|
الولايات المتحدة وإعادة تشكيل النظام الرأسمالي العالمي
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8290 - 2025 / 3 / 23 - 14:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
البترودولار أحد ركائز الهيمنة الأمريكية يبتز الرئيس الأمريكي الأنظمة العميلة مثل السعودية والإمارات وقَطَر، ويأمرهم بالتّطبيع مع الكيان الصهيوني – في ذروة عمليات الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني - وبتخريب البلدان التي تستهدفها الولايات المتحدة ( مثل ليبيال وسوريا واليمن...) وبتمويل الإقتصاد الأمريكي من خلال بيع النفط بالدّولار ( أو ما يُسمّى البترودولار) الذي تستفيد منه الخزينة والإقتصاد الأمريكيّيْن، ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول في البيت الأبيض، يوم الجمعة 21 آذار/مارس 2025، بَعْد بضعة أيام من لقاء مسؤولين إماراتيين بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن ( يوم الثلاثاء 18 آذار/مارس 2025) "إن الإمارات التزمت باستثمار 1,4 تريليون دولارا، في الولايات المتحدة، خلال عشر سنوات، في قطاعات البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والطاقة والتصنيع، بعد التزام السعودية بضخ 450 مليار دولار، وكُلّما استجابت عشائر الخليج للأوامر زادت الطلبات الأمريكية، في حين تُحاول أوروبا وكندا والمكسيك الدّفاع عن مصالح رأسمالياتها وشركاتها المحلية، وتستغل الصين وإيران وروسيا ثغرات المخططات الأمريكية لتجد لها مكانًا في المنظومة الرأسمالية العالمية... شكلت الفترة الثانية لرئاسة دونالد ترامب (بداية من 20 كانون الثاني/يناير 2025) خطوة جديدة في طريق غطرسة وفجاجة رأس المال الإحتكاري الأمريكي الذي يُمثّله الرئيس والدّوائر المُقرّبة منه والأثرياء الذين مَوَّلُوا حملته الإنتخابية، فهو يُهدّد الدّول التي تُحاول إجراء المبادلات التجارية والتّحويلات المالية الدّولية بعملات غير الدّولار، فما هي أهمية الدّولار في منظومة الهيمنة الأمريكية؟
جُذُور هيمنة الدّولار كانت الولايات المتحدة أكبر منتصر بأقل قدر من الخسائر في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وخَطّطت منذ سنة 1944 للهيمنة على العالم من خلال إنشاء هيئة الأمم المتحدة، على أنقاض عُصْبَة الأمم، ونظام بريتون وودز (المؤسسات المالية الدّولية) الذي رَسَّخَ الدولار الأمريكي كعملة أساسية في العالم، مرتبطة بالذهب ( أوقية ذهب = 35 دولارا)، مما عزز الهيمنة الاقتصادية الأمريكية، ولكن وبعد حوالي 25 سنة، وبضعة حُروب ( من كوريا إلى فيتنام، مرورًا بالتّدخلات الأخرى في قارّات آسيا وإفريقيا وآمريكا الجنوبية) واجهت الولايات المتحدة عجزًا تجاريًا متزايدًا، مع انخفاض احتياطيات الذهب، لأن العديد من الدول أرادت استبدال الدولار الأمريكي بالذهب ( الذي لا تملكه الولايات المتحدة) مما أدى إلى اتخاذ الرئيس رتشارد نيكسون، سنة 1971، قرار فك ارتباط الدّولار بالذّهب، وإنهاء إمكانية تحويل الدولار إلى ذهب، وهدّد هذا القرار المكانة المُهيْمنة للدّولار، لولا شيوخ النفط العرب (آل سعود بشكل خاص) الذين أنقذوا الدّولار من خلال صفقة سنة 1974 التي ضمنت تسعير النفط السعودي بالدولار فقط، مقابل الحماية العسكرية الأمريكية والسماح ببيع الأسلحة الأمريكية إلى السعودية، وبذلك تبقى عائدات صادرات النفط السعودي في الولايات المتحدة، لدى شركات السلاح والسيارات الفاخرة والطّائرات الخاصة والمراكب السياحية، وكذلك من خلال شراء سندات الخزانة الأمريكية، وبذلك أنقذ نظام « البترودولار » العُملة الأمريكية والأقتصاد الأمريكي الذي كان متأزما بفعل ارتفاع وتيرة العدوان على شعوب فيتنام ولاوس وكمبوديا. كانت الولايات المتحدة أكبر مستفيد مما وُصِف ب » حرب النفط » بعد حرب 1973، أي حظر تصدير النفط لأصدقاء الكيان الصهيوني، الذي كان حظْرًا قصيرًا، ومناورة كبيرة أدّت إلى ارتفاع أسعار النفط أربعة أضعاف من حوالي ثلاث دولارات إلى 12 دولارًا لبرميل النّفط الخام، ونتجت عنه أزمة طاقة عالمية، غير إن مناورة ربط سعر النفط بالدولار ( بدْءًا من السعودية ثم دول أوبك)، زاد من القوة المالية الأمريكية، لتزيد هيمنتها على العالم، من خلال ضخ فائض البترودولار في المصارف والسندات الأمريكية، أي دعم عجز الموازنة الأمريكية وتمويل نفقات الحرب الباردة والحرب الساخنة، وتعززت مكانة الدّولار كعملة احتياطية دولية سمحت للولايات المتحدة بالحفاظ على التفوق الاقتصادي والعسكري، ولا تزال نسبة 80% من معاملات النفط الدّولية تتم بالدولار الأمريكي، سنة 2024، ولا تزال الولايات المتحدة تَبْتَزُّ السّعودية حيث اعلن دونالد ترامب بعد تنصيبه رسميا ( 20 كانون الثاني/يناير 2025)، ثم كرّر يوم السابع من آذار/مارس 2025: سأذهب إلى السعودية التي ضخّت خلال فترة رئاستي الأولى 450 مليار دولارا في الإقتصاد الأمريكي، وبما إنهم ازدادوا ثراء سآمرهم بضخ تريليون دولار للشركات الأمريكية على مدى أربع سنوات، ووافقوا على ذلك، وسينفقون أموالًا طائلة لشراء معدات عسكرية وغير عسكرية من الشركات الأمريكية… رسّخ نظام البترودولار الهيمنة النقدية العالمية للدولار الأمريكي، مما سمح للولايات المتحدة بممارسة نفوذ هائل على مجمل دول العالم التي تضطر إلى الإحتفاظ بكميات كبيرة من الدّولارات لشراء المواد الأولية والمحروقات، وتستثمر فائض الدّولارات في الأصول الأمريكية (سندات الخزانة) فتُساهم بذلك كل الدّول في تمويل عجز الموازنة الأمريكية وفي المحافظة على مسوى منخفض لأسعار الفائدة الأمريكية، وتُعدّ الولايات المتحدة الدّولة الوحيدة القادرة على طباعة النقود – دون رقيب – لتمويل الإنفاق الحكومي على الأسلحة والبنية التحتية وغزو الفضاء الخ، دون التسبب في ارتفاع كبير لنسبة التضخم، لأن التجارة الدّولية تمتص الكميات الفائضة من الدّولارات المطبوعة دون أن يُقابلها إنتاج حقيقي… ربطت صفقة البترودولار الأمريكية – السعودية، قبل خمسة عُقُود، النظام النقدي العالمي بالوقود الأحفوري والقوة العسكرية الأمريكية، وأدّت إلى تزايد النفوذ الأمريكي والتدخلات العسكرية الإمبريالية، غير إن العقوبات المالية الأمريكية جعلت الصين وروسيا وإيران وبعض الدّول الأخرى تُحاول تداول المحروقات بعملات أخرى (غير الدّولار)، وأصبح موضوع استبدال الدّولار بعملات أخرى مطروحًا في مؤتمرات مجموعة بريكس وبعض المؤتمرات الإقليمية، ويتطلب إنجاز القطيعة مع صفقة البترودولار عُقُودًا وعزيمة سياسية وتعاونًا بين العديد من البلدان، لأن البترودولار ركيزة أساسية لنظام عالمي كامل من الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي ومنظومة التحويلات النّقدية، ولذلك تمت الإطاحة بالنظام العراقي واحتلال البلاد الغنية بالنفط بعد قرار الحكومة – سنة 2000 – بَيْع النّفط باليورو، بدل الدّولار، وتمت الإطاحة بالنظام الليبي واحتلال البلاد – الغنية بالنفط – وتقسيمها بعد اقتراح معمر القذافي إصدارعملة أفريقية مدعومة بالذهب. من جهة أخرى تدعم الإمبريالية الأمريكية الكيان الصهيوني، حليفها الرئيس في الوطن العربي، سياسيا وعسكريا واقتصاديا بفضل البترودولار ( حوالي 250 مليار دولارا بين 1959 و 2022) ودعم عسكري ضخم واستثنائي، منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، وبذلك يكون البترودولار (والمحروقات الخليجية ) قد عزّزَ نفوذ الولايات المتحدة والتفوق العسكري الصهيوني، ومَوَّل البترودولار الحرب في أوكرانيا، عبر الأسلحة التي يُرسلها المُجمّع الصناعي العسكري الأمريكي، ولولا مكانة الدولار كاحتياطي وقدرة الاحتياطي الفيدرالي على خلق أموالٍ يمتصها العالم، لما تمكّنت الإمبريالية الأمريكية من الحفاظ على هيمنتها ومن الإعتداء (مُباشرة أو بالوكالة) على شُعُوب وبلدان العالم، ولما تمكنت من نشر جيشها ومعدّاتها العسكرية في جميع القارات والبحار وفي أكثر من ثمانمائة قاعدة عسكرية حول العالم… لم يقتصر دونالد ترامب- خلال فترة رئاسته الثانية – على ابتزاز "عرب أمريكا" من صهاينة النّفط الخليجي، بل امتد التهديد إلى الشّركاء والحُلفاء من كندا والمكسيك إلى اليابان وكوريا الجنوبية، مرورًا بأوروبا، وتُبَيِّنُ الفقرة المُوالية ردّ رئيسة المكسيك، والفَرْق بين انحناء شُيُوخ الخليج وشُمُوخ الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم. الولايات