احمد موكرياني
الحوار المتمدن-العدد: 8395 - 2025 / 7 / 6 - 13:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في نقاش في آخر الليل مع صديق دبلوماسي مخضرم يعيش خارج وطنه، حول الغمامة التي تخيم على منطقتنا وزوالها:
• كتبت له: “المنطقة في مخاض وستنجلي الغمامة التي طالت مكوثها خارج المحددات التاريخية بسبب تولي الطغاة والقتلة الحكم، فلا تكاد تجد حاكم عاقل في الوقت الحالي".
• كان رد الدبلوماسي: "يبدو ان الامور مطولة عزيزي".
دفعني هذا النقاش إلى تحليل الوضع، كعادتي منذ أن وعيتُ ما يدور حولي، مستفيدًا من خبرتي المتراكمة نتيجة معايشتي لفترات سياسية مختلفة في أكثر من دولة ومنطقة، ومن علاقاتي ومراسلاتي مع بعض من شاركوا في الحكم في اكثر من دولة. كما اعتمدت في تحليلي على البحث والتدقيق، إلى جانب الاستفادة من برامج الذكاء الاصطناعي بشقيها الغربي والشرقي.
فقد راوَغ البرنامج الغربي حين طلبت منه توضيحًا حول تعريفه لـ«محور الشر»، فاستمر في تذكيري بالتعريف الغربي التقليدي لمحور الشرقي. أما الذكاء الاصطناعي الشرقي، فقد قدّم ردًّا كاملاً شمل الصين ضمن محور الشر، ثم ما لبث أن قام البرنامج بمسح الرد سريعًا، وأرفق ملاحظة تقول: “Sorry, that’s beyond my current scope.” أي "معذرة، هذا خارج نطاقي الحالي". لم أتمكن من حفظ الرد، لكنني أعدت طرح السؤال بطريقة استفزازية على البرنامج الغربي، في محاولة لدفعه إلى البحث العميق في جميع الملفات وتقييم المعلومات المخزّنة في ذاكرته.
فكان سؤالي التالي: من هم يمثلون محور الشر بشكل محايد في الوقت الحالي من ضمنهم الدول الغربية والقيادات التي تساهم في خلق واستمرار الازمات؟
جواب البرنامج: سؤالك مهم جدًا، ويعكس وعيًا نقديًا للمشهد الدولي.
في التحليل السياسي المحايد، محور الشر وعدم الاستقرار في العالم اليوم لا يقتصر على "الخصوم التقليديين" للغرب (مثل إيران وروسيا)، بل يشمل أيضًا دولًا غربية وقيادات عالمية تساهم في خلق واستمرار الأزمات من خلال الحروب، التدخلات، والهيمنة الاقتصادية.
إليك عرضًا محايدًا وتحليليًا لما يمكن وصفه بـ محور الشر والفوضى العالمي المعاصر:
أولًا: الدول التي تؤجج الأزمات من الجانبين (الشرقي والغربي).
المحور الشرقي:
1. روسيا: غزو أوكرانيا، دعم الأنظمة القمعية (سوريا، إفريقيا)، فاغنر.
2. إيران: دعم ميليشيات مذهبية، تدخل في اليمن والعراق وسوريا.
3. الصين: دعم أنظمة استبدادية (ميانمار، كوريا الشمالية)، قمع الإيغور.
4. كوريا الشمالية: تهديد نووي مستمر، قمع داخلي شامل.
5. تركيا: غزوات عسكرية في سوريا والعراق، دعم جماعات مسلحة.
المحور الغربي (الدول الصناعية الكبرى)
1. الولايات المتحدة الأمريكية: غزو العراق، وأفغانستان، دعم الانقلابات، بيع السلاح.
2. فرنسا: تدخل في الساحل الإفريقي، دعم الأنظمة الفاسدة، إرث استعماري مستمر.
3. بريطانيا: مشاركة في غزو العراق، تجارة الأسلحة للسعودية، تحريض على حروب بالوكالة.
4. إسرائيل: احتلال الأراضي الفلسطينية، حروب دورية على غزة، قصف مستشفيات ومدارس.
5. الاتحاد الأوروبي: دعم الأنظمة رغم انتهاكات حقوق الإنسان، سياسات لجوء قاسية.
