رواء الجصاني
الحوار المتمدن-العدد: 1925 - 2007 / 5 / 24 - 06:36
المحور:
الادب والفن
برغم ما يزيد على ألف عام فصلت بين العظيمين عطاءً وفكراً، يتباهى الجواهري في أكثر من قصيدة ومناسبة، بالتقارب الروحي والشعري بينه والمتنبي. بل ويوثق في تسجيل صوتي خلال حفل ثقافي عام 1983 أن "أبا محسد" "صديقه، وجاره، ولصق داره"، في إشارة لمدينتي الشاعرين: الكوفة، والنجف...
وقاريء الجواهري يجد في جحفل قصيده العامر، إشارات واقتباسات هنا، ودفوعات ومفاخرات هناك بالمتنبي وعنه، ومن ذلك في "المقصورة-1940"، وبائية "كما يستكلب الذيب – 1953"، ورباعية "سيسب الدهر-1960" و"يا ابن الفراتين-1970"، وقصيدة "بغداد – 1983" وعديد أخر، متنوع المعاني والغايات... هذا فضلاً عمّا كتبه الجواهري في مقدمة المجلد الأول من جمهرته في المختار من الشعر العربي (دمشق - 1985)، انتصاراً صريحاً وعنيفاً لقرينه العظيم الذي حاول د. طه حسين أن ينال منه في كتابه الموسوم "المتنبي" الذي وقفت وراء تأليفه "عصبية قبلية" و"ثارات اقليمية" وفقاً لتلك المقدمة...
... وإذ يطول الحديث ذو الشأن، ويتسع في أكثر من قصيدة وواقعة وحال، فقد تكفي قراءة سريعة للنونية العصماء عن "المتنبي فتى الفتيان" عام 1977، ليستدل منها كيف يرى الجواهري صنوه، الذي "خبط الدنى والكون طراً، وآلى أن يكونهما فكانا"، وبماذا يقيّم عطاء "ابن الرافدين" الذي "اسال الروح في كلم موات" و"طاوعه العصي من المعاني"... ثم كيف يدافع عنه، وينتصر له من "أمير" و"اخشيد" و"مدع" و"حسود" وغيرهم.
وأزعم، مع معنيين عديدين، أن الجواهري كان يتفاعل بمشاركة ومعايشة وجدانية مطلقة، وهو يتخذ هذا الموقف، أو ذلك التقييم للمتنبي ومنه، وما إلى ذلك من مشاعر وأحاسيس... فكلا العظيمين الثائرين على الخنوع والوهن والتقاليد الخاوية، والطامحين إلى العلى بكل اقتدار، قد نالهما الجور ولحقهما تجاوز الحاقدين، وتآمر الحاسدين، ثم صراخ "شعراء" و"متأدبين" حيناً، وعواء "ضباع" أحياناً آخرى. كما وعانيا الاغتراب، والجحــود، والعسف والخصومات غير المتكافئة – حسـب مـا يدعيان هما على الأقل! - وخاصة بعد أن امتلكا السنام الأرقى في قمة الشعر العربي، وفي التميز بالآراء والرؤى، ودويا مع الفلك المدوي، "فقال كلاهما إنا كلانا".
#رواء_الجصاني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