أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكبير الداديسي - رواية قهو بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط بين الكتابة السينمائية والكتابة الأدبية















المزيد.....


رواية قهو بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط بين الكتابة السينمائية والكتابة الأدبية


الكبير الداديسي
ناقد وروائي

(Lekbir Eddadissi)


الحوار المتمدن-العدد: 8291 - 2025 / 3 / 24 - 04:47
المحور: الادب والفن
    


رواية قهو بالحليب على شاطئ السود المتوسط للروائي الكبير الديسي بين الكتابة السينمائية والكتابة الأدبية
بقلم نورس البريجة: خالد الخضري
1 – كتابة سينمائية
رواية “قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط ” للكاتب الأستاذ الكبير الداديسي، معاينة لمأساة أو نتفا من مآسي الهجرة السرية إلى الغرب في عين المكان، لعدد من ضحاياها عربا وأفارقة قلما نجا واحد منهم، حيث يكون الغرق مآل أغلبهم، أو القبض عليهم لترحيلهم إلى بلدانهم، أو في أحسن الأحوال نجاح بعضهم بالعبور إلى الضفة الأخرى لمواجهة مصير مجهول عربونه الخوف والضياع من جديد.
صاغ الكاتب روايته بأسلوب سينمائي قوامه الصورة في حوالي ثلثي الكتاب، تاركا الثلث الباقي للخواطر والتحليلات الداخلية التي لا تطالها السينما بعمق مهما كانت كفاءة المخرج. فأحداث الرواية أغلبها خارجي وحركي مما يفضله الفن والمتفرج السينمائي، إذ هي تجري أو تصور في عدة ديكورات / فضاءات بإفريقيا (ساحل العاج، السودان، مالي، ليبيا، تونس، الجزائر). كما بسوريا وفي المغرب في بعض مناطقه لا سيما الشمالية حيث يتم احتساء آخر جرعة من هذه القهوة المخلوطة بحليب يبدأ مرا وينتهي عذبا، في مطعم السيد بو عمامة الذي تحول إلى “المطعم العربي الإفريقي” لصاحبته لمياء بنت ميادة الشامية ومحمود الإيفواري، اللذين جمعهما أو بالأحرى، ركبهما جني الهجرة السرية أو بمفهومنا الدارجي ” الحريگ” فالتقيا صدفة ليوثق بينهما حب أقل ما يوصف به هو أنه ”حب متحدي” حيث واجها الموت أكثر من مرة على اليابسة وفي عرض البحر، فكتبت لهما النجاة مثلما سيكتب لهما الزواج والإنجاب ثم الاستقرار والعيش بالمغرب، كما ورد في متم الرواية:
((نظرة محمود إلى الحياة تتلخص في أننا جميعا غرباء على هذه البسيطة، والمغرب ملتقى الرحالة والمسافرين عبر التاريخ))- ص:150.
2 – مونتاج متوازي

