أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - رواية ستالينغراد.. فاسيلي غروسمان














المزيد.....


رواية ستالينغراد.. فاسيلي غروسمان


وليد الأسطل

الحوار المتمدن-العدد: 8291 - 2025 / 3 / 24 - 02:39
المحور: الادب والفن
    


قبل رواية "الحياة والمصير" (Life and Fate)، خصص فاسيلي غروسمان رواية تزيد عن ألف صفحة عن معركة ستالينغراد. إنها رواية ملحمية تتطرق إلى الحقائق التاريخية، إلى تلك الحلقة الحاسمة من الحرب العالمية الثانية، والمصائر الفردية للشخصيات التي ألقيت في هذا الاضطراب غير المسبوق، الذي هو بالتأكيد الأكثر إثارة للدهشة في تاريخ الحروب التي خاضها الإنسان.

هل هي رواية حرب؟ بالتأكيد، لكن قوة غروسمان السردية وطرق البيان وأفعال الكلام أحدثت تغييرا في هذا النوع الأدبي.

خلال الثلاثة أرباع الأولى من الرواية، يتم ذكر ساحة المعركة والخط الأمامي باستمرار من قبل الشخصيات، ولكن لا وجود للمعارك أو الدماء أو الوفيات أو المعاناة الجسدية أو المعنوية. كل عنف الجبهة التي تتقدم نحو ستالينغراد يتوسطه سرد رومانسي.

الشخصيات، الضباط، العائلات، موظفو الخدمة المدنية السوفييت، هم في الخلف. إنهم مهووسون بالحرب، ويتحدثون عن الحرب، لكننا لا نراهم يشنونها. لقد اختار فاسيلي غروسمان أن يخبرنا كيف تؤثر الحرب على الحياة، والضمائر، والمخاوف، والحب، والالتزامات. وهو أمر مذهل، تتخلله خلفية من الرصاص، وتَقدم النازيين، وأيضا المعتقدات والمثل البلشفية.

وتتخلله أيضا تعبئة الرجال ورحيلهم، والحزن الذي يسببه ذلك في الأسر، ولا سيما الأسر الأكثر فقرا التي تعتمد على عمل الرجال للبقاء على قيد الحياة.

من الرواية:
"ساعد فافيلوف فانيا على الصعود إلى كرسي مرتفع جدا وشعر من خلال كفه الخشنة المتصلبة بدفء جسد هذا الطفل الصغير العزيز، بينما قدمت له عينا فانيا المشرقتين والمبتهجتين نظرة واثقة ونقية.
صدر سؤال عن فم فانيا، فم لم ينطق قط بكلمة بذيئة، ولم يدخن سيجارة واحدة، ولم يشرب قطرة نبيذ:

– أبي، هل صحيح أنك ستذهب إلى الحرب غدا؟

ابتسم فافيلوف، وامتلأت عيناه بالدموع".

يقدم لنا غروسمان ترنيمة لستالينغراد ونهر الفولغا اللذين لا يزالان سليمين من آثام الحرب وكدماتها. نجد الناس يتجولون، لكن النفَسَ الرهيب القادم من الأمام يتسلل إلى أذهان الجميع: يُعتم المحادثات، يكسر زخم الحياة، والحب، والأحلام.

نجدهم في البداية يسيرون في صمت. يطفو سحر أمسية صيفية فوق ستالينغراد. تفوح من المدينة رائحة نهر الفولغا. كل شارع، كل زقاق، كل شيء حي، كل شيء يتنفس على إيقاع حياته. اتجاه الشوارع، صعودها وهبوطها، كل شيء يطيع نهر الفولغا، منحنياته، وانحدار ضفافه. ما يزال الجميع يضحكون في ستالينغراد، يعيشون قصص الحب، يتجادلون، ويعملون بجد.

ينضم فاسيلي غروسمان إلى السلالة الطويلة والجميلة من الكتاب الروس العظماء، وهو يستكشف روح شخصياته: الحب والحنان العائلي والشعور بالواجب والشجاعة في العمل وفي مواجهة الشدائد. ولكن أيضا الكبرياء والتمركز حول الذات والازدراء.

