أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رداد السلامي - وطن على الرصبف














المزيد.....

وطن على الرصبف


رداد السلامي

الحوار المتمدن-العدد: 1930 - 2007 / 5 / 29 - 12:19
المحور: حقوق الانسان
    


قبل نصف قرن كتب الماغوط:
هل أرسم فوق علب الكبريت الفارغة
بيوتاً وسواقي وأنهاراً وأناديها ياوطني؟!
في بلادنا تلتقي المأساة والمهزلة في العبارات الوطنية المختلفة .. وبالخصوص الوطن للجميع .. لأن السؤال كيف يكون الوطن للجميع؟ في بلادنا المملوكة لبضعة فاسدين يمتهنون صناعة التخلف وإنتاج التبعية والجهل والفقر والمرض بأشكال مختلفة كما يجيدون فن القتل بصفة رسمية.
في الرصيف وعلى الشارع ومزابل القمامة يتكدس الوطن .. ولن تستطيع أن تجد الجانب المظلم .. ولن تعيش الإحساس الصادق ما لم تمش على قدميك وترهق نفسك على السير عثاء، لن تكون صحفياً أو سياسياً حقيقياً إذا كنت مجرد بطن مليئة وقلم يتحدث عن الوطن من أبراج عالية فالعيش في قلب الحياة وجس قلبها النابض المتدفق، الموّارد بكل مآسي ومخازي الفاسدين هو السبيل لإبراز المعاناة الحقيقية لبؤس ومقاسات البؤساء (نجمع قوارير ماء بلاستيك فارغة ونبيع الكيلو منها 15ريالاً)، هذا ما قاله الطفلان بشر - 16 سنة - ثالث إعدادي، وعلي - 17 سنة - من وصاب، يقومان بنبش براميل القمامة في أحد أزقة شارع (الدائري الشمالي) ويقول بشر إنه يحصل في اليوم على 500ريالاً من بيعه لهذه القوارير البلاستيكية الفارغة وأضاف: (الـ500 ريال تفرح بها 4 بنات و6 أطفال)، ويضيف بشر: (ندرس وأيام العطلة نعمل أحسن من الصعلكة)، بينما قال علي زميل بشر: (نهبوا علينا 20 لبنة بجانب معسكر السواد) وعندما سألته عن من أخذها، أجاب: (مش داري بس أخذوا حقنا) أحمد ربيع - مكنساً - يقول: (هذا العمل تعب وبهذلة وزي ماتشوف الآن، أحصل على 15 ألف ريال ولكنها لا تكفي ولا أستطيع أن أوفر منها شيئاً وأغلب الشهور أتدين دين).
فيما بدى وحيد - مكنّس - أكثر حذراً حين سألته عن كيف العمل؟ أجاب: الحمد لله وبلهجة زبيدية استطرد قائلاً: (بس تعب) ثم التفت إليّ وقال ليش تسأل؟ وحينما أخبرته أني صحفي (قبل يده وقال الحمد لله مرتاحين تشتي تكتب علينا بعدين يرجعوا يفصلونا ويخصموا، سر إلى عند صاحبي) مشيراً إلى زميله (علي أحمد) - الذي بدى أكثر جرأة وقال: (الصدق العمل هذا بهذلة وتعب وراتب ما يكفيش معي ثلاثة أطفال وأسلم إيجار 7500 ريال والباقي لا تكفي لتوفير المطالب الضرورية).
العامل - حديد سالم - الحديدة - مكنس .. بدى مرهقاً وقد كسا التعب المغبر بتراب العمل ملامح وجهه وشعره الكث قال: (ياأخي إيش أقول لك نتعب وما يجيبوا لنا إلا 15 ألف ريال واحنا معنا أسر وعوائل نصفها يروح مصاريف ونصف إيجار وكل شهر وهم يوعدونا بالزيادة لكن ما جابوش إلى الآن شيء) أغلب العاملين في البلدية من مكنسي الشوارع من محافظة الحديدة تلك المدينة التي حظيت بشرف الاحتفاء ببغلة تقاد كل عام إلى محافظة (الوحدة اليمنية) على حد تعبير جمال أنعم ذات مقال، الحديدة المدينة المنسية العروسة السمراء النائمة على ضفاف البحر الأحمر .. الناس الطيبون المسالمون أصحاب الوجوه السمراء والقلوب النقية البيضاء التي لم تتلوث بأدران السياسة والتي لا تطالب بغير لقمة عيش شريفة.
تقدمت من الحاج عبد الله أحمد البرعي - 55 سنة - ينبش في برميل القمامة سألته عن ماذا يبحث؟! أجاب بصوت موغلٍ في البؤس (أشوف لو فيه معدن وحاجات أبيعها) ويقول إن لديه 6 أطفال صغار ولا ينام إلا عند صاحب فرن معروف لديه وبعض الأيام في الشارع..
أي وطن هذا الذي لا يُرحم فيه شيخ طاعن في السن لا يقتات إلا من مزابل متخيمة وبقاياهم المتعفنة .. ثم أي وطنية التي يتشدق بها هؤلاء الفاسدون؟ وما هي الوطنية من وجهة نظرهم؟
الوطنية حقوق محددة وواضحة تتأسس عليها الواجبات المحددة وليس العكس، الإنسان وحده الوجود ومادته الأساسية وهو الغاية والمعنى، في ثقافتنا السائدة مازال البقاء للأقوى والأفسد. الديمقراطية مجرد ديكور زائف يستخدمه الحزب الحاكم لتلميع بشاعة الفساد يستثمر التناقضات، ويشتري الولاءات ويرتكز على هدهدة القلق وشراء الذمم ويصنع الاحتقانات والأزمات حقنة قاتلة في أوردة الوطن .. ماذا تبقى لنا من الوطن سوى كلمة جوفاء وصفّ للكلام الفارغ.
أنجزت البلاد والمجتمعات المتقدمة بمشاركة حكامها ونخبها وقواها السياسية والاجتماعية دولة المواطن والقانون ونحن لم ننجز سوى هتاف يشبه عويل الريح في ليلة باردة.



#رداد_السلامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوادر التفكيك لتكتل المعارضة اليمنية -اللقاء المشترك- بدأت ت ...
- بنكهة صنعاء
- توكل كرمان..أذابت جليد الصمت بدوي الكلمة
- إلى سيادة الرئيس سئمنا خطاباتك
- الصحافة اليمنية والتراجع إزاء تناول قضايا الانتهاكات والحريا ...
- المجد لك في الأعالي أيها الحميد الإنسان
- إلى من يتوسد الرصيف
- أطالب باللجوء إلى موريتانيا الحرة
- جسر التواصل-الحب-
- موتى بلا خناجر
- طميم -الطامة الكبرى في جامعة صنعاء
- هؤلاء هم نخبة جامعة صنعاء؟
- نوازع الرئيس اليمني المؤجلة حتى إشعال آخر؟
- جار الله عمر -الشهيد الانسان
- أحب هؤلاء
- وعكة في الروح
- أزمة فكرية
- قلق الروح
- سيادة الرئيس -كفى ارجوك
- التغيير ليس حلم والوطن ليس بخير


المزيد.....




- الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
- أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
- معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية ...
- البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني ...
- الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات ...
- الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن ...
- وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ ...
- قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟ ...
- أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رداد السلامي - وطن على الرصبف