اتبع السيد الكبير الداديسي أسلوبا سينمائيا في الكتابة باعتماد تقنية المونتاج المتوازي Montage parallèle حيث يختلط عليك الأمر في بداية القراءة فلا تعرف من يروي: هل ميادة السورية أم مامادو الإيفواري (الذي حولت اسمه إلى محمدو)؟ لكن وأنت تتابع المشاهد قراءة ستستوعب أن كلاهما يتبادلان الحكي بالتناوب إلى أن يمتزجا فيه بالنهاية. وهي تقنية متبعة كثيرا في السينما، حيت يعمد المخرج إلى تصوير قصة شخص أو مجموعة، ثم يتركها لتصوير أخرى يبدو في البداية ألا علاقة بينها وبين سابقتها. وهكذا تستمر هاتان الحكايتان أو الحكايا على خطين متوازيين يبدو أنهما لن يلتقيا أبدا تبعا للقاعدة العلمية الرياضية، لكنهما في الفن يلتقيان وينجبان كما حدث لمحمدو وميادة.
لكن هذه التقنية لم تلغ الأسلوب الأدبي لاسيما الرومانسي الذي يصور العلاقة الغرامية والإنسانية الفذة التي تنشأ بين الشرق والجنوب، بين العربية والإفريقي، وخصوصا بين الأبيض والأسود، إذ هما في البداية يبدوان بدورهما كالخطين المتوازيين لن يلتقيا، خصوصا من جهة ميادة التي كانت تشمئز وتتقزز من منظر أي أسود. لكنها تدريجيا تنساق وراء حب خرافي، فيذوب بياضها في سواده محيلين على اللون المومأ إليه في العنوان:
"أحبك محمدو، منذ تعرفت إليك، أضفت قهوتك لحليبي فأصبح لحياتي ذوق معين>>. فيعقب هو: <<اجلسي قبالتي لتكون خلفيتك سوداء، وأنت بدر التمام يلوح لي في ظلمة الليل البهي" - ص:92
3 – لولا السواد ما طلع الفجر
وها هو محمدو يصف الرحلة إلى شمال المغرب بأسلوب شاعري:<<كان الحلم زادنا ونحن نطوي الطريق التي تخترق جبال الريف، نستمتع بشواطئ عذراء، لا يكسر هدوءها الشتوي غير نعيق النوارس والصراع الأبدي الذي لا ينتهي بين الأمواج المتكسرة والصخور الواقفة متاريس تحرس البحر، ونحن أمواج لا تستسلم>>- ص:89.
كما دعم الكاتب متنه الأدبي بالاستشهاد بعدد من الأبيات الشعرية على رأسها شعر عنترة بن شداد الذي يشاركه محمدو في لون بشرته. والجميل أنه ليس هذا الأخير هو من كان يتفاخر بلونه الفاحم على لسان عنترة، بل ميادة هي التي كانت تأتي به فتردده مع نفسها أو تلقيه أمامه، وكأنها تبرر لنفسها حبها له وتعلقها به:
سوادي بياض حيت تبدو شمائلي وفعلي على الأنساب يزهو ويفخر
يعيبون لوني بالسواد جهالة ولولا السواد ما طلع الفجر
وإن كان لوني أسود فخصائلي بياض ومن كفي يستنزل القطر – ص: 101
هذا التبرير الذي طاله النثر أيضا:
"يا ميادة إن البياض في العين مرادف للعمى. والبياض هو الذي ينتج السواد. انظري حولك إلى كل الظلال السوداء المتحركة والثابتة، من يصنعها غير نور الشمس نهارا وأنوار المصابيح ليلا؟ قد يكون السواد مكروها لديك، لكن لا تلألأ للنجوم ما لم تكن السماء سوداء، وسواد الشعر مفضل على بياض الشيب" – ص:105
وها هو محمدو يؤكد هذا الانصهار بين الأبيض والأسود في الصفحة 106" الرماد نهاية كل شيء وهو غير قابل للاحتراق. ضعي يدك في يدي نقدم للعالم فنجان قهوة بالحليب. سأكون صندوق أسرارك وحياتك الأسود مفتاحه الوحيد بين يديك البيضاء. والثقب الأسود الذي تهوي فيه كل مآسيك وأحزانك>>.
4 – فيلم على الورق
إن المتماهي مع فن الأدب وجماليات اللغة العربية، يجد مبتغاه في الرواية فيخاف عليها من التجنيس السينمائي الذي قد يضر بها. بينما نظيره الشغوف بالفن السابع – بمن في ذلك المؤلف – يتمنى لو تتحول إلى فيلم سينمائي. شخصيا ولشغفي بكلا المجالين أؤيد الفريق الأول لأن اقتباسها للشاشة قد يجني على عمق جماليتها، وغور دلالاتها. ولئن تجرأ سينمائي على أفلمتها فيجب أن يتوفر لديه شرطان أساسيان لا غنى عنهما:
– أولا: الإنتاج الكافي بل السخي جدا، فأحداث الرواية جد مكثفة، وفيرة، متداخلة مما يفرض وفرة وتنوع المشاهد، الممثلين، الألبسة، الديكورات، الأكسسورات، والتقنيات، الخدع السينمائية (مشاهد الغرق تحت الماء، العواصف الرملية، الحروب الأهلية في إفريقيا وفي سوريا، هجمات المهاجرين على الحدود الإسبانية مع المغرب، إلخ).
_وثانيا: أن يكون المخرج قارئا نهما للأدب متشبعا بثقافته ومسالكه الظاهرة والباطنة حتى ينقل روح الرواية إلى الشاشة. فمؤلف الرواية بدا وكأنه هو نفسه مهاجر سري لمعرفته بتضاريس البلدان التي سلكها مامادو في إفريقيا، وميادة في حماة وحمص بسوريا، ثم هما معا في شعاب ومنعرجات جبال الريف ومدن الشمال بالمغرب. وهذ يتطلب تكاليف إنتاجية باهظة طبعا، وإن كان ليس من الضروري أن تَعْبر الكاميرا بحار وغابات إفريقيا ولا جبال سوريا والجزائر والمغرب.
وعموما، ما على متذوق الأدب بسيولة لغته، عذوبة تعابيره وغور معانيه إلا أن يقرأ رواية: ” قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط ”. وما على عاشق الفن السينمائي بجماليات صوره، روعة صوتياته وبهارات تقنياته إلا أن يقرأها أيضا، فسيشاهد فيلما على الورق.



