أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوزجان يشار - دونالد ترامب وظلّ القناع الأبيض: هل يقود أمريكا إلى لحظة غورباتشوفية؟














المزيد.....

دونالد ترامب وظلّ القناع الأبيض: هل يقود أمريكا إلى لحظة غورباتشوفية؟


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8292 - 2025 / 3 / 25 - 01:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ صعود دونالد ترامب إلى ساحة السياسة الأمريكية، لم تعد السياسة مجرّد إدارة حكومية أو تنافس حزبي، بل تحوّلت إلى ساحة صدام هوياتي وثقافي عميق. ترامب، الذي دخل البيت الأبيض تحت شعار “إعادة أمريكا إلى عظمتها”، لم يكن مجرّد رجل أعمال استثنائي أو شخصية خارجة عن المألوف، بل بدا وكأنه تجسيد حيّ لتيار أمريكي قديم طالما اختبأ خلف أقنعة بيضاء… وها هو الآن يخلعها بجرأة صارخة.

جذور رجل… وظلال تاريخ

ترامب لا يمكن فهمه خارج سياقه التاريخي، فهو ابنٌ لطبقة بيضاء محافظة، تنتمي شعوريًا إلى أمريكا ما قبل الحقوق المدنية، تلك التي كانت فيها السيطرة الاقتصادية والثقافية والسياسية بيد الرجل الأبيض الأنجلوساكسوني البروتستانتي. هذه الهوية المهتزّة وجدت في ترامب صوتها الانتقامي، وأصبح هو الناطق باسم “القلق الأبيض” في وجه ما يعتبره أنصاره “غزواً ديموغرافياً” من قبل المهاجرين والملونين والنساء.

خطابه السياسي الذي يهاجم الأقليات، خاصة من أمريكا اللاتينية والمسلمين، لم يكن عشوائيًا أو ناتجًا عن زلات لسان، بل جاء ممنهجًا ومدروسًا لاستثارة القاعدة الشعبية الغاضبة، تلك التي تشعر أنها تخسر امتيازاتها في مجتمع يتحوّل ديموغرافيًا وثقافيًا.

العدوّ الداخلي: الديمقراطيون كمرآة للكراهية

العداء الشرس الذي يبديه ترامب تجاه الحزب الديمقراطي ليس خلافًا أيديولوجيًا بقدر ما هو صراع وجودي مع تمثيلهم للتنوع العرقي والجندري في أمريكا. فقد بلغت حربه الرمزية ذروتها مع الرئيس السابق باراك أوباما، حين قاد حملة “birther” المشككة في جنسيته الأمريكية، وكرر مواقفه العدائية من شخصيات ديمقراطية أخرى مثل كامالا هاريس، التي تعكس بتعدديتها وجرأتها كل ما يكرهه ترامب في “أمريكا الجديدة”.

أما النساء، فغالبًا ما كنّ هدفًا لتصريحاته المستفزة، التي لا تعبّر فقط عن ذكورية مفرطة، بل عن رفض عميق لصعود المرأة كلاعب مستقل في الحياة العامة.

أمريكا العظيمة… أم أمريكا المتخيلة؟

شعار “Make America Great Again” بدا وكأنه نداء نوستالجي إلى ماضٍ لم يكن يومًا عادلًا أو شاملًا. فالسياسات الاقتصادية لترامب، رغم ادّعائها دعم الطبقة العاملة، صبّت في صالح الأثرياء وخفضت الضرائب على الشركات، دون إصلاح جذري للاقتصاد الحقيقي. الحرب التجارية مع الصين أضرت بالمزارعين والصناعات، وتضخّمت الديون العامة بشكل غير مسبوق.

كل هذا يجعل من خطاب “العظمة” مجرّد غطاء على واقع اقتصادي هش، ومحاولة لتشتيت الانتباه من خلال إطلاق تصريحات مثيرة حول ضم كندا أو غرينلاند أو تحويل غزة إلى منطقة اقتصادية!

السياسة الخارجية: تصادم بدل تحالف

على المستوى الدولي، أعاد ترامب تعريف موقع أمريكا عبر الانسحاب من الاتفاقات البيئية والتجارية والثقافية، وتبنّي سياسة “أمريكا أولًا” بنسختها الأحادية العنيفة. اصطدم بالحلفاء التقليديين في أوروبا، وفتح جبهات اقتصادية وسياسية مع الصين، مما زاد من عزلة بلاده، وأضعف دورها القيادي العالمي.

إن استمراره في هذا النهج قد يُعجّل بتفكك التحالف الغربي، ويفسح المجال لصعود قوى بديلة على الساحة الدولية.

