حضور الدولة الصحراوية الاجتماع الوزاري الذي سينعقد بين الاتحاد الأوربي والاتحاد الافريقي بعاصمة الاتحاد الأوربي بروكسيل في 29 مايو القادم .

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)

الحوار المتمدن-العدد: 8293 - 2025 / 3 / 26 - 15:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

هل حضور الدولة الصحراوية القمم بين الاتحاد الأوربي والاتحاد الافريقي يعتبر استثنائيا ، وهي التي حضرت لقاءات قمة بين الاتحادين القارين ، منها حضور قمة بعاصمة الاتحاد الأوربي Bruxelles ، بحضور الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي شخصيا ، وتمتعه بنفس البروتوكول الذي تمتع به رؤساء الدول ورؤساء الحكومات الأوربية الافريقية ..
لكن ما يجب الإشارة اليه ، شطحات الدولتين الفرنسية والاسبانية ، بظهورهما كمدافعين عن الحق المغربي ، وعن مغربية الصحراء ، بمثل لعب دور المعرقل لحضور الدولة الصحراوية لقاء القمة او اللقاء الوزاري بين الاتحادين ، في حين يعلمون علم اليقين ان حضور الدولة الصحراوية للقاء المنتظر ، احتراما للاتفاقيات المبرمة بين الاتحادين ، واحتراما لما هو مسطر من قوانين بين الاتحادين القارين . فما معنى انه رغم اليقين التام بحضور الدولة الصحراوية اللقاء الوزاري القادم ، تشرع فرنسا واسبانية في لعب دور المحامي الفاشل عن مغربية الصحراء ، والخطير انهما لا يعترفان صراحة بمغربية الصحراء ، ويتاجران بالمشروعية الدولية لحل نزاع تعرف أسبابه مثل اظافرها الدولتين السابقتين في احتلال المغرب فرنسا واسبانيا ..
ان النظام المغربي الذي يبحث عن القشة لتبرير الوضع بالصحراء ، حتى وأنّ القشة ليست صحيحة ، يسقط لخديعة فرنسا واسبانيا ، وكما قلت هما متأكدان ومتيقنان بحتمية حضور الدولة الصحراوية اللقاء الوزاري المقبل . ان ما يجري بالساحة الافريقية الاوربية ، هو صادم للدبلوماسية المغربية ، لان الدولة الصحراوية هي عضو كامل العضوية بالاتحاد الافريقي ، وهي من صوتت لصالح قبول عضوية المغرب بالاتحاد بعد مغادرته منظمة الوحدة الافريقية في سنة 1984 OUA ، كما انه يجلس الى جانب مقعدها بالاتحاد المذكور . وهنا لا ننسى ان الدولة الصحراوية وبإيعاز من الجزائر ساهمت في تحرير وتنزيل القانون الأساسي للاتحاد الافريقي ، الذي اعترف به النظام المغربي في يناير 2017 .
ان حضور الدولة الصحراوية اللقاء الوزاري المنتظر في 29 مايو القادم ب Bruxelles ، هو حضور حتمي وليس اختياري ، لأنه منظم باتفاقيات مبرمة بين الاتحادين كاتحادين ، وليست مبرمة بين كل دولة افريقية على حذا ، وبين الاتحاد الأوربي كاتحاد وليس كدول . فلا يمكن لأي كان ان يعترض على حضور الدولة الصحراوية ضمن الاتحاد الافريقي ، وهي التي حضرت قمما سابقة ك " التيكاد " و " البريكس " ، وكانت سببا في تعليق اللقاء الذي كان منتظرا بين الاتحاد الافريقي وبين الجامعة العربية ، وليس كل دولة عربية بالمملكة العربية السعودية .. فحضور إبراهيم غالي كرئيس دولة لقاء Bruxelles عاصمة الاتحاد الأوربي ، كان ضربة لمغربية الصحراء ، وكان اعترافا من قبل الاتحاد الأوربي مجتمعا ، بالجمهورية العربية الصحراوية . ولو لم يكن قد اعترف بها ، هل كان ان يتم استقبال إبراهيم غالي كرئيس دولة ، ويتمتع بنفس البروتوكول الذي تمتع به رؤساء الدول ورؤساء الحكومات الاوربية الافريقية .. فالعلم / راية الجمهورية الصحراوية رفرفت عاليا في سماء عاصمة الاتحاد الأوربي ، الى جانب راية المغرب ..
