|
التِّكْنُولُوجْيَا
حمودة المعناوي
الحوار المتمدن-العدد: 8316 - 2025 / 4 / 18 - 18:42
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
_ التِّكْنُولُوجْيَا الْمَفْهُوم وَالتَّطَوُّر التَّارِيخِيّ
التِّكْنُولُوجْيَا "technology" لُغَوِيًّا مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْكَلِمَةِ الْيُونَانِيَّة "تِكْنُولُوجْيَا" وَاَلَّتِي تَتَكَوَّنُ مِنْ مَقْطَعِين: "تِكْنِّي" بِمَعْنَى فَنّ أَوْ حِرْفَةٍ، و"لُوجْيَّا" بِمَعْنَى دِرَاسَة أَوْ عَلِمَ. وَبِالتَّالِي فَإِنَّ التِّكْنُولُوجْيَا تَعْنِي دِرَاسَة الْفُنُون وَالْحَرْف. أَمَّا اصْطِلَاحًا، فَقَدْ تَعَدَّدَتْ التَّعْرِيفَات لِلتَّكْنُولُوجْيَا، فَهُنَاكَ مَنْ يَرَى أَنَّهَا مَجْمُوعَة الْمَعَارِف وَالْخَبَرُات الْمُتَرَاكِمَة وَالْأَدَوَات وَالْوَسَائِل الَّتِي يَسْتَخْدِمُهَا الْإِنْسَان لِتَحْقِيق أَهْدَافِه الْمَادِّيَّة. وَهُنَاكَ مَنْ يُعَرِفُهَا بِأَنَّهَا التَّطْبِيقِ العَمَلِيِّ لِلْإِكْتِشَافَات وَالِإخْتِرَاعَاتِ الْعِلْمِيَّة. وَيُمْكِن الْقَوْلُ بِشَكْلٍ عَامٍّ أَنْ التَّكْنُولُوجْيَا هِيَ الْوَسِيلَةُ الَّتِي يَسْتَخْدِمُهَا الْإِنْسَان لِتَسْخِير الطَّبِيعَة وَمَوَارِد الْأَرْض لِتَحْقِيق أَهْدَافِه وَإِشْبَاع حَاجَاتِه الْمَادِّيَّة وَالْمَعْنَوِيَّة. أَنَّ الِإهْتِمَامَ الْفَلْسَفِيّ بِالتِّكْنُولُوجْيَا لَيْس وَلِيد الْعَصْرِ الْحَدِيثِ، بَلْ بَدَأ مُنْذُ فَجْرِ الْفَلْسَفَة الْغَرْبِيَّةِ فِي الْعُصُورِ الْقَدِيمَةِ. فَفِي الْفَلْسَفَةُ الْيُونَانِيَّةُ، كَانَ هُنَاكَ نَقَّاش وَاسِع حَوْل مَاهِيَّة التِّكْنُولُوجْيَا (الَّتِي كَانَتْ تُعْرَفُ آنَذَاك بِاسْم "التِّقْنِيَّة" أَوْ "التَّكَنِّي") وَعَلَاقَتِهَا بِالطَّبِيعَة. فَقَدْ إعْتَبَرَ أَفْلَاطُون وَالْعَدِيدِ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ الْيُونَان أَنْ التِّقْنِيَّة هِي مُحَاكَاة لِلطَّبِيعَة وَتَقْلِيد لَهَا. بَيْنَمَا رَأَى أَرِسْطُو أَنَّ التِّقْنِيَّة يُمْكِنُ أَنْ تَتَجَاوَزَ الطَّبِيعَة وَ تُكْمِلُ مَا لَا تَسْتَطِيعُ الطَّبِيعَة تَقْدِيمُهُ. فِي الْعُصُورِ الْوُسْطَى، سَاد الِإعْتِقَادِ بِأَنْ التَّكْنُولُوجْيَا هِيَ تَقْلِيدٌ لِلطَّبِيعَة وَ خُضُوع لَهَا. وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إهْتِمَام كَبِير بِالتِّكْنُولُوجْيَا بِإعْتِبَارِهَا مَوْضُوعًا لِلْبَحْث الْفَلْسَفِيّ. وَلَكِنْ مَعَ بِدَايَةِ عَصْرِ النَّهْضَةِ فِي أُورُوبَّا، بَدَأ الِإهْتِمَام بِالتِّكْنُولُوجْيَا يَتَنامَى، وَأَصْبَحَتْ يُنْظَرُ إلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِتَحْسِينِ ظُرُوفِ الْمَعِيشَة. وَ فِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ، بَرَز فَلَاسِفَة أَمْثَال فَرَانْسِيس بِيكُون "Francis Bacon" الَّذِين إعْتَبَرُوا أَنْ التَّكْنُولُوجْيَا هِيَ أَدَاةُ لِلسَّيْطَرَة عَلَى الطَّبِيعَةِ وَ تَسْخِيرِهَا لِخِدْمَةِ الْإِنْسَانِ. وَ لَكِنْ التَّطَوُّر الْحَقِيقِيِّ فِي فَلْسَفَةِ التِّكْنُولُوجْيَا جَاءَ فِي الْقَرْنِ التَّاسِعَ عَشَرَ وَ أَوَائِلُ الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ، حَيْثُ ظَهَرَ إتِّجَاه جَدِيد يَرَى أَنَّ لِلتَّكْنُولُوجْيَا طَبِيعَة مُسْتَقِلَّةً عَنْ الْعِلْمِ. وَكَانَ مِنْ أَبْرَزِ الْفَلَاسِفَةِ الَّذِينَ سَاهِموا فِي هَذَا الِإتِّجَاهَ الفَيْلَسُوفِ الأَلْمَانِيِّ أَرنِست كَاب "Ernst Kapp" الَّذِي اُعْتُبِرَ أَنْ التَّكْنُولُوجْيَا هِيَ إمْتِدَاد لِلْأَعْضَاء الْبَشَرِيَّةِ. كَمَا بَرَزَ فِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ فَلَاسِفَة آخَرُون مِثْل مَارًّتن هَايَدغر "Martin Heidegger" الَّذِينَ إنْتَقَدُوا التِّكْنُولُوجْيَا مِنْ زَوَايَا فَلْسَفِيَّة وَإجْتِمَاعِيَّة وَأَخْلَاقِيَّة. وَ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ، تَطَوَّرَتْ فَلْسَفَة التِّكْنُولُوجْيَا بِشَكْلٍ مَلْحُوظٍ، حَيْثُ ظَهَرَ إتِّجَاه جَدِيد يَهْتَمّ بِدِرَاسَة التِّكْنُولُوجْيَا ذَاتِهَا بِطَرِيقَة تَحْلِيلِيَّة، بَدَلًا مِنْ التَّرْكِيزِ عَلَى تَأْثِيرِهَا الِإجْتِمَاعِيّ وَالثَّقَافِيّ فَحَسْب. وَمِنْ أَبْرَزِ الْفَلَاسِفَةِ الَّذِينَ سَاهِموا فِي هَذَا الِإتِّجَاهَ الْجَدِيد، جَاك إِلُول "Jacques Ellul" الَّذِي قَدَمَ نَقْدًا شَدِيدًا لِلتَّكْنُولُوجْي وَأَثَرُهَا الْمُدَمِّر عَلَى الْإِنْسَانِ وَالْمُجْتَمَعِ. كَمَا بَرَز فَلَاسِفَة آخَرُون مِثْل هَربَرْت مَارْكُوز "Herbert Marcuse" وَ تْيُّودُور أَدُّوْرْنُو "Theodor Adorno" الَّذِينَ إنْتَقَدُوا التِّكْنُولُوجْيَا مِنْ مَنْظُورٍ نَقْدِيّ مَارْكِسِيّ. فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ، تُعَدُّ فَلْسَفَة التِّكْنُولُوجْيَا مَجَالًا فَلْسَفِيًّا مَهْمَا وَ مُتَنَوِّعَا، حَيْثُ تَتَنَاوَل قَضَايَا مُتَعَدِّدَةٍ مِثْل طَبِيعَة التِّكْنُولُوجْيَا وَتَأْثِيرِهَا عَلَى الْمُجْتَمَعِ وَالْبِيئَة وَ الْأَخْلَاق وَ السِّيَاسَةِ. كَمَا تُحَاوِل فَلْسَفَة التِّكْنُولُوجْيَا الْمُعَاصِرَة الْإِجَابَةِ عَلَى أَسْئِلَةٍ مِثْلَ مَا هِيَ التِّكْنُولُوجْيَا وَمَا هِيَ عَلَاقَتُهَا بِالْعِلْم؟ كَيْفَ تُؤَثِّرُ التِّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْإِنْسَانِ وَالْمُجْتَمَعِ؟ مَا هِيَ الْأثَار الْأَخْلَاقِيَّةُ وَالِإجْتِمَاعِيَّةُ لِلتَّكْنُولُوجْيَا؟ وَمَا هُوَ دَوْرُ الْفَلْسَفَةِ فِي تَوْجِيهِ تَطَوُّر التِّكْنُولُوجْيَا نَحْو الْمَسَار الْأَنْسَب لِلْإِنْسَان وَ الْبِيئَة.