المتحدة والمكسيك بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسًا ( للمرة الثانية) للولايات المتحدة، وقبل تنصيبه، هاجم، يوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، حكومة المكسيك بشأن "الهجرة والاتجار بالفنتانيل والتعريفات الجمركية"، وردّت كلوديا شينباوم، رئيسة المكسيك برسالة (أوائل كانون الأول/ديسمبر 2024) : "... إن تخصيص نسبة ضئيلة من الإنفاق الحربي للولايات المتحدة كفيل ببناء السلام وتعزيز التنمية، ومعالجة الأسباب الكامنة وراء تنقل العُمّال من بلدانهم – بدافع الضّرورة – إلى الولايات المتحدة، مرورًا بالمكسيك... " من جهة أخرى: " إن المكسيك لا تُنتج أسلحة، وإن 70% من الأسلحة غير المشروعة التي يتم الاستيلاء عليها من المجرمين في المكسيك تأتي من الولايات المتحدة (...) ولا يمكن التصدي للهجرة ولاستهلاك المخدرات في الولايات المتحدة من خلال التهديدات أو التعريفات الجمركية التي تُهدّد مشاريعنا المُشتركة وتُعرّضها للخطر، فمن بين المُصَدِّرِين الرّئِيِسِّيين من المكسيك إلى الولايات المتحدة شركات جنرال موتورز وستيلانتيس وفورد موتورز التي وصلت إلى المكسيك منذ 80 عامًا، وهي أول الشركات التي تُعَرِّضُها زيادة التعريفة الجمركية للخطر، فضلا عن التضخم وفقدان الوظائف في كل من الولايات المتحدة والمكسيك..." لمّا أصَرّ دونالد ترامب على رأيه وشَدّد اللهجة ( ضدّ كندا والمكسيك) رَدّت كلوديا شينباوم رئيسة المكسيك ( كانون الثاني/يناير 2025) : " ... قَرّرتُم بناء جدار، حسنًا، أيها الأمريكيون الأعزاء، حتى لو كنتم لا تفهمون الكثير عن الجغرافيا، حيث أن أمريكا بالنسبة لكم هي بلدكم وليست قارة، فمن المهم أن تكتشفوا أن هناك، خارج هذا الجدار سبعة مليارات شخص، لكن بما أنكم لا تعرفون حقًا مصطلح (أشخاص)، فسوف نسميهم (مستهلكين)، هناك سبعة مليارات مستهلك مستعدون لاستبدال أجهزة "آي فون" الخاصة بهم بأجهزة سامسونغ أو هواوي فورًا، كما يمكنهم استبدال ملابس "لِفِيسْ" ب"زارا" أو ديوتي ماسيمو، كما يُمكننا بسهولة، خلال أقل من ستة أشهر، التوقف عن شراء سيارات فورد أو شفروليه واستبدالها ب تويوتا أو كيا أو مازدا أو هوندا أو هيونداي أو فولفو أو سابورو أو رينو أو بي إم دبل يو، وهي أفضل من الناحية الفنّية من السيارات التي تنتجونها... يمكن لهؤلاء المليارات السبعة أيضًا التوقف عن الاشتراك في -dir-ect TV، كما يمكننا التوقف عن مشاهدة أفلام هوليوود والبدء في مشاهدة المزيد من إنتاجات أمريكا الجنوبية أو الأوروبية التي تتمتع بجودة ورسالة وتقنيات سينمائية ومحتوى أفضل، ويمكننا كذلك تخطي Disney والذهاب إلى منتزه Xcaret في كانكون أو المكسيك أو كندا أو أوروبا، فهناك وجهات ممتازة أخرى في أمريكا الجنوبية والشرق وأوروبا، ويوجد في المكسيك همبرغر أفضل من همبرغر McDonald s ويحتوي على محتوى غذائي أفضل. هل رأى أحد أهرامات في الولايات المتحدة؟ توجد في مصر والمكسيك وبيرو وغواتيمالا والسودان ودول أخرى، أهرامات ذات ثقافات لا تصدق... اكتشفوا أين توجد عجائب العالم القديم والحديث ... لا يوجد أي منها في الولايات المتحدة ... يا للأسف، لو وُجِدَت، كان ترامب سيشتريها ويبيعها ليحقق ربحًا من تجارتها ! نحن نعلم، على سبيل المثال، أنه إذا لم يشتر هؤلاء المليارات السبعة من (المستهلكين) منتجاتكم، فستكون هناك بطالة وسينهار اقتصادكم (داخل الجدار العنصري) لدرجة أنكم ستتوسلون إلينا لهدم الجدار المشؤوم الذي لم نُبادر نحن بإقامته، بل أنتم أردتم جدارًا، ستحصلون على جدار... مع خالص التقدير." انتهى الإقتباس الذي لا يحتاج تعليقًا. حَرْب الرُّسُوم الجمركية الرُّسُوم الجمركية هي ضرائب تفرضها الحكومات على السلع والخدمات المستوردة، يُسدّدها المُستورِد للدّولة، ثم يُضيفها إلى سعر بيع تلك المنتجات، مما يزيد من تكلفة المنتجات الأجنبية مقارنة بالبدائل المنتجة محليًا، وتستخدمها الدًّول لحماية الصناعات المحلية من المنافسة الأجنبية و لزيادة الإيرادات الحكومية ولمعالجة اختلالات الميزان التجاري... أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فَرْضَ رسوم جمركية مرتفعة على واردات التكنولوجيا