ان الاعيب الاستعمار الفرنسي الاسباني ، بحجة تأجيل الاجتماع المقبل ببروكسيل ، كسابقة تمنع مشاركة الدولة الصحراوية في 29 مايو القادم ، هي الاعيب وتهكم على النظام المغربي ، لان حتى داخل الاتحاد الأوربي ، يميل الاتجاه العام الى المشروعية الدولية ، ويميل الى عدم الاعتراف بمغربية الصحراء ، وهو الموقف الحقيقي للدولة الفرنسية وللدولة الاسبانية .. فكيف ستضغط باريس ومدريد باستعمال المناهج البيروقراطية ، لتأخير الاجتماع ، ومنه استبعاد الدولة الصحراوية من الحضور ..
ان تمسك الاتحاد الافريقي باحترام الاتفاقيات المبرمة مع الاتحاد الأوربي وليس مع فرنسا واسبانية ، قد عرت على الموقف الحقيقي لباريس ومدريد من نزاع الصحراء الغربية ، وفرض على الاتحاد الأوربي التقيد بالقوانين وبالاتفاقيات الموقعة ، وفرض في الأخير حتمية حضور الدولة الصحراوية اللقاء الوزاري المقبل ببروكسيل ..
فحتى موسكو حين لم توجه الدعوة الى الدولة الصحراوية ، لحضور لقاء القمة الروسي الافريقي ، وفي صمت الجزائر راعي وصانع الدولة الصحراوية ، وعدم احتجاج الدولة الصحراوية على هذا الاستبعاد ، كان ذلك بتنسيق بين موسكو وبين الجزائر ، من جهة لتسهيل حضور الوفد المغربي ، ومن جهة لإعراب روسيا عن موقفها الحقيقي من نزاع الصحراء الغربية ، المؤيد للدولة الصحراوية ، ومن جهة ما تبع السكوت الجزائري من ابرام صفقات تسلح بأحدث الأسلحة الروسية للجيش الجزائري من سيو 57 وسيو 35 وصواريخ سس 400 الاعتراضية .
فهل حين صوت النظام المغربي على القانون الأساسي للاتحاد الافريقي ، وحتى ينال العضوية كالدولة الصحراوية التي صوتت لصالح انضمامه ، كان يفكر في دخول الاتحاد لطرد الدولة الصحراوية منه .. والحال ان جميع المحاولات في هذا الصدد فشلت الفشل الذريع . فبقدر ما كان يتحرك النظام بين الأفارقة لطرد الدولة الصحراوية ، بقدر ما كان هؤلاء يزيدون تشبثا بها . فرغم الرشاوى بلميارات الدولارات في شكل استثمارات بأثيوبيا ،فهذه تزيد نصرة وتأييدا للدولة الصحراوية ، ونفس الشيء حصل مع جنوب السودان ..
ثم كيف للنظام المغربي الشروع في اتخاذ الإجراءات الثنائية والمتعددة ، لطرد الدولة الصحراوية ، وهو الذي اعترف بها حتى ينال عضوية الاتحاد الافريقي ، بل وبعد ان نشر اعترافه بالدولة الصحراوية بالجريدة الرسمية عدد 6539 / يناير 2017 ، أصبحت مفوضية الاتحاد ملزمة بالبث في طلب الانضمام ، وفي ادراج الطلب للتصويت بالبرلمان الافريقي الذي ترأسته صحراوية من جماعة البوليساريو .
ان بكل عواصم الاتحاد الأوربي ومدنه ، تمثيليات لجبهة البوليساريو كحركة تحرير ، وكهيئة إعلامية ، وهيئة دبلومسية .. بل ان مكاتب البوليساريو توجد بسويسرة ، وبالأم المتحدة ، وبواشنطن .. ناهيك عن كندا وأستراليا واليابان والصين وروسيا .. الخ . فماذا ينقص فقط ، الاعتراف بالدولة الصحراوية صراحة ..
