أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق جبار حسين - طفيليات المجتمع 4 : الأطباء والصيادلة ومختبرات التحليل















المزيد.....

طفيليات المجتمع 4 : الأطباء والصيادلة ومختبرات التحليل


صادق جبار حسين

الحوار المتمدن-العدد: 8290 - 2025 / 3 / 23 - 00:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعاني القطاع الصحي في العراق من مشكلات متجذرة باتت تهدد حياة المواطنين وتمثل استنزافًا ماليًا ونفسيًا لهم حيث تحول العلاج إلى تجارة مربحة تديرها شبكة من الأطباء والصيادلة وأصحاب مختبرات التحاليل الطبية الذين ينسقون فيما بينهم لتحقيق أرباح طائلة على حساب المرضى مستغلين حاجتهم للعلاج وانعدام الرقابة الحقيقية على أدائهم .
تبدأ رحلة الاستغلال هذه منذ لحظة دخول المريض إلى العيادة الطبية إذ يجد نفسه أمام طبيب لا يهتم بتشخيص حالته بدقة بقدر ما يسعى إلى تحويله إلى مصدر دخل ، حيث كثير من الأطباء يكتبون وصفات طبية لا يستطيع المريض قراءتها لأنها مكتوبة بطريقة مشفرة لا يفهمها سوى الصيدلية التي يتعامل معها الطبيب وهو أمر متعمد لضمان أن يحصل المريض على الأدوية من صيدلية محددة غالبًا ما تكون مملوكة للطبيب نفسه أو لأحد أفراد أسرته مثل الزوجة أو الأخ أو حتى شريك تجاري خفي فبعض الأطباء يمتلكون أكثر من صيدلية في مناطق متفرقة لضمان السيطرة على جزء أكبر من السوق .
و تتضمن هذه الوصفات أحيانًا أدوية غير ضرورية لا يحتاجها المريض لكنها تحقق أرباحًا كبيرة سواء بسبب أرتفاع سعرها أو بسبب اتفاق مسبق بين الطبيب والصيدلي على تصريف كميات معينة من الأدوية المستوردة حديثًا كما أن بعض الأدوية توصف بأسماء تجارية محددة رغم وجود بدائل محلية أو أرخص سعرًا لكنها لا تحقق الفائدة المادية للطبيب والصيدلي كما أن بعض المرضى يُجبرون على شراء كميات كبيرة من الأدوية دون حاجة حقيقية لها فقط لضمان ربح أكبر للطبيب وشريكه في الصيدلية .
أما في حال أحتاج المريض إلى تحاليل طبية فالمسألة لا تختلف كثيرًا إذ يتم توجيهه إلى مختبر معين يرتبط الطبيب بعلاقة تجارية معه في بعض الحالات يمتلك الطبيب المختبر أو زوجته أو أحد أقاربه لضمان عدم افتضاح أمره أو يتفق بعض الأطباء مع أصحاب المختبرات على تحصيل نسبة من قيمة التحاليل التي يجريها المريض لقاء توجيهه إلى ذلك المختبر .
التلاعب لا يقتصر على فرض تحاليل غير ضرورية فقط بل يصل أحيانًا إلى التلاعب بنتائج التحاليل نفسها حيث تعمد بعض المختبرات إلى تقديم نتائج مبالغ فيها أو غير دقيقة لإقناع المريض بأنه يعاني من مشكلة صحية تحتاج إلى مزيد من الفحوصات والعلاجات مما يجعله يعود إلى الطبيب مجددًا ليبدأ دورة جديدة من الاستغلال المالي
و لإقناع المريض بشراء أدوية مرتفعة الثمن أو لإجباره على إجراء فحوصات إضافية في مراكز أخرى تتبع لنفس الشبكة من الفاسدين .
المعاملات اللاإنسانية التي يتعرض لها المرضى جزء آخر من الأزمة حيث أصبح من المعتاد أن يتعامل الأطباء مع المرضى بتعالٍ وغطرسة وكأنهم مجرد أرقام في قائمة الانتظار يتجاهلون استفساراتهم ولا يشرحون لهم حالتهم الصحية بشكل واضح
المفترض أن الطبيب هو رمز الرحمة والعطا وأن مهنة الطب تقوم على التواضع والإنسانية قبل العلم والمعرفة لكن في العراق تحوّل بعض الأطباء – إلا من رحم ربي – إلى كائنات متعجرفة تتعامل مع المرضى وكأنهم عبيد لا بشر يسعون للعلاج .
حيث الغرور التكبر التعالي وحتى سوء الأخلاق أصبحت صفات ملازمة لعدد غير قليل منهم في ظل غياب المحاسبة واحتكارهم لمهنة لا غنى عنهافي المجتمع .
في العيادات أو المستشفيات يقابل الطبيب المرضى بنظرات الاحتقار أو يعاملهم ببرود وكأنه يتصدق عليهم بعلمه وعمله حتى ان بعض الأطباء لا يكلفون أنفسهم عناء الاستماع للمريض بشكل لائق يجيبون بنصف كلمة أو بنظرة ساخرة و ينهون الكشف في ثوانٍ وكأن وقتهم أثمن من حياة الناس .
ففي المستشفيات الحكومية يعاني المرضى أسوأ معاملة ممكنة حيث بعض الأطباء يتحدثون معهم بطريقة فظة يصرخون يستهزئون بل قد يتجاهلونهم تمامًا . دائمآ ما يتُرك فيها المرضى لساعات دون فحص لمجرد أن الطبيب لم يكن " في مزاج جيد " أو لأن " دوامه انتهى ".
دائما ما يكون الإهمال متعمد لدفعهم نحو العيادات الخاصة حيث ان الكثير من الأطباء العاملين في المستشفيات الحكومية لا يقدمون العلاج الكامل للمرضى بل يطلبون منهم مراجعتهم في عياداتهم الخاصة بحجة عدم توفر الإمكانيات داخل المستشفى الحكومي وعندما يذهب المريض إلى العيادة يجد نفسه مضطرًا لدفع مبالغ مالية كبيرة لقاء فحص بسيط كان من المفترض أن يحصل عليه مجانًا داخل المستشفى الحكومي
لا شك أن هناك أطباء شرفاء لكن لا يمكن إنكار أن الغرور والتعالي أصبحا ظاهرة في القطاع الصحي العراقي وسمه يتصف بها الطبيب العراقي .
ولا يختلف الأمر كثيرأ في عياداتهم الخاصة حيث يمارس بعض الأطباء نوعًا من الاستبداد على المرضى فالمريض يدفع مبالغ طائلة ومع ذلك قد يُعامل وكأنه متسول على باب الطبيب فيقضي ساعات في الانتظار فقط ليدخل بعدها إلى طبيب لا يعيره اهتمامًا يكتب الوصفة خلال لحظات ثم يودّعه دون حتى أن يمنحه فرصة لطرح الأسئلة ومعرفة مرضه .
إلى جانب العيادات الخاصة والمختبرات تشكل المستشفيات الخاصة جزءًا آخر من هذه المنظومة حيث تفرض أسعارًا مرتفعة على العمليات الجراحية والفحوصات الطبية مما يجعل الحصول على العلاج في هذه المؤسسات مقتصرًا على من يملك القدرة المالية .
يعاني المرضى في المستشفيات الخاصة من أستغلال بشع حيث يتم فرض تكاليف غير مبررة على الفحوصات والأدوية ويتم إجبارهم على دفع مبالغ إضافية بحجج مختلفة مثل رسوم استشارة إضافية أو رسوم إقامة مرتفعة في المستشفى كما أن بعض المستشفيات ترفض استقبال الحالات الطارئة إلا بعد دفع مبالغ ضخمة مسبقًا مما يعرّض حياة المرضى للخطر في حال عدم قدرتهم على تأمين المبلغ المطلوب في الوقت المناسب بينما يواجه الفقراء صعوبة في الحصول على العلاج في المستشفيات الخاصة .
الرقابة على هذا الفساد وهذه المنظومة الشيطانية شبه معدومة حيث إن بعض المسؤولين في القطاع الصحي متورطون في هذه الشبكات أو يغضون الطرف عنها مقابل منافع مالية كما أن بعض الصيادلة وأصحاب المختبرات لديهم علاقات وثيقة مع جهات متنفذة توفر لهم الحماية من أي ملاحقة قانونية .
في ظل هذه الفوضى لا يجد المريض العراقي من يحميه من الاستغلال المستمر فالأطباء والصيادلة وأصحاب المختبرات تحولوا إلى تجار يهدفون إلى تحقيق الأرباح حتى لو كان ذلك على حساب صحة الناس ومعاناتهم .
في عالم يُفترض أن يكون فيه الطب رسالة إنسانية نجد فئة من المنتفعين حولته إلى مهنة للربح والاستغلال حيث لم يعد المريض إنسانًا يحتاج إلى عناية وعلاج من اجل التخفيف من معاناته ، بل مجرد فريسة تقع بين أنياب هذه الطفيليات الشريرة التي تعيش على الأمه ومعاناته .
هذه الطفيليات التي تتخفى تحت المعاطف البيضاء والتي تلقب في دول أخرى بملائكة الرحمة تستنزف جيوب المرضى بلا رحمة مستخدمة سلطتها المعرفية لتحقيق مكاسب شخصية .
حيث تحولت هذه المهنة في كثير من الأحيان إلى سوق للربح السريع حيث يجد المرضى أنفسهم ضحايا لمنظومة استغلال متكاملة تتشارك فيها بعض العيادات الطبية الصيدليات ومختبرات التحليل والمستشفيات الخاصة .
فلم يعد المريض يُعامل كإنسان يبحث عن العلاج بل كزبون يُستنزف ماليًا من خلال وصفات طبية مكلفة وأدوية باهظة الثمن وفحوصات غير ضرورية في ظل غياب الرقابة الحقيقية وضعف القوانين الرادعة.



#صادق_جبار_حسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفيليات المجتمع 3: عصابات الإتاوات والابتزاز
- طفيليات المجتمع 2: شيوخ العشائر ورجال الدين
- طفيليات المجتمع 1: النواب وأعضاء مجالس المحافظات
- شهر رمضان فيه الفقير يهان
- السياسيون العراقيون ما اتركك ولا أترك رحمه الله تنزل
- العمائم السوداء ، غربان الخراب
- العشائر في العراق : بين ترسيخ الفوضى وإجهاض العدالة
- لم تعد الهند بلد العجائب بل العراق
- إيران ودورها في تجهيل عقول الشباب
- بوكا معهد أعداد الإرهابيين
- بلد الحضارات يحكمه القطاء
- فوضى مواقع التواصل الاجتماعي في العراق : فساد وانحدار القيم ...
- الارهابي الذي أصبح بطل
- جند السماء الفرصة التي ضاعت
- بين صدام والأسد : دكتاتورية صدام حسين وعائلة الأسد : مقارنة ...
- ماذا لو خرج المهدي المنتظر ؟
- ثمن سقوط الأسد
- رجال الدين وشيوخ العشائر السرطان الذي يجب أستئصاله قبل أي تغ ...
- حكومة العتاكة و بنات اليل
- يقاطعون الكنتاكي ويركبون التاهو: ازدواجية المقاطعة في العراق


المزيد.....




- قائمة بدول أعلنت عيد الفطر 2025 الأحد ودول أعلنته الاثنين
- كلمة مقتضبة من الملك سلمان بمناسبة عيد الفطر 2025
- الشرع يشكل حكومة انتقالية -شاملة- تضم وزيرة واحدة، وتحذيرات ...
- غارات أميركية جديدة على عدة محافظات يمنية
- 10 شهداء بينهم 5 أطفال في قصف إسرائيلي ليلي على قطاع غزة
- حول المبلغ الحقيقي الــــمُقدَّم لمستوردي الأغنام والأبقار ح ...
- دول أعلنت عيد الفطر الأحد وأخرى الاثنين
- حزب الله يؤكد أنه -لا يمكن أن يقبل- أن تواصل إسرائيل استباحة ...
- سيارتو: أبلغتنا موسكو بالتصدي لمحاولة كييف شن هجوم على خط أن ...
- فرنسا: نرفض التدخل الأمريكي في سياسات الاشتمال التي تعتمدها ...


المزيد.....

- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق جبار حسين - طفيليات المجتمع 4 : الأطباء والصيادلة ومختبرات التحليل