والأدوية والسيارات والعديد من السلع الأخرى القادمة من عشرات الدول، بما فيها سلع الشركاء الرئيسيين ( كندا والمكسيك والإتحاد الأوروبي والصّين)، وقد ترتفع خسائر التجارة العالمية جراء ذلك إلى عشر تريليونات دولارا، ويدخل القرار حيّز التنفيذ، يوم الثاني من نيسان/ابريل 2025، بهدف إجبار الشركات العابرة للقارات على الإستثمار وإنتاج السّلع في الولايات المتحدة، غير إن بيانات الإحتياطي الإتحادي الأمريكي تُشير إلى التّداعيات السّلبية لهذه الإجراءات من ذلك خَفْض تَوَقُّعَات النُّمُوّ من 2,1% خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2024 إلى 1,7% يوم 19 آذار/مارس 2025، ورفع تقديرات التّضخّم من 2,5% خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2024 إلى 2,8% خلال شهر آذار/مارس 2025، واحتمال حدوث "الرُكود التّضخّمي" للإقتصاد الأمريكي ( أي ارتفاع التّضخّم مع تباطؤ النمو)، بفعل زيادة الرّسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على شركاء تجاريين رئيسيين للولايات المتحدة مما يُؤدّي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات وتقليص إنفاق المستهلكين، دون ضمان تحقيق الأهداف المُعْلَنَة لدونالد ترامب، ومن ضمنها: تشجيع الإنتاج المحلي واستثمار الشركات في الولايات المتحدة التي استثمرت في الخارج بسبب انخفاض تكاليف الإنتاج، وتُصدّر هذه الشركات الأمريكية معظم إنتاجها إلى الولايات المتحدة حيث يشتري المستهلك الأمريكي هذه المنتجات بأسعار رخيصة وقد تُؤَدِّي زيادة الرُّسُوم الجمركية إلى ارتفاع أسعار المستهلك ومبيعات التجزئة... رَدّ شُركاء الولايات المتحدة بالمِثْل، فقد أعلنت الصين وكندا والإتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية على مجموعة من السلع والمنتجات الزراعية الأمريكية، بينما بقيت منظمة التجارة العالمية - التي تم تأسيسها بدلا من الإتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة "غات" سنة 1995 بدعم من الولايات المتحدة وأوروبا – في حالة غيبوبة، ولم تُؤَدِّ دَوْرَها المُتمثّل في "ضمان تعزيز بيئة مفتوحة للتجارة العالمية، وتوفير منصة للحوار ولتسوية النزاعات الاقتصادية" وفق المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، غيرإن دونالد ترامب ( وسُلطات الولايات المتحدة عمومًا ) لا تهتم باحترام المؤسسات الدّولية وفي مقدّمتها منظمات الأمم المتحدة، ولا قواعد السياسات أو الإتفاقيات الدّولية، وتتصرّف السلطات الأمريكية وكأنها السّلْطة العُليا للعالم، دون مراقبة أو مُحاسبة أو نقاش أو تشَاوُر مع الدّوَل الأُخْرى، فقد تجاهلت إدارة الرئيس جوزيف بايدن تحكيم منظمة التجارة العالمية الذي أشار إلى تَعَارُضِ التعريفات الجمركية التي فرضها سَلَفُه ( دونالد ترامب خلال فترة رئاسته الأولى) على الصلب والألومنيوم سنة 2018، لأن الولايات المتحدة أصبحت ( منذ انضمام الصين سنة 2001) تعتبر إن منظمة التجارة العالمية عاجزة عن حل المشاكل التي تواجهها مع الصين التي قدّمت حكومتها شكوى ضدّ "انتهاك قواعد التجارة الدّولية من قِبَل الولايات المتحدة"... زيادة التّفاوت والدُّيُون والإنعزال يتناقض مفهوم الدّيمقراطية الحقيقية مع تركيز الثروة في أيدي قلة من الناس، لأن عدم المُساواة في الدّخل وسُبُل العيش يعزّز سيطرة الأقلِّيّة الثّرِيّة على الأغلبية الفقيرة، وهذا ما يحصل في الدّول الرأسمالية وبالأخص في الولايات المتحدة حيث يُسيْطِر حوالي 10% من الأثْرياء على أدوات السُّلْطة الإقتصادية وعلى سُلْطة القرار السّياسي، بالتوازي مع توسّع الفجوة بين الأقلية الثّريّة والأغلبية المتوسطة والفقيرة، إذ لا يرتفع الحد الأدنى للرواتب الإتحادية سوى بمعدّل مرة واحدة كل 15 سنة، مما زاد من تعميق الفجوة بين رواتب الرؤساء والمُديرين والكوادر ورواتب العمال وصغار الموظفين، ففي سنة 1965، كان متوسط الأجر أجر الرؤساء التنفيذيين للشركات يُعادل أُجور 21 عامل وتعمقت الفجوة سنة 2021 ليُعادل أجر الرئيس التنفيذي أُجُورَ حوالي أربعمائة عامل، ويستحوذ 10% من الأثرياء على نحو 50% من الإنفاق الإستهلاكي، ويتمتعون بالإعفاء الضّريبي، مما يُؤَدِّي إلى زيادة التّفَاوُت في الثروة، ففي سنة 2023، كان أغنى ثلاثة من أصحاب المليارات الأميركيين يمتلكون ثروة شخصية أكبر من تلك التي يمتلكها أفقر 50% من السكان، ويمتلك أغنى 10% من الأسر الأميركية نحو ثلثي إجمالي الثروة، وهو ضعف ما يمتلكه 90% من السكان، ولا يمتلك 50% من السكان سوى 3% فقط من إجمالي الثروة... يُسيطر الأثرياء كذلك على أجهزة السّلْطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وعلى وسائل الإعلام، من خلال دعم المُرَشَّحين وتمويل الحملات الإنتخابية، ليمتدّ تأثيرهم إلى تشكيل الحكومة وإلى تصميم السياسات الدّاخلية والخارجية، ويُجسّد دونالد ترامب هيمنة الأثرياء كما يُمثل البذاءة والوقاحة والصّلَف، إزاء المواطنين الأمريكيين وإزاء حُكّام ومواطني العالم... بالمُقابل فإن الدّولة الأمريكية عالة على مواطنيها وعلى العالم، حيث يُقدّر الناتج المحلي الإجمالي بنحو 29,809 تريليون دولار وبلغ حجم الدّيْن القومي الأميركي نحو 36,6 تريليون دولار ( 107,019 دولارا لكل مواطن أمريكي)، أي إن الدّين بلغ 123% من الناتج المحلي الإجمالي، خلال شهر آذار/مارس 2025، فيما يبلغ العجز المالي للحكومة الإتحادية تريليُونَيْ دولار أو 6,7% من الناتج المحلي الإجمالي، وتجدر الإشارة إن صندوق النّقد الدّولي يفرض على الدّوَل المقترضة أن لا يتجاوز العجز العام السنوي 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن لا يتجاوز الدَّيْن العام 60% من الناتج المحلي الإجمالي، وبدل زيادة الضريبة على الثروات وعلى أموال الرّيع والمُضاربة، أقر مجلس النواب الأمريكي تخفيضات ضريبية بقيمة 4,5 تريليون دولار، وخفض الإنفاق الحكومي بتريليونَيْ دولار على مدى العقد المقبل، من 2025 إلى 2034... تعمَّقَ العجز المالي الحكومي خلال أزمة الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري ( 2008 و2009 ) حيث انتهجت حكومة الولايات المتحدة سياسة زيادة العجز في الميزانية وأقَرّ مصرف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سياسة "التّيْسِير الكمي" أي توزيع المال العام على المصارف والشركات الكبرى والأثرياء بفائدة ضعيفة جدًّا أو بدون فائدة، ولم يتم استثمار تلك الأموال في الصناعة أو القطاعات الإنتاجية بل في البورصة والمُضاربة بالأسهم، وأدّى العجز في الموازنة إلى زيادة الاقتراض الحكومي وزيادة الدين الوطني، وإصدار سندات خزانة إضافية، مما رَفَع عجز الموازنة الأميركية من نحو 1,9 تريليون دولار سنة 2009 إلى ثلاث تريليونات دولارا سنة 2020، بينما انتعشت أسواق الأسهم وارتفع متوسط أرباحها من 20,4% قبل وباء كوفيد إلى 36,8% بنهاية 2024... تنصّلت الحكومة المركزية الأميركية منذ عُقود من مسؤولية مساعدة العمال النازحين بعد إغلاق المصانع، ومساعدة سُكّان المناطق الفقيرة، ومن مسؤولية الإنفاق على البنية الأساسية والرعاية الصحية وبرامج المساعدة الاجتماعية، مقابل زيادة الإنفاق على الحروب وعلى صيانة أكثر من 800 قاعدة عسكرية في الخارج، لتبرير كذبة "مكافحة الإرهاب" أو "إعادة العَظَمَة إلى أمريكا" وتهديد معظم دول العالم وفَرْض الحصار و "العُقُوبات" والرُّسُوم الجُمريكية الإضافية على السّلع المُستورَدَة ( بما في ذلك من كندا والمكسيك التي ترتبط – مع الولايات المتحدة – باتفاقية تجارة حُرّة تمّت مُراجعتها سنة 2020، من قِبَل دونالد ترامب نفسه)، مما يرفع أسعارها في السّوق الدّاخلية الأمريكية، في غياب بديل مَحلِّي لها وفي ظل رُكُود أو انخفاض قيمة الدّخل الحقيقي للأُسَر، وخصوصًا الأشدّ فقرًا، مما قد يُؤَدِّ إلى تباطؤ النشاط الإقتصادي وارتفاع الأسعار، أو "الرُّكُود التّضخُّمِي". تحولات الإقتصاد الأمريكي خالف الرئيس دونالد ترامب القاعدة التي فَرَضَتْها الولايات المتحدة بنهاية الحرب العالمية الثانية وتتمثل في فَرْض اقتصاد السوق الحر والتكامل الاقتصادي الدولي، وسيادة النّظام الرّأسمالي العالمي في مقابل الإتحاد السوفييتي والدّول الإشتراكية، ويتمثل النّهج الجديد للولايات المتحدة - الذي بدأ قبل سنوات، وعَزَّزَهُ دونالد ترامب – في حماية الشركات ذات المَن~شأ الأمريكي وحمايتها من منافسة