ان مواقف الاتحاد الأوربي وبما فيه فرنسا واسبانيا ، هي مواقف محايدة الآن ، لأنها تدعم المشروعية الدولية ، حيث ان نتائج الاستفتاء هي من سيحدد جنسية الصحراء ، ويحدد وضعها القانوني والسياسي . بل حتى القضاء الأوربي ، سار على نفس منوال محكمة العدل الدولية ( قرار 16 أكتوبر 1975 ) ، أي لا يعترف بمغربية الصحراء ، وتكون قرارات المحكمة الاوربية ، قد الغت وابطلت الاتفاقيات الموقعة بين المغرب وبين الاتحاد الأوربي ، وهي اتفاقيات تخص التجارة ، الفلاحة ، والصيد البحري .. وسبق للاتحاد الأوربي ان صرح بالتزامه بقرارات محكمته القضائية . أي اذا قررت الاحكام مغربية الصحراء ، فهو سيؤيد قرار المحكمة ، واذا قضت قرارات المحكمة بعدم مغربية الصحراء ، فالاتحاد الأوربي لن يعترف بها .. وحيث ان قرارات المحكمة ، درجة أولى واستئناف ، الغت وابطلت الاتفاقيات الموقعة مع المغرب ، فالاتحاد الأوربي لا يعترف بمغربية الصحراء ، ويتخذ موقف محايد ، في انتظار تنظيم الاستفتاء المنصوص عليه في قرارات مجلس الامن . فنتيجة الاستفتاء هي من سيحدد الوضع القانوني وجنسية الصحراء ..
لذا فنحن نعتبر ان مبادرة الرئيس الأمريكي Donald Trump ، بتقسيم الصحراء ، ارحم من موقف الاتحاد الأوربي ، ومن قرارات القضاء الأوربي ، وقرارات الأمم المتحدة . فعوض الاتحاد الأوربي الذي يدفع باتجاه استقلال الصحراء ، يدفع الموقف الأمريكي باتجاه التوازن ، وباتجاه اقبار المشروعية الدولية ، وفرض الامر الواقع الأمريكي الذي يعلو ولا يعلا عليه احد ..
فالنظام سبق له ان قسم الصحراء مع موريتانية في سنة 1975 ، فماذا سيمنعه من تقسيمها اليوم . طبعا لن تكون قسمة 1975 ، ولكن ستكون قسمة تراعي معطيات الساحة الجديدة ، وتراعي قوة المغرب الذي يتمتع لوحده بشرعية الأرض ، وبالشرعية القانونية باعتراف Trump بمغربية جزء من الصحراء الغربية . وكما قلت في دراسات سابقة . ان ثلث الأراضي المسمات بالمنطقة العازلة ، وهي ليست اليوم تحت سيطرة الجيش المغربي ، يمكن الاعتراف بها للجبهة ، مع تنازل عن البعض من الأراضي التي يسيطر عليها المغرب ..
اما اذا فرط القصر في حل الرئيس Trump ، وحصل ان غاب الرئيس الأمريكي لسبب من الأسباب ، فقد يأتي رئيس جديد ك John Biden او اكثر منه ، بخطط ستكون ضربة لمغربية الصحراء ، خاصة اذا ذهب الجميع الى استعمال المادة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة .
ان قبول القصر بحل الرئيس Trump ، سيفوت الفرصة على المتربصين باستقرار المغرب ، وسيضع حدا وباعتراف مجلس الامن ، للمشروعية الدولية التي سيتم افراغها من محتواها ومضمونها .. وسيكون الفصل أمريكيا وامميا ،ولن يستطع احد اعتراض او رفض الاقتراح الأمريكي ، لأنها وحدها سيدة مجلس الامن ، لأنها هي من يحرر التقرير الذي يعرض على الفرقاء بمجلس الامن للدراسة ، ومن ثم يتم صدروه في شكل قرار باسم مجلس الامن .
ان تضييع فرصة الرئيس Trump ، وهو ينظر الى الدولة والى مستقبل الملك الحسن الثالث ، سيكون خطأ استراتيجيا قاتلا . وسيندمون عليه حيث لا ينفع الندم .
فرصة سانحة ان تم تضيعها سيكون تضييع مصير دولة ..

#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات