جيلاني الهمامي
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8398 - 2025 / 7 / 9 - 02:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غزة: الجريمة التي لا تنتهي
هل ينهيها ويتكوف
عادت غزة لتتصدر واجهة الاخبار العالمية ولتشغل من جديد الرأي العام العالمي والعربي خاصة. مازالت عزة البؤرة الملتهبة التي يسقط على ساحتها يوميا عشرات إن لم نقل مئات الشهداء (109 يوم الثلاثاء الماضي مثلا) ومازالت آلة الحرب الصهيونية المجرمة تصب عليها يوميا أطنانا من القنابل والمتفجرات وأدوات الفتك. عادت إذن لتحتل المركز الأول في قائمة الملفات الدولية والمناورات التي تحاك في كبريات العواصم في العالم.
ومنذ انتهاء الحرب على إيران تصاعدت وتيرة الحديث عن الحرب في غزة وعن سيناريوهات إنهائها. وفي هذا الصدد تعاقبت تصريحات الرئيس الأمريكي الذي لا يكف عن التبجح بأنه يملك وحده مفتاح هذا الملف. وقد عرض موفده إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الخطوط العريضة للحل الأمريكي من أجل إيقاف الحرب على غزة وإطلاق سراح الرهائن. ولأن الحل في غزة محكوم بالكثير من العوامل التي تتعلق باعتبارات متشابكة تهم حسابات المجرم نتنياهو والموازنات الداخلية لحكومته ولمجمل عناصر الساحة الصهيونية من جهة والتي تهم أيضا النتائج الميدانية في ساحة المعركة التي بات واضحا أنها تحولت إلى معركة استنزاف أنهكت الجيش الصهيوني وستنهكه أكثر في المستقبل من جهة ثانية، فقد بات التكهن بطبيعة الحل وتوقيته وآجاله تنفيذه ليس بالأمر الهين.
المقاومة تعكس الهجوم ونتنياهو في مأزق
استغل الكيان الصهيوني الحرب الإيرانية ليكثف أعماله الاجرامية ولكن بالتركيز أكثر وبشكل مفضوح على المدنيين وخاصة تجمعات المواطنين عند نقاط توزيع المساعدات. وقد خلفت غارات الجيش الصهيوني في الأسابيع الأخيرة إحصائيات مفزعة عن الأبرياء العزل الذين راحوا ضحايا هذه الغارات بين شهداء ومصابين. وقد فضحت المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في فلسطين فرنشيسكا ألبانيز Francesca Albanez الطبيعة الاجرامية لما يسمى بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" التي تحولت إلى مصيدة للفلسطينيين ونادت بإيقاف العمل بهذه "المؤسسة" واعتبرت أن "هناك حملة إبادة ترتكب بدعوى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة". وقد افتضحت سردية الجيش الصهيوني الذي لا يحارب الإرهاب كما يدعي وإنما يمارس عملية إبادة جماعية بشعة جلبت له الاحتقار وكراهية كل أحرار العالم.
في المقابل من ذلك صعّدت المقاومة من أعمالها الفدائية وباغتت الجيش الصهيوني بكمائن وهجومات نوعية في غزة وخان يونس والشجاعية وغيرها وكبدته خسائر في الضباط والجنود بين قتلى وجرحى وفي المعدات والعتاد.
وحيال ذلك عادت الأصوات داخل الكيان لتطالب بإيقاف هذه الحرب التي أصبحت غير ذات معنى بل أصبحت حسب رأيهم مضرة بالجيش الصهيوني الذي يعيش حالة استنزاف وإنهاك حقيقي. يتسع الإحساس باليأس في أوساط معارضة وفي بعض أطراف الحكم من إمكانية القضاء على حماس لذلك ينادي الكثير بمراجعة استراتيجية هذه الحرب التي بدأت في التحول لصالح المقاومة.
لذلك بدأ المجرم نتنياهو على خلاف العادة حريصا على عقد صفقة مع حماس. ويذهب البعض في تفسير هذا الاستعداد إل أنه ناتج عن الضغوط التي يمارسها عليه ترامب ويذهب البعض الآخر إلى تفسيره بسعي نتنياهو إلى الحفاظ على شعبيته التي ارتفعت في المدة الأخيرة إثر الحرب على إيران. ومهما كانت التفسيرات فالأكيد أنه مضطر إلى الخضوع إلى جملة من الاكراهات الداخلية والخارجية، أولها الحفاظ على تحسن شعبيته لمواجهة الانتخابات القادمة التي قربت آجالها وثانيها إلحاحية إيجاد مخرج مباشر من أجل "انقاذ العملية العسكرية على غزة" ومنع اتساع رقعة الاحتقان في صفوف الجنود والضباط.