#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)       Lekbir_Eddadissi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أول احتفال رسمي راس السنة الأمازيغية بالمغرب منذ 2957
- دورات تكوينية في السينما
- دكتوراه حول الخطاب الديني مرجعيات التلقي وآفاق التأويل
- مؤسسة القلم للفكر والثقافة والفن تفتتح موسهما الثقافي بلقاء ...
- زمزية القطط في رواية (قطط اسطنبول ( بين أنسنة القطط إلى قطقط ...
- احتفاء برواية رقصة الفلامنكو للروائي الكبير الداديسي
- انتصار القيم في رواية قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط
- تحليل نص شعري لقيس بن الملوح
- تكريم الأديبين الكبير الداديسي وصالح لبريني
- جماليات القبح في الرواية بأسفي. ج9 رواية -ما تبقى من ذاكرة ر ...
- سلسلة الرواية بأسفي الحلقة 1
- حفل توقيع رواية ما تبقى في ذاكرة الرماد
- جماليات القبح في الرواية / ج 8: أسفي في رواية -بهيجة وأخواته ...
- رقصة الفلامنكو رواية جديدة للكاتب الكبير الداديسي
- المعرض الجهوي للكتاب مراكش
- مهرجان سينما المدارس بأسفي
- تكريم حالم لشاعر
- أما زال العالم في حاجة للشعر والشعراء؟
- غرناطة والرمان من رواية (رقصة الفلامنكو) رواية قادمة
- مقطع من رواية قادمة ( رقصة الفلامنكو )


المزيد.....




- -طمس الرواية الفلسطينية-.. خطة الجيش الإسرائيلي لمخيمات الضف ...
- مشاهد -جريئة- في مسلسل -رحمة- تثير حفيظة الجمهور المغربي
- جديد التعليم الجامعي للطلاب الأجانب والمنح الدراسية بماليزيا ...
- تحليل.. ماذا قالت أمانبور عن ضرورة -حماية- المخرج الفلسطيني ...
- حبكة عبقرية وسرد ممتع.. -المعلم ومارغاريتا- يفوز بجائزة Nika ...
- الباحثة المعمارية سارة فؤاد: مدينة الإسكندرية معرضة للغرق بس ...
- إطلاق سراح المخرج الفلسطيني الحائز الأوسكار بعد تعرضه للاعتد ...
- تركي آل الشيخ يصدم -سعفان- بقرار مخرج بريطاني (فيديو)
- الجيش الإسرائيلي يعتقل مخرج فيلم -لا أرض أخرى- عقب تعرضه للض ...
- تركيا تلفت أنظار صناع السينما العالمية بفضل صادرات الدراما


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكبير الداديسي - رواية قهو بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط بين الكتابة السينمائية والكتابة الأدبية