أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي ديوب - قوة الخروج على القانون















المزيد.....


قوة الخروج على القانون


علي ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 1819 - 2007 / 2 / 7 - 06:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل هي فورة الروح، تلك الحالة من الانتعاش التي يبدو عليها النظام السوري اليوم؟ ام انها نوع من استعادة فعلية منه للمبادرة، بفضل الضعف الذي آل إليه الاحتلال الامريكي للعراق؛ و شعور هذا الأخير بالحاجة للاعتماد على قبضايات المنطقة، في السيطرة على الانفلات العراقي الرهيب- و لم يجد بدا من التعامل مع المكروه، و هو هنا النظام السوري، الذي سبق له أن تعامل معه و استخدمه في السيطرة على الحرب الهلية في لبنان السبعينات؟ إذا كان الاحتمال الأول هو المرجح، فهذا لا يجافي طبيعة الأمور، على النول التقليدي الذي يرسمه المسار العام لحركة التاريخ، بوصفها تلفظ الخارج عليها، أو المتخلف عنها. و لكن الاحتمال الثاني بما ينطوي عليه من اعتراف بنفوذ التدخل السوري في اوساط ما تسمى المقاومة العراقية، يتأسس على إقرار نهج القوة الغاشمة مبدأً سيدا في السياسة، و فنون الصراع الحديثة؛ يعني أن القرن الجديد ينذر بسلسلة من الانحطاطات تتخذ شكل حروب من النوع الذي قد لا تجد لها حلولا.. بعد استنفاد دور الامم المتحدة، من جانب، و بروز نوع جديد من القوة غير المألوفة، من الجانب الآخر الأكثر، وأقصد العصابات النووية- بما تحمله الكلمة من معنيين بالعربية: نواة و نوية- أي جماعات صغيرة فاعلة نشطة و مرنة، تستفيد من منتجات الثورة الاتصالات، و تتسلح بأخطر المبتكرات البشرية من الأسلحة غير التقليدية، التي تسربت عبر مافيات ما بعد انفراط الاتحاد السوفيتي و المنظومة الاشتراكية.. و في هذا مؤشر لانعطافة جديدة في تاريخ البشر.
حفلة استقبال المخلّص
أيا تكن نوايا الادارة الأمريكية من غزو العراق، فإن مآل الأمور شرّع، أو أنه طبّع مع، كل ما كان يبدو من قبل نشاذا، بمنظور البشر، للسلوك المافياوي، و قانون البلطجة و قطع الطريق( هنا على سيرورة الديمقراطية)، و ما يجمع ذلك من روابط متينة مع نظم الحكم الاستثنائية، بشموليتها، و قوانينها العرفية، و حالة الطوارئ المرتبطة- أبديا- مع دوام غلبة النظام الشمولي نفسه. و في هذا ما فيه من إعاقة للخطوة النوعية التي يتأسس عليها تقدم التاريخ الإنساني، باتجاه إنشاء محكة دولية، تمتلك أسباب التدخل في شؤون محميات القرن التاسع عشر و ما سبقه، و اتخاذ احكام عادلة تحمي الضعيف من القوي، و تقتص للمجني عليه من الجاني.
و أكثر من ذلك فإن المؤشرات الباعثة على الشؤم، تنبئ بانقلاب على التاريخ، بل جرّه و السير به نحو عودة أبدية محمولة على عقائد قيامية( من قيامة)، تمهد لعودة ظهور الإمام المنتظر، هنا، أو المسيح، هناك؛ كما لو ان هذا أو ذاك لا يستطيعا الظهور من غير تمهيد الأرض بسفك الدماء!
و لكن و لكي لا أخلط الواقع بالمتخيل، و أقفذ عن المعطيات للأخذ بالاحتمالات، أمايز بين ديمقراطية أمبريالية، إذا جاز التركيب، في توصيف السياسة الأمريكية النازعة إلى تعميم الديمقراطية بالقوة- ما يسيء إلى مفوم الديمقراطية أساسا- و بين نظام عروبي اعجوبي( سوريالي، بحسب يوسف عبد الكي)، لا يزال يستفيد من خصوصية قضايا المنطقة، و على رأسها القضية الفلسطينية التي تستقطب عدالتها التعاطف الدولي، علاوة على الإسلامي و الإقليمي، فينجح في التلطي خلفها و استثمارها و المتاجرة بها، على نحو غفر له الخطايا و برر له الأخطاء؛ بل و أول الكثير من سلوكاته المشبوهة، تأويلا وطنيا و قوميا أسبغ عليها معاني البطولة و الشجاعة، على يد جهابذة اتحاد المحامين العرب أنفسهم. من يفترض فيهم أن يكونوا دعاة دولة القوانين و الحريات.
الديمقراطية مفهوم ينطوي على الاعتراف الفعلي و العملي بالتعدد، فأمريكا أكثر من أمريكا: هناك أمريكا النظام، كما هنا أمريكا الاحتلال. فهذه التي يقترف جنودها في العراق الفظائع، سواء في السجون، أو في الشوارع، و البيوت حتى؛ تجد من و ما يضبطها هناك- كما هو حال نظم الديمقراطيات الحديثة، باختلافات طفيفة- و ذلك عبر آليات رقابة و فضح و محاسبة. و لهذا نجدها تحاكم على الاقترافات، و تتخذ الأحكام.. الخ.( و هذا لا يبطل وجاهة الانتقادات التي توجه إليها لامتناعها عن إخضاع جنودها للمحاكمة في أي بلد آخر).
أما الأنظمة المخلدة- و بسبب من أنها التعبير السرمدي القائم الكافي و الوافي عن شرف الأمة( قوميا)، و البشرية( دينيا)، و عزتها و روح الصمود و التصدي فيها- فإن السلطة الحاكمة فيها تتصرف، بكل زهو شعور التحدي، و جلافة الغطرسة، و عنجهية الفالت أو الخارج على أية قوة في العالم( مثلها في ذلك مثل ربيبها حزب الله الذي يتفاخر بيتحدي أي قوة( دولية أو محلية) تحاول نزع سلاحه- الأمر المشترك الذي يؤكد أنهما يستعملان السلاح لأغراض ظاهرها المقاومة ضد المحتل و حقيقتها المقاومة ضد العدالة العالمية، و دولة القانون)؛ بل و إعلان النظام الشمولي العروبي الأعجوبي عن تحدي كل أنواع القوى هذه، عبر التصريح الصلف برفض تسليم أي متهم للمحكمة الدولية.
و في شرح موجبات المصطلح الذي نحتناه آنفا، لمقاربة تركيبة فريدة في التاريخ، لنظام يدعي هذه الفرادة و يرن حيثما نقرته؛ يبرز السؤال عن معنى رفض النظام السوري أن يحاكم- في محاكمه، التي تدار من قبل جهاز السلطة مباشرة- أصغر جندي ممن ارتكبوا الفظائع الأشنع ضد كل الفرقاء في لبنان( الشقيق)، قبل و بعد أن استقامت له الأمور فيه، و أمن هناك ما يسميه استتباب الأمن: و المواطن السوري أدرى بترجمة العبارة هذه- التي دق في وصفها، داعية حقوق الانسان هيثم مناع، بسلام القبور!!؟؟
لن نسأله عن الارتكابات منذ دخول جيشه.. فهذه تحتاج لمحاكمات لا تنتهي بسنين و سنين.. و لكن لو فعل و عقد ولو محكمة صورية لمحاسبة صورية لمن حدثت جريمة اغتيال الحريري في عهده.. لا .. بل لو فقأ أعين الحاسدين بمساءلة ضابط صغير، عن سرقة ولو دولة قوة، لا دولة بقضها و قضيضها، او براد شاي، و ليس براد منهوبات من كل الأصناف: تحف، أدوات كهربائية، منزلية، مفروشات.. و حتى الأكسسوارات الثابتة، من قبيل صنابير المياه، و النوافذ( تحسبا للأيام السوداء، فإذا طرد من الباب، يجد النافذة بين بيديه.. فيفتحها و يدخل بلا استئذان!)!
أما إذا كان الإباء هو الذي منعه من التدخل في شؤون الغير، بأن يحاسب جنوده على الأرض اللبنانية؛ فهل منعه الإباء نفسه من الاعتراف بأن هذا من صلاحيات السلطة القضائية اللبنانية- طالما كان عمله مجرد نوع من التضحية المخلصة، لما فيه" مصلحة الشعبين الشقيقين و الأمة العربية"؟ و هنا لا يمكن للمرء إلا أن يتذكر أحكامه القرقوشية، من مثل الملاحقات القانونية بحق مواطنين لقاء مبالغ مالية من فئة أجزاء الليرة السورية الواحدة، رغم أن هذه- و لا شماتة- من أصغر وحدات النقد في العالم. و هذا ليس من عندي، أو على السمع، بل من أخبار منشورة في الصحف المحلية، تجد مساحة حرية في نشر تساؤلات عن أهمية تبليغ مالي لا يتجاوز بضع الليرات، يكلف دوريات الشرطة أضعافا مضاعفة- هذا إن لم تقارن بالأموال المنهوبة من الاقتصاد الوطني و مؤسسات الدولة، كما من جيوب المواطنين المضغوطين بنسبتهم الغالبة تحت خط الفقر المتعارف عليه عالميا؛ و تبقى المفارقة، مع ذلك، في أن سورية من البلدان التي يكاد يكون الفساد فيها مقونناً؛ أوله الفساد السياسي، الذي بدأ مع فرض النظام عقد زواج بالإكراه، على مجموعة من الأحزاب، تحت اسم الجبهة الوطنية التقدمية، التي اقتصرت مهمتها على تشريع جميع ما يرتكبه من خروقات- بحقها هي قبل سواها- و كبائر بحق الدستور و المواطن و الوطن و سواهما من الأشقاء و الأصدقاء، مقابل حصة محددة( فتات) من منهوبات الوطن الذي استأثر الأسد منه بحصته؛ بعد أن أحاله إلى بلد أمني مهمته، بحسب توصيف الطيب تيزيني:" إفساد من لم يفسد بعد، و جعل الجميع مدانا تحت الطلب!".. دون أن يبدو سلوكه بتحريم تأسيس أحزاب على أساس ديني( الأخوان المسلمين و غيره) متناقضا مع موقفه المناصر- بل الداعم المحرك و المتلاعب- لأحزاب دينية في بلدان شقيقة، مثل لبنان و فلسطين: مرة اخرى، الجواب لدى اتحاد المحامين العرب!!؟
الشرع و رؤيا العودة
حدثني قريب لي خدم الجندية، في بلدة بحمدون اللبنانية، عن شكوى تقدم بها أحد أثرياء المنطقة للضابط قائد الكتيبة، بشأن رفض الخادم الآسيوي لديه الاستمرار بالخدمة، و نيته في العودة لبلده؛ فاستجاب الضابط بأن أخضع الخادم المستوحش لعملية تعذيب على أيدي جنوده( قوات الردع العربية- كما كان اسمها في لبنان)، حتى انتزع منه إذعانا بالخضوع و الرضوخ لخدمة سيده.. و لما سألت قريبي إن كان ساهم بقسط من النضال ضد هذا الآسيوي؟ أشار بحركة من رأسه تعني الإقرار.. ثم أكمل، بنوع من تبيان الأسباب: لقد أنذرنا الضابط بحرمان من يرفض الأمر؛ و لقد عاقب أحد الجنود بحرمانه ليس فقط من المغادرة الدورية( زيارة خاطفة للأهل)، بل حرمه طيلة الخدمة الإلزامية من رؤية خطيبته في البلدة المجاورة عالي، على بعد بضعة كيلومترات، فتبدلت حاله إلى كآبة مخيفة و صار كالمخطوف، أو المجذوب، تتعلق عيناه بعالي الحلم المستحيل- قوات الردع تسمية ليست عن عبث!
كم من قصص وحكايا سوريالية اقترفت في لبنان، ليست هذه السالفة إلا من هامشية بالقياس لها.
هنا تحضر إلى الذاكرة المنهكة عبارة الشرع المتنمر حول ما يعانيه لبنان، اليوم، و قوله بنوع من الشماتة الدفينة خلف سحنته الديبلوماسية، و بحركات المتمنع المتصابي بأنهم لن يدخلوا لبنان؛ و لكنهم لو دخلوا لحسموا الأمر بسرعة!
يحق له أن يتنمر، كما حق ضابط مخابرات سابق أن حذر أمريكا من النتائج الكارثية المرتقبة، التي ستعقب إخراجهم من لبنان؛ ما دام قانون المنطقة هو هذا.. و لم تبلغ الرشد بعد. أو لم يعترف لها بأنها بلغته، و لن يسمح لها بأن تبلغه، على يد هؤلاء الولاة- أصحاب المجد التليد، و الخبرة المتأصلة فيما يخص تأديب الناس، عبر ألوان من السلوك المنفلت من أي عقل أو قانون أو حساب.



#علي_ديوب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميشيل كيلو تجربة أبعد من تجريب
- لقاء مع د. سعد الدين ابراهيم
- ليس حبا بالشهادة.. و لكن كرها بالحياة
- السجينان عارف دليلة(*) و سورية.. معجزة الأقزام
- قراءة متوخرة(*) للردود على رسالة العزاء
- الروائي المصري يوسف القعيّد: القدرة على الاختصار أهم من القد ...
- سليم الحص و سلاح المقاومة
- قصة موت معلن في اللاذقية!؟
- فكرة- لبنان تموت إذا استبدت به كراهية الغير-
- بالشكر تدوم النجوم


المزيد.....




- أمسكته أم وابنها -متلبسًا بالجريمة-.. حيوان أبسوم يقتحم منزل ...
- روبيو ونتانياهو يهددان بـ-فتح أبواب الجحيم- على حماس و-إنهاء ...
- السعودية.. 3 وافدات وما فعلنه بفندق في الرياض والأمن العام ي ...
- الولايات المتحدة.. وفاة شخص بسبب موجة برد جديدة
- من الجيزة إلى الإسكندرية.. حكايات 4 سفاحين هزوا مصر
- البيت الأبيض: يجب إنهاء حرب أوكرانيا بشكل نهائي ولا يمكن الق ...
- نتنياهو: أبواب الجحيم ستُفتح إذا لم يُفرج عن الرهائن ونزع سل ...
- رئيس وزراء بريطانيا يتعهد بـ-الضغط- لإطلاق سراح علاء عبدالفت ...
- وزارة الدفاع السورية تتوصل إلى اتفاق مع فصائل الجنوب
- -ربط متفجرات حول عنق مسن-.. تحقيق إسرائيلي يكشف فظائع ارتكبه ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي ديوب - قوة الخروج على القانون