الشركات الأجنبية بواسطة زيادة الرُّسُوم الجمركية على الواردات، مع زيادة نُفُوذ الشركات الأمريكية الكبرى، وتقليص دور الدولة في الاقتصاد لصالح قوى الأوليغارشية الاقتصادية (شكل من أشكال الحكم بحيث تكون السلطة محصورة بيد فئة صغيرة تتميز في هذه الحالة بالمال)، وبذلك تم تفكيك القواعد التي قامت عليها منظمة التجارة العالمية والرأسمالية الليبرالية، وفرضت قواعد جديدة تضع مصلحة الولايات المتحدة فوق أي اعتبارات أخرى. في الدّاخل أعادت إدارة دونالد ترامب هيكلة الدولة ومؤسساتها الاقتصادية والأمنية، بذريعة اجتثاث الفساد والعجز البيروقراطي الذي أصابها، وبذلك تمت خصخصة هياكل ومؤسسات الدّولة لصالح الشركات الكبرى الذي تضخّم دورها في إدارة الحكومة، بواسطة الأثرياء من رجال الأعمال الذي مَوَّلُوا الحملة الإنتخابية لدونالد ترامب، واحتلوا – بعد انتخابه - مناصب حكومية حساسة ومُؤثِّرَة في صُنْع القرار، وأهم هؤلاء "إيلون ماسك" وشركاته الضخمة مثل "تسلا" و"سبيس إكس" مما مكّنه من تحقيق مكاسب اقتصادية وإستراتيجية غير مسبوقة، في إطار سيطرة قلة من الأثرياء على القرار الاقتصادي والسياسي الأمريكي إلى جانب المنصّات التي تُدير الأسواق عبر شركات تكنولوجية عملاقة مثل أمازون وغوغل، مما يؤدي إلى احتكار الاقتصاد، وإزاحة البيروقراطية التقليدية ومراكز البحوث والدّراسات لتحل محلها فئة من الأثرياء المناهضين ل"القيود التنظيمية الحديثة" ويريدون إعادة تعريف دور الحكومة بما يخدم مصالحهم المباشرة، وإعادة هيكلة الرأسمالية الأمريكية وإعادة توزيع السّلْطة والثروة تحت شعار "لنجعل أمريكا عظيمة من جديد" ( Make America Great Again - MAGA )، وبذلك تُصْبِح الدّولة أكثر انحيازًا لفئة ضيّقة من الأثرياء... في هذا الإطار، دشن دونالد ترامب الفترة الثانية لرئاسته بفرض رُسُوم جمركية باهظة على الواردات من كندا والمكسيك والإتحاد الأوروبي والصين، بهدف تعزيز أرباح الشركات الأميركية الكبرى، ولو أدّى ذلك إلى ارتفاع أسعار السلع الإستهلاكية وزيادة تكاليف المعيشة وإلى خسارة آلاف الوظائف في قطاع الصناعة... لا يقتصر انحياز الدّولة ( مُمثّلة بالرئيس ومُستشاريه ووزرائه) على الدّاخل الأمريكي لصالح الشركات الكبرى، بل يتعدّاها إلى نَهْب ثروات البلدان الأخرى ( معادن أوكرانيا ونفط الخليج وأرض وبحر غزة الفلسطينية...) مما قد يُوسّع الفجوة بين الأثرياء والفُقراء داخل الولايات الأمريكية وبين الدّول الغنية والبُلدان الفقيرة باستخدام التهديد العسكري والنفوذ المالي ومِنصّات التكنولوجيا التي تُدير الأسواق المالية وأسواق المواد الخام والعملات المُشَفّرة... نشرت وكالة بلومبرغ (المملوكة للملياردير الذي يحمل نفس الإسم ) تقريرًا يُشكّك في نجاعة مُخطّطات دونالد ترامب الذي يتعلّل بالدّمار الكبير الذي لحق بالإقتصاد الأمريكي خلال السنوات الأربعة السابقة ( فترة رئاسة جوزيف بايدن) ويُشير تقرير "بلومبرغ إلى " ارتباط المخاطر الاقتصادية المتزايدة - من تباطؤ النمو إلى احتمالات الركود وحتى الركود التضخمي- بسياسات ترامب نفسها، وتحديدا موجة الرسوم الجمركية الجديدة التي يُفترض أن تبدأ في الثاني من نيسان/ابريل 2025..."، ويعتبر التقرير إن زيادة الرسوم الجمركية العشوائية، تُؤدّي إلى تراجع ثقة المستهلكين، وإلى ارتفاع الأسعار ونسبة التّضخّم، فيما خسرت بورصة وول ستريت حوالي خمسة تريليونات دولارا خلال فترة قصيرة، وتأثرت شركات إيلون ماسك بهذه الخسائر، وبالأخص شركة تيسلا للسيارات الكهربائية، وأعلن رئيس الإحتياطي الفيدرالي ( جيروم باول) "إن الرسوم الجمركية قد تعرقل جهود السيطرة على التضخم الذي بدأ التضخم بالارتفاع" كما ظهرت بوادر التباطؤ الاقتصادي وضُعْف مؤشرات الإنفاق الاستهلاكي ومبيعات التجزئة، فيما ينْصَبُّ اهتمام دونالد ترامب ومستشاريه على إقرار تخفيضات ضريبية جديدة لضرائب الشركات، وقد تشمل إعفاءات على الدخل الإضافي، وعلى الحوافز والمكافآت ومدفوعات الضمان الاجتماعي... عن وكالَتَيْ رويترز و بلومبرغ 21 و 22/03/2025 برنامج أمريكي ل"الإصلاح الهيكلي" لاقتصاد العالم أعلن دونالد ترامب فَوْرَ انتخابه تنظيم تَحَوُّل واسع النطاق