ما بعد الانتفاضة !!
إن الشعب العراقي عامةً و الشعب الكوردي على وجه الخصوص تعرض لأبشع أنواع الاضطهاد من قتل وتهديم وترحيل وتهجير, وعلى الرغم من المقابر الجماعية و تعريب المدن الكوردية وغيرها , مما أدى الوضع إلى انطلاق سلسلة من الانتفاضات شمالاً و جنوباً , واستغل العراقيون ضعف الحكومة آنذاك بسبب الحروب المتتالية التي خاضها نظام صدام , كحرب الخليج الأولى و الثانية بالإضافة إلى الحروب الداخلية , حيث حملت مدينة (رانية) راية الانتفاضة في الخامس من آذار 1991م وبدأت أهالي المدينة بالهجوم على المقارات و مؤسسات النظام العراقي وتبعتها السليمانية و أربيل و دهوك و عقرة ....الخ , حتى تحررت كوردستان من الزمر البعثية و عادت الحياة إليها مجدداً .
بعد استقرار الوضع قام الكورد بتشكيل برلمان مؤقت تمهيداً لإجراء انتخابات عامة في الإقليم , وقد جرت الانتخابات العامة في جوٍ من الأمن و الأمان تحت إشراف مراقبين دوليين و تحت أنظار مكثفة للصحافة الدولية , وكانت نسبة التصويت يفوق 80% من مجموع من يحق لهم الإدلاء بأصواتهم , وتم عقد أول جلسة للبرلمان الكوردي 1/6/1992م .
المصادر :
* شيخ محمود الحفيد 1881 ـ 1956 . http://www.alparty.org/wp/nami.htm
* مجلة متين العدد 30 لعام 1994م .
* الحوار العربي الكردي / عمر بوتاني سعد الدين إبراهيم / لعام 1999م .
* مجلة سةرهلدان / العدد 14 / لعام 1994م .
#كاوار_محمد_سعيد_بلو (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