أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عقيل الفتلاوي - صناعة الأصنام والطواغيت: مجتمع بين عبادة الماضي واستغلال الحاضر














المزيد.....


صناعة الأصنام والطواغيت: مجتمع بين عبادة الماضي واستغلال الحاضر


عقيل الفتلاوي
صحفي وباحث

(Aqeel Al Fatlawy)


الحوار المتمدن-العدد: 8289 - 2025 / 3 / 22 - 18:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في زمنٍ يبدو أن العقل قد توقف عن التفكير، والضمير قد اختفى تحت ركام المصالح، نجد أنفسنا أمام ظاهرة غريبة: صناعة الأصنام والطواغيت. هذه الأصنام ليست من حجر أو خشب، بل هي بشرٌ يعيشون بيننا، يرتدون ثياب الدين، ويتحدثون بلغة الأخلاق، لكنهم في الحقيقة لا يقرؤون ولا يكتبون إلا لغة المصالح الشخصية. هم أصنامٌ تعيش حياة البذخ والإسراف، وتصدر قرارات تافهة لخلق هالة من القداسة حولها، وكأنها آلهةٌ تتحكم في مصائر الناس.
وفي قريةٍ نائية، أو حتى في قلب المدن الكبرى، تجد صنماً لا يعرف القراءة ولا الكتابة، لكنه يمتلك سلطةً مطلقة. هذا الصنم يعيش في قصورٍ فاخرة، ويرتدي أفخر الثياب، ويتحدث باسم الدين، لكنه في الحقيقة لا يفقه شيئاً من جوهره. يصدر قراراتٍ تافهة، مثل لون العمامة أو طول اللحية، ليبقى في دائرة الضوء، ويخلق لنفسه ترنداً إعلامياً يضمن له البقاء في السلطة. هذا الصنم لا ضمير له ولا مبدأ، لكنه يصبر على انتقادات الإعلام، لأنه يعلم أن الجماهير ستنسى، وستبقى هي في مستنقعات التخلف والجهل.
والغريب في الأمر أن هناك من يعبد هذه الأصنام، بل ويقدسونها. هم يعرفون أنهم يستفيدون منها، لكنهم يغضون الطرف عن حقيقتها. هم يعبدونها لأنها تمنحهم شعوراً زائفاً بالأمان، أو لأنها تقدم لهم فتاتاً من المصالح. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: إلى أين يسير هؤلاء؟ إلى أين يسير المجتمع الذي يقدس الأصنام ويتجاهل العقل والمنطق؟
وفي خضم هذا التخلف، نجد أن البلد يعاني من التدهور والانهيار. الأغلبية غارقة في مستنقعات الجهل، ولا تدرك أن التقدم لا يأتي إلا بالعلم والعمل الجاد. بدلاً من ذلك، نجدهم يلهثون وراء الأصنام، ويقدسون الماضي، وكأن الأجداد كانوا ملائكةً لا يخطئون. لكن الحقيقة أن بعض الأجداد كانوا مجرد بشر، ارتكبوا أخطاءً، بل وباع بعضهم قضايا الأمة مقابل مصالح شخصية. ومع ذلك، نجد أحفادهم اليوم يلبسون عباءة الأبوة والجدة، ويتحدثون عن تاريخٍ مجيدٍ لم يشاركوا في صنعه.
هؤلاء الأحفاد لا ضمير لهم ولا مبدأ، بل هم متقلبون كالريح. يبيعون القضايا التي اؤتمنوا عليها، ويلبسون ثياب الأخلاق الزائفة، ويتحدثون عن الأحلام التي لن تتحقق. هم يعيشون على أمجاد الماضي، لكنهم لا يفعلون شيئاً للحاضر أو المستقبل. بل إن بعضهم يتباهى بصورة جده الذي عمل لصالح المستعمر على حساب أهله وعشيرته. عقولٌ منكسة، لا تفكر إلا في المصالح الشخصية، وتنسى أن الوطن يحتاج إلى تضحياتٍ حقيقية.
المأساة أن هذا المسلسل لا يزال مستمراً. بعد أكثر من قرن على سياسة "فرق تسد"، لا يزال البعض لم يستوعب الدرس. لا يزال البعض يعيش في وهم الأصنام، ويقدس الطواغيت، ويتجاهل أن التقدم لا يأتي إلا بالعلم والعمل الجاد. في خضم هذا التخلف، يفكر الكثيرون في الهجرة، ليس لأنهم لا يحبون الوطن، بل لأنهم أيقنوا أن المجتمع قد تمسك بالقشور وترك اللب. مجتمعٌ يسهل استغلاله بالتوجهات الطائفية والفئوية، لأن عقوله قد توقفت عن التفكير.
في النهاية، السؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى سنبقى عبيداً لهذه الأصنام؟ إلى متى سنبقى غارقين في مستنقعات التخلف والجهل؟ الجواب لا يعلمه إلا الله، لكن المؤكد أن النهضة لن تأتي إلا عندما نعيد العقل إلى مكانه الطبيعي، ونحرر أنفسنا من عبادة الأصنام والطواغيت.