للنظام المالي الدولي – تُسدّد ثمنه الدّوَل الأخرى - من أجل خفض قيمة الدولار، وإعادة تصنيع الولايات المتحدة، وامتصاص العجز الأميركي المُسْتَمِرّ ( موقع نيويورك تايمز بتاريخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2024)، وصرّح دونالد ترامب، يوم السابع من كانون الثاني/يناير 2025، أي قبل تنصيبه ( يوم 20 كانون الثاني/يناير 2025) بأنه مستعد للاستيلاء على قناة بنما وغرينلاند بالقوة، ولم يتوقف أبدًا عن مهاجمة المنافسين والخصوم والحُلفاء مما يُعيد إلى الأذهان صورة الغزوات الإستعمارية خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وإعادة النّظر في الوضع الذي كان قائمًا بين نهاية الحرب العالمية الثانية ( 1945) وانهيار الإتحاد السوفييتي ( 1991) ويريد دونالد ترامب ( رمز أحد وجوه الإمبريالية الأمريكية) إعادة تشكيل النظام الرأسمالي الدولي، وتحميل دول العالم عِبْء الدّيون والأزمة الأمريكية، بالإعتماد على القوة العسكرية وعلى هيمنة الدّولار على المبادلات التجارية والتّحويلات المالية وعلى احتياطيات المصارف المركزية، ولكي يُحافظ الدّولار على مكانته المُهَيْمِنَة التي تسمح بتمويل العجز الأمريكي المُزْمِن، هدّدَ دونالد ترامب أي دولة تريد التخلص من هيمنة العملة الأميركية في التجارة الدولية بعقوبات فظيعة، فيما يُخطّط مُستشاروه لإعادة هيكلة التجارة الدّولية ولإعادة تنظيم النظام المالي الدولي لصالح الولايات المتحدة وحدها، وفَنّد راغورامان راجان، كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي ادّعاءات دونالد ترامب والمُقَرَّبِين منه، فكتب " إن عجز الميزانية والعجز التجاري الأمريكي ظَلَّا ثَابِتَيْنِ منذ ستينيات القرن العشرين، حيث استخدمت الولايات المتحدة امتيازها الباهظ للحُصُول على التمويل من بقية العالم... إذا كان الطلب الزائد على الأصول المالية الأميركية يمثل مشكلة حقيقية، فإن الكونغرس سوف يضطر ببساطة إلى خفض العجز وبالتالي إصدار عدد أقل من سندات الخزانة... إذا كان الطلب على الأصول المالية الأميركية مرتفعاً إلى هذا الحد، فإن أسعار الفائدة على الديون الأميركية ينبغي أن تكون أقل كثيراً..." ( صحيفة "لوموند" الفرنسية بتاريخ 20 آذار/مارس 2025). أما ادّعاء دونالد ترامب "إن قُوّةَ أو ضُعْفَ التصنيع في الولايات المتحدة ترتبط فقط بقيمة الدولار، وإن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تدفع مثل هذا الثمن المرتفع " فهو ادّعاء كاذب، لأن الولايات المتحدة والدّول الصناعية الكُبرى ( الدّول الإمبريالية) استفادت من قواعد التّجارة الحُرّة التي فَرَضَتْها على العالم، ونَقَلت الصناعات المُلَوِّثَة وذات القيمة الزائدة المنخفضة والتي تتطلب عمالة كثيفة ورخيصة ( بعض الإلكترونية والصناعات الكيماوية والمنسوجات وصناعة الجلْد وغيرها) إلى الدول التي تتوفر بها المواد الأولية والتي لا تطبق نفس المعايير المالية والاجتماعية والبيئية، خصوصًا بعد انضمام الصّين إلى منظمة التجارة العالمية سنة 2001، بحثًا عن الرّبح الوفير للشركات العابرة للقارات ولِتمكين الفُقراء وذوي الدّخل المنخفض في الدّول الرأسمالية المتطورة من استهلاك الحدّ الأدنى من السلع الرخيصة، وأدّى هذا التحول ( في ظل سيادة النّيُوليبرالية) إلى تفكك الجهاز الإنتاجي وانخفاض حجم وظائف القطاع الصناعي في الدّول الرأسمالية المتطورة، وخصوصا الولايات المتحدة وأوروبا، وفق تقرير حديث لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ولذلك فلا ارتباط بين "المُبالغة في تقييم قيمة الدّولار" وانخفاض حجم الوظائف الصناعية في الولايات المتحدة، ولا يكمن "الحلّ السّحري" في زيادة الرُّسُوم الجمركية "لمُعالَجَة الإختلالات التجارية والمالية والنقدية، "لأن الوصول إلى السوق الأميركية هو امتياز يجب اكتسابه وليس حقاً (... ولأن) الدول التي تريد أن تكون تحت مظلة الدفاع الأمريكي يجب أن تكون أيضاً تحت مظلة التجارة العادلة " (وفق التّأويل الأمريكي ل"التجارة العادلة") كما يدّعي أحد المُستشارين المُقَرَّبين من دونالد ترامب الذي دعا الدول التي تقع تحت "مظلة الدفاع الأميركي" ( أوروبا والخليج