_ الْمَفْهُومُ الْعَمَلِيّ لِلتَّكْنُولُوجْيَا
التِّكْنُولُوجْيَا هِي تَطْبِيق الْمَعْرِفَة الْعِلْمِيَّة وَ الْهَنْدَسِيَّة لِتَحْقِيق أَهْدَاف عَمَلِيَّة فِي حَيَاةِ الْإِنْسَانِ. وَ تَشْمَل التِّكْنُولُوجْيَا مَجْمُوعَة وَاسِعَةٍ مِنْ الْأَدَوَاتِ وَالْعَمَلِيَّات وَ الْمُنْتَجَات الْمُصَمِّمَة لِتَحْسِين جَوْدَة الْحَيَاة وَتَسْهِيلِهَا. عَلَى مَرَّ التَّارِيخ، سَاهَمَت التَّكْنُولُوجْيَا فِي تَطَوُّرِ الْحَضَارَات الْبَشَرِيَّة وَ تَقَدُّمُهَا. بِدَايَةَ مَنْ أَدَوَات الصَّيْد البِدَائِيَّة وُصُولًا إِلَى التِّقْنِيَّات الرَّقْمِيَّة الْحَدِيثَة، تَطَوَّرَتْ التِّكْنُولُوجْيَا بِشَكْلٍ مَلْحُوظٍ مَع تَرَاكَم الْمَعْرِفَة وَ الْمَهَارات الْبَشَرِيَّة. تَنْقَسِم التِّكْنُولُوجْيَا إلَى مَجَالَات مُتَعَدِّدَة تَخْدُم مُخْتَلَفَ جَوَانِبِ الْحَيَاةِ، مِنْهَا التِّكْنُولُوجْيَا الطِّبِّيَّة لِتَطْوِير الرِّعَايَة الصِّحِّيَّة، وَ التِّكْنُولُوجْيَا الصِّنَاعِيَّة لِتَحْسِين الْإِنْتَاجِيَّة، وَالتِّكْنُولُوجْيَا الزِّرَاعِيَّة لِزِيَادَة إنْتَاج الْغِذَاء، وَ التِّكْنُولُوجْيَا الْبِنَاء لِتَطْوِير الْهَيَاكِل وَالْمَبَانِي، وَ التِّكْنُولُوجْيَا الْمَالِيَّة لِتَسْهِيل الْمُعَامَلَات الْمَالِيَّة، وَالتِّكْنُولُوجْيَا التَّعْلِيمِيَّة لِتَحْسِين التَّعَلُّم وَالتَّدْرِيس. تُسَاهِم التَّكْنُولُوجْيَا فِي حَيَاةِ الْإِنْسَانِ بِعِدَّةِ طُرُقٍ رَئِيسِيَّة. أَوَّلًا، هِيَ تُسَهِل الْإتَّصَالِ وَ التَّوَاصُلِ بَيْنَ النَّاسِ عَبَّرَ التِّقْنِيَّات الْمُخْتَلِفَة كَالْهَوَاتِف وَ الِإنْتِرْنِت. ثَانِيًا، تُقَلِّل التِّكْنُولُوجْيَا مِنْ الْمَجْهُود الْبَشَرِيّ وَتَزِيد مِنْ إِنْتَاجِيَّتَه عَبَّرَ الْآلَات وَالْأَجْهِزَة الْمُتَطَوِّرَة. ثَالِثًا، تَوَفُّر التِّكْنُولُوجْيَا طُرُقًا أَكْثَرُ كَفَاءَة وَفَعَالِيَّة لِإِنْجَاز المَهَامّ وَالْأَعْمَال. رَابِعًا، تُمَكَّن التِّكْنُولُوجْيَا مِنْ الْوُصُولِ إلَى مَعْلُومَات وَبَيَانًات أَكْثَرُ وَأَسْرَعُ مِمَّا كَانَ مُمْكِنًا مِنْ قِبَلِ. خَامِسًا، تُسَاعِد التِّكْنُولُوجْيَا عَلَى حِلِّ الْمُشْكِلَات الْمُعَقَّدَة وَ إبْتِكَار حُلُولُ جَدِيدَةً. عَلَى الرَّغْمِ مِنْ هَذِهِ الْفَوَائِدَ، تَنْطَوِي التِّكْنُولُوجْيَا أَيْضًا عَلَى بَعْضٍ الْمَخَاطِر وَالتَّحْدِيَات. فَقَدْ تُؤَدِّي إلَى أثَارِ سَلْبِيَّةٍ عَلَى الْبِيئَةِ وَالصِّحَّة الْبَشَرِيَّة نَتِيجَة التَّلَوُّث وَ الْإنْبِعَاثَات الضَّارَّةِ. كَمَا قَدْ تُؤَدِّي التِّكْنُولُوجْيَا إلَى زِيَادَةِ الْبَطَالَة بِسَبَب إسْتِبْدَال الْعِمَالَة الْبَشَرِيَّة بِالْآلَات وَ الْأَتْمَتَّة. وَقَدْ تُسَاهِم التَّكْنُولُوجْيَا فِي تَفَاقُم إنْعِدَامِ الْمُسَاوَاةِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ مِنْ خِلَالِ تَرْكِيز الثَّرْوَة وَالْفُرَص فِي أَيْدِي فِئَّات مَحْدُودَة. لِذَلِكَ، يَجِبُ أَنْ تَكُونَ التِّكْنُولُوجْيَا مُوَجَّهَةً نَحْوَ تَحْقِيقِ الْخَيْرِ الْعَامِّ لِلْبَشَرِيَّة وَتَعْزِيز التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة. وَهَذَا يَتَطَلَّب تَوْجِيه التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ بِعِنَايَةِ وَ تَنْظِيمَه بِشَكْلٍ مُنَاسِبٍ مِنْ قِبَلِ الْمُجْتَمَع وَالْحُكُومَات لِضَمَان إسْتَفَادَة الْجَمِيعُ مِنْهُ وَتَقْلِيل الْمَخَاطِر الْمُحْتَمَلَةِ. فِي الْمُجْمَلِ الْعَامّ التَّكْنُولُوجْيَا هِيَ أَدَاةُ قَوِيَّة لِتَحْسِين حَيَاةُ الْإِنْسَانِ، وَلَكِنْ يَجِبُ إسْتِخْدَامُهَا بِحِكْمَة وَ تَوَازُن لِتَعْظِيمِ الْفَوَائِد وَتَقْلِيل التَّكَالِيف وَالْمَخَاطِر. وَ عَلَى الْبَشَرِيَّة أنْ تَوَاصَلَ تَطْوِير التِّكْنُولُوجْيَا بِمَا يَخْدُم مَصَالِح الْمُجْتَمَع كَكُلّ.
__ أَنْوَاعُ التِّكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَةِ و تَطَوُّرَاتِهَا الْعَصْرِيَّة
التِّكْنُولُوجْيَا هِيَ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْأَدَوَات، الْأَسَالِيب، وَالْعَمَلِيَّات الَّتِي تُسْتَخْدَمُ لِتَسْهِيل الْأَنْشِطَةِ الْبَشَرِيَّةِ وَتَحْقِيق أَهْدَاف مُعَيَّنَة. تَمْتَدّ التِّكْنُولُوجْيَا مِنْ الْأَدَوَاتِ الْبَسِيطَة وَالْآلَات الْيَدَوِيَّة إلَى الأَنْظِمَة الْمُعَقَّدَة وَالْمُعَالَجَات الحَاسُوبِيَّة. تُعْرَف التِّكْنُولُوجْيَا بِقُدْرَتِهَا عَلَى تَحْسِينِ الْكَفَاءَة وَ الِإنْتِاجِيَّة وَ تَوْفِيرُ الرَّاحَةَ فِي الْعَدِيدِ مِنَ جَوَانِبِ الْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ. يُمْكِنُ تَقْسِيمُ التِّكْنُولُوجْيَا إلَى أَنْوَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِنَاءً عَلَى إسْتِخْدَامِهَا وَ مَجَالَات تَطْبِيقِهَا. مِنْ أَبْرَزِ أَنْوَاع التِّكْنُولُوجْيَا، التِّكْنُولُوجْيَا الْعَمَلِيَّة وَتَتَضَمَّن الْأَدَوَاتِ وَالْآلَاتِ الَّتِي تُسْتَخْدَمُ فِي الْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ، مِثْل السَّيَّارَات وَأَجْهِزَة الْمَطْبَخ. وَ التِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ وَ تَشْمَل أَجْهِزَة الْحَاسُوب، الْهَوَاتِفِ الذَّكِيَّةِ، وَ الْأَنْظِمَة الرَّقْمِيَّة الْأُخْرَى الْمُسْتَخْدَمَةُ فِي الِإتِّصَالِ وَالْمُعَالَجَة الْمَعْلُومَاتِيَّة. وَالتِّكْنُولُوجْيَا الْحَيَوِيَّة وَتَتَعَلَّق بِإسْتِخْدَام الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ وَ الْعَمَلِيَّات الْبَيُولُوجِيَّة فِي الصِّنَاعَةِ وَ الزِّرَاعَة وَ الطِّبّ. ثُّمَ التِّكْنُولُوجْيَا الطِّبِّيَّة وَ تَتَضَمَّن الْأَجْهِزَة وَالْمَعْدِات الطِّبِّيَّةُ الْمُسْتَخْدَمَةُ فِي التَّشْخِيص وَالْعِلَاج، مِثْل أَجْهِزَة الْأَشِعَّة السِّينَيْة وَأَجْهِزَة الرَنِين الْمغَنَّاطيسي. وَ تَلْعَبُ التِّكْنُولُوجْيَا دُورًا حَيَوِيًّا فِي تَطَوُّرِ الْمُجْتَمَعَات وَالِإقْتِصَادِات. مِنْ بَيْنِ أَهَمّ فَوَائِد التِّكْنُولُوجْيَا زِيَادَة الْإِنْتَاجِيَّة بِحَيْثُ تُسَاعِد التَّكْنُولُوجْيَا فِي تَحْسِينِ كَفَاءَة الْعَمَلِيَّات وَتَقْلِيل الْوَقْت وَ الْجَهْد الْمَطْلُوبَيْن لِإِنْجَاز المَهَامّ. وَ تَحْسِين جَوْدَة الْحَيَاة، تُسْهِم التَّكْنُولُوجْيَا فِي تَوْفِيرِ الرَّاحَة وَالرَّفَاهِيَة مِنْ خِلَالِ تَطْوِيرِ وَسَائِلِ النَّقْل وَالِإتِّصَالَات وَالْخدْمَات الصِّحِّيَّة. ثُّمَ تَعْزِيز الِإبْتِكَار بِحَيْث تُشَجِّع التِّكْنُولُوجْيَا عَلَى الِإبْتِكَارِ وَ تَطْوِير مُنْتَجَات وَ خَدَمَات جَدِيدَة تُلَبِّي إحْتِيَاجَات الْمُجْتَمَع الْمُتَغَيِّرَة. عَلَى الرَّغْمِ مِنْ الْفَوَائِدِ الْعَدِيدَة لِلتَّكْنُولُوجْيَا، إلَّا أَنَّهَا تَوَاجِهُ بَعْض التَّحَدِّيَات مِثْل الْأَمَان وَالْخُصُوصِيَّة، إذْ تُثِير التِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ مَخَاوِف بِشَأْن حِمَايَة الْبَيَانَاتِ الشَّخْصِيَّةِ وَ مُخَاطَر الِإخْتِرَاقَات الْإِلِكْتِرُونِيَّة. أَضَافَة إلَى عَامِلٍ التَّأْثِير الِإجْتِمَاعِيّ، يُمْكِنُ أَنْ تُؤَدِّيَ التِّكْنُولُوجْيَا إلَى تَغَيِيرَاتٍ فِي التَّفَاعُلَات الِإجْتِمَاعِيَّة وَقِيَم الْمُجْتَمَع. ثُمّ مَأْزِق الْفَجْوَة الرَّقْمِيَّة، فقَدْ تَتَسَبَّب التَّكْنُولُوجْيَا فِي زِيَادَةِ الْفَجْوَةِ بَيْنَ الْمُجْتَمَعَاتِ الَّتِي تَمْتَلِك التِّكْنُولُوجْيَا وَتِلْكَ الَّتِي لَا تَمْتَلِكُهَا، مِمَّا يُعِيقُ التَّقَدُّم الْمُتَسَاوِي. إذْن يُمْكِنُ أَنْ نَسْتَنتج إنْ التِّكْنُولُوجْيَا تَظَلّ أَدَّاة قَوِيَّة لِلتَّقَدُّم وَالتَّطَوُّر، لَكِنَّهَا تَتَطَلَّب إدَارَة حَكِيمَة لِضَمَان إسْتِخْدَامُهَا بِشَكْل يُفِيد الْجَمِيع. كَمَا تَشْهَدُ التِّكْنُولُوجْيَا تَطَوُّرًا مُتَسَارِعٍا وَتَغْيِيرًا مُسْتَمِرًّا فِي مُخْتَلَفٍ جَوَانِبِ الْحَيَاةِ، وَ لَقَدْ ظَهَرَتْ أَنْوَاعٍ جَدِيدَةٍ مِنْ التِّكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَةِ تَتَمَيَّز بِقُدْرَتِهَا عَلَى تَوْفِيرِ حُلُول مُبْتَكَرَة وَ تَبْسِيط الْعَدِيدَ مِنَ الْعَمَلِيَّات الْمُعَقَّدَة. وَفِيمَا يَلِي شَرْح مَفْصِل لِأَهَمَّ أَنْوَاع التِّكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَةِ وَتَأْثِيرِهَا عَلَى عَالَمِنَا الْمُعَاصِر. 1. الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ (artificial intelligence" (AI: الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ هُوَ أَحَدُ أَبْرَز التِّقْنِيَّات التِّكْنُولُوجِيَّة الْحَدِيثَة وَالَّتِي تَعْتَمِدُ عَلَى مُحَاكَاةِ قُدُرَاتِ الْإِنْسَانِ الْعَقْلِيَّةِ. يَتَمَيَّز الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ بِقُدْرَتِهِ عَلَى تَحْلِيلِ الْبَيَانَات، إتِّخَاذ الْقَرَارَات، وَتَنْفِيذ المَهَامّ الْمُعَقَّدَة بِشَكْل آلِّي. كَمَا يَتَمَتَّع بِالْقُدْرَةِ عَلَى التَّعَلُّمِ الذَّاتِيّ وَالتَّكِيَّف مَعَ التَّغْيِيرَاتِ، مِمَّا جَعَلَهُ جُزْءًا لَا غِنَى عَنْهُ فِي مَجَالَاتِ مُتَنَوِّعَة مِثْل الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ، التَّسْوِيق، وَخِدْمَة الْعُمَلَاء. 2. إنْتَرْنِت الْأَشْيَاء (IoT): إنْتَرْنِت الْأَشْيَاء يُتِيح رَبَط الْأَجْهِزَة وَالْأَنْظِمَة عَبْرَ الْإِنْتَرْنِتِ، مِمَّا يَسْمَحُ لَهَا بِالتَّوَاصُل وَ التَّفَاعُل فِيمَا بَيْنَهَا. هَذِهِ التِّقْنِيَّةِ تَمَكَّنَ مِنْ تَحْسِينِ الْكَفَاءَة التَّشْغِيلِيَّة لِلْمُؤَسَّسَات مِنْ خِلَالِ رَصَد الْبَيَانَات وَتَحْلِيلُهَا فِي الْوَقْتِ الْفِعْلِيِّ. كَمَا تُسَاعِدُ إنْتَرْنِت الْأَشْيَاءِ فِي تَحْسِينِ جَوْدَة الْحَيَاةِ مِنْ خِلَالِ تَطْبِيقَات مُتَنَوِّعَة فِي الْمَنَازِلِ الذَّكِيَّة وَالْمُدُن الذَّكِيَّة. 3. تِكْنُولُوجْيَا السَّحَابَة الْإِلِكْتِرُونِيَّة: تَمَكَّن تِكْنُولُوجْيَا السَّحَابَة الْإِلِكْتِرُونِيَّة مِنْ تَخْزِين الْبَيَانَات وَالْوُصُولُ إلَيْهَا عَبْرَ الْإِنْتَرْنِتِ بَدَلًا مِنْ الِإعْتِمَادِ عَلَى أَجْهِزَة الْكِمْبْيُّوتْر الْمَحَلِّيَّةَ. هَذِهِ التِّقْنِيَّةِ تَوَفُّر مُرُونَة أَكْبَرُ فِي الْوُصُولِ إلَى الْمَعْلُومَاتِ وَالتَّطْبِيقَات مِنْ أَيِّ مَكَان، كَمَا تُحَسِنُ التَّعَاوُنُ بَيْنَ الْفِرَقِ وَالْمُوَظَّفين. عِلَاوَةٌ عَلَى ذَلِكَ، تُعَدُّ السَّحَابَة الْإِلِكْتِرُونِيَّة أَكْثَر أَمَانًا وَمُوثُّوقِيَّة مِنْ الَّتِخُزَيْن الْمَحَلِّيّ. 4. تِكْنُولُوجْيَا الْوَاقِع الِإفْتِرَاضِي وَالْوَاقِعُ الْمُعَزَّز: تِكْنُولُوجْيَا الْوَاقِعُ الِإفْتِرَاضِي وَالْوَاقِعُ الْمُعَزَّز تُمَكَّنَ الْمُسْتَخْدِمِين مِنْ الْغَوْصُ فِي بَيْئَات رَقْمِيَّة وَاقِعِيَّة أَوْ شِبْهَ وَاقِعِيَّة. هَذِه التِّقْنِيَّات لَهَا تَطْبِيقَات وَاسِعَةً فِي مَجَالَاتِ التَّعْلِيم وَالتَّرْفِيه وَ الصِّنَاعَة وَ الطِّبّ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، يُمْكِنْ إسْتِخْدَامُهَا فِي التَّدْرِيبِ عَلَى الْمَهَارَات الْجِرَاحِيَّة أَوْ فِي تَصْمِيمِ الْمُنْتَجَات قَبْل إنْتَاجِهَا. 5. تِكْنُولُوجْيَا الْبَلوك تَشِينُ Blockchain: الْبَلوك تَشِينُ هِي تِقْنِيَّة لاَ مَرْكَزِيَّة لِلْبَيَانِات تَسَمُّحٌ بِتَسْجِيل الْمُعَامَلَات وَتَتْبَعُهَا بِشَكْل أَمِن وَشَفَّاف دُونَ الْحَاجَةِ إلَى وَسِيط مَرْكَّزِي. تُطَبِّقَ هَذِهِ التَّكْنُولُوجْيَا فِي مَجَالَاتِ مُتَنَوِّعَة مِثْلُ الْمَالِ الرَّقْمِيّ وَ الْعُقُود الذَّكِيَّة وَالْإِمْدَاد وَالتَّتَبُّع. الْبَلوك تَشِينُ تُحَسِنُ الْأَمْن وَ الشَّفَّافِيَّة وَتُقَلِّلُ مِنْ التَّكَالِيفِ التَّشْغِيلِيَّة 6. الرُّوبُوتَات وَالْأتْمَتَة: تُسْتَخْدَمُ الرُّوبُوتَات وَالتِّقْنِيَّات الْأتْمَتَة عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ فِي الصِّنَاعَاتِ الْمُخْتَلِفَة لِزِيَادَة الْكَفَاءَة وَ الِإنْتِاجِيَّة وَتَقْلِيلُ الْأَخْطَاء الْبَشَرِيَّة. هَذِه التِّقْنِيَّات تَمَكَّن الْآلَات وَالْأَنْظِمَة مِنْ الْقِيَامِ بِالْعَدِيدِ مِنَ الْمَهَامِّ الَّتِي كَانَتْ تُنَّفَذ يَدَوِيًّا فِي السَّابِقِ. علَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، يُمْكِنُ إسْتِخْدَام الرُّوبُوتَات فِي المَهَامّ الْخَطِرَة أَوْ الْمُتَكَرِّرَة لِلْحِفَاظِ عَلَى سَلَامَةِ الْعَامِلِين. أَنَّ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ التِّكْنُولُوجْيَا قَدْ غَيَّرَتْ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ طَرِيقَة عَمَلِنَا وَحَيَاتِنَا الْيَوْمِيَّة. وَ سَتُّوَاصْل هَذِهِ التِّقْنِيَّات التَّطَوُّر وَالِإنْتِشَارِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْقَرِيبِ، مِمَّا سَيُؤَدِّي إِلَى مَزِيدٍ مِنَ التَّحْسِينَات فِي الْكَفَاءَةِ وَالِإنْتِاجِيَّة وَ جُودَّة الْحَيَاة. وَ مَعَ ذَلِكَ، يَجِبُ عَلَيْنَا أَيْضًا أَنَّ نُدْرِك التَّحَدِّيَات وَالْمَخَاوِف الْمُرْتَبِطَة بِهَذِه التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة وَالتَّعَامُل مَعَهَا بِحِكْمَة.
