عزالدين مبارك
الحوار المتمدن-العدد: 8292 - 2025 / 3 / 25 - 14:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الدولة ليست كائنا عاقلا وواعيا حتى يكون لها دين ومذهب وشريعة واعتقاد فهي لا تصلي ولا تصوم ولا تزكي ولا تحج لبيت الله الحرام فهي كيان سياسي ومنطقة جغرافية محددة ومعترف بها دوليا يسكنها مواطنون والتدين فيها هو اعتقاد وفكر مرتبط عضويا بالأفراد وهم من يقوموا بشعائرهم الدينية وطقوسهم التعبدية وذلك حسب اعتقاداتهم ودياناتهم المختلفة ولا علاقة ذلك بالمكان الجغرافي واسم الدولة. فكل البلدان مرت منذ القدم باللادينة (غياب كلي للأديان) ثم جاء تعدد الأديان من عبادة مكونات الطبيعة الريح، االنار، الماء، االبحر، الرعد، القمر، الشمس مرورا بالأشياء المجسدة من جماد وحيوانات وحتى أشخاص من البشر وفي الأخير حل ركب التوحيد وكل هذا التطور في مفهوم التدين والألوهية قد تم تماشيا مع تطور وعي الإنسان. لقد تراوح إيمان الأمازيغ السكان الأصليون لشمال إفريقيا مثلا بين الوثنية والمسيحية واليهودية والإسلام وهكذا تتغير المعتقدات الدينية حسب العصور وتطور المجتمعات واحتكاكها بالحضارات المجاورة والوافدة وذلك في بقعة جغرافية واحدة تسمى شمال إفريقيا.كما أن الدوللة ككيان سياسي يتطور ويتغير مع مرور الزمن وتعاقب الحقب التاريخية كنتيجة لعوامل عديده من أهمها الهجرة والصراعات والحروب فتتغير الجغرافيا والتركيبة السكانية بحيث تؤثر هذه التحولات في المعتقدات والديانات بكل منطقة فتتعدد حسب تعدد الطوائف والملل والنحل.ولهذا فتسمية دولة وربطها بدين معين ينتج حيفا وصراعا بين مكونات المجتمع خاصة في الدول ذات التعدد الديني والطائفي ولتجنب هذا المأزق الأيديولوجي تكون الدولة كيان محايد ومكان للمواطنة والمساواة ولا تتبع أي دين أو معتقد أو مذهب والتدين هو مسألة شخصية يحملها الفرد أينما حل حسب إرادته الحرة والواعية ولا علاقة ذلك بالمكان أو الدولة التي يقيم فيها. ودولة المواطنة هي دولة علمانية وديمقراطية بالضرورة لا تعامل الأفراد على أساس معتقداتهم الدينية بل على أساس التزامهم بالقانون وما يقدموه من عمل من أجل تقدم البلد الذي ينتمي إليه ويتمتع بخيراته ويكون فيه سيدا مثل غيره من المواطين الأحرار.والرئيس التونسي قيس سعيد حسنا فعل في دستور البلاد عندما حذف عبارة "الإسلام دينها" وقد أصاب في ذلك لأن الدين هو دين الأفراد والمجتمعات ولا علاقة ذلك بالدولة ككيان للمواطنة رمزي ومحايد يحمي كل الأديان والأفكار والمعتقدات دون تحيز وتمييز.
#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