وقد تواترت جملة من المؤشرات تفيد بأن الجيش الصهيوني لم يعد يتحكم في كل عناصر المواجهة في ساحة المعركة لذلك استبدل المعارك العسكرية الحقيقية ضد قوات المقاومة بالتركيز على الأعمال الإجرامية ضد المدنيين وهو ما يفيد أنه، أي الجيش الصهيوني، كأنما ينتظر انتهاء الربع ساعة الاخير من المعركة. وهو كما يفسر "الرغبة" الصهيونية في التعجيل بصفقة جديدة.
صفقة جديدة في الأفق
في الأثناء جرى إعداد صفقة جديدة من "صنع أمريكي" سارع "الوسطاء العرب"، مصر وقطر، بتبنيها وانطلقت الاتصالات للضغط على المقاومة ومحاولة جرها إلى الموافقة على بنودها. والمتمعن في فحواها يدرك أنها صفقة تنسجم أكثر مع المرامي الصهيوني. فنتنياهو إذ أبدى استعداده للقبول بالصفقة فإنه لم يخف رغبته في أن تكون صفقة جزئية لا تتضمن "نهاية الحرب". وهنا لا بد من الإشارة إلى ان ما تسرب مؤخرا من أخبار عن مداولات "الكابينت السياسي" الصهيوني يؤكد أنه قد تم استبعاد سيناريو الاحتلال الكامل لقطاع غزة والإبادة الكاملة لا حبا في شعبها وإنما تلافيا لكلفته السياسية والعسكرية على المدى الاستراتيجي والمباشر. لكن ذلك لا يعني خلو الخطة الهصيو-أمريكية من وراء الصفقة الجاري طبخها الآن من الأهداف الاصلية للحرب على غزة والتي لم يتسن تحقيقها بالحديد والنار.
لقد جدد نتنياهو في تصريح له يوم الجمعة 4 جويلية الجاري أمام الكنيست إصراره على القضاء نهائيا على حماس وأنه لن يسحب جيشه من كل شبر من تراب غزة. فالواضح أنه يريد هدنة (وقف إطلاق النار) لمدة زمنية محددة يجري فيها تبادل الأسرى على أن تنطلق المفاوضات لاحقا حول إمكانية إنهاء الحرب كليا.
هذه المعاني الكبرى لروح الصفقة المرغوبة صهيونيا جاءت بتعابير واضحة نسبيا في الوثيقة التي تسربت على أنها "وثيقة مسودة اتفاق محتمل" منسوبة إلى ويتكوف المبعوث الرسمي للرئيس الامريكية إلى الشرق الأوسط.
وفيما يلي نص الوثيقة كما حصلت عليها وسائل الاعلام :
1 - المدة
- وقف إطلاق نار لمدة 60 يوما.
- يضمن الرئيس ترامب التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار خلال الفترة المتفق عليها.
2 - إطلاق سراح الرهائن
- سيتم إطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين أحياء و18 جثة لإسرائيليين متوفين، من قائمة الـ 58.
- سيتم إطلاق سراحهم في الأسبوع الأول والسابع على مرحلتين، النصف الأول في اليوم الأول من الاتفاق (5 أحياء و9 متوفين)، والنصف الثاني في اليوم السابع (5 أحياء و9 متوفين).
3 - المساعدة الإنسانية
- سيتم إرسال المساعدات إلى غزة فور موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.
- يتم احترام أي اتفاق يتم التوصل إليه بشأن المساعدات للسكان المدنيين طوال مدة الاتفاق.
- سيتم توزيع المساعدات عبر قنوات يتم التنسيق عليها مع الأمم المتحدة والهلال الأحمر.
4 - الأنشطة العسكرية الإسرائيلية
- تتوقف جميع الأنشطة العسكرية الإسرائيلية في غزة عند بدء سريان الاتفاق.