تستحضر رواية ستالينغراد بالضرورة تولستوي ورواية الحرب والسلام. ولكنها جعلتني أيضا – من خلال الإصرار على فك رموز سيكولوجية الشخصيات – أتذكر بعض ما كتبه غوغول.

ثم يأتي الانفجار، المعركة الكبرى، أم كل المعارك: ستالينغراد.

تجتاح القوات النازية المدينة من السماء والأرض. تسقط كتلة لا تصدق من النار، من الحديد، على المدينة المذهولة، بما يتجاوز أسوأ مخاوف السكان. هذه المعركة لن تهم السوفييت فحسب، بل الكوكب بأكمله، وستحدد مصير البشرية. تتحول ستالينغراد إلى غبار، ويمكن التعرف عليها من السماء، من خلال أعمدة الدخان والغبار.

يروي لنا فاسيلي غروسمان ملحمة معاصرة، وهي ملحمة أهل ستالينغراد المعذبين المقاومين. إن تناوب السرد بين نهر التاريخ وعدد لا يحصى من القصص الفردية جعل الملحمة إنسانية بعمق.

يمكنني اعتبار هذه الرواية نصبا تذكاريا أقامه فاسيلي غروسمان للموتى والأحياء في ستالينغراد، بل وأغنية -دون شعارات رنانة- لمجد شعوب الاتحاد السوفييتي، لمجد الجنود والعمال والنساء المضحيات من أجل الوطن والحرية، وليس لمجد القادة، وهذا ما ستوضحه الرواية التي تليها والتي تحمل عنوان "الحياة والمصير".



#وليد_الأسطل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية نلتقي في أغسطس.. غابرييل غارسيا ماركيز
- دونالد ترامب وتقليده السيء لنيكسون
- أحلى من التفاؤل مفيش
- عن الكتابة والكُتّاب
- مستقبل الحرب في أوكرانيا
- لكي نفهم جيدا الحرب الروسية الأوكرانية
- مستقبل علاقة الرياض مع واشنطن وتل أبيب
- هل سيصمد النظام الكوبي في وجه ترامب؟
- أوربا وقيمها.. التحديات والحلول
- هل سيفي ترامب بوعده ووعيده؟
- تعليق عدم التصديق
- رواية الخوف من النور.. دوجلاس كينيدي
- ثلاثة كتاب كبار أدركهم الموت قبل نوبل
- وعاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض
- هل ستصبح كندا الولاية الأمريكية 51؟
- مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية كما أراه
- رواية قبل أن تختفي.. ليزا جاردنر
- عن رواية قصة خرافية.. ستيفن كينغ
- ستيفن كينغ والأدب الخفيف
- عن رواية حجر القمر.. ويلكي كولنز


المزيد.....




- -طمس الرواية الفلسطينية-.. خطة الجيش الإسرائيلي لمخيمات الضف ...
- مشاهد -جريئة- في مسلسل -رحمة- تثير حفيظة الجمهور المغربي
- جديد التعليم الجامعي للطلاب الأجانب والمنح الدراسية بماليزيا ...
- تحليل.. ماذا قالت أمانبور عن ضرورة -حماية- المخرج الفلسطيني ...
- حبكة عبقرية وسرد ممتع.. -المعلم ومارغاريتا- يفوز بجائزة Nika ...
- الباحثة المعمارية سارة فؤاد: مدينة الإسكندرية معرضة للغرق بس ...
- إطلاق سراح المخرج الفلسطيني الحائز الأوسكار بعد تعرضه للاعتد ...
- تركي آل الشيخ يصدم -سعفان- بقرار مخرج بريطاني (فيديو)
- الجيش الإسرائيلي يعتقل مخرج فيلم -لا أرض أخرى- عقب تعرضه للض ...
- تركيا تلفت أنظار صناع السينما العالمية بفضل صادرات الدراما


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - رواية ستالينغراد.. فاسيلي غروسمان