أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - تساؤلات تفضي إلى تساؤلات في رواية عين التينة















المزيد.....


تساؤلات تفضي إلى تساؤلات في رواية عين التينة


رشيد عبد الرحمن النجاب
كاتب وباحث

(Rasheed Alnajjab)


الحوار المتمدن-العدد: 8292 - 2025 / 3 / 25 - 02:27
المحور: الادب والفن
    


-

يتشابه غلاف رواية "عين التينة" في المظهر العام مع غلاف رواية "زرعين"، فمشهد التلة المغطاة بالعشب الأخضر يعطي بعضا من شبه مع أنهما تختلفان كثيرا في التفاصيل، الروايتان من تأليف د. صافي صافي والأخيرة صدرت عام 2025 عن الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين في رام الله.

" حنان" حاضرة هنا على الغلاف وفي تفاصيل تفاصيل السرد حتى نهاية الرواية، كيف لا ؟ والرواية وهي من أدب الرحلات، تصفُ رحلة موجهة ومخصصة إلى بيسان، لزيارة "مدينتها، مدينة أهلها"ص5، في رواية زرعين كان ثمة رسالة من حنان وتوصية بزيارة بيت أهلها في بيسان، أما في هذه الرحلة فحنان هنا بكل تفاصيلها، وكل تفاصيل العلاقة بينها وبين الراوي أثناء الدراسة الجامعية وحتى اللحظة التي قالت له فيها "كن صديقي". في حضرة لقائه بها في صالة الفندق بعد أن اكتفيا من الأحضان بالنيات مادين ذراعيهما، ثم انخفضت الأعين خجلا وتابعا جلسة يسود الصمت فيها على الكلام، فراح الراوي يحلل أغنية لماجدة الرومي تحمل نفس العبارة "كن صديقي" ويسهب في الحديث عن كلماتها وأدواتها الموسيقية ويصف ألحانها يود أن يصل من كل ذلك إلى مآل العلاقة بينهما بعد أن عاد إلى الداخل وبقيت هي مغتربة.

حنان التي يتمحور اهتمامها الفكري والوجداني في زيارة مدينة أهلها "بيسان"، فردت على عرض مضيفها لزيارة معالم المدينة التي ود أن يتباهى بها كمسرح لمغامرات الطفولة والمراهقة: "لا تلمني يا صديقي لا أحب المدن الحديثة، ولا البنايات العالية، ولا نظافة شوارعها أخشى أن أقارن بينها وبين مدينتي الآن" ص20، وبرغم حبها للقدس بكل معانيها إلا أنها قالت: "لكنني جئت من أجل بيسان". فهل كانت له نفس الخشية من مقارنة المدن الحديثة "رام الله" بقريته بيت نبالا التي وصف حدودها ولم يذكر اسمها ؟

يبدو أن له نظرة مختلفة فقد قال متعجبا: "لكنها القدس ياحنان!" ص22 ، بينما راح يتحدث عن رام الله وعن تعلقه بها وهو الذي سكنها بعد أن باتت قريته "هناك" أيضا حيث وصف، إلا إنه عبر عن شعوره وهو يمر برام الله واصفا إياها ب "مدينة كل المدن والقرى الفلسطينية" ص 22 وراح يعدد أسماء المدن والقرى من خلال يافطات المحلات وأسهب في ذلك أيما إسهاب كأنه يخشى أن يلومه أحد، فيقول و- أختصر كثيرا -: "وأرى يافطات المحلات التجارية والعمارات بأسماء اللداوي، والرملاوي، واليافاوي، والريماوي.........."، ص21

يبدو الوصف المفصل سيد الموقف في هذه الرواية، فكما ذكر المدن والقرى الفلسطينية التي تبدو شواهدها في رام الله، تجده يعدد أنواع التين وأسماءه وهي التي تختلف في قريتين أو مدينتين متجاوريتين ما بين بياضي، وخضاري، وسوادي وحماضي وشحامي ...إلخ ترى ما الذي دفع صافي للخوض في هذه التفاصيل، وذلك التعداد؟ ولا أجد غير تثبيت الهوية جوابا، لكل هذه الأسماء، وكذا العادات والتقاليد وهي صنو الهوية والمؤشر عليها جوابا على هذه التساؤلات !!!

هل قلت تساؤلات؟! نعم فالحوار في هذه الرواية حافل بالتساؤلات حول شتى المواضيع، الفراق واللقاء، والعودة، والهوية ، ومَن هنا، ومَن هناك، وما هو الداخل وما هو الخارج؟ ، وأشياء ومواضيع، ومواقف أخرى كثيرة كانت عرضة للتساؤلات ، ولم تكن الإجابات متوفرة في جميع الحالات بل كان يجيب على التساؤلات بمزيد منها، وأحيانا بألفاظ متشابهة أو مترادفة يقول عنها: "نتلاعب بالألفاظ لتعني كل شيء ولا تعني شيئا في الوقت نفسه، فنستطيع التقدم خطوات أخرى فيما نقصده داخليا، أو نستطيع التراجع كأننا لم نقصد ذلك على الإطلاق". ص32 وهكذا يكون للعبارات دلالات ومعان أخرى في مواقع كثيرة خلال السرد وأحسب أن المؤلف أراد للقارىء أن يتمعن فيها ويكتشفها كل على طريقته .

وأعود للوصف، فقد قدم لملابس صديقته حنان وهيئتها وصفا مفصلا بالألوان ودرجاتها والقماش وسويته، وتفاصيل النقوش على التنورة، والقميص، ولون الشعر وتسريحته. فإذا انتقل إلى "مها" رفيقة دربهم في الرحلة تراه وقد مضى في وصف حركات الرقص ومد اليدين، وثني الجذع واستواء الكفوف والأصابع كأنه ينقل بثا حيا ومباشرا من موقع الحدث ويكاد يكون نابضا بالمشاعر .