_ إشْكَالَيْات التِّكْنُولُوجْيَا
التَّكْنُولُوجْيَا هِيَ تَطْبِيق الْمَعْرِفَة الْعِلْمِيَّة لِتَحْسِين حَيَاةُ الْإِنْسَانِ وَتَسْهِيل المَهَامّ الْيَوْمِيَّة، وَلَكِنْ مَعَ التَّطَوُّر السَّرِيع وَ الْمُتَسَارِع لِلتَّكْنُولُوجْيَا فِي السَّنَوَاتِ الْأَخِيرَةِ، ظَهَرَتْ الْكَثِيرِ مِنْ الْإِشْكَالِيَّات وَالتَّحْدِيَات الَّتِي تُوَاجِهُ الْمُسْتَخْدِمِين وَ المُجْتَمَعَات. 1. الْأَمْن السَّيبراني وَالْخُصُوصِيَّة: أَصْبَح الْأَمْن السَّيبراني مِنْ أَهَمِّ التَّحَدِّيَات الَّتِي تُوَاجِهُ الْأَفْرَاد وَالمُؤَسَّسَات فِي ظِلِّ إنْتِشَار الْهَجَمَات الْإِلِكْتِرُونِيَّة وَالْجَرَائِم الْإِلِكْتِرُونِيَّة. فَقَدْ أَظْهَرَتْ الْإِحْصَاءات إنْ 56% مِنْ مَدِيري تِكْنُولُوجْيَا الْمَعْلُومَاتِ يَعْتَبِرُون الْأَمْن السَّيبراني هُوَ أَكْبَرُ تَحَدِّيَات قِطَّاع التِّكْنُولُوجْيَا. كَمَا أَنَّ 66% مِنْهُمْ قَلِقُون بِشَأْن بَرَامِج الْفِدْيَة وَ خُصُوصِيَّة الْبَيَانَات. هَذَا يَتَطَلَّب مِنَ الشَّرِكَاتِ وَالْأفْرَاد إتِّخَاذ إجْرَاءَات أُمْنِيَة صَارِمَة لِحِمَايَة اُنْظُمُتَّهَم وَالْبَيَانَات الْحَسَّاسَة. 2. إدْمَان التِّكْنُولُوجْيَا: أَصْبَح إدْمَان الْأَجْهِزَةِ الْإِلِكِتْرُونِيَّةِ وَ الِإنْتِرْنِت مُشْكِلَةُ كَبِيرَةٌ تُؤَثِّرُ عَلَى الصِّحَّةِ الْبَدَنِيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ لِلْأَفْرَاد. فَقَدْ أَظْهَرَتْ الْإِحْصَاءات إنْ 8.2% مِنْ سُكَّانِ الْعَالَمِ يُعَانُونَ مِنَ "إدْمَان الْإنْتَرْنِت". كَمَا أَنَّ الْأَمْرَيْكِيُّون يُفَحِّصُونَ هَوَاتُفْهَم 96 مَرَّةً يَوْمِيًّا بِمُعَدَّلِ مَرَّةً كُلَّ 10 دَقَائِقِ. هَذَا الْإِدْمَان لَهُ أثَارٌ سَلْبِيَّةٍ عَلَى عَلَاقَاتِ الْأَفْرَاد وَأَدَائِهِمْ فِي الْعَمَلِ وَالدِّرَاسَة. 3. التَّفَاوُتِ فِي الْوُصُولِ إلَى التِّكْنُولُوجْيَا: رَغْم التَّطَوُّر الْهَائِلُ فِي التِّكْنُولُوجْيَا، إلَّا أَنْ هُنَاكَ تَفَاوُتٌ كَبِيرٌ فِي الْوُصُولِ إلَيْهَا بَيَّنَ الدُّوَل الْمُتَقَدِّمَةِ وَالنَّامِيَة، وَحَتَّى دَاخِل الْمُجْتَمَعَات. فَقَدْ أَشَارَتْ الْإِحْصَاءات إلَى أَنْ 14% فَقَطْ مِنْ الشَّرِكَات الصَّغِيرَة تُصَنِّف أَمْنَهَا عَلَى أَنَّهُ فَعَّال لِلْغَايَة. هَذَا التَّفَاوُتِ يُؤَدِّي إلَى زِيَادَةِ الْفَجْوَة الرَّقْمِيَّة بَيْنَ الطَّبَقَاتِ وَالْمَنَاطِق الْمُخْتَلِفَة. 4. التَّأْثِير البِيئِيّ لِلتَّكْنُولُوجْيَا: إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَةِ لَهُ أثَارٌ بِيئِيَّة سَلْبِيَّة، مِثْل إسْتِهْلَاكِ الطَّاقَةِ وَالْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَإِنْتَاج النِّفَايَات الْإِلِكْتِرُونِيَّة. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، يَقْضِي الْأَشْخَاص الْعَادِيَون وَقْتًا أَطْوَل أمَام الْأَجْهِزَةِ الْإِلِكِتْرُونِيَّةِ مُقَارَنَة بِالنَّوْمِ. كَمَا أَنَّ إنْتَاج الْأَجْهِزَة وَالتَّخَلُّص مِنْهَا يَتَطَلَّب مَوَارِد كَبِيرَة وَيُسَبِّبُ تَلَوُّثًا بَيْئِيَّاً. لِذَلِكَ يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ حُلُولِ تِكْنُوْلُوْجِيَّة أَكْثَر إسْتِدَامَة. 5. التَّأْثِير الِإجْتِمَاعِيّ وَالِإقْتِصَادِيّ لِلتَّكْنُولُوجْيَا: أَدَّتْ التِّكْنُولُوجْيَا إلَى تَغْيِيرَات كَبِيرَةً فِي طَبِيعَةِ الْعَمَلِ وَالتَّوْظِيف، حَيْثُ حَلَّتْ الْآلَات وَ الْأَتْمَتَّة مَحَلُّ الْكَثِيرِ مِنْ الْوَظَائِفِ الْيَدَوِيَّة وَ الَّرُوتِينِيَّة. هَذَا أَدَّى إلَى ظُهُورِ مُشْكِلَة الْبَطَالَة التِّكْنُولُوجِيَّة وَتَزَايُد التَّفَاوُت الِإقْتِصَادِيّ بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَ الْمَنَاطِق. كَمَا أَنَّ التِّكْنُولُوجْيَا غَيَّرَتْ أَنْمَاط الْحَيَاةَ الِإجْتِمَاعِيَّةَ وَأثَرْت عَلَى التَّوَاصُلِ بَيْنَ النَّاسِ. إنْ التِّكْنُولُوجْيَا تَمَثَّل تَحْدُيا كَبِيرًا لِلْبَشَرِيَّة فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ، حَيْثُ يَجِبُ الْعَمَلُ عَلَى مُعَالَجَةِ الْإِشْكَالِيَّات الْمَذْكُورَة وَإسْتِغْلَال مَزَايَا التِّكْنُولُوجْيَا بِشَكْل أَفْضَل لِخِدْمَةِ الْإِنْسَانِ وَ الْمُجْتَمَعِ. وَهَذَا يَتَطَلَّب جُهُودًا مُتَضَافِرَة مِنْ الْحُكُومَاتِ وَ المُؤَسَّسَات وَالْإِفْرَاد.
_ التَّأْثِيرُ الْإِيجَابِيُّ و السَّلْبِيّ لِلتَّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْوَظَائِفِ
التِّكْنُولُوجْيَا لَهَا تَأْثِيرٌ كَبِيرٌ عَلَى سُوقِ الْعَمَل وَالْوَظَائِف. مِنْ نَاحِيَةِ، أَتَاحَتْ التِّكْنُولُوجْيَا فُرَصَ عَمَلٍ جَدِيدَةً فِي الْقِطَّاعَات التِّقْنِيَّة وَالرَّقْمِيَّة. وَ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ، حَلَّتْ التِّقْنِيَّات الْحَدِيثَة مِثْلُ الْآلَاتِ وَالَّرُوبُوتَات مَحَلُّ بَعْضِ الْوَظَائِفِ التَّقْلِيدِيَّة. يَظْهَرُ تَأْثِيرُ الْإِيجَابِيّ لِلتَّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْوَظَائِفِ فِي زِيَادَةِ الطَّلَبِ عَلَى الْمِهَن التِّقْنِيَّة مِثْل تَطْوِير الْبَرْمَجَيات وَالذَّكَاءِ الِإصْطِنَاعِيّ وَتَحْلِيل الْبَيَانَات. ثُمَّ ظُهُورُ وَظَائِف جَدِيدَةً فِي مَجَالَاتِ مِثْل التِّجَارَة الْإِلِكْتِرُونِيَّة وَالتَّسْوِيق الرَّقْمِيّ وَإِدَارَة الْمَنْصَات الرَّقْمِيَّةِ إلَى جَانِبِ تَحْسِين إنْتَاجِيَّة الْعُمَّالُ وَ كَفَاءَتُهِمْ مِنْ خِلَالِ الْآلَات وَالتِّقْنِيَّات الْحَدِيثَة أَضَافَة إلَى خَلْقِ فُرَصَ عَمَلٍ مَرِنَّة وَغَيْر تَقْلِيدِيَّة مِثْلِ الْعَمَلِ عَنْ بُعْدٍ وَالْوَظَائِف الْحُرَّة. لَقَدْ أَثَّرَتْ التِّكْنُولُوجْيَا بِشَكْل إِيجَابِيّ عَلَى الْوَظَائِفِ بِعِدَّةِ طُرُقٍ. أَوَّلًا، أَدَّتْ التِّقْنِيَّات الْحَدِيثَة إلَى زِيَادَةِ الْإِنْتَاجِيَّة وَ كَفَاءَة الْعَمَلِ، مِمَّا أَتَاح لِلشَّرِكَات تَوْظِيف مُوَظَّفين أَكْثَرُ وَ تَقْدِيم خِدْمَات أَفْضَلُ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، سَاعَدَتْ أَتْمَّتَة الْعَمَلِيَّات الرُّوتِينِيَّة وَالْأَدَوَات الرَّقْمِيَّة فِي زِيَادَةِ سُرْعَة الْعَمَل وَتَخْفيض التَّكَالِيفُ، مِمَّا أَدَّى إلَى إنْشَاءِ وَظَائِف جَدِيدَةً فِي مَجَالَاتِ التَّطْوِير وَالدُّعْم التِّقَنِيّ. بِالْإِضَافَةِ إلَى ذَلِكَ، أَدَّتْ التِّكْنُولُوجْيَا إلَى ظُهُورِ وَظَائِف جَدِيدَة بِالْكَامِل، مِثْل مُطَوَّري الْبَرْمَجَيات وَالْمَحَلُّلين الْبَيَانَات وَالْخَبْرَاء فِي الذَّكَاءِ الِإصْطِنَاعِيّ. هَذِهِ الْوَظَائِفِ الْجَدِيدَة تَوَفُّر فُرَصَ عَمَلٍ مُثِيرَة لِلِإهْتِمَام وَتَتَطَلَّب مَهَارَاتٍ عَالِيَةٍ، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى زِيَادَةِ الطَّلَبِ عَلَى الْعَمَالَةِ المُدَرَّبَة وَ الْمُؤَهَلَة. كَمَا سَاهَمَت التَّكْنُولُوجْيَا فِي إِتَاحَةِ الْمَزِيدَ مِنْ فُرَصِ الْعَمَلِ عَنْ بُعْدٍ وَالْعَمَل الْمَرن. هَذَا يُمْكِنُ الْمُوَظَّفِين مِنْ تَوَازُن أَفْضَلُ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْحَيَاة الشَّخْصِيَّة، وَيَفْتَح الْمَجَالِ أَمَامَ أَكْبَرُ مِنْ الْمُوَظَّفِين الْمُحْتَمَلَيْن، مِثْل فِئَات ذَوِي الإِحْتِيَاجَات الْخَاصَّةِ أَوْ الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ يَعِيشُونَ فِي مَنَاطِقَ نَائِيَةٍ. أَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّأْثِير السَّلْبِيّ لِلتَّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْوَظَائِفِ.يَتَجَلَّى التَّأْثِيرِ السَّلْبِيِّ لِلتَّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْوَظَائِفِ فِي إسْتِبْدَالِ بَعْضِ الْوَظَائِفِ التَّقْلِيدِيَّة بِالْآلَات وَالَّرَوبُوتَات، خُصُوصًا فِي الْمَجَالَاتِ الصِّنَاعِيَّة وَالإِدَارِيَّة. و إحْتِمَالِيَّة زِيَادَة الْبَطَالَةُ فِي بَعْضِ الْقطَّاعِات بِسَبَبِ الَّأتُمتْة وَالتِّكْنُولُوجْيَا. ثُمَّ الْحَاجَةُ إلَى مهَارات جَدِيدَةٍ وَتَدْرِيب إضَافِيّ لِلْعُمَّال لِلتِّكيف مَعَ التِّقْنِيَّات الْحَدِيثَة. إضَافَة إلَى التَّأْثِيرِ عَلَى سُوقِ الْعَمَلِ بِشَكْلٍ غَيْرِ مُتَكَافِئ، حَيْثُ قَدْ تَسْتَفِيدُ فِئَات مُعَيَّنَةٍ أَكْثَرَ مِنْ أُخْرَى. التِّكْنُولُوجْيَا قَدْ تُؤَثِّرُ سَلْبًا عَلَى الْوَظَائِفِ فِي عِدَّةِ جَوَانِب. أَوَّلًا، الَّأَتمَّتْة وَالذَّكَاءِ الِإصْطِنَاعِيّ قَدْ يَحِلُّ مَحَلَّ الْعُمَّال الْبَشَرِيَّين فِي بَعْضِ المَهَامّ وَالْوَظَائِف، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى زِيَادَةِ الْبَطَالَة. كَمَا أَنَّ التِّكْنُولُوجْيَا قَدْ تَغَيَّرَ طَبِيعَةِ الْعَمَلِ وَتَتَطَلَّب مَهَارَاتٍ جَدِيدَةٍ، مِمَّا قَدْ يَجْعَلُ بَعْضَ الْوَظَائِف الْقَدِيمَة غَيْرُ مُلَائِمَةٍ. بِالْإِضَافَةِ إلَى ذَلِكَ، التَّغْيِيرَات السَّرِيعَة فِي التِّكْنُولُوجْيَا قَدْ تَجْعَلُ الْمَهَارَات وَالْخِبْرَّات التَّقْلِيدِيَّة قَدِيمَة بِسُرْعَة، مِمَّا يَفْرِضُ عَلَى الْعُمَّالِ الْحَاجَةِ إلَى التَّدْرِيب وَالتَّعَلُّم الْمُسْتَمِرّ لِلْبَقَاءِ عَلَى إطِّلَاعِ. وَفِي بَعْضِ الْحَالَاتِ، قَدْ تُؤَدِّي التِّكْنُولُوجْيَا إلَى تَفَاقُمِ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْأُجُورِ وَالْفُرَص الوَظِيفِيَّة بَيْنَ الْعَامِلَيْنِ الْمَهْرَة وَالْأَقَلّ مَهَارَة. وَبِشَكْل عَامٍّ، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ الْفَوَائِدِ الْمُحْتَمَلَة لِلتَّكْنُولُوجْيَا، إِنَّ التِّكْنُولُوجْيَا قَدْ عَزَزْت فُرَصِ الْعَمَلِ وَسَاعَدَتْ فِي إنْشَاءِ وَظَائِف جَدِيدَة وَ مُثِيرَّة لِلِإهْتِمَام. كَمَا يُعَدُّ تَأْثِير التِّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْوَظَائِفِ وَ الْعَمَالَة ذَا طَبِيعَة مُتَشَعِّبَة وَتَتَطَلَّب أَعْدَاد وَتَدْرِيب الْعُمَّال لِمُوَاكَبَة التَّغَيُّرَات المُتَسَارِعَة. إلَّا أَنَّهَا قَدْ تَحْمِلُ تَحَدِّيَات كَبِيرَة لِسَوْق الْعَمَل وَالْعَامِلِين، مِمَّا يَتَطَلَّب مِنْ الْحُكُومَاتِ وَ المُؤَسَّسَات إتِّخَاذ تَدَابِير لِمُعَالَجَةِ هَذِهِ الْأثَارِ السَّلْبِيَّة. وَيَحْتَاجُ الْأَمْرُ إلَى سِيَاسَات حُكُومِيَّة وَخُطَط إسْتِرَاتِيجِيَّة لِإِدَارَة هَذَا التَّحَوُّلِ.
