|
وأد الديمقراطية في تركيا
سربست مصطفى رشيد اميدي
الحوار المتمدن-العدد: 8290 - 2025 / 3 / 23 - 13:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يرجع بروزالاسلام السياسي الاخواني في تركيا الى بداية سبعينات القرن الماضي، لكن الصعود المنظم له يعود الى تسعينات القرن الماضي بعد تمكن حزب الرفاه الاسلامي بزعامة السيد (نجم الدين اربكان) الاب الروحي للاسلام السياسي في تركيا، من الحصول على 400 رئيس بلدية كبرى ومدينة في الانتخابات المحلية لسنة 1994. حيث مهد ذلك لبزوغ نجم حزب الرفاه وزعيمها اربكان بالفوز باعلى عدد من المقاعد وهو 158 مقعدا في البرلمان التركي سنة 1995، مكنت السيد نجم الدين من تشكيل الحكومة في حزيران 1996 بالتعاون مع حزب الطريق القويم (دوغريول) بزعامة السيدة تانسو تشيلر. لكن هذه الحكومة لم تدم طويلا حيث تم ابعاد رئيس الحكومة بضغط العسكر في 30/6/1997، وبعد ذلك قررت المحكمة الدستورية في سنة 1998 حل حزب الرفاه الاسلامي ومنع السيد نجم الدين اربكان من ممارسة العمل السياسية لمدة خمس سنوات، مما دعى اعضاء البرلمان ورؤساء البلديات لحزب الرفاه للانضمام الى حزب الفضيلة الذي تشكل بمسعى من نجم الدين ومن قبل حلفاء له. اما السيد رجب طيب اردوغان رئيس بلدية اسطنبول في حينه فقد زج في السجن، والذي كان قد انضم ايضا الى حزب الفضيلة. وبعد ذلك تم حل حزب الفضيلة ايضا من قبل المحكمة الدستورية، فتم تشكيل حزب السعادة بزعامة (محمد رجائي كوتان) وحزب العدالة والتنمية بزعامة (رجب طيب اردوغان). حيث صعد نجمه باستمرار لانه كان يدعو الى الوسطية والاعتدال ولم يعمل كحزب اسلامي عقائدي بل كحزب مدني ديمقراطي معتدل، يحترم حريات ومعتقدات ابناء تركيا، وكان يصر على انه يؤمن ويعمل على نشر اليات العمل الديمقراطي، ويعمل على تنمية تركيا، مما كان سببا في اكتساح نتائج الانتخابات البرلمانية سنة 2002. حيث فاز ب363 مقعدا من مجموع مقاعد مجلس الامة الكبير وعدده 550 مقعدا، لان المواطن التركي كان قد قرر معاقبة الاحزاب التركية القديمة والتي توالت على حكم تركيا مثل (انا وطن) (ANAP ) بزعامة مسعود يلماز وحزب (دوغريول) بزعامة تانسو تشيلر وحزب (اليسار الديمقراطي) بزعامة بولاند أجاويد وأيضا الحزب الديمقراطي التركي (DYP ) من المنافسة السياسية بشكل نهائي حيث بقي فقط حزب الشعب الجمهوري بزعامة دينيز بايكال في المنافسة السياسية والانتخابية. وهكذا ومنذ ذلك التاريخ فقد سيطر حزب العدالة والتنمية على مقاليد الحكم في تركيا، حيث كان لهذا الحزب العديد من الاصلاحات الاقتصادية والسياسية في البلد وتم تقديم مئات المشاريع الاقتصادية العملاقة منذ أن كان السيد رجب طيب أردوغان رئيسا لبلدية أسطنبول وأيضا بعد أن أصبح رئيسا للوزراء لاحقا. بدءأ من مشروع زرع مليون شجرة في أسطنبول ومرورا بشق وتعبيد الطرق وأقامة عشرات المشاريع العمرانية وتحسين البنية التحتية للاقتصاد التركي وصولا الى أنشاء المرافق السياحية، بحيث أدى ذلك الى أكتساب الليرة التركية لقوة شرائية ونقدية قوية أمام العملات الاجنبية، وتحقيق قفزة في الاقتصاد التركي، وتحسن مستوى الدخل السنوي للمواطن التركي، وبقي في سدة الحكم باستمرار لحد الان ويحقق نتائج انتخابية جيدة. لكن اي حزب عقائدي اسلامي اخواني لا يستطيع الاستمرا في ادعائه بتنبي اطر العمل والفكر الديمقراطي، وفي مقدمتها حرية التعبير عن الراي بالطرق المختلفة، والتعايش السلمي بين الاديان والقوميات، وقبول احتمال الفوز