ضيا اسكندر
الحوار المتمدن-العدد: 8326 - 2025 / 4 / 28 - 13:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
النظام الوطني الحقيقي يُقاس بوضوح مواقفه وانسجام أفعاله مع أقواله، فلا يمكن للوطنية أن تكون مجرد غلاف لسياسات متناقضة، أو وسيلة لتبرير ممارسات تخالف مصالح الشعب.
الوطنية الحقيقية تتجلّى في الالتزام الفعلي بالعدالة والاستقلالية وخدمة تطلعات الناس، لا في رفع الشعارات الجوفاء أو الاكتفاء بإعلان المواقف.
النظام البائد بقيادة حزب البعث مثّل نموذجاً صارخاً لهذا الانفصام بين الخطاب والممارسة؛ فقد أكثر من التغنّي بالوطن والوحدة والحرية، بينما كانت أجهزته الأمنية تفتك بالشعب، وكانت سياساته ترهن البلاد للمصالح الشخصية والفئوية. سقطت شعاراته تحت وطأة الاستبداد، وتلاشت الوطنية في زنازين القمع والفساد.
أما هيئة تحرير الشام، فاختارت منذ البداية التخلّي حتى عن هذا القناع، فلم ترَ في الوطنية قيمة تُروَّج، ولا في الشعب شريكاً يُخاطب. بوقاحة غير مسبوقة، تعلن مواقفها وتنفذ أجنداتها التي تخدم مصالحها ومصالح القوى الداعمة لها، غير عابئة لا باستقلال سوريا ولا بآمال السوريين في العدالة والحرية.
غير أن وضوح المواقف وحده لا يكفي ليجعل النظام صادقاً مع نفسه، فالوطنية ليست مجرد وضوح في الموقف، بل التزام حقيقي بمصالح الشعب وتحقيق العدالة والمساواة.
في الحالتين، وجد الشعب نفسه رهينة أنظمة تتحدث باسمه أو تحكم باسمه دون أن تمثله حقاً؛ أنظمة جعلت من الوطن مسرحاً للصراع على السلطة، لا ميداناً لتحقيق الحرية والكرامة.
في ظل هذا الخراب السياسي، تبرز الحاجة إلى قوى وطنية حقيقية لا تتاجر بالشعارات ولا تبيع المواقف، بل تبني مشروعاً يرتكز إلى طموحات الناس، ويحترم تضحياتهم، ويعيد للوطن معناه المهدور بين استبداد البعث وجبروت الجماعات المتسلطة.
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