هل تتفكك أمريكا؟

ربما تبدو فكرة تفكك الولايات المتحدة ضربًا من الخيال، لكن ما تشهده بعض الولايات الليبرالية مثل كاليفورنيا ونيويورك من رفض متصاعد للسلطة الفيدرالية، وإطلاق مبادرات سياسية واقتصادية خاصة، يثير التساؤلات. بل إن حركات رمزية مثل “Calexit” أو “Texit” تعبّر عن تململ داخلي قد يتعاظم إذا استمرت الفوضى السياسية والانقسام الثقافي.

قد لا يكون ترامب هو غورباتشوف الذي يُعلن نهاية أمريكا بصوت واضح، لكنه قد يكون ذلك السياسي الذي زرع بذور الشك في وحدة البلاد، وأعاد فتح الجرح التاريخي الذي حاولت أمريكا نسيانه.

هل يحمي الدستور البلاد؟

الدستور الأمريكي، بثقله التاريخي ومبدأ الفصل بين السلطات، يظلّ حصنًا نظريًا ضدّ الانهيار. فالقضاء المستقل، والانتخابات اللامركزية، وقوة الصحافة والمجتمع المدني، كلها عوامل تعزز صمود الاتحاد.

لكن الأزمة الحقيقية تكمن في تآكل الثقة، فإذا انهارت القيم المشتركة بين المواطنين، فلن تحميهم القوانين وحدها. فالديمقراطية ليست نصوصًا فقط، بل عقد اجتماعي وروحي لا بد أن يُجدد.

خاتمة: ترامب كأعراض أزمة أمة

دونالد ترامب ليس مرضًا فرديًا، بل أعراض أزمة وجودية تعصف بأمريكا منذ عقود. هو ابن الخوف، وربيب الغضب، وصوت لأولئك الذين يعتقدون أن التاريخ سرق منهم بلدهم. فإن لم تجد أمريكا قيادة تنقذها من هذا الانقسام، فإن شعارات العظمة قد تتحوّل إلى مرثية وطن يتداعى تحت وطأة الكراهية والارتباك.



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتلال فرنسا للجزائر: الأسباب، التوابع، والرفض المستمر للاعت ...
- مهرجان من أمنيات مؤجلة
- العائلات الثرية وفرضية “المليار الذهبي”: رؤية تحليلية شاملة
- تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأمريكي
- سلوك العمل الجماعي: بين الإبداع والاندفاع
- “برامج رامز: عبثية المحتوى وهدر المال.. متى ينتهي هذا الإسفا ...
- جماعة “الجمجمة والعظام” والرقم 322: سر النخبة الخفية
- رؤية السعودية الخضراء: خارطة طريق لتشجير المملكة ومستقبل بيئ ...
- قراءة في كتاب “عقل القائد: كيف تقود نفسك وموظفيك ومؤسستك لتح ...
- إشكالية تكيف المثقف العربي بين الاستقطاب السياسي والفكري ودو ...
- البحرين: رحلة عبر الزمن بين القلاع والأسواق والمعابد والأساط ...
- بيئة العمل المسمومة: كيف تؤثر على نجاح الشركات؟
- البلد: روح مدينة جدة القديمة
- معضلة القنفذ: فلسفة المسافة الآمنة في العلاقات الإنسانية
- الحمار المظلوم وحكمة “موت يا حمار”
- مجتمع النبل والإنسانية: دروس مستوحاة من الذئاب
- الصراع العالمي القادم على الليثيوم: وقود معركة الطاقة المستق ...
- إتقان منهج يونغ: رحلة إلى أعماق النفس البشرية
- سبينوزا وفلسفة السعادة: طريق العقل إلى الحرية
- الإحباط من الواقع قد يقتل فرص النجاح


المزيد.....




- سرايا القدس تعلن إطلاق رشقة صاروخية على مستوطنات غلاف غزة
- مشادات كلامية بين نتنياهو ونواب المعارضة أثناء كلمته في الكن ...
- روسيا تطور درونات لتدمير المروحيات العسكرية والطائرات المسيّ ...
- لأول مرة، عيادة بريطانية تستخدم الذكاء الاصطناعي لمعاينة الم ...
- إسرائيل تطلق سراح مخرج فلسطيني حائز على جائزة أوسكار
- رئيس وزراء كوسوفو يقع في فخ مخادعين روسيين ويفضح ما يحضره ال ...
- مجلة -وايرد-: إدارة ترامب تتجه لإقالة مجموعة من العلماء في م ...
- مكتب نتنياهو ينفي تلقية أي تحذير بشأن -الأموال القطرية-
- موسكو تعلق على توقيف مولدوفا لرئيسة غاغاوزيا
- -تجربة أولية-.. قناة إسرائيلية تتحدث عن ذهاب دفعة من الغزيين ...


المزيد.....

- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوزجان يشار - دونالد ترامب وظلّ القناع الأبيض: هل يقود أمريكا إلى لحظة غورباتشوفية؟