والخسارة في الانتخابات، وعدم استخدام مقدرات الدولة لصالح حزبه وشخصه وعائلته، واضفاء الصبغة الدينية وذو اللون الواحد على اليات التوظيف والاعلام. حيث بدأ حزب العدالة بالتعبير والعمل وفق توجهاته الاسلامية القومية، بخطوات عملية بدءا بالسماح بارتداء الحجاب في الجامعات ومؤسسات الدولة ووسائل الاعلام، واعادة المدارس الدينية، وتعيين عشرة الاف امام جامع وارسالهم للمناطق الكردية، وبناء 173 سجنا جديدا في عموم تركيا، والعمل على اخضاع الجيش وبيروقراطية الدولة لحزبه، من خلال احالة عشرات الالاف للتقاعد، وعدم تعيين اي موظف في منصب اداري او في الجيش الا من خلال تزكية حزب العدالة والتنمية. وكان قرار بناء مسجد في حديقة غيزي قرب ساحة تقسيم الشهيرة في إسطنبول في أواخر ايار 2013، التعبير الاوضح لعودة حزب العدالة الى اصولة العقائدية الاسلامية، حيث بدأت المظاهرات ضد هذا القرار التي كانت هذه الاحتجاجات قد بدأت كحركة بيئية ضد إزالة الحديقة، ثم تحولت الى مظاهرات واسعة ضد سياسات الحكومة، وشملت مطالب أوسع تتعلق بالحريات والديمقراطية. ومن ثم جاء رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاستمرار في عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني (PKK) بعد انهيار الهدنة التي استمرت من عام 2013 إلى 2015. حيث استؤنفت العمليات العسكرية بين الجيش التركي والمقاتلين الأكراد في تموز 2015 بعد تفجير سوروج، الذي اتُهمت داعش بتنفيذه، لكنه أدى إلى تصعيد العنف بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني. وفي اب 2015، وخلال خطاب له في قصر دولمة بهجة بإسطنبول، أعلن أردوغان عمليًا نهاية عملية السلام، وانتقد الاتفاق الذي توصل إليه مسؤولون حكوميون سابقون مع الأكراد، مؤكدًا أنه لن يعترف به. واعلن في تشرين الاول 2015، خلال تجمع انتخابي في منطقة بلدية ريزة (مسقط رأسه)، مزّق أردوغان ورقة قال إنها تمثل "وثيقة اتفاق السلام"، مشددًا على أن الدولة التركية لن تتفاوض مع (الإرهابيين). كل ذلك ادت الى انخفاض شعبية حزب العدالة بشكل تدريجي مما اضطر للتحالف مع حزب الحركة القومية برئاسة دولت باغجلي منذ سنة 2016 وذلك بعد انهيار مفاوضات السلام مع حزب العمال الكردستاني (PKK) في 2015، وحاجة أردوغان إلى الخطاب القومي لكسب تأييد القوميين المتشددين. والحركة القومية معروفة بعدائها الشديد للقضية الكردية، مما جعلها شريكًا طبيعيًا بعد تخلي أردوغان عن نهج المصالحة. وكذلك الحاجة إلى دعم حزب الحركة القومية في البرلمان للسيد رجب طيب اردوغان لتعديل الدستور وتحويل النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي في عملية الاستفتاء الدستوري في 16 نيسان 2017، وأسفر الاستفتاء عن الموافقة على التعديلات بنسبة 51.4% من الأصوات، اي نجح بفارق ضئيل. ثم تكرس هذا التحالف في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية 2018، حيث شكّل حزب العدالة والتنمية والحركة القومية "تحالف الشعب"، مما ضمن لأردوغان الأغلبية البرلمانية والفوز بالرئاسة في ظل النظام الجديد. فقد كان ولا زال السيد رجب طيب اردوغان يحتاج ا إلى حليف سياسي قوي بعد تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية، فأصبح دعم حزب الحركة القومية ضروريًا للحفاظ على السلطة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية. وذلك لان موضوع الفوز في الانتخابات من قبل حزب العدالة والتنمية في الانتخابات خاصة بعد 2016 لا تتم بيسر وسهولة، حيث ان الكثير خاصة في خارج تركيا، وبالاخص في الدول العربية التي لاينقل اعلامها تغطية الانتخابات التركية من جميع جوانبها، بل تنقل وجهة نظر الحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية فقط، حيث ان هنالك عمليات تزورير منظمة من قبل الحكومة التركية ويتم التغطية لها من قبل اللجنة العليا للانتخابات ووزارة العدل. مثلا في 24/6/2018 جرت انتخابات رئيس الجمهورية ومجلس النواب في تركيا، هذه الانتخابات التي أسست لوضع دستوري جديد وهو التحول الى النظام الرئاسي بدل النظام البرلماني الذي كان متبعا في تركيا. وعلى الرغم من وجود ادعاءات ودلاءل بالتزوير نشرت في وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، بدأت باعادة انتشار وتوزيع مراكز الاقتراع في المحافظات الكردستانية بنقلها من قرى وارياف المحافظات تلك الى مراكز قريبة من تجمع القوات التركية حتى تستطيع السيطرة عليها والتصويت لصالح حزب العدالة والتنمية ولصالح الرئيس رجب طيب اردوغان، وايضا انهاء عملية الاقتراع في العديد من المراكز قبل الساعة الثانية ظهرا بعد انتهاء مؤيدي حزب العدالة والسيد اردوغان من التصويت وعدم السماح للناخبين الباقين من الكرد بالتصويت لصالح (حزب الشعوب الديمقراطية) (HDP). ورصد حالات التصويت بالانابة في الكثير من مراكز الاقتراع في عدد من المحافظات، وعدم احتساب الكثير من الاوراق المؤشرة لصالح السيد (صلاح الدين دميرتاش) احد المرشحين المنافسين على رئاسة الجمهورية ومرشحين اخرين والقاءها في حاويات القمامة، وتسجيل العديد من الخروقات الانتخابية في الكثير من المحافظات التركية وخاصة محافظتي (ارضروم) و(أورفا)، وقبلها جميعا وجود مرشح لرئاسة الجمهورية (صلاح الدين دميرتاش) وعدم امكانيته من تنظيم اية دعاية انتخابية له. علما انه تمخض عن هذه النتائج فوز السيد رجب طيب اردوغان وايضا زيادة وتركيز جميع الصلاحيات بيده وفي مقدمتها عدم بقاء منصب رئيس الوزراء، وعدم مسؤولية الوزراء امام مجلس النواب بل امام رئيس الجمهورية، واختصاصه حتى في تعيين اعضاء المحكمة الدستورية العليا وهذه على سبيل المثال لا الحصر. وان الدستور التركي بعد تعديله قد اعد ليكون السيد اردوغان بمثابة دكتاتور على طراز سلاطين الدولة العثمانية. وقد بدى ان حزب الشعب الجمهوري (CHP) باعتباره حزب المعارضة الرئيسي في تركيا قد اعاد تنظيم صفوفه، واستعاد جزء من جمهوره وتاييده، وبدى ذلك واضحا في الانتخابات البلدية سنة 2019، عندما حقق حزب الشعب الجمهوري فوزا كبيرا حيث استطاع من انتزاع رئاستي بلديتي اسطنبول الكبرى وانقرة من حزب العدالة والتنمية، وتكرر هذا النجاح في االانتخابات البرلمانية سنة 2023 عندما حصل كل من حزب الشعب الجمهوري على 169 مقعد وحزب اليسار الاخضر على 62 مقعدا. اما في انتخابات سنة 2024 البلدية فقد كانت ضربة قوية لحزب العدالة والتمنية وحليفه حزب الحركة القومية حيث بزيادة عدد البلديات في المدن الكبرى والمحافظات والاقضية والنواحي التي فاز فيها مرشحي حزب الشعب الجمهوري المعارض، مع الاحتفاظ برئاسة بلديتي اسطنبول الكبرى وانقرة بفارق كبير مع مرشحي حزب العدالة، وايضا حقق مرشحي حزب (DEM) نجاحا ملحوظا بالاضافة الى تقدم ملحوظ لمرشحي حزب الرفاه الجديد الاسلامي والقريب من حزب العدالة والتنمية. وقد انخفض عدد الناخبين المصوتين لحزب العدالة والتنمية من 19387412 صوتا في انتخابات 2023 الى 16339771 صوتا، اي بانخفاض 3047641 صوتا. في حين ارتفع عدد الناخبين المصوتين لحزب الشعب الجمهوري من 13791299 صوتا في انتخابات 2023 الى 17391763 صوتا، اي يزيادة 3600374 صوتا. وكان الفوز السهل والكبير وبفارق اصوات كبيرلمرشح حزب الشعب الجمهوري اكرم امام اوغلو لرئاسة بلدية اسطنبول الكبري على منافسه من حزب العدالة والتنمية السيد مراد قوروم الاثر الكبير في تخطيط وتصميم حزب العدالة والتنمية والرئيس التركي بكيفية ضرب هذا المنافس القوي الذي اصبح من الواضح يانه سيكون المرشح الاقوى على منصب رئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة. سواء تم تعديل الدستور ليسمح للسيد رجب طيب اردوغان للنرشح مرة اخرى لمنصب رئيس الجمهورية، او اذا كان المرشح هو الرجل القوي في حزب العدالة السيد هاكان فيدان وزير الخارجية التركي، او كما اشيع مؤخرا بان السيد بلا ل اردوغان نجل الرئيس التركي هو الذي سيكون مرشح حزب العدالة والتنمية. حيث ييدو واضحا اعداده من قبل والده، كزيارته الى سوريا قبل مدة بدلا من والده الذي سبق وان اعلن بانه سيزور دمشق، وسيصلي في الجامع الاموي. من هنا يمكن تفسير سبب تحريك العدد الكبير من الدعاوى بحق السيد اكرم امام اوغلو وكان من ضمن التهم الموجهة اليه هو عدم صحة شهادة تخرجه الجامعية حيث كان قد قبل في جامعة غيرنة الأمريكية في قبرص، ثم بعد اكماله للسنة الاولى نقل نفسه إلى كلية إدارة الأعمال بجامعة في إسطنبول سنة 1990، حيث انه في ذلك الوقت، لم تكن جامعة غيرنة الأمريكية معتمدة من قبل مجلس التعليم العالي التركي. وقد اكمل دراسته وتخرج من الجامعة بشكل طبيعي. علما ان هذا الحالة موجودة في بعض الدول ولا تعتبر مخالفة قانونية خاصة بعد مرور خمس وثلاثين سنة على ذلك، علما ان حالات النقل فقط في تلك السنة من جامعة او كلية الى اخرى في تركيا وصلت الى احد عشر الف حالة. وكان يتم الضغط على رئيس الجامعة سنة 2019 لكنه كان يرفض الغاء شهادته، لكنه وتحت الضغوط قدم استقالته، فكان هذا القرار من رئيس الجامعة اللاحق الذي قرر الغاء شهادة السيد اكرم امام اوغلو بتاريخ 18/3/2025، وللتغطية على موضوع الاستهداف السياسي له الغيت شهادة 27 اخرين، من بينهم اساتذة جامعيون وصلت احدها الى درجة البروفيسور، حيث اصبحت من الطرائف، بانه في تركيا تكون في الليل بروفيسورا واذا في الصباح تلقى نفسك خريج اعدادية!!! علما ان صحة شهادة الرئيس التركي نفسه مشكوك فيه، فعندما التحق بـ كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، كانت المؤسسة تُعرف باسم الأكاديمية الاقتصادية والتجارية في إسطنبول. والأكاديميات الاقتصادية والتجارية في تركيا تُعتبر مدارس مهنية عليا، وليست جامعات بالمعنى العلمي. لكن لاحقًا بعد تأسيس جامعة مرمرة عام 1982، تم دمج هذه الأكاديمية مع الجامعة، وأصبحت كلياتها تحمل الطابع الجامعي الكامل. علما انه قد تخرج منها عام 1981، اي قبل قرار الدمج. لكن الاعلام التركي وايضا العربي والسيد وزير العدل ساكتون عن ذلك. ويعد ذلك مباشرة تم ترتيب العديد من التهم ضد اكرم امام اوغلو حيث ألقت السلطات التركية القبض على رئيس بلدية إسطنبول، صباح الأربعاء 19 مارس 2025، بتهم تتعلق بالعمل ضد الحكم والتعاون مع قوى ارهابية والفساد، بالاضافة الى حوالي مئة شخصية اخرى قسم كبير منهم من الصحفيين ورجال اعمال، وقسم منهم مدراء شركات تابعة لحزب العدالة والتنمية. والفحوى واضح وهو اسقاط هذا المنافس القوي، خاصة وان اغلب هذه التهم هي ملفقة، او ان طريقة تحريكها بفترض اجراء التحقيق الاداري قبل احالتها للمحاكم، لان السيد اكرم امام اوغلو كان قد اعلن انه سخوض انتخابا داخليا وشعبيا في للترشح لرئاسة الجمهورية التركية. خاصة وان استطلاعات الراي كانت تشير بوضوح الى تقدم اكرم امام اوغلو على الرئيس التركي بنسب كبيرة، فقد أظهرت نتائج استطلاع أجرته مؤسسة TEAM للدراسات في فبراير 2025 أن أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول كان قد حصل على 54% من أصوات المشاركين، بينما حصل أردوغان على 38.6% فقط. وقد أثار اعتقاله احتجاجات واسعة في تركيا، حيث خرج الآلاف إلى الشوارع في إسطنبول ومدن أخرى، معبرين عن رفضهم لهذه الخطوة ومعتبرين إياها "انقلابًا على الديمقراطية كما أدى هذا التطور إلى تراجع قيمة الليرة التركية، حيث أنفق البنك المركزي ما يقرب من 12 مليار دولار لدعم العملة الوطنية. بالإضافة إلى ذلك، فرضت السلطات قيودًا على الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي مثل "إكس" و"يوتيوب" و"إنستغرام" و"تيك توك"، في محاولة للحد من انتشار المعلومات المتعلقة بالاحتجاجات. وفي رسالة نُشرت عبر حسابه على منصة "إكس" بعد اعتقاله، أكد إمام أوغلو أنه لا يمكن إسكات صوت الشعب، داعيًا إلى الاستمرار في الدفاع عن الديمقراطية والعدالة، حيث ان السيد وزير العدل التركي قرر ان من ينقل رسالة السيد اكرم امام اوغلو، او يربط بين عملية الاعتقال وبين نيته الترشح لمنصب رئيس الجمهورية يانع سيتعرض للمسؤولية القانونية والاعتقال، وفعلا اعتقل 37 شخصا في يوم واحد بسبب النشر في مواقع التواصل الاجتماعي، خلاف توجيهات الحكومة التركية، بالاضافة الى عشرات الاشخاص من المتظاهرين ضد عملية الاعتقال، واستخدام اجهزة الدولة والقضاء في فرض ارادة الحزب الحاكم والرئيس رجب طيب اردوغان، وكتم الافواه، وضرب اليات العمل الديمقراطي والتنافس الحر، وحرية التعبير عن الراي، وفرض الادارة الفاسدة لحزب العدالة والتنمية وتوجهها الاسلامي الاخواني على الشعب التركي بحكم القوة وسيطرتها على المؤسسات الامنية والاعلام والقضاء. وهذه العملية لا تستهدف فقط السيد اكرم امام اوغلو باعتباره المنافس الاقوى للسيد رجب طيب اردوغان، انما تستهدف المعارضة السياسية باجملها من خلال ضرب قوة وجماهيرية حزب الشعب الجمهوري، والعملية الديمقراطية في تركيا التي تبجحت بها قيادة حزب العدالة والتنمية على مر عقدين من الزمن. حيث اشارت بعض وسائل الاعلام القريبة من حزب العدالة بانه تم اقصاء اكرم اوغلو من المنافسة، وليستعد السيد منصور يافاش رئيس بلدية انقرة ليكون الثاني. بالاضافة الى الخطط الموضوعة في امكانية عودة كليجدار اوغلو المسن الى رئاسة حزب الشعب الجمهوري في المؤتمر الاستثنائي لحزب الشعب الجمهوري الذي سيعقد في 6 نيسان من هذا العام، حيث انه لا يشكل تهديدا للحزب الحاكم. بالاضافة الى كل ذلك فان عددا من اللذين القي القبض عليهم مع السيد اكرم اوغلو هم رجال اعمال من المحسوبين على الحزب الحاكم، وبذلك قد يساقون الى (اعترافات) ضد اكرم اوغلو حتى يبعد الحزب الحاكم نفسه من تهمة محاربة منافسيه عن طريق القضاء. وبالتالي هذه ضربة موجهة للديمقراطية التي الف بائها، تتطلب وجود التنافس الديمقراطي الحر، وان كل حكومة رشيدة تتطلب وجود معارضة نشطة تراقب ادائها، والشعب هو الحكم في عملية التقييم والمحاسبة عبر اجراء انتخابات حرة ونزيهة، لكن في تركيا انتهت هذه العملية، والتي تعمل منظومة الحكم على تنفيذها منذ اكثر من خمسة عشر سنة. أن هذه الخطوة تاتي في ظل تردي الوضع المعيشي للمواطن التركي وانخفاظ قيمة الليرة التركية بشكل كبير، ووجود قواته العسكرية في سوريا والعراق، وأستمرار العمليات العسكرية والقصف الجوي ضد قوات حزب العمال الكوردستاني في العراق وقوات سوريا الديمقراطية في سوريا، وقبل أيام قصفت الطائرات التركية أحد البيوت الامنة في كوبانى مما أدى الى أستشهاد تسعة مواطنين مدنيين بينهم نساء واطفال، على الرغم من أعلان حزب العمال الكوردستاني وقف القتال أستجابة لنداء رئيس الحزب عبدالله أوجلان لحزبه لالقاء السلاح والجنوح الى السلم ودعم التوجه الديمقراطي في تركيا، حيث مضى على سجنه 26 سنة لتقترب مدة سجنه من مدة سجن المناضل نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا وهي 27 سنة. وبأعتقادي أن هذه الخطوة أي الضرب المخطط لها بعناية للمعارضة في تركيا وتجاه أقوى منافس سياسي للرئيس التركي أنما تعبر بوضوح عن عدم أيمان أحزاب الاسلام السياسي السلطوي بمبادىء الديمقراطية وحقوق الانسان وحرية التعبير والتنافس السياسي والتداول السلمي للسلطة وبحق المعارضة في توجيه النقد والعمل لاستلام السلطة في أنتخابات حرة ونزيهة. ولربما هذا هو توجه أغلب الاحزاب العقائدية سواء أستندت الى الدين أو القومية أو الطائفية أو فلسفة سياسية ما، حيث أنهم يتغنون بالديمقراطية وحرية العمل السياسي ومباديء حقوق الانسان لحين وصولهم للسلطة وأستتباب أمور الحكم لهم، ثم يضربون كل هذه المباديء عرض الحائط، ويكون مستعدين لقمع معارضيهم وفتح أبواب السجون أمام المناضلين المطالبين بالحرية والديمقراطية، وهذا هو حال حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الاسلامي الاخواني برئاسة السيد رجب طيب اردوغان. ويبرز هنا سؤالين مهمين أولهما هو لماذا جاءت هذه الخطوة وعملية ضرب المعارضة التركية بعد يوم واحد فقط من المحادثة التليفونية بين الرئيس أردوكان والرئيس الامريكي دونالد ترامب، والتي أشارت وسائل الاعلام التابعة لحزب العدالة بأنها كانت محادثة ممتازة وأنه تم الاتفاق على عدد من القضايا في المنطقة. لذلك هل هذا يعني أن هنالك توافق أمريكي تركي في القضايا الاقليمية وحتى الدولية مقابل سكوت الادارة الامريكية على الجرائم التركية وتدخلها في سوريا والعراق وحتى أفريقيا، وقمع المعارضة السياسية في الداخل. خاصة وأن البعض يربط بين أداء الرئيس التركي وبين سياسات الرئيس ترامب من حيث دعوته لضم دول وأقاليم الى الولايات المتحدة والدعوة الى تهجير الفلسطينين من أراضي قطاع غزة والدعم اللامتناهي لاسرائيل وتزويده بالسلاح والتكنلوجيا الامريكية لقتل المزيد من الفلسطينين خاصة من النساء والاطفال، بالاضافة الى تدخل ترامب لصالح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ودعمه لفرض سلام مخل في أوكرانيا من خلال أحتفاظ روسيا بأراضي أوكرانية أحتلتها عن طريق الحرب، أي أن هذا يعني توافقا في السياسات والمفاهيم بين الرئيسين الامريكي والتركي. والسؤال الثاني هو هل أن حزب العدالة والتنمية برئاسة السيد رجب طيب أردوغان مستعدون لقبول عملية سلام في تركيا بعد نداء السيد عبدالله أوجلان بألقاء السلاح وحل حزب العمال الكوردستاني، وأستجابة الحزب لهذه النداء. حيث يفترض تهيئة الاجواء من قبل الحكومة التركية لاجل تسهيل مهمة القاء السلاح من الحزب وعقد مؤتمر للحزب في أجواء أمنة لحل نفسه، كأطلاق سراح الزعيم عبدالله أوجلان أو على الاقل تخفيف القيود عنه، وأطلاق سراح عشرات الالاف من المواطنين الكرد والترك القابعين في السجون التركية بتهم تتعلق بما تسمى بدعمهم للارهاب، وكذلك أصدار عفو عن مقاتلي حزب العمال الكوردستاني، والاعتراف باللغة والهوية الكوردية في الدستور والقانون التركي، ومن ثم سحب قواته من سوريا والعراق، والسماح بحرية العمل السياسي للاحزاب الكوردستانية والتركية، والاعتراف بنتائج الانتخابات من خلال أعادة رؤساء البلديات في المناطق الكوردية لمقاعدهم، والسماح للمجلس البلدي في أسطنبول بترشيح شخص أخر ليحل محل السيد أكرم أمام أوغلو لحين أجراء الانتخابات البلدية، في حال أثبتت التهم بحقه، على الرغم من كونها تهم ملفقة. بصراحة أنا أشك في وجود نية حقيقة لدى السلطة الحالية في تركيا في توجهها لاستتباب السلم والتوجه الديمقراطي في تركيا، و لو أن مصلحة الحكم في تركيا هي أكبر بكثير من مصلحة حزب العمال والمجتمع الدولي في ذلك، بسبب الوضع الاقتصادي وحتى السياسي المتردي في تركيا.
#سربست_مصطفى_رشيد_اميدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتخابات النيابية المبكرة 2025 في المانيا، صعود اليمين الم
...
-
الغرفة الثانية للبرلمان ومشروع قانون مجلس الاتحاد في العراق
-
دور الاحزاب السياسية في بناء الدولة المدنية
-
قرار مجلس القضاء الاعلى بتمديد عمل مجلس المفوضين لسنتين هل ه
...
-
سوريا هل ستبدل التبعية لولاية الفقيه الى السلطان العثماني
-
إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسبة في رومانيا بعد دعوات تدخل رو
...
-
سقوط نظام الشبيحة في سوريا
-
ضمانات النزاهة والحد من التزوير في الانتخابات العراقية
-
الانتخابات التشريعية في السنغال 2024
-
تقييم انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كوردستان 2024 ونتائجها
...
-
تقييم انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كوردستان 2024 ونتائجها
...
-
تقييم انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كوردستان 2024 ونتائجها
...
-
تقييم انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كوردستان 2024 ونتائجها
...
-
تقييم انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كوردستان 2024 ونتائجها
...
-
تقييم انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كوردستان 2024 ونتائجها
...
-
تقييم انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كوردستان 2024 ونتائجها
-
قيس بن سعيد رئيسا لتونس لدورة رئاسية ثانية
-
التنوع الديني في الدستور العراقي وسبل الحماية
-
الانتخابات الرئاسية في سريلانكا 2024
-
الانتخابات النيابية الاردنية 2024 خطوة مهمة على المسار الديم
...
المزيد.....
-
سرايا القدس تعلن إطلاق رشقة صاروخية على مستوطنات غلاف غزة
-
مشادات كلامية بين نتنياهو ونواب المعارضة أثناء كلمته في الكن
...
-
روسيا تطور درونات لتدمير المروحيات العسكرية والطائرات المسيّ
...
-
لأول مرة، عيادة بريطانية تستخدم الذكاء الاصطناعي لمعاينة الم
...
-
إسرائيل تطلق سراح مخرج فلسطيني حائز على جائزة أوسكار
-
رئيس وزراء كوسوفو يقع في فخ مخادعين روسيين ويفضح ما يحضره ال
...
-
مجلة -وايرد-: إدارة ترامب تتجه لإقالة مجموعة من العلماء في م
...
-
مكتب نتنياهو ينفي تلقية أي تحذير بشأن -الأموال القطرية-
-
موسكو تعلق على توقيف مولدوفا لرئيسة غاغاوزيا
-
-تجربة أولية-.. قناة إسرائيلية تتحدث عن ذهاب دفعة من الغزيين
...
المزيد.....
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
المزيد.....
|