أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح قاسم - الاعتراف المؤجل: حين تنحني السياسة أمام الظل الفلسطيني














المزيد.....

الاعتراف المؤجل: حين تنحني السياسة أمام الظل الفلسطيني


سامح قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 8308 - 2025 / 4 / 10 - 08:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عالمٍ تتشابك فيه الحقائق بالأوهام، وتُروى فيه المآسي كأنها نشرة جوية تمر، خرج إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، بتصريح مفاده أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين "في الوقت المناسب"، وأن هذا الموعد قد يكون في يونيو المقبل. بدا التصريح كمن يلقي حجراً في ماء راكد، لا ليوقظ الضمائر، بل ليقيس مدى عمق القاع.
فرنسا، التي كانت ذات يوم منارةً للفكر والحرية والثورات التي أنجبت فولتير وروسو، تبدو اليوم كأنها تتحسس طريقها في دهاليز السياسة بأصابع مرتعشة. ماكرون، في خطابه المعلق كغيمة، لم يكن يُخاطب الضمير الإنساني بقدر ما كان يُخاطب موازين القوى، تلك التي جعلت من الدم الفلسطيني مشهداً يومياً لا يستدعي أكثر من الصمت، أو في أحسن الأحوال، خطاباً مؤجلاً إلى "شهر قادم".
فلسطين ليست دولة تنتظر ختم سفارة، أو كرسيًا شاغرًا في الأمم المتحدة، إنها ذاكرة العالم. إنها جرح مفتوح في الجغرافيا، وصوت مبحوح في التاريخ، ومع ذلك تُعامل كأنها ضيف ثقيل لا يعرف متى يغادر. حين يقول ماكرون إنه "قد" يعترف بها، كأنه يعرض صدقة على عابر سبيل، لا حقاً مسلوباً منذ أكثر من سبعين عاماً.
ولكن، لنسأل أنفسنا: ماذا يعني اعتراف فرنسا بدولة فلسطين في هذا التوقيت؟
هل هو اعتراف بالعدالة أم اعتراف بتأخر العدالة؟
هل هو موقف إنساني أم براغماتية سياسية تهدف إلى امتصاص الغضب الشعبي الذي يتنامى مع كل صورة لرضيع يُنتشل من تحت الركام؟
وهل يمكن لمثل هذا الاعتراف، إن تمّ، أن يعيد شيئاً من الكرامة التي سُرقت تحت جنازير الاحتلال؟
في الظاهر، يبدو الاعتراف الفرنسي وكأنه انتصار رمزيّ، لكنه في العمق يفضح عجز العالم عن فعل ما هو أكثر من الكلمات. الاعتراف ليس نهاية الرحلة، بل هو اعتراف بأن الرحلة ما تزال في بدايتها، وأن الخطوة الأولى قد تأخرت عقوداً، وأن كل ثانية تمر على هذا الكوكب دون عدالة، هي جريمة موصوفة ضد الذاكرة.
ويا للسخرية! الاعتراف بدولة فلسطين يأتي كحدث مفصلي، وكأن وجودها كان وهماً حتى الآن. وكأن الطفل الذي مات بالأمس في رفح، لم يكن من مواطنيها، وكأن الشاعر الذي كتب عن القدس لم يكن يصف مدينة حقيقية، بل مدينة من دخان.
ماكرون، بكلماته المنمقة، لم يمنح الفلسطينيين شيئاً جديداً، لكنه منح العالم مرآة يرى فيها قبح صمته. هذا الاعتراف، إن تمّ، لن يكون إلا خطوة متأخرة في ماراثون الصمت الطويل، ولكن حتى الخطوات المتأخرة تحمل شيئاً من الضوء.
فليكن يونيو إذن، ولكن ليت الاعتراف لا يكون مجرد طقس سياسي، بل يقظة حقيقية، لا تعترف فقط بدولة، بل تعترف بشعبٍ قاوم النسيان، ووقف، كل يوم، على أطلال وطنه ليقول للعالم: "أنا هنا... رغم كل شيء".



#سامح_قاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل العرب إلى زوال؟
- القفز بين منصتين
- للأيام الثقيلة كالهزائم
- الهزائم الشريفة انتصارات كُبرى
- المُطبعون بين الكلب المحبوب والإنسان المكروه
- المساواة في الألم
- ما فائدة الحياة إذا لم تظل مقاوماً؟
- معنى أن تعيش تحت القصف
- الخيانة: من طير الوقواق والقردة إلى بني البشر
- المُطبعون أشد إفكا ونفاقاً
- الألم.. محبتي لك أيها المعلم العظيم
- موجز تاريخ الشقاء
- صوت المقاومة يتحدى الصمت
- ما الذي حل بالكرامة العربية؟
- تسقط إسرائيل.. تحيا المقاومة
- بيروت.. وجه الله في مرآة البحر
- عواقب الخذلان العربي للمقاومة في غزة ولبنان
- المثقف والمقاومة وجهان لعملة واحدة
- الخيانة ليست وجهة نظر
- المقاومة فوق القوة


المزيد.....




- ترامب: روسيا عرضت تنازلا كبيرا عبر عدم احتلال أوكرانيا بأكمل ...
- هل يتحرك نتنياهو بمفرده عسكريا ضد إيران؟
- هل يكون زلزال إسطنبول الأخير مقدمة للزلزال الأكبر المنتظر؟
- الجيش الإسرائيلي: مقتل قائد دبابة بنيران قناص في معارك شمال ...
- إطلاق نار على الحدود اللبنانية السورية ودمشق تتهم -حزب الله- ...
- وزيرا الطاقة الروسي والنفط الإيراني يضعان إكليلا من الزهور ع ...
- واقع مرير خلَّفته الحرب في كهرباء السودان
- طفل مصاب يستغيث وسط ركام الموت في غزة
- -مقاومة كشمير-.. فصيل مسلح ولد بعد إلغاء الحكم الذاتي
- ترامب يهاجم جامعة هارفارد ويتهمها بالتطرف


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح قاسم - الاعتراف المؤجل: حين تنحني السياسة أمام الظل الفلسطيني