أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن عجمي - الإنسان السوبر حداثوي














المزيد.....

الإنسان السوبر حداثوي


حسن عجمي

الحوار المتمدن-العدد: 8327 - 2025 / 4 / 29 - 20:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الإنسان السوبر حداثوي غير مُحدَّد مما يضمن حريته المطلقة. فلا تُحدِّده معتقدات وسلوكيات معيّنة سلفاً مما يمكّنه من أن يكتسب الحرية الحقة. بما أنه غير مُحدَّد بأيّ زمكان وأيّة بيئة ثقافية واجتماعية، لديه الحرية المطلقة في اختيار معتقداته وسلوكياته. هكذا يتحرّر الإنسان السوبر حداثوي من أيّ تأثير خارجي فيصبح سيداً على ذاته. و بما أنَّ الإنسان السوبر حداثوي غير مُحدَّد، إذن يتمكّن من أن يحيا كلّ ذواته الممكنة بدلاً من أن يكون مُحدَّداً بذات معيّنة. وبذلك يحقق إنسانيته القصوى من خلال اكتشاف ذواته المتنوّعة فيحيا في كلّ الزمكانات المتعدّدة والمختلفة بدلاً من أن يكون سجين ذات مُحدَّدة و زمكان مُحدَّد. هكذا الإنسان السوبر حداثوي غني بذواته المتعدّدة التي، وإن اختلفت وتنوّعت، تنصهر في كينونة واحدة لا تتجزأ. الإنسان انصهار كلّ ذواته الممكنة والمختلفة فالحياة صيرورة خلق المختلف والمؤتلف.

بالنسبة إلى السوبر حداثة، الكون غير مُحدَّد ولكن رغم لامُحدَّدية الكون من الممكن معرفته. بذلك الإنسان السوبر حداثوي لا يسجن الكون في منظومة مُحدَّدة سلفاً و لا يسجن الإنسان في غياب إمكانية المعرفة. مثلٌ على تفسير الكون فمعرفته من خلال لامُحدَّديته تفسير نجاح النظريات العلمية رغم تعدّدها واختلافها على ضوء لامُحدَّدية الكون والوجود. فبما أنَّ الكون غير مُحدَّد، إذن من المتوقع أن تنجح النظريات العلمية المتعدّدة في تفسير الكون و وصفه رغم اختلافها كالاختلاف بين نظرية أينشتاين القائلة بحتمية القوانين الطبيعية ونظرية ميكانيكا الكمّ القائلة بأنَّ القوانين الطبيعية احتمالية وليست حتمية. هكذا يكتسب الإنسان السوبر حداثوي المعرفة كمعرفة لماذا تنجح النظريات العلمية رغم اختلافها وتعارضها وذلك من خلال لامُحدَّدية الكون ولامُحدَّدية حقائقه. من هنا، الإنسان السوبر حداثوي يحرِّر الحقائق والمعارف باعتبارها غير مُحدَّدة ( كغير مُحدَّدية إن كانت نظرية أينشتاين أم نظرية ميكانيكا الكمّ هي النظرية الصادقة) تماماً كما يحرِّر الإنسان باعتباره غير مُحدَّد.

بالإضافة إلى ذلك، بما أنَّ، بالنسبة إلى السوبر حداثة، الكون غير مُحدَّد مما يطالبنا بتحديده، إذن الإنسان السوبر حداثوي هو الذي يُحدِّد الكون وبذلك هو إنسان مبدع وسوبر خلاّق. مثلُ ذلك أنه من دون امتلاك الإنسان لمفهوم "الإيجابي" و مفهوم "السلبي" ومعانيهما، لن توجد أحداث إيجابية وأحداث سلبية بل سوف توجد فقط أحداث لا إيجابية ولا سلبية لكونها مجرّد أحداث لا تتصف بالإيجابية ولا بالسلبية إلا من خلال وجهة نظر منظومة مفاهيمية حائزة على معاني الإيجابي والسلبي. فما هو إيجابي وما هو سلبي يختلف من فرد إلى آخر ولذا الإنسان يحدِّد إن كانت الأحداث إيجابية أم سلبية على ضوء منظومته المفاهيمية مما يشير إلى لامُحدَّدية الكون و دور الإنسان الفعّال في تحديده. من المنطلق نفسه، بما أنَّ، من منظور السوبر حداثة، الإنسان غير مُحدَّد مما يطالبنا بتحديده المستمر، إذن الإنسان يحدِّد نفسه باستمرار مما يمكّنه من اكتساب الحرية وتحقيق ذواته المتعدّدة والمتنوّعة. هكذا يصبح الإنسان خلاّقاً في صياغة الكون و إنتاج ذواته.