#عقيل_الفتلاوي (هاشتاغ)       Aqeel_Al_Fatlawy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برمجة الأطفال والإعلان: كيف نصنع جيلًا واعيًا رقميًا؟
- العنف التلفزيوني: متعة بصرية أم خطر يهدد المجتمع؟
- النزاهة والشفافية: ركيزتان لإعادة بناء الثقة في الحكومة العر ...
- صناعة الوهم في عصر السوشيال ميديا
- فتوى الدفاع الكفائي.. هل كانت الحل الأمثل لدرء فتنة انهيار ا ...
- وداعًا يا أبا حمزة صوت العزة الذي لن يصمت
- هل العالم على أعتاب حرب عالمية ثالثة الشرق الأوسط ساحة الصرا ...
- هل تصبح إسرائيل جارة للعراق
- التحركات العسكرية الأمريكية بين التمويه والإستراتيجية الخفية
- إغلاق قناة -الحرة : قراءة في الدوافع والتداعيات
- التطهير العرقي في سوريا
- ترامب وسياسة العقوبات وتأثيرها على الاقتصاد العراقي والعلاقا ...
- الأمطار الأخيرة في محافظات العراق تكشف هشاشة البنية التحتية. ...
- توظيف الذكاء الاصطناعي في الكتابات الصحفية: ثورة في عالم الإ ...
- الساحل السوري بين نيران الفوضى وشبح الإبادة الجماعية
- العراق وأزمة الغاز الإيراني: بين الضغوط الأمريكية وخيارات ال ...
- وجع المعدان.. ( الآهات السومرية )
- شلع # قلع
- حداد على وطن خانه الجميع
- جاذبية نيوتن .. وجاذبية ارض كربلاء ..


المزيد.....




- كندا تنضم إلى دول أوروبية في تحديث تحذيراتها بشأن السفر إلى ...
- CBS: موسكو وواشنطن ستصدران اليوم بيانا مشتركا عن مباحثات الر ...
- زلزال بقوة 6.8 درجة يضرب قبالة نيوزيلندا
- العثور على عبوات ناسفة في وكالة -تسلا- في تكساس
- الكشف عن إعفاءات للأجانب ذوي المؤهلات العالية الراغبين بالعم ...
- وهم بصري غريب يخدع العقل لتخفيف الشعور بالألم
- زيلينسكي يكشف أنه أضاع هدية نادرة خلال اجتماعه مع ترامب
- بروفيسور أمريكي: فرص تحسين العلاقات الروسية الأمريكية في أعل ...
- مجلس الشيوخ الأمريكي يصادق على تعيين جون فيلان وزيرا للبحرية ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن ضرب قاعدتين عسكريتين سوريتين في حمص


المزيد.....

- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عقيل الفتلاوي - صناعة الأصنام والطواغيت: مجتمع بين عبادة الماضي واستغلال الحاضر