واليابان وكوريا...) تمويل العجز الأمريكي من خلال شراء سندات الخزانة الأميركية، وتحويل احتياطياتها من الدولار في المصارف المركزية إلى ديون دائمة، وسوف تتعرض الدول التي ترفض تمويل العجز الأميركي لرسوم جمركية باهظة، وبذلك يتحمل الشركاء التجاريون للولايات المتحدة عبء ثغرات الإقتصاد الأمريكي، وتنتقل مخاطر أسعار الفائدة من دافعي الضرائب الأميركيين إلى دافعي الضرائب الأجانب، وفق مُذكّرة بعنوان "دليل المستخدم لإعادة هيكلة النظام التجاري العالمي" كتبها الخبير الإقتصادي ستيفن ميران، رئيس مجلس المستشارين الإقتصاديين لدونالد ترامب، منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2024 لماذا تحرص الولايات المتحدة ( إدارة الرئيس دونالد ترامب والإدارات السابقة) على إبقاء الدولار كعملة احتياطية دولية وحيدة، إلى حد تهديد كل من يريد الاستغناء عنه، إذا كان ذلك يُشكّل عِبْئًا؟ إن هيمنة الدّولار هي إحدى ركائز القُوّة الأمريكية التي تستخدمه كسلاح، وتُهدّد الولايات المتحدة بشكل مُسبق ("وِقائي") الدّول التي تبحث عن بدائل للدولار لأن نهاية هيمنة الدّولار تَعْنِي بداية انهيار الإمبريالية الأمريكية... يُمكن وضع حدٍّ لهيمنة الولايات المتحدة بإنشاء تكتّلات إقليمية أو قارِّيّة أو تكتلات منتجي المواد الأولية وتنسيق عمل النقابات العمالية لمقاومة رأس المال الإحتكاري الذي تضخّم حتى أصبح لا يُقيم وزنًا للعمال وللفقراء وللشعوب التي يسحقها لتضخيم أرباحه، ولكننا لا نزال بَعيدِين عن التّكتّل والإتحاد، ما دام الشعب الفلسطيني يتعرض للإبادة منذ سنة ونصف بتنفيذ صهيوني ودعم عسكري وسياسي وإعلامي امبريالي، في ظل الصمت أو المُشاركة الضّمْنِية للأنظمة العربية، ولذلك فإن مُقاومة رأس المال والإمبريالية الأمريكية تبدأ من غزّة وجنين وصنعاء وحَلب وبنت جبيل، ومن أحياء الفُقراء في نيويورك أو لندن ومن مصانع السيارات أو النّسيج أو الحواسيب والهواتف، ومن حقول ومصافي النّفط ...
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متابعات – العدد السّادس عشر بعد المائة بتاريخ الثّاني والعشر
...
-
السُّجُون الأمريكية - قطاع اقتصادي مُرْبِح
-
عرض شريط -فتْيان النِّيكل- ( Nickel Boys ) للمخرج -راميل روس
...
-
ملامح الإقتصاد الأمريكي سنة 2025
-
ذكرى وفاة كارل ماركس ( وُلد يوم الخامس من أيار 1818 وتوفي يو
...
-
متابعات – العدد الخامس عشر بعد المائة بتاريخ الخامس عشر من آ
...
-
تونس بين خطاب -الإستقلالية- واستمرار واقع التّبَعِيّة
-
الحركات النسوية ومسألة الإنتماء الطبقي
-
متابعات – العدد الرّابع عشر بعد المائة بتاريخ الثامن من آذار
...
-
حرب اقتصادية تَقُودُها الدّولة
-
بعض مفاهيم الإقتصاد السياسي
-
موقع الهند في منظومة الهيمنة الأمريكية – الجزء الثاني
-
موقع الهند في منظومة الهيمنة الأمريكية – الجزء الأول
-
متابعات – العدد الثّالث عشر بعد المائة بتاريخ الأول من آذار/
...
-
ثقافة تقدّمية: هاياو ميازاكي، مُبدع الرُّسُوم المُتحركة
-
تبديد أوهام القروض الصغيرة للفُقراء
-
بانوراما الإنتخابات في ألمانيا
-
فلسطين - تواطؤ أمريكي مُباشر
-
متابعات – العدد الثّاني عشر بعد المائة بتاريخ الثّاني والعشر
...
-
فخ الدُّيُون الخارجية- نموذج سريلانكا في ظلِّ سُلْطة -اليسار
...
المزيد.....
-
سرايا القدس تعلن إطلاق رشقة صاروخية على مستوطنات غلاف غزة
-
مشادات كلامية بين نتنياهو ونواب المعارضة أثناء كلمته في الكن
...
-
روسيا تطور درونات لتدمير المروحيات العسكرية والطائرات المسيّ
...
-
لأول مرة، عيادة بريطانية تستخدم الذكاء الاصطناعي لمعاينة الم
...
-
إسرائيل تطلق سراح مخرج فلسطيني حائز على جائزة أوسكار
-
رئيس وزراء كوسوفو يقع في فخ مخادعين روسيين ويفضح ما يحضره ال
...
-
مجلة -وايرد-: إدارة ترامب تتجه لإقالة مجموعة من العلماء في م
...
-
مكتب نتنياهو ينفي تلقية أي تحذير بشأن -الأموال القطرية-
-
موسكو تعلق على توقيف مولدوفا لرئيسة غاغاوزيا
-
-تجربة أولية-.. قناة إسرائيلية تتحدث عن ذهاب دفعة من الغزيين
...
المزيد.....
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
المزيد.....
|