ثانيًا: القيادات العالمية المساهمة في الفوضى والدمار (من جميع الأطراف)
الزعيم / المسؤول ودوره في الأزمات:
1. فلاديمير بوتين (روسيا): مسؤول مباشر عن الحرب في أوكرانيا، تدخّل عسكري في سوريا وليبيا.
2. بنيامين نتنياهو (إسرائيل): مسؤول عن جرائم حرب في غزة، توسيع المستوطنات، تقويض السلام.
3. دونالد ترامب / جو بايدن (أمريكا): فرض عقوبات على الشعوب، انسحاب فوضوي من أفغانستان، دعم حرب اليمن.
4. علي خامنئي / قاآني (إيران): دعم الحشد الشعبي، الحوثيين، حزب الله، وتقويض الدولة المدنية.
5. رجب طيب أردوغان (تركيا): تدخل عسكري خارجي، قمع داخلي، استخدام ملف اللاجئين كورقة ضغط.
6. إيمانويل ماكرون (فرنسا): تدخل عسكري في الساحل الإفريقي، مبيعات سلاح لأنظمة قمعية.
7. شي جين بينغ (الصين): قمع جماعي في شينجيانغ، دعم روسيا وإيران دبلوماسيًا، توسع اقتصادي غير أخلاقي.
ثالثًا: أدوات محور الشر العالمي:
1. السلاح: الغرب (أمريكا، فرنسا، بريطانيا) أكبر مصدّري السلاح لأنظمة قمعية، وروسيا وإيران تدعمان جماعات مسلحة في الشرق الأوسط وإفريقيا.
2. الحصار والعقوبات: تُفرض غالبًا على الشعوب وليس على الأنظمة (مثال: العراق سابقًا، إيران، سوريا).
3. الحروب بالوكالة: اليمن، سوريا، ليبيا، أوكرانيا... أصبحت ساحات لتصفية الحسابات بين المحاور.
4. الإعلام والدعاية: كل محور يُشوّه خصومه عبر قنوات ضخمة ويُخفي جرائمه.
الخلاصة المحايدة:
محور الشر الحقيقي اليوم ليس دولة بعينها، بل هو كل من يساهم في استمرار الحروب، تجويع الشعوب، تمويل القمع، وتدمير الدول لصالح نفوذه السياسي أو الاقتصادي.
ويتكوّن هذا المحور من:
1. دول شرقية (مثل روسيا، إيران، الصين).
2. دول غربية (مثل أمريكا، فرنسا، بريطانيا، إسرائيل).
3. زعماء سياسيين ونخب اقتصادية يستثمرون في الفوضى.
4. شركات سلاح ونفط وبنوك تدير الاقتصاد العالمي على حساب الشعوب.
أنتهى رد البرنامج الذكاء الاصطناعي.
تعليقي على ما ورد أعلاه:
لقد أجاد البرنامج في تشخيص معظم العِلَل، غير أنه لم يُقدّم حلولًا لها.
• أولًا: المشكلة في القيادات العسكري:
معظم القيادات العسكرية الحالية تفتقر إلى المعرفة والثقافة، وهي في الغالب شخصيات مغامِرة وعدوانية، تتصف بالتسلّط وتفتقر إلى الروح الإنسانية. لم يقرأوا التاريخ، ولا يدركون أن "لو دام لغيرهم ما وصل إليهم"، ولم يتّعظوا من نهايات الطغاة. كما يغيب عنهم الإدراك الكارثي لواقع الصراع بين القيادات العسكرية المتنافسة على السلطة، ومنهم:
o المجرم الجنرال عبد الفتاح البرهان: قائد الجيش السوداني، وزعيم المجلس السيادي العسكري منذ انقلاب أكتوبر 2021، مدعوم من مصر، والسعودية، وإيران، وتركيا.
o المجرم الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي): قائد قوات الدعم السريع، ويحظى بدعم مباشر من الإمارات.
o المجرم المشير خليفة حفتر: مدعوم من الإمارات، ومصر، وروسيا (عبر مجموعة فاغنر).
o المجرم الجنرال مين أونغ هلاينغ: قائد الانقلاب العسكري في ميانمار في فبراير 2021 مدعوم من الصين.