_ الْأَمْنِ السَّيبْرَّانِي وَحِمَايَةِ الْخُصُوصِيَّةِ فِي الْعَصْرِ الرَّقْمِيِّ
فِي عَصْرِنَا الْحَدِيثُ الْمُتَّصِلُ رَقَّمَيا بِشَكْلٍ مُتَزَايِد، أَصْبَحْت قَضَايَا الْأَمْن السَّيبْرَّانِي وَحِمَايَةِ الْبَيَانَاتِ الشَّخْصِيَّةِ وَ الْخُصُوصِيَّة مِنْ التَّحَدِّيَات الرَّئِيسِيَّةِ الَّتِي تُوَاجِهُ الْأَفْرَاد وَ المُؤَسَّسَات وَ الْحُكُومَات. الْأَمْرُ الَّذِي يَدْفَعُنَا إِلَى طَرْحِ إشْكَالِيَّة الْأَمْن السَّيبْرَّانِي، الْأَمْنِ السَّيبْرَّانِي هُوَ مَجْمُوعَةُ مِنَ التِّقْنِيَّاتِ وَ الْمَمَارَسَات الَّتِي تَهْدِفُ إِلَى حِمَايَة أَنْظِمَة الْكَمْبْيُّوتَر وَ الشَّبَكَات وَالْبَيَانَات الْإِلِكْتِرُونِيَّة مِنْ الْوُصُولِ أَوْ التَّعْدِيلِ أَوْ الِإسْتِخْدَامِ غَيْرُ الْمُصَرَّحِ بِهِ. يَشْمَلُ ذَلِكَ تَنْفِيذُ تِقْنِيَات وَ سِيَاسَات وَ إِجْرَاءِات لِضَمَانِ سَرِيَّة الْمَعْلُومَات وَ سَلَامَتِهَا وَ تَوَافُرِهَا، بِمَا يُسَاعِدُ فِي حِمَايَةِ الْبَيَانَاتِ الشَّخْصِيَّةِ وَالْحَسَّاسَة مِنْ مُخْتَلَفِ التَّهْدِيدَات. يُسَاهِم الْأَمْن السَّيبْرَّانِي فِي حِمَايَةِ الْخُصُوصِيَّة وَ الْبَيَانَات الشَّخْصِيَّة بِعِدَّةِ طُرُقٍ رَئِيسِيَّة، نَذْكُر مِنْها، التَّشَفِّير وَ الَّذِي يُحَوِلُ الْمَعْلُومَات الْحَسَّاسَة إلَى صِيغَةِ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلْقِرَاءَة لِلْحَيْلُولَةِ دُونَ الْوُصُولِ غَيْرِ الْمُصَرَّحُ بِهِ.ثُمَّ جُدْرَان الْحِمَايَةُ الَّتِي تُعْمَلُ كَحَوَاجز بَيْنَ الشَّبَكَات الْآمِنَة وَ التَّهْدِيدَات الْخَارِجِيَّة لِتَقْلِيل فُرَص الِإخْتِرَاق. إضَافَة إلَى الْمُرَاقَبَة وَالِإكْتِشَاف اللَّذي يُتِيح لِأَنْظِمَة الْأَمْن السَّيبْرَّانِي كَشْفُ الْأَنْشِطَة غَيْرُ الْعَادِيَةِ فِي الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ لِلِإسْتِجْابَة السَّرِيعَة. كَمَا أَنَّ هُنَاكَ عُنْصُر التَّوْعِيَة وَ التَّدْرِيب الَّذِي يُسَاهِمُ فِي تَعْزِيزِ الْوَعْي لَدَى الْمُسْتَخْدِمِين حَوْل الْمَخَاطِر وَ الْحِمَايَة لِتَقْلِيل فُرَص النَّجَاح لِلَّهِجَمَات. ثُمَّ عُنْصُر التَّحَقُّقِ مِنْ الْهُوِيَّة، الَّذِي يَتَمَثَّلُ فِي إسْتِخْدَام الْمُصَادَقَة الْمُتَعَدِّدَة لِتَعْزِيز أَمَان الْوُصُولِ إلَى الْبَيَانَاتِ الشَّخْصِيَّةِ. هَذَا مِنْ جِهَةِ، مَنْ جِهَةِ أُخْرَى تُعْتَبَرُ مَسْأَلَة التَّهْدِيدَات الرَّئِيسِيَّة لِلْخُصُوصِيَّة وَ الْبَيَانَات الشَّخْصِيَّة مُشْكِلَةٌ كَبِيرَةٌ تُؤَثِّرُ عَلَى طَبِيعَةِ الْخُصُوصِيَّة. يُوَاجِه الْأَفْرَاد وَالمُؤَسَّسَات فِي الْعَصْرِ الرَّقْمِيِّ مَجْمُوعَةٌ مِنَ التَّهْدِيدَات الرَّئِيسِيَّة لِخُصُوصِيَّتِهِمْ وَبَيَانًاتُهُمْ الشَّخْصِيَّةُ، مِنْهَا الْهَجَمَات السَّيبرانِيَة مِثْلُ الْفَيْرُوسَات، الْبَرَامِج الْخَبِيثَة، وَ هَجَمات الْفِدْيَةُ الَّتِي تَسْتَهْدِفُ سَرِقَةٍ أَوْ تَشْفِّير الْبَيَانَات. و التَّصَيُّد الِإحْتِيَالي الَّذِي يَتِمُّ مِنْ خِلَالِ إسْتِخْدَامِ أَسَالِيب خِدَاعِيَّة كَرَسَائِل الْبَرِيد الْمُزَيَّفَة لِجَذْب الضَّحَايَا وَ سَرِقَة بَيَانَاتِهِمْ. ثُمَّ سُوءُ إسْتِخْدَام الْبَيَانَات، إذْ هُنَاكَ الْعَدِيدِ مِنَ الْجِهَاتِ وَ الْمُؤَسَّسَات الَّتِي تَقُومُ بِجَمْع وَإِسَاءَة إسْتِخْدَام الْبَيَانَاتِ الشَّخْصِيَّةِ دُونَ مُوَافَقَةِ الْمُسْتَخْدِمِين. نَاهِيك عَنْ الْكَشْفِ غَيْرُ الْمُصَرَّحِ بِهِ بِحَيْثُ يَتِمُّ تَسْرِيب الْبَيَانَاتِ الشَّخْصِيَّةِ نَتِيجَة إخْتِرَاقَات أَوْ إهْمَالٌ فِي حِمَايَةِ الأَنْظِمَة. بِالتَّالِي فَالتَّصْدِي لِهَذِهِ التَّحَدِّيَات، يفْرَضُ عَلَى الْأَفْرَادِ إتِّخَاذ إجْرَاءَات وِقَائِيَّة مِثْل إسْتِخْدَام كَلِمَات مُرُور قَوِيَّة، تَحْدِيث الْبَرْمَجَيات، وَتَجَنُّبُ الرَّوَابِط وَالْمَرْفُقات مَجْهُولَةٍ الْمَصْدَرِ. كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَسَّسَات تَعْزِيز أَنْظِمَة الْأَمْن السَّيبْرَّانِي وَتَدْرِيبِ الْمُوَظَّفِين عَلَى التَّعَرُّفِ عَلَى التَّهْدِيدَات وَالتَّصَدِّي لَهَا. عَلَى الْمُسْتَوَى الْحُكُومِيّ، تَلْعَب التَّشْرِيعَات وَلَوَائِح حِمَايَة الْبَيَانَات وَالْأَمْن السَّيبْرَّانِي دَوْرًا مُحَوَّريا فِي تَنْظِيمِ الْحِمَايَة وَتَحْدِيد المَسْؤُولِيَّات. فَفِي السَّنَوَاتِ الْأَخِيرَةِ، شَهِدَتْ الْعَدِيدِ مِنَ الدُّوَلِ إصْدَار قَوَانِين شَامِلَة لِحِمَايَة خُصُوصِيَّة الْبَيَانَات وَالتَّصَدِّي لِلْجَرَائِم الْإِلِكْتِرُونِيَّة. بِالتَّالِي يَتَطَلَّب الْحفَّاظُ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ فِي الْعَصْرِ الرَّقْمِيِّ تَعَاوُن جَمِيعِ الْأَطْرَافِ - الْأَفْرَاد وَ المُؤَسَّسَات وَالْحُكُومَات - لِتَطْبِيق مُمَارَسَات الْأَمْنِ السَّيبْرَّانِي الفَعَالَة وَالِإلْتِزَام بِالْقَوَانِين وَالتَّشْرِيعَات ذَات الصِّلَةِ. فَقَطْ مِنْ خِلَالِ هَذَا النَّهْجِ الشَّامِل يُمْكِنُنَا ضَمَان حِمَايَة الْبَيَانَاتِ الشَّخْصِيَّةِ وَخُصُوصِيَّة الْمُسْتَخْدِمِينَ فِي بِيئَتِنَا الرَّقْمِيَّة الْمُتَزَايِدَة الِإعْتِمَاد.
