محمد ابراهيم بسيوني
استاذ بكلية الطب جامعة المنيا وعميد الكلية السابق
(Mohamed Ibrahim Bassyouni)
الحوار المتمدن-العدد: 8326 - 2025 / 4 / 28 - 09:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بينما تنهار أنظمة الصحة في بعض الدول بفعل الحروب أو الكوارث الطبيعية، تعاني مصر من انهيار صامت سببه هجرة العقول، وفي مقدمتها العقول الطبية. نحن اليوم أمام مأساة وطنية، لا يليق السكوت عنها. فالأطباء الذين قضوا سنوات من أعمارهم في الدراسة والتدريب، باتوا يهربون من أوطانهم، لا طمعًا في مال، بل طلبًا لكرامة مهنية وإنسانية.
ليس من المقبول أن يكون متوسط دخل الطبيب في مصر لا يكفي لحياة كريمة، بينما يُطالب بأن يضحي، ويعمل بلا أدوات، ويتعرض للاعتداء أحيانًا، ثم يُلام إن فكر في الهجرة. الطبيب ليس قديسًا منزّهًا عن حاجات البشر، ولا عبدًا لنظام لا يرحمه. لكن الأخطر من كل هذا، أن الدولة لم تضع بعد خطة قومية واضحة لمواجهة هذا النزيف. نقابة الأطباء تصرخ بالأرقام، وتُظهر التراجع المستمر في أعداد الممارسين الفعليين داخل مصر، ولا مجيب.
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقتصر على النصح الفردي، بل يمتد ليشمل مقاومة الظلم المؤسسي، والسكوت عن هجرة الأطباء نوع من الرضا الضمني بالظلم الواقع عليهم وعلى المريض المصري في الوقت ذاته. أليس من المعروف أن الطبيب يُحترم؟ أليس من المنكر أن يُهان الطبيب، ويُزج به في ظروف مهينة؟ أين صوت العقلاء؟ أين النخبة؟ أين الإعلام؟
الحلول ليست مستحيلة
1. إصلاح الرواتب: ليست رفاهية، بل ضرورة. الطبيب الذي لا يأمن مستقبله لا يستطيع أن يهب وقته وصحته لغيره.
2. حماية الأطباء قانونيًا: لا يجوز أن يتعرض الطبيب للإهانة دون رادع، ولا أن يحاسب على خطأ مهني في غياب أدوات العمل السليمة.
3. الاستثمار في التدريب والتخصص: ليست الدول الكبرى أغنى منا في الموارد، بل في تقديرها لعقول أبنائها.
إن إنقاذ ما تبقى من أطباء مصر، واجب وطني وديني وأخلاقي. وإن الاستمرار في هذا الصمت الجماعي، خيانة للأمانة، وخذلان للضعفاء من المرضى الذين لا يملكون إلا مستشفى حكومي وطبيبًا صابرًا. فلنقلها بصوتٍ واضح: أكرِموا الطبيب في وطنه، قبل أن يكرمه الغريب في الغربة.
#محمد_ابراهيم_بسيوني (هاشتاغ)
Mohamed_Ibrahim_Bassyouni#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