إن كان الكون غير مُحدَّد كما تؤكِّد السوبر حداثة و بذلك الحقائق والمعرفة غير مُحدَّدة، فحينئذٍ يتخطى الإنسان السوبر حداثوي الثنائيات المخادعة كثنائية الشكّ واليقين وثنائية الاعتقاد الصادق والاعتقاد الكاذب مما يؤدي بالإنسان السوبر حداثوي إلى قبول كلّ المذاهب الفكرية المختلفة واعتبارها متساوية في مقبوليتها وقيمتها مما بدوره يدفع به إلى قبول الآخر فيؤسِّس لسيادة الفلسفة الإنسانوية القائمة على قبول الآخرين والكامنة في احترام حرية كلّ فرد فيما يختار من معتقدات وسلوكيات والمساواة بين كلّ الأفراد على أساس مقبولية كلّ معتقداتهم وسلوكياتهم المتنوّعة. هكذا الإنسان السوبر حداثوي إنسانوي بامتياز. والإنسان السوبر حداثوي يبني إنسانويته على ضوء لامُحدَّدية حقائق الكون و مثل ذلك لامُحدَّدية إن كانت الجُسيمات (كالإلكترونات) هي حقاً جُسيمات أم موجات كما تقول نظرية ميكانيكا الكمّ العلمية. بذلك الإنسان السوبر حداثوي لا يرفض العِلم بل يصوغ سوبر حداثويته على أساس العلوم. فالعِلم يتكوّن من عملية تصحيح مستمرة وبذلك العِلم خالٍ من اليقينيات مما يؤدي إلى قبول الآخر وبناء الإنسان السوبر حداثوي.

تحتِّم الثنائيات نشوء الصراعات بين الأفراد والأمم فالخلافات أساسها الثنائيات كالخلاف حيال ما هو صادق وما هو كاذب. من هنا، حين نتخطى الثنائيات، نتحرّر من الصراعات مما يؤسِّس للحضارة الحقة القائمة على السلام. هكذا الإنسان السوبر حداثوي صانع الحضارة الحقيقية الكامنة في سيادة السلام بين الأفراد والشعوب. مثلٌ على تخطي الثنائيات تخطي ثنائية الشكّ واليقين. فلا شكّ بلا يقين على أساسه يقوم الشكّ ولا يقين بلا شكّ كالشكّ بما يناقض اليقين. الشكّ يقين مستتر واليقين شكّ مُضمَر. وبذلك ثنائية الشكّ واليقين ثنائية مخادعة. ويتعالى الإنسان السوبر حداثوي عن الشكّ واليقين فتتساوى لديه العقائد والمعتقدات والنظريات المختلفة فيحلّ الخلاف فيما بينها وبذلك هو إنسان سوبر إنسانوي.



#حسن_عجمي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طبيعة الكون السوبر خلاّقة
- الفلسفة السوبر خلاّقة
- الإنسان السوبر خلاّق
- الإبداع السوبر خلاّق
- الحضارة السوبر خلاّقة
- الوعي السوبر خلاّق
- الحقائق السوبر خلاّقة
- المعاني السوبر خلاّقة
- المعرفة السوبر خلاّقة
- فلسفة الكون السوبر خلاّق
- الوجود نظم المعلومات
- ميكانيكا النظريات والواقع
- ميكانيكا اللغة والمعنى
- ميكانيكا اليقين دراسة اليقين علمياً
- ميكانيكا الفكر دراسة الفكر علمياً
- ميكانيكا المعرفة دراسة المعرفة علمياً
- الوجود مجموع كلّ الاحتمالات
- السوبر تعددية المعنالوجية
- السوبر تعددية الكونيائية فرضية علمية
- السوبر تعددية المعرفية


المزيد.....




- شاهد رد فعل البيت الأبيض بشأن نية أمازون عرض تكاليف التعريفا ...
- مصر تتأهب لعاصفة ترابية شديدة وسط تعطيل الدراسة وتحذيرات رسم ...
- ماذا نعرف عن صاروخ -بار- الإسرائيلي الجديد في حرب غزة، ومن ي ...
- -العدل الدولية- تستعد لإعلان حكمها في دعوى السودان ضد الإمار ...
- الحرب.. ملاذ أوروبا من الهزيمة بأوكرانيا
- بوتين يتحدث عن أهمية يوم النصر في روسيا وجمهوريات الاتحاد ال ...
- ترامب: روسيا قوة عسكرية كبيرة جدا وأوكرانيا ليست كذلك
- أوكرانيا وهنغاريا تتفقان على إطلاق مشاورات بشأن عضوية كييف ف ...
- ترامب يكشف من يكتب له منشوراته على -تروث سوشيال-
- مصدر حوثي يكشف تفاصيل مهاجمة حاملة الطائرات الأمريكية -هاري ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن عجمي - الإنسان السوبر حداثوي