_ التَّأْثِيرُ الِاجْتِمَاعِيّ لِلتَّكْنُولُوجْيَا
التِّكْنُولُوجْيَا لَهَا تَأْثِيرٌ كَبِيرٌ عَلَى حَيَاتِنَا الِإجْتِمَاعِيَّة وَالنَّفْسِيَّة. مِنْ الْجَوَانِبِ الْإِيجَابِيَّة، سَهُلَتْ التِّكْنُولُوجْيَا التَّوَاصُلِ مَعَ الْآخَرِينَ وَزَادَتْ مِنْ فُرَصِ التَّعَلُّم وَالتَّرْفِيه. وَمَعَ ذَلِكَ، لَهَا أَيْضًا جَوَانِب سَلْبِيَّة مِثْل الْإِدْمَانِ عَلَى الْأَجْهِزَةِ الْإِلِكِتْرُونِيَّةِ وَتَقْلِيل التَّفَاعُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ الْمُبَاشِر. فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّأْثِير الِإجْتِمَاعِيّ فَقَدْ زَادَتْ التِّكْنُولُوجْيَا مِنْ قُدْرَتِنَا عَلَى التَّوَاصُلِ وَالتَّفَاعُل مَعَ الْأخَرِينَ عَبَّر وَسَائِل التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَالرَّسَائِل الْفَوْرِيَّةُ. كَمَا سَهُلَتْ التِّكْنُولُوجْيَا الْوُصُولِ إلَى الْمَعْلُومَاتِ وَالْخَدَمَات، مِمَّا أَتَاح فُرَصًا لِلتَّعَلُّم وَالتَّرْفِيه. وَ قَلَّلْت التِّكْنُولُوجْيَا مِنْ التَّفَاعُلِ الْمُبَاشِر وَجْهًا لِوَجْهٍ مَعَ الْآخَرِينَ، مِمَّا قَدْ يُؤَدِّي إلَى زِيَادَةِ الْعُزْلَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ. فِي نَفْسِ الْوَقْتِ شَجَّعْت التِّكْنُولُوجْيَا عَلَى إنْشَاءِ عَلَاقَات سَطْحِيَّة وَقَصِيرَة الْمَدَى عَبْرَ الْإِنْتَرْنِتِ بَدَلًا مِنْ الْعَلَاقَاتِ الْعَمِيقَة وَالْمُسْتَدَامَة. التِّكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَةِ قَدْ أَحْدَثْتَ تَأْثِيرَات جَوْهَرِيَّة عَلَى الْحَيَاةِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالْعَلَاقَات بَيْنَ النَّاسِ فِي الْعَصْرِ الرَّاهِنِ. هُنَاكَ جَوَانِبَ إِيجَابِيَّةً وَسَلْبِيَّة لِهَذَا التَّأْثِير، وَاَلَّتِي يَجِبُ أَنْ نُوَازِنُ بَيْنَهَا بِعِنَايَةٍ. مِنْ الْأثَارِ الْإِيجَابِيَّة لِلتَّكْنُولُوجْيَا، أَنَّهَا سَهُلَتْ التَّوَاصُل وَ التَّفَاعُل بَيْنَ النَّاسِ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ. فَقَدْ أَتَاحَتِ وَسَائِل التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَالتَّطْبِيقَات الرَّقْمِيَّةِ لِلْأَفْرَاد إِمْكَانِيَّة الْبَقَاءِ عَلَى إتِّصَالِ مَعَ أَصْدِقَائِهِمْ وَعَائِلَتُهُمْ فِي أَيِّ مَكَان وَفِي أَيِّ وَقْتٍ، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ الْمَسَافَات الْجُغْرَافِيَّة. وَ هَذَا سَاعَدَ عَلَى تَوْسِيعِ دَائِرَة الْعَلَاقَاتِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَتَعْزِيز التَّرَابُطَ بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَالمُجْتَمَعَات. كَمَا مَكَّنَتْ التِّكْنُولُوجْيَا مِنْ إنْشَاءِ شَبَكَات إجْتِمَاعِيَّة جَدِيدَة وَتَسْهِيل التَّعَارُف وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ الْأَشْخَاصِ مِنْ خَلْفِيَّاتِ ثَقَافِيَّة مُخْتَلِفَة. وَهَذَا أَدَّى إلَى زِيَادَةِ التَّفَاعُل الثَّقَافِيّ وَتَبَادُل الْأَفْكَار وَالْمَمَارَسَات، مِمَّا عَزَّز مِنْ الْفَهْمِ وَ التَّقَارُبِ بَيْنَ الشُّعُوبِ. عِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، وَفَرَّتْ التِّكْنُولُوجْيَا مِسَاحَات لِلْأَفْرَاد لِلتَّعْبِيرِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَالْحُصُولُ عَلَى الدَّعْم النَّفْسِيِّ وَالِإجْتِمَاعِيِّ مِنْ خِلَالِ الْمُنْتَدَيات وَ الْمَجْمُوعَات عَبَّرَ الْإنْتَرْنِت. وَكَذَلِكَ سَهُلَتْ التَّعَاوُن وَالْعَمَل الْجَمَاعِيّ بَيْنَ الْفِرَقِ وَالمُؤَسَّسَات الْمُخْتَلِفَةِ، حَتَّى وَإِنْ كَانُوا فِي أَمَاكِنَ مُتَبَاعِدَةٍ جُغْرَافِيَا. وَمَعَ ذَلِكَ، هُنَاكَ أَيْضًا أثَارٍ سَلْبِيَّةٍ لِلتَّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْحَيَاةِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ. فَقَدْ أَدَّى الِإعْتِمَاد الْمُفْرِط عَلَى وَسَائِلَ التَّوَاصُل الْإِلِكْتِرُونِيّ إِلَى تَرَاجُعِ التَّوَاصُل الشَّخْصِيّ وَالْمُبَاشِر وَجْهًا لِوَجْهٍ. وَهَذَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى ضَعْفِ الرَّوَابِط الْعَاطِفِيَّة وَ التَّفَاعُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ. كَمَا أَنَّ الِإسْتِخْدَامَ الْمُكَثَّف لِلتَّكْنُولُوجْيَا قَدْ يُسْهِمُ فِي زِيَادَةِ الشُّعُور بِالْعُزْلَة وَ الِإنْفِصَال الِإجْتِمَاعِيّ، حَتَّى بَيَّنَ الْأَشْخَاص الْمُتَوَاصِلِين بِإسْتِمْرَار عَبَّر الْإنْتَرْنِت. فَالتَّفَاعُلًات الِإفْتِرَاضَيَة لَا يُمْكِنُ أَنْ تَحِلَّ مَحَلّ الْعَلَاقَات الْحَقِيقِيَّة وَالتَّوَاصُل الشَّخْصِيّ. بِالْإِضَافَةِ إلَى ذَلِكَ، يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ الِإعْتِمَاد الزَّائِدِ عَلَى التِّكْنُولُوجْيَا إلَى ضَعْفِ مهَارات التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَالتَّعْبِيرِ عَنْ الْمَشَاعِر لَدَى الْأَفْرَادِ، خَاصَّة الْأَطْفَال وَالشَّبَاب. كَمَا قَدْ تُسْهِمُ فِي إنْتِشَارِ ظَوَاهِر سَلْبِيَّة كَالْتَنَمَّر الْإِلِكْتِرُونِيّ وَالْخُصُوصِيَّة الرَّقْمِيَّة. لِذَلِكَ، مِنْ الْمُهِمِّ أَنْ نُحَقِّقَ التَّوَازُنِ بَيْنَ الِإسْتِفَادَةِ مِنَ إِمْكَانَات التِّكْنُولُوجْيَا وَ صِيَانَة الْعَلَاقَاتِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ الْحَقِيقِيَّة. وَيتَطَلَّب ذَلِك وَعْيًا مِنْ الْإِفْرَادِ بِحُدُود إسْتِخْدَامُ التِّكْنُولُوجْيَا، وَالْحِرْصِ عَلَى الِإحْتِفَاظِ بِالتَّوَاصُل الشَّخْصِيّ وَالْأنْشَطَة الْمُشْتَرَكَةِ مَعَ الأَسرَّة وَالْأَصْدِقَاء. كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُجْتَمَعِ وَالمُؤَسَّسَات التَّرْبَوِيَّة تَوْعِيَّة النَّاس بِكَيْفِيَّة الِإسْتِخْدَام الْأَمْثَل لِلتَّكْنُولُوجْيَا، وَتَعْزِيز الْمَهَارَات الِإجْتِمَاعِيَّة وَالْعَاطِفِيَّة لَدَى الأَطْفَالِ وَالشَّبَاب فَالْتِكْنُولُوجْيَا هِيَ أَدَاةُ لِخِدْمَةِ الْإِنْسَانِ وَتَحْسِين نَوْعِيَّة حَيَاتِهِ، وَلَيْسَ الْعَكْسُ. فِي النِّهَايَةِ، لَا بُدَّ مِنْ الْإِقْرَارِ بِأَنْ التِّكْنُولُوجْيَا تُشْكِل جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ حَيَاتِنَا المُعَاصِرَةِ، وَلَكِنْ عَلَيْنَا أَنْ نَتَعَامَلَ مَعَهَا بِحِكْمَة وَتَوَازُن لِتَعْزِيزِ التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَ الْعَلَاقَاتِ الْإِنْسَانِيَّة الرَّاسِخَة. فَالْتِكْنُولُوجْيَا لَهَا وَجْهَانِ، وَعَلَيْنَا أَنْ نَسْتَفِيدَ مِنْ إِيجَابِيًّاتِهَا مَعَ الْحِفَاظِ عَلَى جَوْهَرِ الْحَيَاةَ الِإجْتِمَاعِيَّةَ.
_ التَّأْثِيرُ النَّفْسِيّ لِلتَّكْنُولُوجْيَا
التِّكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَةِ لَهَا تَأْثِيرٌ كَبِيرٌ عَلَى الصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ لِلْأَفْرَاد، يَمْتَدُّ هَذَا التَّأْثِيرِ مِنْ الْجَوَانِبِ الْإِيجَابِيَّة إلَى التَّحَدِّيَات وَالْمَخَاطِر السَّلْبِيَّةِ الَّتِي يَجِبُ التَّعَامُلِ مَعَهَا بِحَذَر. عَلَى الْجَانِبِ الْإِيجَابِيِّ، تُقَدِّم التِّكْنُولُوجْيَا الْعَدِيدِ مِنَ الْفَوَائِدِ لِلصِّحَّة النَّفْسِيَّة. تُسَاعِد وَسَائِل التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ فِي الْحِفَاظِ عَلَى التَّوَاصُلِ وَالتَّرَابُط بَيْنَ الْأَفْرَادِ، حَتَّى فِي ظِلِّ الْمَسَافَات الْجُغْرَافِيَّة. وَتَوَفُّر تَطْبِيقَات التَّعَلُّم وَالْمَوَارِد الْإِلِكْتِرُونِيَّة وَسَائِل لِتَطْوِير الْمَهَارَات وَالْمَعَارِف، مِمَّا يُسْهَمُ فِي تَعْزِيزِ الصِّحَّة النَّفْسِيَّةِ. كَمَا تُمَكِّنَ التَّطْبِيقَات الصِّحِّيَّة وَ الْأَجْهِزَة الْقَابِلَة لِلِإرْتِدَاء مِنْ مُتَابَعَةِ النَّوْم وَاللِّيَاقَة الْبَدَنِيَّة، وَ هُوَ مَا يُسَاهِمُ فِي تَحْسِينِ جَوْدَة الْحَيَاةِ. وَ عَلَى الْجَانِبِ السَّلْبِيِّ، هُنَاك تَحَدِّيَات وَمُخَاطَر يَجِبُ التَّعَامُلِ مَعَهَا. الِإسْتِخْدَامِ الْمُفْرِطِ وَالْإِدْمَانِ عَلَى التِّكْنُولُوجْيَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى إنْعِزَال إجْتِمَاعِيّ وَزِيَادَة مَشَاكِل النَّوْمِ. كَمَا أَنَّ التَّعَرُّضَ الْكَثِيف لَوَسَائِل التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَالتَّفَاعُلًات السَّلْبِيَّةِ عَبَّرَهَا قَدْ يَزِيدُ مِنْ مُسْتَوَيَات التَّوَتُّرَ وَالْقَلَقَ وَ الإكْتِئَاب. بِالْإِضَافَةِ إلَى ذَلِكَ، يُمْكِنُ لِلتَّكْنُولُوجْيَا أَنْ تُؤَثِّرَ سَلْبًا عَلَى الصُّورَةِ الْجَسَدِيَّة وَالتَّقْدِير الذَّاتِيُّ، وَذَلِكَ نَتِيجَةُ الْمُقَارَنَات الْمُسْتَمِرَّةِ مَعَ الصُّوَرِ الْمِثَالِيَّة الْمَنْشُورَة عَلَى الْمَنْصَات الرَّقْمِيَّةِ. كَمَا أَنَّ تشَتّْتَ الِإنْتِبَاه النَّاجِمَ عَنْ الْإِشْعَارَات وَالتَّحْدِيثًات الْمُتَكَرِّرَةِ قَدْ يُعِيق الْقُدْرَةِ عَلَى التَّرْكِيزِ. مِنْ أَجْلِ ضَمَانِ الصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ الْجَيِّدَةِ فِي ظِلِّ هَذَا التَّطَوُّرُ التِّكْنُولُوجْيّ، يَجِبُ عَلَيْنَا إتِّخَاذ إجْرَاءَات وَاعِيَة. وَمِنْ أَهَمِّ هَذِهِ الْإِجْرَاءَاتِ، تَحْدِيد أَوْقَاتٍ مُحَدَّدَةٍ لِإسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا، تَعْزِيز الِإنْخِرَاط الِإجْتِمَاعِيِّ فِي الْعَالَمِ الْحَقِيقِيّ، مُمَارَسَة أَنْشِطَة الِإسْتِرْخَاءِ وَالتَّأَمُّل بَعِيدًا عَنْ الشَّاشَات. كَمَا يَجِبُ عَلَيْنَا تَبَّنِي مُقَارَبَة مُتَوَازِنَة فِي إسْتِخْدَامِ التِّكْنُولُوجْيَا، بِمَا يُعَزِّز الْفَوَائِد وَ يُحَدُّ مَنْ الْمَخَاطِر السَّلْبِيَّة. وَبِذَلِك، يُمْكِنُنَا الِإسْتِفَادَةِ مِنَ التِّكْنُولُوجْيَا بِشَكْل إِيجَابِيّ وَتَحْقِيق التَّوَازُنُ الْمَطْلُوبُ بَيْنَ حَيَاتِنَا الرَّقْمِيَّة وَحَيَاتِنَا الْحَقِيقِيَّةَ، مِمَّا يَنْعَكِس إيجَابًا عَلَى صِحَّتِنَا النَّفْسِيَّة وَرَفَاهِيَتنا الْعَامَّة.
