سعد العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8291 - 2025 / 3 / 24 - 14:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع اقتراب أي استحقاق سياسي، الانتخابات على وجه الخصوص يخرج بعض السياسيين المخضرمين من الظل الذي وضعوا أنفسهم فيه طوعًا، داخل البلاد أو خارجها، ليكرروا طرح أنفسهم كوجوه جديدة لعملية بناء الدولة وإحداث فعل التغيير. لكن المتابع لأحوالهم وأنشطتهم طوال فترة البقاء في الظل وكذلك لتفاصيل المشهد العراقي يدرك أن مثل هؤلاء سبق أن جُرّبوا في مواقع قيادية أو تشريعية، ولم يحققوا النجاح المنشود. بل وعلى العكس من هذا بعضهم فشل في إدارة شؤون البلاد، واتهم بارتكاب أخطاء في الإدارة تحسب كارثية، ورغم ذلك يعودون مجددًا بوعود الإصلاح، وكأنهم لم يكونوا جزءًا من ذاك الإخفاق. والأدهى في عودتهم يلمحون إلى تدخلات خارجية في عملية التغيير، وكأنهم يقدمون أنفسهم أدوات لتلك التدخلات ويتهمون الإرادة الوطنية أنها لم تعد كافية لإنقاذ العراق من أزماته، دون أن يعوا أن إعادة تدوير الوجوه ذاتها في أمور السياسة وغيرها خطأ قاتل يعمّق الأزمات، ويُكثر من الأخطاء والتجاوزات ويعيد العجلة الى الوراء قريبًا من نقطة الصفر، وهذا ما أثبتته التجربة السياسية لما يقارب ربع قرن من الزمان وأثبتت كذلك أن نهج هكذا أنواع من الشخصية في الإدارة والسياسة لا يمكن لها أن تأتي بجديد يؤدي إلى نتائج مختلفة، مع الأخذ في الاعتبار ان العراق يمر بمرحلة حساسة تتطلب قيادات وطنية قوية فاعلة جديدة تمتلك رؤية واقعية وإرادة حقيقية للخروج من دوامة الخطأ ودفع عجلة البناء خطوات الى الأمام. على هذا يمكن القول إن الاعتراف بالفشل، وتسليط الضوء عليه بشجاعة، كان يمكن أن يمنح مثل هؤلاء السياسيين الذين تلكؤا أو أخفقوا في مجال العمل فرصة للبقاء في ذاكرة العراقيين بصفة أكثر احترامًا وتقديرًا، لأن الاعتراف بالأخطاء، والتعلم منها، فضيلة تضيف إلى رصيد الإنسان، على عكس الإصرار على تكرار ذات النهج الذي لم يحقق سوى الإحباط. وكذلك يمكن القول لمن يريد العودة إلى المشهد السياسي عليه أن يبدأ بالمكاشفة والمحاسبة الذاتية، بدلاً من الترويج لأوهام التغيير دون تغيير حقيقي في نهجه هو وأساليبه في الممارسة والتطبيق.
#سعد_العبيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