إلا إن الوصف الأهم الذي أفرغ له عددا من الصفحات ، ونقل معظمه على لسان صديقته حنان وهي المختصة في دراستها في هذا النوع من المخلوقات، وقد واكب هذا الحديث تواجدهما في بيئة تتكاثر فيها هذه المخلوقات: عيون مياه وجداول، وطرقات لزجة، وأشجار الكينا "اليوكاليبتوس" والحور وغيرها، هناك حيث تكثر "اليعاسيب" أو الرعاشات، والتي جاء تعريفها بالاستعانة بمحرك البحث غوغل كما يلي: "من الحشرات المفترسة الهامة وهي تأكل البعوض والحشرات الصغيرة الأخرى مثل الذباب والنحل والنمل والدبور ونادرًا جدًا ما تأكل الفراشات".

أما في السرد فقد فد شمل الوصف ألوانها، وأحجامها، وحركاتها، وطريقة تزاوجها وتلقيحها وحفظ بيوضها، وحِرْص الذكر على التحقق من نقاء النسل وتبعيته له. ولعل أهم ما في هذا الوصف وصوله للَّون الأزرق، ولهذا اللون ما له من دلالات بمضمون الفقرة التالية .

تصادف وجود الفريق عند هذه العين وتدعى "عين التينة" بالقرب من الحدود في منطقة الجولان حضور عدد من المستوطنين الإسرائيليين الذين يطوفون في البلاد قبيل التجنيد، في جماعات، ويتصرفون مع من يصادفون من العرب بكثير من العدائية بكل مظاهرها، وغالبا ما يستدعون الشرطة والجيش، فيغدو العربي في وضع المتهم لمجرد تصادف وجوده مع المستوطنين في بقعة ما، فكيف إذا كانت عين ماء ولهذه العيون ما لها من جاذبية من قبل المستوطنين تفاصيل وصف هذا الموقف وما قام به الجيش من إجراءات مهينة ضد الرجال والنساء تشير إلى مواقف صلبة مبنية على خبرات سابقة في مواجهة هذه الاعتداءات السافرة لمجرد تصادف المرور بمنطقة ما، وفيها دلالات وإشارات إلى اعتداءات يومية يمارسها المستوطنون في القرى والمدن والطرق التي يربط بينها.

ويصل الركب إلى بيسان، المدينة التي تحمل الإسم الكنعاني القديم الذي يعني الرب "إله الهدوء والسكينة"، ويطفو إلى السطح تساؤل حول أهلية ذلك الإله لهذا الإسم بعد سكوته على الهدم والردم والتشريد الذي شهدته المدينة، وتطفو إلى الذاكرة قصص وروايات عن المدينة القديمة هي ذي حنان تحكي الحكايات عن الأهل والمدينة والبيادر وسوق الخميس وعادات الزواج، وترضى بالموت مصيرا بعد أن عادت إلي بيسان كم هو مؤسف هذا المصير، ألا نستطيع أن نحلم بالعودة لنحيا؟



#رشيد_عبد_الرحمن_النجاب (هاشتاغ)       Rasheed_Alnajjab#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجهة السابعة،،، حيث يلوذ الأسير حتى لا يعيش السجن فيه
- يوميات الزيارة والمَزور ،،،،طاقات الإبداع ونوافذ الأمل
- الخروبة-مشاهد وصور من العذابات والالم
- جزء ناقص من الحكاية،،، شغف اصطياد اللحظة
- بين معرض الكتاب في عمان وشيكاغو.. رواية -الخروبّة- للكاتب رش ...
- رواية -الخرُّوبة- لرشيد النجّاب* بين توثيق المكان والتاريخ و ...
- مصائد الرياح،،، وتعاقب أجيال المواجهة وأزمانها
- مــنــزل الـــذكــــريـــات
- حانة فوق التراب
- أنا يوسف يا أبي.....قراءة مشهدية للواقع ...بحثا عن جيل ضاعت ...
- الساعة الخامسة والعشرون - قراءة حديثة في رواية قديمة
- شغف
- الدم لا يتكلم
- الــمــولـــودة
- سوداد (هاوية الغزالة)
- قناع بِلَون السماء
- مذكرات القائد الشيوعي محمود الأطرش المغربي
- غالب هلسا: روح ناقدة بدأت بنقد الذات
- حمزة شحاتة: مِن أخلاق البيت إلى المدرسة إلى الزقاق.
- بندلي جــــوزي:رائد الاتجاه القومي الماركسي


المزيد.....




- -طمس الرواية الفلسطينية-.. خطة الجيش الإسرائيلي لمخيمات الضف ...
- مشاهد -جريئة- في مسلسل -رحمة- تثير حفيظة الجمهور المغربي
- جديد التعليم الجامعي للطلاب الأجانب والمنح الدراسية بماليزيا ...
- تحليل.. ماذا قالت أمانبور عن ضرورة -حماية- المخرج الفلسطيني ...
- حبكة عبقرية وسرد ممتع.. -المعلم ومارغاريتا- يفوز بجائزة Nika ...
- الباحثة المعمارية سارة فؤاد: مدينة الإسكندرية معرضة للغرق بس ...
- إطلاق سراح المخرج الفلسطيني الحائز الأوسكار بعد تعرضه للاعتد ...
- تركي آل الشيخ يصدم -سعفان- بقرار مخرج بريطاني (فيديو)
- الجيش الإسرائيلي يعتقل مخرج فيلم -لا أرض أخرى- عقب تعرضه للض ...
- تركيا تلفت أنظار صناع السينما العالمية بفضل صادرات الدراما


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - تساؤلات تفضي إلى تساؤلات في رواية عين التينة