_ تَأْثِيرِ التِّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْبِيئَةِ
التِّكْنُولُوجْيَا لَهَا تَأْثِيرٌ مُتَبَايِن عَلَى الْبِيئَةِ. مِنَ النَّاحِيَةِ الْإِيجَابِيَّة، يُمْكِنُ لِبَعْضٍ التِّكْنُولُوجْيات الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّ تُسَاعِدُ فِي الْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ وَحِمَايَتِهَا، مِثْل التِّكْنُولُوجْيات الْخَضْرَاءُ الَّتِي تَعْمَلُ عَلَى إسْتِخْدَامِ الطَّاقَةِ الْمُتَجَدِّدَةِ وَتَقْلِيل الِإنْبِعَأَثْأَتْ كَمَا أَنَّ التِّكْنُولُوجْيَا قَدْ تُسَاعِدُ فِي رَصْدِ وَتَحْلِيل الْبَيَانَات البِيئِيَّة وَالتَّخْطِيط لِحِمَايَة الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّةِ. مِنْ النَّاحِيَةِ السَّلْبِيَّة، فَإِنَّ بَعْضَ التِّكْنُولُوجْيات قَدْ تُؤَدِّي إلَى تَلَوُّثِ الْبِيئَةِ وَ إِتْلَاف الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّةِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، التَّصْنِيع وَالنَّقْل الْقَائِمِ عَلَى إسْتِخْدَامِ الْوَقُودِ الْأُحْفُورِيِّ يُنْتِج عَنْهُ إنْبِعَاثَات ضَارَّة. كَمَا أَنَّ التَّخَلُّص غَيْر الْمُنَظَّم مِنْ النِّفَايَات الْإِلِكْتِرُونِيَّة قَدْ يُلَوِّث التُّرْبَة وَالْمِيَاه الْجَوْفِيَّة. لِذَلِكَ، مِنْ الْأَهَمِّيَّة بِمَكَان تَطْوِير وَ تَبَّنِي تِكْنُولُوجِيَّات صَدِيقَة لِلْبِيئَة وَالْعَمَلُ عَلَى الْحَدِّ مِنْ الْأثَارِ السَّلْبِيَّة لِلتَّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْبِيئَةِ. وَهَذَا يَتَطَلَّب جُهُودًا مُشْتَرَكَةٍ مِنْ الْحُكُومَاتِ وَالشَّرِكَات وَالْمُجْتَمَع الْمَدَنِيّ. يمكِنُنَا رَصَد بَعْضُ مَظَاهِرِ التَأْثِيرَات السَلْبِيَّة لِلتَّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْبِيئَة:
. التَّأْثِيرِ عَلَى الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة
- إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا يُؤَدِّي إلَى إسْتِنْزَاف الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة مِثْل الْوَقُودِ الْأُحْفُورِيِّ وَالْمَوَارِد الْمَعْدِنِيَّة، مِمَّا يُؤَثِّرُ عَلَى الْبِيئَةِ وَيسْتَنْزَف هَذِهِ الْمَوَارِد. - إنْتَاج الْأَجْهِزَة التِّكْنُولُوجِيَّة يَتَطَلَّب الْكَثِيرِ مِنْ الْمَوَارِدِ الطَّبِيعِيَّة وَالطَّاقَة، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى نَفَاذِهَا بِشَكْل أَسْرَع. . التَّأْثِيرِ عَلَى التَّلَوُّث - إنْتَاج التِّكْنُولُوجْيَا وَتَشْغيلها يُنْتِجُ عَنْهُ الْكَثِيرَ مِنْ الْمُلَوَّثِات مِثْلُ غَازَات الإحْتِبَاسِ الْحَرَارِيِّ وَ مِلْوْثَات الْمِيَاهُ وَالتُّرْبَة. - التَّخَلُّصِ مِنْ الْمُنْتَجَات التِّكْنُولُوجِيَّة الْقَدِيمَة وَاَلَّتِي تَحْتَوِي عَلَى مَوَادّ ضَارَّة يُشْكِل تَهْدِيدًا كَبِيرًا لِلْبِيئَة. . التَّأْثِيرِ عَلَى التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ - تَوَسَّع الْمَنَاطِق الْعِمْرَانِيَّة وَالصِّنَاعِيَّة بِسَبَب التِّكْنُولُوجْيَا يُؤَدِّي إلَى تَدْمِير الْمَوَائِل الطَّبِيعِيَّةِ وَفِقْدَان التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ. - بَعْض التِّكْنُولُوجْيَا كَالِأسْمِدَة وَالْمُبِيدَات الحَشْرِيَّة تُؤَثِّرُ سَلْبًا عَلَى النَّظْمِ البِيئِيَّة وَالْكَائِنَات الْحَيَّة. لِذَا مِنَ الْمُهِمِّ الْبَحْثُ عَنْ حُلُولِ تِكْنُوْلُوْجِيَّة مُسْتَدَامَة وَالْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ أَثْنَاء التَّقَدُّم التِّكْنُولُوجْيّ.
#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أَخْلَاقِيَّات الْبَحْثُ الْعِلْمِيّ
-
أَخْلَاقِيَّات الْإِعْلَام
-
الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
-
الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة :-الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
-
الْأَخْلَاقِ الطِّبِّيَّة
-
الْأَخْلَاقِ التَّطْبِيقِيَّة
-
البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءُ الثَّالِثُ-
-
البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الثَّانِي-
-
البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي فَلْسَفَةِ الِإخْتِلَاف
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : رِهَان الدِّرَاسَات المُسْتَقْبَلِ
...
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَحَدِّيَات الْعَوْلَمَة
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : أَسَاسِيًّات التَّقَدُّمُ
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : إنْتِقَادَات مَا بَعْدَ الْحَدَاثَة
...
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَسَاؤُلَات الْحَدَاثَةِ
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَشْكِيلَات الْحَضَارَةُ
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْمَنْظُور الْفَلْسَفِيّ التَّارِي
...
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق: رَمَزَيات الْمَيثولُوجْيَا
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق: جُذُور الْمُعْتَقَدَات السِّحْرِيَّة
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : تَجَاوُزَات الْأَيْدُيُولُوجِيَّا
المزيد.....
-
بارقة أمل حول العالم.. هل ستنجو السلاحف البحرية من الانقراض؟
...
-
-رونين-.. جرذ عملاق يُحطم الرقم القياسي لموسوعة -غينيس- في إ
...
-
-لا نعرف إلى أين نحيل الحالات المرضية الصعبة-، طبيبة من غزة
...
-
انقلاب حافلة تقل فريق كرة قدم للأطفال في كازاخستان
-
ضبط شخص دهس رجل أمن عمدا في الكويت
-
وزير خارجية مصر يسلم رئيس تونس رسالة من السيسي ويستعرضان تحر
...
-
إعلام عبري: عدد الإسرائيليين الموقعين على عرائض تدعو لوقف ال
...
-
قنابل أوروبية في السودان: طريق المرتزقة من الإمارات إلى السو
...
-
ترامب يهدد بالتخلي عن جهود السلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا إ
...
-
وثائق اغتيال روبرت كينيدي تشمل ملاحظات الفلسطيني سرحان سرحان
...
المزيد.....
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
المزيد.....
|