- خلال فترة وقف إطلاق النار سيكون هناك توقف للحركة الجوية (العسكرية والاستطلاعية) في قطاع غزة لمدة 12 ساعة يوميا، يتم تحديدها خلال أيام تنفيذ تبادل الرهائن والأسرى.
5 - إعادة انتشار قوات الجيش الإسرائيلي
أ - في اليوم الأول، بعد إطلاق سراح الرهائن سيتم إعادة الانتشار في شمال القطاع وممر نتساريم، وفقًا للمادة 3 المتعلقة بالمساعدات الإنسانية وبالاستناد إلى خرائط متفق عليها.
ب - في اليوم السابع، بعد إطلاق سراح الرهائن سيتم إعادة الانتشار في الجزء الجنوبي من القطاع، وفقًا للمادة 3.
ج - ستقوم الفرق التقنية بتوضيح حدود إعادة الانتشار النهائية خلال مفاوضات القرب.
6 - المفاوضات
في اليوم الأول، ستبدأ المفاوضات تحت رعاية الوسطاء الضامنين، بشأن الترتيبات اللازمة لوقف إطلاق نار دائم، وتشمل:
أ - نتائج وشروط تبادل جميع الرهائن الإسرائيليين المتبقين مقابل عدد يتم الاتفاق عليه من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
ب - القضايا المتعلقة بإعادة انتشار وانسحاب القوات الإسرائيلية والترتيبات الأمنية طويلة الأمد داخل قطاع غزة.
ج - الترتيبات المتعلقة بـ “اليوم التالي” في قطاع غزة والتي قد يطرحها أي من الجانبين.
د - الإعلان عن وقف إطلاق نار دائم.
7 - الدعم الرئاسي
الرئيس ترامب جاد بشأن التزام الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار، ويصر على أن المفاوضات في غزة بعد وقف إطلاق النار المؤقت، إذا لم تُختتم باتفاق بين الطرفين، ستؤدي إلى حل دائم للصراع.
8 - إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين
سيتم إطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين أحياء.
سيتم الإفراج عن 125 أسيرًا محكومًا بالمؤبد و1,111 معتقلًا من غزة بعد 7 أكتوبر 2023.
سيتم تسليم 180 جثة لشهداء من غزة.
التنفيذ يكون على مرحلتين، النصف الأول في اليوم الأول، والنصف الآخر في اليوم السابع.
9 - وضع الرهائن والأسرى
أ - في اليوم العاشر، تقدم حماس معلومات طبية كاملة عن الرهائن المتبقين (إثبات حياة، وتقرير الحالة الطبية).
ب - بالمقابل، تقدم إسرائيل معلومات كاملة عن الأسرى الفلسطينيين المعتقلين منذ 7 أكتوبر، وعدد الشهداء المحتجزين في إسرائيل، وتلتزم حماس بضمان سلامة الرهائن خلال فترة وقف إطلاق النار.
10 - الإفراج عن الرهائن المتبقين
- عند التوصل لاتفاق على وقف إطلاق نار دائم خلال 60 يومًا، يتم الإفراج عن جميع الرهائن المتبقين من قائمة الـ”58”.
- إذا لم يتم التوصل لاتفاق، يمكن تمديد وقف إطلاق النار المؤقت بشروط ومدة يتم الاتفاق عليها، طالما يتم التفاوض بحسن نية.
11 - الضامنون
- الضامنون (الولايات المتحدة، مصر، قطر) يضمنون استمرار وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما، ويشاركون في المفاوضات بشأن الترتيبات الدائمة.
- السفير الأمريكي ستيف ويتكوف سيكون المبعوث الخاص ويشرف على المفاوضات.
12 - إعلان الرئيس ترامب
- سيعلن الرئيس ترامب شخصيًا عن اتفاق وقف إطلاق النار.
- تلتزم الولايات المتحدة والرئيس ترامب بضمان استمرار المفاوضات حتى التوصل لاتفاق نهائي".
وقد أبدت حماس بعد مشاورات مع فصائل المقاومة الأخرى موافقتها على هذه الوثيقة (بعد إدخال تنقيحات جزئية عليها بحسب بعض الاخبار) ومن المنتظر انطلاق المفاوضات غير المباشرة بين حماس والكيان الصهيوني نهاية هذا الأسبوع في العاصمة القطرية قطر.
#جيلاني_الهمامي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