لؤي الخليفة
الحوار المتمدن-العدد: 8290 - 2025 / 3 / 23 - 18:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حين نتأمل في مسار الحروب والنزاعات الدامية، نجد أسماء طغاة حُفرت في الذاكرة البشرية كرموز للقسوة والدموية، بدءًا بهتلر وموسوليني، مرورًا ببول بوت، وانتهاءً بزعماء العصر الحديث الذين تفنّنوا في ارتكاب المجازر بلا رادع. من بين هؤلاء، يبرز اسم بنيامين نتنياهو، الذي حوّل فلسطين، وعلى وجه الخصوص غزة، إلى ساحة مفتوحة للمجازر، حيث الأشلاء المتناثرة للأطفال والنساء، والدماء التي تصرخ في وجه العالم
اعتاد البعض استخدام مقارنة جرائم نتنياهو بالجرائم النازية، ولكن هل تخطى الرجل الحدود ليصبح أكثر دموية من الذين سبقوه؟ إن الفارق الجوهري بين هتلر ونتنياهو ليس في الوحشية، بل في غطاء الشرعية الدولية الذي يمنحه العالم لهذا القاتل، حيث تُرتكب المجازر على مرأى ومسمع من الجميع، ومع ذلك يُمنح الحماية والدعم دون مساءلة
حين يسقط صاروخٌ على منزل يسكنه أطفالٌ، وحين يدفن الأب طفله تحت الركام، ويحتضن يديه الصغيرتين وقد تحوّلتا إلى جثة هامدة، كيف يمكن أن يُبرر هذا الجرم؟ هل يحمل من يرتكب هذه الجرائم أدنى درجات الإنسانية؟ أم أنه تجرّد منها تمامًا؟ إن مشاهد الأطفال الممزقة والأمهات اللواتي يحتضنَّ بقايا فلذات أكبادهن، ليست مشاهدًا عابرة، بل هي صرخات في وجه الضمير العالمي الذي يبدو أنه قد مات.
العالم الذي وقف يومًا ضد النازية، والذي حشد الجيوش لإسقاط أنظمة مستبدة، يبدو انه يقف اليوم عاجزًا أمام آلة القتل الإسرائيلية التي يقودها نتنياهو. بل إنه يكتفي بإطلاق بيانات جوفاء تدعو إلى "ضبط النفس"، بينما تُسكب القنابل فوق رؤوس الأبرياء. إن هذه الازدواجية ليست مجرد تواطؤ، بل هي مشاركة مباشرة في الجريمة.
لم تعد آلة الحرب تقتصر على الدبابات والصواريخ، بل أصبحت تمتد إلى الإعلام الذي يُسهم في إعادة صياغة الحقائق لتبرير المجازر. فالضحايا يُصورون كإرهابيين، والمقاومة تُختزل في العنف، بينما القاتل يُمنح صك الغفران، ويُسمّى دفاعًا عن النفس.
إذا كان للإنسانية بقية، وإذا كان للعدالة مكان، فلا بد أن تُسمع أصوات الضحايا. لا يمكن أن يستمر القتل بلا حساب، ولا يمكن أن يُمحى صوت الأطفال الذين سقطوا بلا ذنب. إن التاريخ يسجل، ولن يكون الغد رحيمًا بمن تواطأ أو سكت على هذه المأساة. إن الإنسانية اليوم تُختبر، فإما أن تنتصر للحق، أو تعلن سقوطها أمام هذا المشهد الدامي.
#لؤي_الخليفة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