• ثانيًا: المشكلة في الشعوب:
الكارثة الأكبر تكمن في قبول الشعوب المتضررة، ضحايا محور الشر، بحكم هذه القيادات، بل وتوزيع الولاءات تبعًا للمنافع المادية أو المصالح السياسية التي يقدّمها ممثلوهم.
هذا القبول يُطيل من عمر الأزمات، ويُكرّس استمرار "غمامة الاستبداد" فوق أوطانهم.
• ملاحظة: صنف البرنامج إسرائيل ضمن المحور الغربي، فصدق البرنامج، لأن إسرائيل دويلة غربية وغريبة زرعت في فلسطين كقاعدة متقدمة تجسسية وتخريبية للغرب في الدول الشرق الأوسط، كما جعلوا من تركيا قاعدة متقدمة لمواجهة حلف وارشو.
كلمة أخيرة:
• إن عجلة التغيير في المجتمعات بدأت بالدوران في غير صالح الطغاة، منذ انتشار الإنترنت والهواتف الذكية، ومؤخرًا برامج الذكاء الاصطناعي. فقد أصبح من المألوف أن يتمكن الطفل من إدارة الألعاب على الهاتف الذكي أو الآيباد قبل أن يتعلم نطق الكلام او المشي.
o وهذا يعني أنه لم يعد ممكنًا إخفاء الجرائم وفساد الحكام والقيادات والوزراء، إذ يمكن اليوم التعرف على الممتلكات المالية والعقارية لمعظم الرؤساء والملوك والوزراء وقيادات الأحزاب والمليشيات، ورؤساء الأقاليم، بنقرة واحدة على لوحة المفاتيح في الحاسوب أو الهاتف الذكي، فهل ممتلكات ترامب او إيلون ماسك وغيرهم مجهولة، العالم اليوم كتاب مفتوح وممكن معرفة أصل وفصل وتاريخ القيادات والحكام والملوك بدون رتوش او عمليات التجميل، وما يملكون؟
• فلم يعد هناك سرٌّ يمكن إخفاؤه. وقد وصلت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية إلى مواقع قادة حماس، وحزب الله، والعلماء النوويين، والقيادات العسكرية في إيران، وهم على بُعد مئات أو آلاف الكيلومترات من أهدافهم، إنهم يستخدمون برامج مواقيت الصلاة، حتى وإن كانت صادرة عن جامعات إسلامية او عن المرشد خامنئي، لتحديد مواقع ضحاياهم.
• أما استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير الأسلحة، فقد جعل من القنابل النووية والصواريخ الباليستية التقليدية مجرد تحف تستحق العرض في المتاحف.
o إن حجم الدمار الناتج عن استخدام صواريخ ذكية إيرانية داخل إسرائيل أجبر المجرم المدان نتن ياهو على التوسل إلى ترامب لإيقاف القتال مع إيران.
o وما هو قادم في هذا المجال لن يظل حكرًا على الولايات المتحدة والصين والدول الغربية، بل قد يتمكن طالب ذكي نابغة في الهند أو إفريقيا من تطوير سلاح يتفوّق على معظم الأسلحة الحالية، ودون استخدام القنابل النووية، لأنها ترتد اشعاعاتها عليهم، فلو ضُربَ مفاعل ديمونة الإسرائيلي، فالأضرار تشمل ارض فلسطين والأردن ومصر والسعودية وربما سوريا ولبنان وقبرص والعراق وتتلوث مياه البحر الأبيض المتوسط والمياه الجوفية.
• وفقًا لدراستي وتوقّعاتي، فإن أوّل الساقطين من محور الشرّ هو المجرم المُدان نتن ياهو، وأنّ ترامب لن يُكمِل ولايته الرئاسية الثانية، وأنّ نهاية بوتين ستكون مماثلة لنهاية ستالين، أمّا الحياة السياسية لماكرون فأنتهت إلى الأبد، وسيلحق بهم الطاغية أردوغان. أمّا النظام الإيراني، فلا يمكن إسقاطه إلا بثورة داخلية، يتبعها سقوط النظام العراقي والحوثيين كنتيجة حتمية.
#احمد_موكرياني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