حنان بديع
كاتبة وشاعرة
(Hanan Badih)
الحوار المتمدن-العدد: 8319 - 2025 / 4 / 21 - 16:47
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
التقدم التكنولوجي جعلنا نلهث خلف ما هو أكثر جاذبية وإثارة وتشويق، نبحث عن محتوى سريع وتفاعلي، مثل الألعاب الإلكترونية، ونقضي أوقات فراغنا معها.
ليس نحن فقط بل أطفالنا الذين هجروا أفلام الكرتون إلى مواقع الألعاب التفاعلية أو الفيديوهات القصيرة على منصات مثل يوتيوب و"نتفليكس" بدلاً من متابعة برامج كرتونية قديمة.
لم نعد نجتمع لنلعب الورق أو الشطرنج ولم يعد أطفالنا يستسيغون المحتوى الكرتوني الذي يحمل قيماً تربوية نبيلة ويعزز الروابط الأسرية والإجتماعية!
ليس أطفالنا فقط بل أمهاتنا اللاتي لم يعدن يرغبن في اقتناء كتب طبخ أو الإجتماع لصنع حلوى العيد، حتى حلت مواقع التواصل الإجتماعي محل الكتب وبرامج الطبخ التلفزيونية وكثرت طلبات الأكل الجاهز والحلويات المعده في محلات بيع الوصفات وإرسالها جاهزة إلى المنازل.
ليس أمهاتنا فقط بل أسواقنا التي أصبحت تصل الينا عبر المتاجر الإلكترونية فخسرنا متعة التجول وتجربة البضاعة ولمسها عن قرب، وكان ذلك مقابل تجربة تسوق مريح دون الحاجة للخروج من المنزل.
ليس أسواقنا فقط بل أصدقائنا أيضا الذين لم نعد نبحث عنهم أو نحرص على التواصل معهم، فيكفي أن تنتمي إلى موقع إجتماعي كموقع الفيس بوك لتتواصل مع أناس لن تلتقي بهم في حياتك الواقعية، ولكن عليك تقبل ضريبة هذا العالم حيث لا حميمية فيه، وعن أي حميمية نتحدث وقد أصبح بالإمكان التحدث لايف مع نصف الكرة الأرضية دون أن يدخل عالمنا الواقعي أحدّ!
ليس أصدقائنا فقط بل خير جليس لنا وهو الكتاب الذي أصبح هو الآخر رقميا، فبعد أن كان الكتاب المطبوع عمود صناعة الوعي والثقافة، بدأ الكتاب الإلكتروني بالحلول تدريجيا محل الكتاب الورقي، مستعينا بفورة التكنولوجيا واقتحامها كل مجالات الحياة، وقدم نفسه بديلا سريعا يوفر الوقت والمال، إلا أن هناك شىء ما بقي ناقصاً.
نعم، باتت حياتنا سريعة جداً، وناقصة، ينقصها فقط كل ما يصيغ نكهة للحياة، إلا أن كل هذه التفاصيل أصبحت من التراث القديم، ولم يعد بإمكاننا إنكار تأثير الزمن الرقمي على الروح البشرية في زمن تسوده التكنولوجيا والرقمنة..
يبقى السؤآل، ماذا لو اكتشفنا أنه لا يمكن للحياة أن تكون دائما رقمية؟
#حنان_بديع (هاشتاغ)
Hanan_Badih#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